نائب أمير الرياض يرفع التهنئة للقيادة الرشيدة بمناسبة إنجازات مستهدفات رؤية المملكة 2030    أمين الرياض يحضر حفل السفارة الأميركية    تحول تاريخي    87 % من رؤية 2030 مكتملة    الأخضر تحت 23 عاماً يواجه أوزبكستان في ربع نهائي كأس آسيا    "أوبرا زرقاء اليمامة" تبدأ عروضها بحضور عالمي    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    فلسطين دولة مستقلة    محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    الفيحاء يتجاوز الطائي بهدف في دوري روشن    الكشف عن مدة غياب سالم الدوسري    أرامكو السعودية و«الفيفا» يعلنان شراكة عالمية    ريال مدريد في مواجهة صعبة أمام سوسيداد    العين يكشف النصر والهلال!    الدوري نصراوي    اختتام فعاليات منتدى المحميات الطبيعية في المملكة العربية السعودية «حمى»    أمير جازان يُدشّن مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية ال20 بمحافظة صبيا    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    لو ما فيه إسرائيل    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    مقال «مقري عليه» !    الهجوم على رفح يلوح في الأفق    مانشستر سيتي يضرب برايتون برباعية نظيفة    النواب اللبناني يمدد ولاية المجالس البلدية والاختيارية    أمير القصيم يثمن دعم القيادة للمشروعات التنموية    حزمة الإنفاق لأوكرانيا تشكل أهمية لمصالح الأمن الأمريكي    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    رئيس الشورى يرأس وفد المملكة في مؤتمر البرلمان العربي    سلمان بن سلطان يرأس لجنة الحج والزيارة بالمدينة    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    جائزة الامير فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز تواصل استقبال المشاركات    مريض سرطان يؤجل «الكيماوي» لاستلام درع تخرجه من أمير الشرقية    "سلطان الطبية" تنفذ دورة لتدريب الجراحين الناشئين على أساسيات الجراحة    "ذكاء اصطناعي" يرفع دقة الفيديو 8 أضعاف    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    «رؤية 2030»: انخفاض بطالة السعوديين إلى 7.7%.. و457 مليار ريال إيرادات حكومية غير نفطية في 2023    كاوست ونيوم تكشفان عن أكبر مشروع لإحياء الشعاب المرجانية في العالم    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    تراجع النشاط الأمريكي يدفع النفط للانخفاض    تسليم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي    أدوات الفكر في القرآن    «النقد الدولي» يدشن مكتبه الإقليمي في السعودية    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    النفع الصوري    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 31 - 12 - 2002

قرأت مع نهاية الألفية الثانية ان الاقتصاد الحرّ في ظل العولمة أسفر عن اتساع الهوَّة بين الاثرياء والفقراء، وقررت ان ادرس الثراء اكاديمياً، لأنني وجدت ان من العبث ان اواصل محاولة اللحاق بركب الفريق الاول، وترك عواطفي مع الفريق الثاني.
في سنة 1997 كان الفارق بين الخُمس الثري من العالم والخُمس الفقير 74 الى واحد، بعد ان كان 60 الى واحد سنة 1990 و30 الى واحد سنة 1960. والأرقام السابقة تعني انه في مقابل كل 74 دولاراً ينفقها الثري الآن ينفق الفقير دولاراً واحداً فقط.
وبدأت بعد ان اتخذت هذا القرار الألفي اقرأ قوائم أغنى ناس في العالم، في الصحف والمجلات الاميركية والبريطانية، وأدركت بسرعة ان حظي من الثروة سيبقى القراءة عينها والكتابة.
مجلة "فوربس" الاميركية تصدر قائمة بأغنى مئة رجل في العالم، ووجدت ان افقرهم وهو وورث رينولد من ألمانيا يملك خمسة بلايين دولار. أما الأول فكان على امتداد سنوات بيل غيتس. وضمت القائمة عدداً من العرب، الا ان اكثرهم كان من الحكام، مع قلة من المواطنين العاديين، وبين هؤلاء اسرة سليمان العليان الذي توفي أخيراً.
وقرأت قائمة "فوربس" سنة ألفين، وفي السنتين التاليتين، كما قرأت قائمة "فورتشن" المشابهة وتملكني اليأس، فقد وجدت ان بيل غيتس يزيد ثروته مليون دولار في الوقت الذي اقضيه في قراءة القائمة. وأهملت القائمة الاميركية. فقد ادركت انني لن ادخلها مهما حاولت، وأخذت أقرأ القوائم البريطانية، وكان اغنى بريطاني سنة ألفين هو هانز راوزنغ، وأمره محير، فالرجل سويدي في القوائم الاميركية، وبريطاني في القوائم البريطانية. وربما كان سبب ذلك ان الاسرة تفرقت وحمل هانز الجنسية البريطانية، في حين ان الأخ الاصغر غاد توفي في سويسرا.
وشجعني على التفاؤل ان الرجل الثالث في القائمة البريطانية مع نهاية الالفية هو بيرني اكلستون وزوجته الحسناء سلافيكا، فهو قدر بحوالى ثلاثة بلايين دولار، ويعود اهتمامي به الى انه جاري، وقد وجدته على رغم ثرائه يعيش كبقية الناس، فلا حرس، ولا بذخ ظاهراً، وعادة ما يمشي في الحي وحيداً، وان خرج فمع زوجته او ابنتيه. وتصورت لو ان بيرني هذا عربي ويملك ثلاثة بلايين دولار، وكيف كان الحرس والخدم والسائقون يحيطون به، والطبل والزمر اذا دخل البيت او خرج، وماذا كانت زوجته ستفعل او ابنتاه.
