جاين بيركين فنانة حولها حب سيرج غينسبورغ الى مراهقة لا تشيخ تجوب العالم كله مع أغانيه لتنشرها في كل مكان. كيف لا عندما يكون هذا الرجل هو نفسه الكاتب والموسيقي والفنان الذي ذاعت قصصه مع أجمل نساء العالم من بريجيت باردو الى كاترين دونوف وايزابيل أدجاني وغيرهن كثيرات... ومع هذا وحدها جاين - صغيرته وملهمته الدائمة - هي من وقع في هواها وعشقها للنهاية حتى بعد الطلاق والانفصال. وقصة الثنائي الأسطوري الذي عشقته فرنسا منذ سنة 1960 وتحديداً مع أغنية Je tصaime, moi non plus، لم تنته بعد على رغم ان الموت غيّب غينسبورغ منذ أكثر من عشر سنوات، فجاين بعشقها الكبير للرجل الذي حضنها وجعلها حبيبته وعشيقته وزوجته وصديقته وابنته وشريكة حياته بكامل شغفها وجنونها وتناقضاتها، لا تزال تعيش غينسبورغ من خلال أغانيه فتحييه من جديد. وكان لبنان، مطلع هذا الأسبوع على موعد مع جاين بيركين لتغني "بيغماليونها" الشهير بألحان شرقية في أوديتوريوم بيار أبو ضاهر - جامعة القديس يوسف - بيروت بدعوة من المركز الثقافي الفرنسي في لبنان وبمشاركة مسرح مونو في اطار نشاطات الصالون الحادي عشر "إقرأ بالفرنسية وبالموسيقى". فأشعلت ليالي رمضان بأجمل ما كتبته لها غينسبورغ من أغان يشاركها فيها فريق Dyam and Fam على آلات الكمان والعود والدربكة. مسيرة جاني الفنية بدأت سنة 1965 عقب لقائها الموسيقي جون باري الذي تمكنت بفضله من دخول عالم السينما والمشاركة في فيلم Knack.... ou comment lصavoir وجاءت مشاركتها سنة 1967 في فيلم مايكل انجلو أنطونيوني Blou up الذي حاز السعفة الذهبية في مهرجان كان لتكون بداية المشوار الحقيقي إذ بدأ كثر يلاحظون وجودها. أما المحطة المفصلية في مشوارها الفني فكانت عام 1968 بلقائها سيرج غينسبورغ الموسيقي والممثل والكاتب الذي حولها الى مغنية وجعلها زوجته بعد حب وشغف وجموح وغرام مجنون جاءت ثمرته شارلون عام 1971. وتتالت الأعمال التي جمعت العاشقين الى ان بدأت شعلة حبهما بالأفول وانتهت بالانفصال عام 1980 من دون انقطاع الأعمال المشتركة بينهما. في هذه المرحلة وسّعت بيركين أعمالها السينمائية وشاركت في الكثير من الأفلام، وعلى رغم انتقالها الى رعاية المخرج جاك درالون، الا ان سيرج لم يتوقف عن تأليف الأغاني لها وظلت تربطه بها علاقة قوية. وبقيت جاين الصغيرة ملهمته الوحيدة الى أن غيبه الموت سنة 1991 وتبعه والدها بعد فترة قصيرة ما زاد على آلامها آلاماً. وعاشت هنا مأساة حقيقية إذ فقدت مُطلقها الى عالم النجومية وصاحب الفضل الأول عليها. وعلى رغم ما أصابها فاجأت بيركين الكثيرين حين صعدت على خشبة كازينو باريس بعد شهرين تقريباً من المأساة وغنت الحزن والألم. وبعد ذلك ابتعدت من الساحة الفنية متجهة الى الأعمال الانسانية قاصدة سنة 1994 البوسنة وهي في أوج الحرب المشتعلة رحاها في تلك الفترة، مقدمة المساعدة والعون. وفي سنة 1995 عادت بيركين الى الأوساط الفنية من جديد إثر صدور البوم آخر لها يحمل توقيع الغائب الحاضر سيرج غينسبورغ الذي حاولت اخراجه من حياتها سنة 1998 بإصدارها ألبوماً لا يتضمن أيّاً من أعماله. الا انه وعلى رغم النجاح الذي لقيه بقي يفتقد نكهة وميزة أعمال جاين بيركين السابقة التي ما هي الا نكهة وميزة سيرج غينسبورغ نفسه. سنة 1999 بدأت بيركين مغامرة جديدة، كما تقول مع "أرابيسك" وتضيف: "بدأت المغامرة منذ ثلاث سنوات تقريباً في مهرجان افينيون لعام 1999 حيث طلبت مني لور أدلير تقديم برنامج لمدة ساعة في أحد المجالس الثقافية. وبقدر ما كان العرض مغرياً بقدر ما استعصى الأمر عليّ، فلم أكن أعرف كيف أقوم باستعراض مسلٍ لمجموعة من المثقفين الذين يصعب ارضاؤهم. الى ان جاء مديري الفني فيليب لوريشوم باقتراح جيّد مفاده التعاون مع الفنان دجاميل بنيل وهو موسيقي درس العادات الكلاسيكية العربية وعمل مع كبار نجوم الراي في فلوران باني الى يانيك نوا. وبعد ان استمعت الى موسيقاه اعجبت كثيراً به وبدأ تعاوني مع فرقته Djam & Fam. ونحن معاً منذ ذلك الوقت".