قالت مصادر اقتصادية مطلعة في المغرب إن مجموعة "بويغ" الفرنسية للبناء قدمت ترشيحاً جديداً أمس إلى الحكومة المغربية في محاولة للفوز ثانية بصفقة بناء ميناء طنجة التجاري على المحيط الأطلسي، جنوب مدينة طنجة، تقدر كلفته بما يراوح بين 400 و500 مليون دولار. وكانت الشركة الفرنسية فشلت في المحاولة الأولى بعدما عجزت عن جمع المبلغ الضروري للمشروع، ما دفع الحكومة الى إلغاء المناقصة بعد تأخر انجاز الاشغال الأولية. وذكرت المصادر أن "بويغ" تحالفت مع شركة "مايرسك" الاسكندنافية العاملة في جنوباسبانيا للفوز بالصفقة التي تعتبرها "بويغ" ضرورية لنشاطها في المغرب، حيث تتولى حالياً بناء مساكن اجتماعية في سلا الجديدة، عبر فرعها "بيماروك". كما أنها تهيئ انفاقاً تحت الماء في خليج الدار البيضاء قرب مسجد الحسن الثاني الذي كانت انجزته مطلع التسعينات بكلفة نصف بليون دولار. وقالت "بويغ" في بيان إن تحالفها مع "مايرسك" يمنح ضمانة إضافية للمشروع من الوجهتين المالية والتجارية، خصوصاً في مجال إدارة الميناء في المستقبل والذي تقترحه الحكومة على صيغة "بي او تي" لمدة 30 سنة يعود بعدها الى الملكية العامة. وذكرت الشركة انها قادرة على بناء الميناء ليكون الأحدث من نوعه في العالم وباستطاعته استقبال الجيل الجديد من البواخر الضخمة ومشابهاً لميناء دبي في الامارات العربية المتحدة الذي استقطب 14 بليون دولار من الاستثمارات على مدى عشر سنوات. من جهتها، قالت مصادر مغربية ل"الحياة" إن الحكومة لم تحسم بعد أمر الميناء بعد التجربة غير الناجحة مع "بويغ" التي لم تحترم الآجال المتفق عليها، حيث كان يتوقع ان تنطلق الاشغال في الميناء مطلع السنة الجارية لمدة اربع سنوات. وحسب المصادر نفسها، فإن "بويغ" عجزت عن اقناع الرباط وباريس بالاستفادة من برنامج تحويل الديون الى استثمارات في حدود نصف قيمة المشروع 250 مليون دولار، على ان تحصل مبالغ أخرى من مساهمات مغربية وتمويلات مصرفية. واعتبرت الحكومة ان طريقة التمويل المقترحة مناقضة لشروط المناقصة التي تقتضي ان تتولى الشركة الفائزة توفير موارد كافية لإنجاز المشروع. ولم تؤكد مصادر حكومية في اتصال مع "الحياة" ما اذا كان سيتم دراسة العرض الجديد للشركة الفرنسية أم سيتم الإعلان عن مناقصة جديدة، خصوصاً أن مجموعة "بكتل" الاميركية تسعى هي الاخرى للفوز بالصفقة التي خسرتها في الجولة السابقة، نتيجة ما وصفته الأوساط الاميركية في الرباط ل"الحياة" ب"دور اللوبي الفرنسي". يذكر ان ميناء طنجة التجاري تتنافس عليه حالياً كل من فرنسا والولايات المتحدة بسبب وضعه الاستراتيجي على مدخل المحيط الاطلسي والبحر الابيض المتوسط، في المنطقة نفسها التي كان الفنيقيون يقيمون فيها مخازن لإيواء بضائعهم المصدرة الى غرب المتوسط وشمال أوروبا.