طهران - أ ف ب - في الاستحقاق الرئاسي الثامن بعد الثورة الاسلامية، التي انهت عام 1979 خمسة وعشرين قرناً من حكم اباطرة الفرس، ينتخب الايرانيون بعد غد سادس رئيس لهم. لكن الرؤساء الخمسة الذين تعاقبوا على رأس الجمهورية الاسلامية خلال عقدين، لم يحظوا جميعاً بالنهاية ذاتها. بعضهم نفي وبعضهم قتل، وبعضهم كاد أن يفقد ماء وجهه في الانتخابات التشريعية، بعدما وصل بأصوات 95 في المئة من الناخبين... وآخرهم جعل العالم يحبس انفاسه، ولا يزال، وكان مفاجأة خارج كل القواميس. الرئيسان الأول والثاني لم يكونا معممين، الاول فر تحت جنح الظلام من طهران ويعيش الآن منفياً في باريس، والثاني قتل بعد اسابيع على انتخابه، فيما الثلاثة الباقون كانوا من رجال الدين ومن رفاق الامام الخميني. الاول ابو الحسن بني صدر انتخب عام 1980 ويعيش الآن منفياً في باريس التي تستقبل المضطهدين في اوطانهم، وكانت ملجأ للخميني انطلقت منه الشرارات الاولى للثورة. الرئيس الثاني محمد علي رجائي، الذي كان رئيساً للوزراء في عهد بني صدر، قتل بعد اسابيع على انتخابه في آب اغسطس 1980. اما الرئيس الثالث فهو علي خامنئي مرشد الجمهورية والمصدر الاول للسلطات فيها مدى الحياة، والرابع هاشمي رفسنجاني الذي امضى كخامنئي فترتي رئاسة كل منهما اربع سنوات. والخامس محمد خاتمي الذي يستعد الآن لولاية ثانية. أبو الحسن بني صدر المثقف الذي كان اقرب المقربين الى الخميني، انتخب في 25 كانون الاول ديسمبر 1979 بأكثرية 70 في المئة من الأصوات، لكنه لم يستطع ان يحكم في اجواء الحرب التي اندلعت مع العراق، وفي مواجهة رجال الدين الذين لم يغفروا له انه ثوري ليبرالي وغير معمم، فعزله الخميني في 21 حزيران يونيو 1980 وفر سراً الى فرنسا، حيث بدأ مسيرة طويلة من المعارضة للنظام في طهران. وكان بين ابرز اسباب عزله خلافه الكبير مع رئيس الوزراء محمد علي رجائي الذي انتخب لخلافته. ونال رجائي الذي اصبح رئيساً في 24 حزيران يونيو 1981 نسبة 85 في المئة من الاصوات، لكنه لم يبق في منصبه سوى بضعة اسابيع، وقتل بتفجير في طهران في 30 آب 1981. في 5 تشرين الاول اكتوبر انتخب مقرب آخر الى الخميني هو آية الله علي خامنئي، ونال 99 في المئة من الاصوات، ثم اعيد انتخابه لولاية ثانية في آب 1985 بأكثرية 85 في المئة من الاصوات. وطغت الحرب العراقية - الايرانية على فترتي رئاسته، كما شهدت ولايته توتراً كبيراً مع الغرب بسبب الفتوى التي اصدرها الخميني باهدار دم الكاتب البريطاني الهندي الاصل سلمان رشدي، الذي اعتبر مرتداً. بعد وفاة الخميني في 4 حزيران 1989 عين خامنئي مرشداً خلفاً للامام الراحل الذي كرّمه رجال الدين واختصوه بلقب مرشد الثورة الاسلامية. وانتخب رئيس مجلس الشورى حجة الاسلام هاشمي رفسنجاني رئيسا للجمهورية بأكثرية 5،94 في المئة من الاصوات في 28 تموز يوليو 1989، واعيد انتخابه في 11 حزيران 1993 لولاية ثانية، لكن الأكثرية التي نالها لم تتعد 5،63 في المئة، فيما استطاع وزير العمل السابق، أحد المرشحين الآن في مواجهة خاتمي، احمد توكلي ان يحصد أكثر من ثلاثة ملايين صوت، في اول اشارة من نوعها الى التململ الشعبي، والخلافات التي بدأت تعصف بفصائل النظام. تدهورت شعبية رفسنجاني، وخذله الايرانيون في الانتخابات النيابية شباط/ فبراير 2000، إذ جاء ترتيبه الثامن والعشرين بين ثلاثين في طهران، فاستقال ليتفرغ لرئاسة مجلس تشخيص مصلحة النظام، أهم مؤسسات القرار ينتخب الايرانيون الجمعة خلفاً له في مجلس الشورى. وجاءت الاشارة الثانية مع عودة خاتمي "الصاعقة" عام 1997 الى الواجهة السياسية، وانتخابه رئيساً للدولة بأكثرية 70 في المئة من الاصوات، في وجه ابرز رموز النظام، رئيس مجلس الشورى الرجل القوي ناطق نوري... بعدما دفعه المحافظون الى الاستقالة من منصبه كوزير للثقافة عام 1992.