شهدت الاراضي الفلسطينية المحتلة امس يوماً دامياً استشهد خلاله ثمانية فلسطينيين، معظمهم في عمليات إعدام ميداني نفذتها "القوات الخاصة" الاسرائيلية واستهدفت ناشطين من حركات "فتح" و"حماس" و"الجهاد". وفيما توعدت حركة "الجهاد" بالانتقام ل"اعدام" احد مؤسسيها في جنين، اتهمت السلطة الفلسطينية الحكومة الاسرائيلية بمحاولة تخريب حوار القاهرة بين الفصائل الفلسطينية والهادف الى وقف الهجمات داخل اسرائيل. ولم تشفع أعياد الميلاد المسيحية للفلسطينيين، بل سجل امس تصعيد لافت في عمليات الاعدام الميداني التي تنفذها "القوات الخاصة" في الجيش الاسرائيلي، اذ اعدمت هذه القوات مؤسس "الجهاد" في مدينة قباطية في جنين حمزة ابو الرب بعد محاصرة منزله، كما اغتالت في طولكرم جمال نادر، احد كوادر "كتائب شهداء الاقصى" التابعة ل"فتح"، في حين قتلت في نابلس فلسطينياً لم تعرف هويته. وفي رام الله، نفذت هذه القوات عملية اغتيال مزدوجة راح ضحيتها بسام الاشقر ومهدي ابو عبيد، كما اقتحمت مستشفى رام الله الحكومي واعتقلت شرطياً جريحاً قبل ان تقتله مدعية انه حاول الفرار. وبذلك يرتفع عدد الناشطين الفلسطينيين الذين اعدموا منذ مطلع الانتفاضة الى 186 كادراً. ولم يقف التصعيد الاسرائيلي عند هذا الحد، بل تجاوزه ليشمل حملة اعتقالات طاولت 15 فلسطينياً في الضفة الغربية، اضافة الى اعادة حظر التجول الى بيت لحم بعد رفعه خلال احتفالات عيد الميلاد. وتتخوف الاوساط الفلسطينية من ان يكون التصعيد الاسرائيلي فاتحة لمزيد من التصعيد في ظل الحرب الاميركية المرتقبة على العراق، كما تتخوف من ان يلقي هذا التصعيد بظلاله على حوار القاهرة الذي يهدف الى وقف الهجمات الفلسطينية داخل اسرائيل، خصوصاً بعد توعد حركة "الجهاد" بالرد على اعدام احد مؤسسيها. من جانبه، اعتبر وزير الخارجية المصري احمد ماهر ان العدوان الاسرائيلي يهدف الى اجهاض جهود مصر من اجل التوصل الى اتفاق تهدئة، وهو موقف ايدته السلطة الفلسطينية، مشيرة الى ان التصعيد يهدف ايضاً الى لفت انظار الشارع الاسرائيلي بعيداً عن فضائح الرشاوى الانتخابية المتهم بها حزب "ليكود" الحاكم. وعادت وسائل الاعلام الاسرائيلية امس الى الاهتمام بقضية الفساد والرشاوي في "ليكود"، وآخرها ما كشفته صحيفة "معاريف" من ان تجار عقارات مقربين من الحزب يمارسون ضغوطاً على الحكومة للمصادقة على تعيين بطريرك كنيسة الروم الارثوذكس في الاراضي المقدسة بهدف عقد صفقات عقارية مع هذه الكنيسة. واضافت الصحيفة ان شارون جمع اول من امس خمسة من وزرائه لاقناعهم بالمصادقة على تعيين البطريرك ايرينيوس الاول، الا ان الحكومة امتنعت عن ذلك حتى الان. وتابعت ان "ايرينيوس الاول وعد رجال اعمال اسرائيليين نافذين في ليكود بانجاز صفقات عقارية معهم اذا تمت المصادقة على تعيينه في هذا المنصب"، كما نشرت نسخة لرسالة بالانكليزية وصفها بأنها شديدة اللهجة ازاء اليهود، وقالت ان البطريرك نفسه وجهها الى عرفات ويتعهد فيها بان يساند القضية الفلسطينية اذا ثُبّت في منصبه. لكن على رغم فضائح الفساد، اظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "هآرتس" امس ان شعبية "ليكود" ما زالت على حالها، وان الحزب سينال 35 مقعداً في الكنيست، في حين ان حزب "العمل" سيفوز ب 22 مقعداً، وشينوي وسط، علماني 15 مقعداً. وكان شارون افتتح الحملة الانتخابية لحزبه اول من امس بخطاب وعد فيه الاسرائيليين بأن حكومة "وحدة وطنية" مستقبلية برئاسته ستوفر لهم "النصر والسلام". ووصفت صحيفة "معاريف" الاحتفال الذي جرى في القدس بأنه كان قاتماً، عكسه عدم اكتظاظ القاعة او حماسة الحاضرين. وعزت ذلك الى فضائح الفساد، والى عدم وجود اجماع داخل الحزب في شأن تشكيل حكومة "وحدة وطنية".