بالتأكيد تطلع لاعبو المنتخبات ال16 الذين خاضوا منافسات بطولة العالم الاخيرة للشباب في كرة القدم في الارجنتين، الى مشاركتهم باعتبارها محطة بارزة للفت انظار العالم الى قدراتهم، تمهيداً لتحقيق هدف السير على طريق النجومية والشهرة. الا ان المهاجم الارجنتيني خافيير سافيولا 20 عاماً شكل الاستثناء الوحيد على هذا الواقع، اذ انه كان بلغ سلفاً القمة المنشودة بانضمامه الى فريق برشلونة الاسباني العريق في مقابل 22 مليون دولار لستة اعوام. لقد سبقت شهرة سافيولا سنه، وحتى انجازاته في الاستحقاقات البارزة، ويمكن القول ان موهبته الفريدة لم تحتج الا الى دقائق معدودة على ارض ملعب فريقه ريفر بلايت لعكس صورة الظاهرة الاكبر في بلاده بعد النجم الارجنتيني الاسطوري دييغو مارادونا. واذا كان نجوم سابقون كثيرون عرفوا بلقب خلفاء مارادونا في السابق، ومن بينهم غالاردو المحترف في صفوف فريق موناكو الفرنسي، وآرييل اورتيغا ريفر بلايت وريكيلمي بوكا جونيورز وبابلو ايمار فالنسيا الاسباني، فان سافيولا يملك افضلية احتواء ميزاته الفنية اضافة الى السرعة والبراعة في المراوغة، والرؤية الثاقبة والتحرك والتمركز الصحيح، والحس الفطري المفرط في التهديف، وصولاً الى استغلال ادنى فرصة متاحة امام المرمى. وظهر ذلك جلياً في تسجيله 58 هدفاً في 120مباراة خاضها مع فريقه في المسابقات المحلية والقارية كلها منذ عام 1998، من بينها 46 في 87 مباراة في البطولة وحدها، وايضاً 11 هدفاً في بطولة العالم الاخيرة للناشئين، وهذا اعتبر رقماً قياسياً جديداً في تاريخ البطولة بعد رقم البرازيلي اديلتون في بطولة عام 1997 في ماليزيا 10 اهداف، علماً ان سافيولا اختير ايضاً افضل لاعب في البطولة. سافيولا من اكتشاف المدرب المخضرم دون ادولفو بيديرنيرا، احد نجوم ريفر بلايت في الاربعينات من القرن الماضي، وقد اضطلع بمسؤولية الاشراف على فريق الصغار الذين تتفاوت اعمارهم بين ستة اعوام وسبعة في النادي، من اجل تلقينهم مبادىء اسلوب مدرسة، معروفة بتسمية الاسلوب الهجومي الجميل. وهو اعجب بتقنيته الفطرية في تلقن فنون الكرة، ما اعاد الى ذهنه ذكرى النجم المحلي السابق في مونديال المانيا عام 1974 رينيه هاوسمان، وبسرعته الكبيرة التي تليق بموهبة عداء في المسافات القصيرة. واتخذ مسؤولو النادي اذ ذاك قرار توفير الرعاية الرياضية المثالية لسافيولا اضافة الى الاهتمام التربوي عبر الحاقه بمدرسة النادي بدءاً من سن التاسعة. وهو استمر في التدرج في صفوف الفرق العمرية وصولاً الى عام 1998، حين منحه المدرب رامون دياز فرصة الانضمام الى الفريق الاول في سن ال17. ودخل سافيولا سريعاً في حال عشق حقيقية مع الجماهير التي اذهلتها انجازاته الفنية غير المسبوقة، واهدافه التي ارتكزت على المبادرات الفردية الرائعة. وبات سافيولا خلال اشهر معدودة احدى الركائز الاساسية في ريفر بلايت، ما دفع مسؤولي الاخير الى رفض تحريره للمشاركة في بطولة العالم للشباب في نيجيريا عام 1999. واختير افضل موهبة واعدة في العام ذاته بحسب استفتاء صحيفة "كلارين"، علماً انه كان حقق انجاز انتزاع لقب افضل هداف في الدور التمهيدي للبطولة التي اقيمت في نهاية العام بعدما سجل 15 هدفاً في 19 مباراة. ونال سافيولا اعتراف كبار النجوم بتفوق قدراته، وفي مقدمهم الحارس الاوروغواياني خوسيه لويس شيلافيرت، الذي وصفه بالاكتشاف الاكبر في الملاعب الارجنتينية، واشاد بشجاعته في تسجيل هدفين في مرماه، ومارادونا، الذي اعتبره اللاعب الاكثر اهمية في البطولة. وهو تابع على منوال النجاحات ذاته في العام الماضي، إذ خاض فيه مباراته الدولية الاولى مع المنتخب الارجنتيني الاول، واطلق عليه المراقبون تسمية "الأرنب"، علماً ان طوله لا يتجاوز 68،1متر، ووزنه 60 كيلوغراماً. وتقدم برشلونة في العام ذاته بعرض اول لضم سافيولا في مقابل 22 مليون دولار من بينها 16 مليون دولار له، الا ان مسؤولي الفريق الارجنتيني رفضوا بيعه، خشية تأثير عملية بيعه سلباً في عدم معاودة انتخاب مشجعي النادي لهم، خصوصاً أن هؤلاء المشجعين دأبوا على اتهام الادارات السابقة بالفساد منذ عام 1995في ظل استمرار العجز المالي في موازنة الفريق التي قدرت ب60 مليون دولار، على رغم ان ايرادات بيع نجومه في تلك الفترة تجاوزت 120 مليون دولار، ومن بينهم هرنان كريسبو واورتيغا وغالاردو وسواهم. ثم ان انتقاله وقتذاك اصطدم بعقبة معاناة الفريق من التراجع امام خصميه بوكا جونيورز وسان لورانزو على صعيد الانجازات. الا ان مسؤولي الفريق استجابوا اخيراً مطالبة سافيولا بتحريره، تحت ضغط الانتقادات الصحافية التي وجهها اللاعب الناشىء إليهم، والتي ربطها بواقع مرض والده. ويبقى ان مهمة سافيولا لن تكون سهلة في برشلونة، خصوصاً انه سيتحول سريعاً مادة دسمة للمقارنة مع نجوم الفريق نفسه الاكثر خبرة، وعلى رأسهم البرازيلي ريفالدو، والهولندي مارك اوفرمارس، ونجوم الخصم اللدود ريال مدريد، الذي تضم صفوفه اهم لاعبي خط وسط في العالم والاغلى ثمناً الفرنسي زين الدين زيدان والبرتغالي لويس فيغو.