سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشرطة استولت على أسلحة ل"أبو سياف" وأعوانه ... والدولة مصممة على فرض سلطتها على المدينة . الجيش الأردني يصعد اجراءاته في معان بحثاً عن 5 من "التكفير والهجرة" وأسلحتهم
بدا الأردن أمس مستعداً لتحمل الكلفة الأمنية والمضي في اختبار القوة مع الاسلاميين والمعارضة السياسية، استباقاً لأي عمل عسكري أميركي محتمل ضد العراق، اذ تصاعدت الاجراءات العسكرية لدك معاقل التيار السلفي في مدينة معان في جنوب المملكة، ودخلتها فجراً وحدات خاصة من الجيش الأردني، واستأنفت حملة البحث عن عشرات المطلوبين الذين تصفهم السلطات ب"الأشرار والخارجين عن القانون" بعد يومين من اضطرابات دامية أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص، بينهم شرطي. وصرح وزير الاعلام الأردني محمد العدوان ل"الحياة" بأن "الجيش تمكن من اعادة الهدوء والأمن الى المدينة، ويواصل التفتيش في أحيائها لالقاء القبض على أفراد عصابة مسلحة تتستر تحت مسميات كثيرة لكسب تعاطف الرأي العام"، في اشارة الى خمسة أشخاص مطلوبين ينتمون الى جماعة "التكفير والهجرة" السلفية المتشددة يتزعمهم محمد الشلبي الملقب ب"أبو سياف" ويشكل القبض عليهم أحد أبرز أهداف العملية الأمنية في معان. وأكد ان "قوات الأمن العام لم تطلق النار على أي من سكان المدينة التي تعيش تحت حظر التجول المفروض عليها منذ منتصف ليل أول من أمس، ولكنها اضطرت للدفاع عن نفسها عندما بدأ بعض السكان بفتح نيران اسلحتهم عليها، ما أدى الى مقتل ثلاثة منهم، اضافة الى شرطي برتبة وكيل هو رائد النوايسة، فيما يعاني شرطي آخر من جروح بالغة الخطورة، فضلاً عن وجود العديد من رجال الأمن يتلقون العلاج في المستشفيات من جروح طفيفة نتجت عن الاشتباكات". وقال العدوان ان "مجموعة أبو سياف ما تزال طليقة، وتتحصن في أحياء المدينة" وأكد ان القوات الخاصة التي تتمتع بحرفية عسكرية عالية "ستتمكن من القبض عليهم، وتقديمهم للعدالة، وتخليص معان وسكانها من شرورهم" بعدما "نجحت في القبض على زهاء 25 شخصاً، بعضهم من المطلوبين، وآخرون من جنسيات عربية وأجنبية"، نافياً ان "يكون من بينهم أي شخص يحمل الجنسية العراقية أو المصرية أو الأفغانية". وفي هذا السياق، أكد مسؤول أمني ل"الحياة" ان "العرب والأجانب المعتقلين في اطار الحملة هم ثلاثة أشخاص أحدهم سوري والثاني هندي، في حين لم تعرف بعد جنسية الثالث" وأوضح ان "هؤلاء كانوا بين مطلقي النار في الأحياء السكنية". وتتهم السلطات مجموعة "أبو سياف" بالقيام بأعمال تخريبية استهدفت ممتلكات عامة بينها، خصوصاً مراكز أمنية وجمركية ومؤسسات تجارية حكومية وأهلية، اضافة الى سيارات مسؤولين أمنيين وأساتذة جامعيين. واعتبر وزير الداخلية الأردني قفطان المجالي في مؤتمر صحافي ليل أول من أمس ان "الحكومة قامت بما تمليه عليها المصلحة العامة والدستور والأنظمة والقوانين"، مشدداً على أن "حملتها في معان ستستمر الى حين القبض على جميع أفراد العصابة ونزع أسلحتهم وفرض سلطة الدولة والقانون". ووصف التدابير الأمنية في المدينة في اليومين الماضيين بأنها "عملية انقاذ جريئة، لتخليص أهالي معان من شرور عصابة اعتادت على ترويع المواطنين وترهيبهم". وامتنع عن تحديد تلك القوى، الا أنه أشار الى أن "اصرار الجيش الأردني على اعادة معان الى الدولة، وفرض القانون فيها يؤكد أن أمن الأردن فوق أي اعتبار". وأمل المسؤول ان "يستفيد من هذا الدرس كل من يخطط لاستثمار الحرب الأميركية المحتملة على العراق، أو يحاول أن يجعل الأردن ساحة خلفية لأعمال تخريبية سنواجهها بكل صرامة وقوة". وقال: "نعلم ان هناك جهات تسعى لتهديد النظام في المملكة عبر أقنعة كثيرة، منها انقاذ فلسطين من الاحتلال، والتصدي لأي عمل عسكري ضد العراق، ولكن قوة المنظومة الأمنية وصلابة الوحدة الوطنية ستفوت عليهم الفرصة"، في اشارة الى قوى