رفضت محكمة الاحوال الشخصية في مصر أمس دعوى تطالب بالتفريق بين الدكتورة نوال السعداوي وزوجها الدكتور شريف حتاتة، فيما قضت محكمة النقض بقبول طعن النيابة في الاحكام التي صدرت في قضية "أحداث الكُشح" وقررت إعادة محاكمة المتهمين مجدداً أمام دائرة قضائية أخرى تابعة لمحكمة الجنايات. وقوبل الحكم بارتياح بالغ بين أوساط الأقباط. ساد الارتياح أوساط الاقباط المصريين بعدما اصدرت محكمة النقض أمس حكماً قضى بقبول طعن نيابة أمن الدولة في آذار مارس الماضي، في أحكام أصدرتها محكمة الجنايات في محافظة سوهاج في قضية "أحداث الكشح". واتهم في القضية آنذاك 96 شخصاً بينهم 57 مسلماً و39 قبطياً، وجاءت الأحكام مخففة وتسببت في غضب الأقباط. وعقدت محكمة النقض جلسة أمس برئاسة المستشار حسن حمزة حضرها محامون عن الكنيسة القبطية. وقضت بقبول الطعن في أحكام الكشح وإعادة محاكمة المتهمين. وكانت محكمة الجنايات برأت 92 متهماً من التهم المنسوبة إليهم وعاقبت أربعة فقط. ورفضت محكمة النقض طعناً من الأربعة في الحكم بإدانتهم، لكنها اوضحت أنه سيحاكمون مجدداً مع باقي المتهمين لأن العقوبات الصادرة في حقهم غير كافية ولا تتناسب مع ما ارتكبوه من جرائم. وكانت محكمة الجنايات اسقطت تهمة القتل المتعمد مع سبق الاصرار والترصد عن كل المتهمين في القضية على رغم أن الاحداث التي وقعت في القرية نهاية العام 1999 اسفرت عن مقتل 20 قبطياً ومسلمٍ واحد. وطعنت النيابة في الأحكام بعد صدور ردود فعل غاضبة من رموز الاقباط، وأكد البابا شنودة في ندوة خلال معرض الكتاب، رفضه الاحكام وأعلن أن الكنيسة "ستسعى بكل الطرق القانونية الى رفع الأمر الى محكمة النقض للطعن في الأحكام". وأيدت محكمة النقض ما جاء في مذكرة الطعن التي استندت الى أن الأحكام في قضية الكُشح "عابها القصور في الأسباب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون الأمر الذي يوجب نقضه". ورحبت مصادر الكنيسة بالحكم واعتبرت أنه "أعاد الحق إلى نصابه". وقال اسقف مدينة البلينا، التي تقع قرية الكشح في دائرتها، الانبا ويصا ل"الحياة": "شكراً لله لأن العدل سيأخذ مجراه مجدداً". واعتبر أن قرار إعادة المحاكمة "سيلقى تأييداً من فئات الشعب المصري مسلميه وأقباطه لأن الجميع يحرصون على معاقبة من خالف القانون وكاد يتسبب في كارثة". من جهة أخرى رفضت محكمة القاهرة للأحوال الشخصية دعوى أقامها المحامي نبيه الوحش طالب فيها بالتفريق بين الدكتورة نوال السعداوي وزوجها الدكتور شريف حتاتة استند فيها إلى أن السعداوي "ازدرت الدين الإسلامي وأنكرت ما هو معلوم من الدين بالضرورة". وعقدت المحكمة جلسة أمس للنطق بالحكم في القضية التي شغلت الأوساط المصرية والدولية منذ آذار مارس الماضي وسط حضور كثيف من مراسلي الصحف ووسائل الإعلام، في حين غابت عنها السعداوي. وقضت المحكمة برفض الدعوى لأنها أقيمت "من غير ذي صفة" وهو تعبير قضائي مصري يعني أن صاحب الدعوى ليس له علاقة بموضوعها ولم يتعرض لضرر أو يصاب بسوء جراء الفعل الذي يعتقد أن المدعى عليه ارتكبه. واوضحت المحكمة أن القانون حظر إقامة دعاوى الحسبة من جانب الأفراد مباشرة وأعطى ذلك الحق للنيابة العامة وحدها. واوضح القاضي حسنين الوكيل أن الحكم نهائي لأن قانون الحسبة عُدل العام 1996 وجعل الأحكام في تلك الدعاوى نهائية. لكن الوحش تعهد مواصلة جهوده لتحقيق الغرض الذي أقام القضية من أجله وقال ل"الحياة" إنه "سيستأنف الحكم وفي حال تأييد محكمة الاستئناف الحكم برفض الدعوى سيلجأ الى محكمة النقض". مشيراً إلى أنه طعن أمام المحكمة الدستورية العليا ضد المادة الثالثة من قانون صدر العام 1996، والتي قيدت دعاوى الحسبة وقصرت إقامتها على النيابة العامة فقط من دون الأفراد. وفي المقابل رحبت السعداوي برفض الدعوى واعتبرت الحكم "انتصاراً للحق" ونفت مجدداًَ أن يكون صدر عنها ما يسيء إلى الأديان السماوية. وتعهدت العمل على إلغاء قانون الحسبة في مصر، وقالت: "كنت محظوظة وربما يستخدم القانون ضد غيري ولا يكون محظوظاً". وأجرت الحكومة المصرية تعديلاً على مادة في القانون تسمح للأفراد "بإقامة دعاوى الحسبة بعد الضجة التي تسبب فيها حكم قضى بالتفريق بين الدكتور نصر حامد أبو زيد وزوجته الدكتورة ابتهال يونس". وكانت السعداوي أدلت بحوار إلى صحيفة "الميدان" المصرية الاسبوعية في آذار مارس الماضي أثار ردود فعل واسعة بسبب الآراء الواردة فيه، وبعث المفتي الدكتور نصر فريد واصل بخطاب مطول للصحيفة أكد فيه إنه "إذا ثبت صحة ما هو منسوب إليها السعداوي تكون خرجت عن دائرة الإسلام"، وفي تحقيقات أجريت مع السعداوي في مكتب النائب العام بناء على بلاغ المحامي الوحش أقرت باحترام الأديان السماوية كافة وأكدت أن الحديث معها حُرّف. وستنظر محكمة جنح الساحل في 15 آب اغسطس المقبل في دعوى أقامها رئيس تحرير "الميدان" السيد محمد حسن الألفي ضد السعداوى اتهمها فيها بسبه وقدحه والتشهير به حين تحدثت عن تحريف الحديث الذي أدلت به للصحيفة وكان سبباً في إقامة دعوى التفريق. وقال المحامي الوحش إنه سيتدخل في تلك القضية كي يستخدم مستنداتها في مواصلة الملاحقة القضائية للسعداوي إذا قضت المحكمة ببراءتها.