يرتدي جوكو طاقية رأس تخفي تحتها صلعة ناعمة ملساء، ولا يظهر من آثار شعر رأسه غير سالفين يحتفظان بشعرهما. وأجّل جوكو زواجه من نوشو الحلوة التي أحبها. ولم ينفع معه أطباء بلاده، ولم يجدوا علاجاً لصلعه. ودلّه دلاّل، الى حكيم قريب يسكن قرية على بعد ألفي قدم مضاعف، يمكن علاجه بأعشاب يجيد تركيبها. وباع جوكو خمس أملاكه، وسافر الى العشاب الحكيم، ودفع له ما طلبه، وتكاليف ارسال تابعين من اتباع الرجل لاحضار الاعشاب المطلوبة للعلاج من الجبال التي تنمو فيها، على ان يشرفوا على قطعها وحصادها في الظروف الجوّية التي حددها الحكيم في ليلة يظهر فيها ثلاثة أخماس القمر، وتختفي نجوم التنين، وساعة احمرار سطح السماء، في شهر العصفور ويوم المنظور. وبعد أشهر عاد الرجلان بالدواء. وعولج جوكو. وفرح بالشعيرات التي نمت في رأسه، وعاد الى بلاده فرحاً، وحدد موعد زفافه الى حبيبته نوشو. ولكن يبدو ان الرحلة الطويلة، وشدة الفرح أثرا على قلب الثري جوكو. فوجد نفسه مصاباً بتعب في القلب وارهاق شديد. وقرر السفر الى حكيمه الذي شفاه من الصلع. وباع جزءاً من أملاكه. وحمله حمالون مع هودج، ووصل بعد وقت في حال يرثى لها. وعالجه الحكيم أحسن علاج. وعاد فرحاً، وحدد موعد زواجه. ولكن تخلخلت أسنانه، وأصبحت تهتز. ولم يعد قادراً على المضغ. واقتصر طعامه على المبلول والمغمور المنقوع، وما لا يحتاج الى مضغ. وباع الرجل جزءاً من أملاكه. وسافر من جديد الى حكيمه وعشّابه الذي عالجه. فتثبتت أسنانه وقواطعه أو ضراسه في مواقعها داخل كهف فمه. وعاد جوكو سعيداً. ومن جديد حدد موعد زواجه. وتلقى قبل الزفاف بأسبوع رسالة تعب في قراءتها. ضعف بصره بعد ان كان يقرأ الرسائل المكتوبة بالخط النملي. ومرّة أخرى أجل زفافه، وباع جزءاً من أملاكه وسافر الى حكيمه البعيد. وعالجه الحكيم، وعادت له حدة بصره، حتى أنه عندما نظر الى الشمس استطاع ان يرى نجمة الفراغ السوداء المختفية خلف قرص الشمس، تلك النجمة التي لم يرها أحد غيره. وعاد الى بلاده. وتمّ زواجه أخيراً بعد ان أجله أربع مرات وباع أربعة أرباع ثروته على علاج مصابه. على انه في ليلة زفافه، لم يكن أسعد الناس. فهو اكتشف أنه أصابته عِنَّة. فباع بقية أملاكه. ولم يبق على غير البيت الذي ترك فيه زوجته وحيدة. وأسرع بالسفر الى حكيمه الذي قال له: - عندي الدواء، ولكن الدواء سيعيدنا الى الحالة الأولى. - لا أفهم! أي حالة؟ - أقصد الصلع. ببساطة، إما ان تبقى عنيناً لا تقرب زوجتك أو تعود أصلع لا شعر لك. فصرخ: - أصلعني حالاً! لا أريد شعراً! هات الدواء فوراً! القاهرة - سعد أمين رضوان مدير عام سابق بوزارة الخارجية المصرية، وعضو نادي المسرح المصري