اصولية تعتبر الأردن "أرضاً للحشد والرباط من أجل تحرير فلسطين". كذلك، انتقد العدوان بشدة "انتهاج بعض قوى المعارضة الأردنية اسلوب الاتجار السياسي بأحداث معان، وتحويل الأنظار عن مجموعة من الخارجين عن القانون يرتكبون أعمالاً تمس بأمن المملكة وسيادتها الى التحريض على الحكومة وانتقاد اجراءاتها التي تهدف الى الحفاظ على الأمن والاستقرار في مدينة تعوّد متمردون فيها على تحدي هيبة الدولة وحضورها". وحذر من أن "الحكومة لن تتهاون مع ذوي الأجندات الخاصة الذين يحرضون على الفتنة". وفي هذا الاطار ايضاً، نددت جماعة "الاخوان المسلمين" وذراعها السياسية "جبهة العمل الاسلامي" بالاجراءات التي اتخذتها الحكومة في معان، وقالت في بيان ان ذلك "يعكس عقلية عرفية" وحذرت من "تفاقم الأوضاع، وامتداد تداعياتها في هذه الظروف البالغة الصعوبة والدقة". الى ذلك، روى سكان في المدينة ل"الحياة" ان "عربات مصفحة تقل المئات من أفراد الجيش والأمن العام تجوب شوارع المدينة التي توقفت فيها الحركة التجارية وفضّل معظم سكانها المكوث في منازلهم"، وأكدوا ان حملات تفتيش من حي الى آخر، ومن بيت الى بيت تواصلت أمس لتعقّب المطلوبين. وقالوا ان "عناصر من الشرطة عثروا على كميات من الأسلحة الرشاشة وبنادق صيد ومسدسات وقنابل، تركها "أبو سياف" وأعوانه أثناء فرارهم من أماكن تحصنهم في أحياء "الضواوي"، و"الطور" ومنطقة "شارع فلسطين" داخل المدينة ورجحوا أن تكون هذه المجموعة قد نجحت في الهرب الى خارج مدينة معان التي تحيطها منطقة صحراوية شديدة الاتساع والوعورة. وانتقد أحد سكان معان "الاجراءات الأمنية ضد مدينة بكاملها"، موضحاً ان "الحياة تعطلت تماماً فيها منذ ثلاثة أيام، وكان بالامكان أن تتجنب الحكومة الحل الأمني، وتواصل حوارها مع العشائر لتسليم المطلوبين، أو أن تقوم بعملية محدودة للقبض عليهم". وأكد ان "العشائر كانت مستعدة للتعاون مع السلطات في هذه القضية"، لافتاً الى "القلة من سكان المدينة التي عقدت اجتماعاً الجمعة هي التي رفضت تسليم المجموعة المطلوبة". وكانت الحكومة أعلنت الجمعة "فشل وساطات بذلها زعماء القبائل في معان مع عدد من المطلوبين لتسليم أنفسهم طواعية، ما اضطرها الى اللجوء الى عمليتها الأمنية". في غضون ذلك، قال مسؤول أردني رفيع المستوى ل"الحياة" ان الحملة الأمنية الواسعة التي تشنها السلطات منذ يومين في معان "تتضمن رسالة شديدة الوضوح الى كل القوى التي ربما تتهيأ لتحريك الشارع واستغلال أي توتر اقليمي للاضرار بأمن الأردن واستقراره". وكان المعارض الاسلامي البارز ليث شبيلات انتقد أول من أمس في تصريحات لمحطات تلفزيونية فضائية "دخول القوات الأمنية الى معان"، واعتبر ان "الحكومة سعت الى الحل الأمني في هذه المدينة، من دون التقدم نحو حلول تنموية واقتصادية، تواجه واقعها المعيشي المتردي". ولفت الى أن "السلطات لم تتصد بمشاريع جادة لمعضلة الفقر والبطالة المتفشية بين سكان المدينة" الذين يقدر عددهم بزهاء 60 ألف شخص، فيما أكد مسؤولون أن "برنامج تنمية المحافظات شمل معان، وخصص لها أكثر من 100 مليون دولار هذا العام" لتنمية وضعها الاقتصادي. وعلى صلة بالحدث، اعتقلت السلطات ليل أول من أمس مراسل محطة "الجزيرة" الفضائية القطرية في عمان ياسر أبو هلالة الممنوع من مزاولة عمله بموجب قرار حكومي صدر في آب اغسطس الماضي قضى باغلاق مكاتب القناة في الأردن. واستغرب أبو هلالة اعتقاله على رغم التزامه بعدم العمل لمصلحة المحطة، وقال ل"الحياة" اثناء مداهمة الشرطة منزله ان توقيفه ربما كان بسبب اتصالات هاتفية أجرتها "الجزيرة" مع معارضين أردنيين انتقدوا حملة السلطات في معان. كما أفادت صحيفة "العرب اليوم" المستقلة ان "مجموعة من رجال الأمن حضرت الى الصحيفة، واعتقلت الصحافي سمير أبو هلالة "على خلفية تصريحات أدلى بها الى فضائية الجزيرة" تضمنت انتقادات شديدة للتدابير الأمنية ضد المدينة.