اكلستون حافظ على مركزه سنة 2001، وتراجع سنة 2002 الى المركز الخامس، من دون ان تهبط ثروته. غير ان التغيير الأهم حصل في المركز الاول. فبعد ان كان راوزنغ متربعاً عليه، تجاوزه سنة 2001 والسنة هذه دوق وستمنستر الذي يشكل العقار غالبية ثروته، وبما ان سوق العقار في لندن ارتفعت في شكل صاروخي في السنوات الاخيرة، فالدوق الذي رزق قبل سنوات بولد يحفظ اسم الاسرة ضاعف ثروته من دون ان يفعل شيئاً بنفسه.
طبعاً عندما بدأت اهتم بقوائم الاثرياء، وأعد نفسي لدخولها، لم اكن اتوقع ان احتل المركز الاول او الثاني او الثالث، وانما كنت مستعداً ان اقبل المركز الاخير، على ان اتسلق بعد ذلك السلَّم. ووجدت ان الاسماء في آخر القائمة هي لرجال يملكون 500 مليون دولار او نحوها، ويعملون في مجالات متنوعة مثل النفط والهواتف النقالة والعقار.
قدرت ان المبلغ كبير، ولا اجتاح اليه، وهبطت الى الرقم 200، ووجدت ان الثروة نزلت الى حوالى 250 مليون دولار، وهو مبلغ اعز من "الرقم الصعب" الذي تحدث عنه ابو عمار. وتواضعت وهبطت الى اسفل القائمة كلها، اي الى الرقم ألف، وكانت الثروة هنا في حدود 50 مليون دولار.
لو كانت 50 مليون ليرة لبنانية لهان الامر. ولو كان الحساب بالليرة التركية لأصبحت من اصحاب البلايين حتماً. غير ان الثروات تحسب بالدولار، الذي يعتبر عملة صعبة، وأجدها مستحيلة.
هل هناك صحافيون في القائمة؟ هناك ناشرون، وبعضهم يجمع مع النشر مصالح اخرى مثل العقار او البضائع الرياضية. ومع هؤلاء هناك مالكو محطات تلفزيونية. ولعل ما يجمع بينهم جميعاً انهم أثروا من الصحافيين الا انهم ليسوا منهم. وفي جميع الاحوال فالبريطانيون منهم لا يقاسون شيئاً بأمثال رئىس وزراء ايطاليا الذي تقترب ثروته من 20 بليون دولار، او روبرت ميردوخ الذي تقدر ثروتة بعشرة بلايين دولار. وكان تيد تيرنر، مؤسس "سي ان ان"، قبل سنتين فقط يملك حوالى 12 بليون دولار، الا انه فقد اكثر من نصف هذه الثروة بعد هبوط البورصة، ومع ذلك فقد اعلن انه سينفذ تعهده بالتبرع ببليون دولار للأمم المتحدة، ولكن طلب مزيداً من الوقت لدفع المبلغ.
كنت سألت صديقاً مساعدتي في دراستي اصحاب المال، فتنهد وقال انه مستعد ان يدفع ألف دولار ليصبح مليونيراً.
وأدركت انه بهذا المنطق لن ينفعني او ينفع نفسه، فعدت الى اصحاب المال انفسهم ووجدت ان جون بول غيتي يقول: اذا استطعت ان تعد فلوسك فلست ثرياً. وكنت قبل سنوات طويلة قرأت سيرة حياة هذا البليونير الذي جمع ثروته من النفط، ووجدت انه من البخل ان الهواتف في قصره في انكلترا لا تعمل الا اذا وضع الضيف اجر المكالمة فيها، كالهواتف التجارية. ولا بد من انه اليوم يتقلب في قبره، فورثته في مقدم الاثرياء تبرعاً للأعمال الخيرية في بريطانيا وغيرها.
ماذا ازيد؟ هبوط البورصة أثّر في معادلة الثراء العالمية، وأسرة والتون الاميركية، التي تملك شبكة سوبر ماركت وول - مارت، تملك مئة بليون دولار، ما يجعلها كمجموعة متقدمة على بيل غيتس كفرد، فقد هبطت ثروته 20 بليون دولار، وهو الرقم نفسه الذي خسره سلطان بروناي، بعد ان تربع على رأس القائمة سنوات، واحتل هذه السنة المركز الخامس والعشرين بثروة لا تزيد على عشرة بلايين دولار.
لم اعد اريد ان اعرف كيف يجمع انسان مئة بليون دولار، وانما اريد ان اعرف كيف يخسر 20 بليون دولار. هل احرقها؟
انصح القارئ بأن يحاول ان يعيش ثرياً، لا ان يموت ثرياً، فبعد ان قرأت عن الثروة من اميركا الى اليابان مروراً بأوروبا، وجدت ان اصدق عبارة قيلت كانت لعربي رأى رجلاً وبيده دينار، فقال: ليس لك حتى يخرج من يدك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.