الرئيس التنفيذي ل"هيئة الطرق" يتفقد طريق عقبة الهدا استعدادًا لاستقبال ضيوف الرحمن    وساطة تنهي أخطر مواجهة منذ عقود بين الهند وباكستان    أوكرانيا وحلفاؤها يقترحون هدنة شاملة لمدة 30 يومًا    الثقافة السعودية تحضر في بينالي البندقية    وزير «الشؤون الإسلامية» يلتقي برؤساء وأعضاء المجالس العلمية لجهة مراكش    19 قتيلاً في قصف قوات الدعم السريع لسجن في مدينة الأبيض    فيصل بن فرحان يتلقى اتصالاً هاتفيًا من وزير خارجية المملكة المتحدة    الوحدة يبتعد أكثر عن منطقة الهبوط بالفوز على الفتح    القبض على 11 مخالفًا لتهريبهم 165 كجم "قات" في عسير    جازان تقفز نحو المستقبل بقيادة أميرها الشاب    هيئة الصحفيين بنجران تنظم ورشة الإعلام والتنمية    إبادة عائلة في غزة وتحذيرات دولية من كارثة إنسانية خانقة    المواطنة الرقمية المسؤولة    اختتام أعمال البعثة التجارية إلى الولايات المتحدة    أمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة التاسعة عشرة لطلاب وطالبات جامعة تبوك الأربعاء القادم    رصد النسر الأسود الأوراسي في محمية الإمام تركي بن عبدالله    علاج جديد لالتهابات الأذن    الأطعمة المعالجة بشكل مفرط تزيد من خطر الوفاة المبكرة    احتفال الجمعية السعودية للروماتيزم باليوم العالمي للذئبة الحمراء    ولي العهد يجري اتصالين هاتفيين مع ملك البحرين وأمير الكويت    الحرفيين الاماراتيين يجسدون الإرث الإماراتي الأصيل خلال مشاركتهم في مهرجان الحرف الدولي بمحافظة الزلفي    باكستان: السعودية شاركت في محادثات وقف النار مع الهند    20 ألف غرامة لكل من يدخل مكة من حاملي تأشيرات الزيارة    فليك: برشلونة مستعد لاختبار ريال مدريد    أرتيتا : ألم صنع ممر شرفي لليفربول سيكون دافعا لأرسنال    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس الملك    المملكة ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان والهند    الدكتورة إيناس العيسى ترفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينها نائبًا لوزير التعليم    مجلس شؤون الأسرة يترأس وفد المملكة في اجتماعات تمكين المرأة بمجموعة العشرين بجنوب أفريقيا        الفرق بين «ولد» و«ابن» في الشريعة    "ياقوت" من "زين السعودية" أول مشغل يتيح لزوار المملكة توثيق شرائح الجوال من خلال منصة "أبشر"    الأمير فهد بن سعد يرفع شكره للقيادة على الثقة الملكية بتعيينه نائبًا لأمير منطقة القصيم    الهلال الاحمر بمنطقة نجران ينظم فعالية اليوم العالمي للهلال الاحمر    "تايكوندو الشباب يتألق ويعتلي صدارة الأوزان الأولمبية"    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يتنافس مع 1700 طالب من 70 دولة    غرفة حائل تناقش تحسين بيئة الأعمال في المرافق التعليمية    الأرصاد: رياح نشطة على الرياض والقصيم    بث مباشر من مدينة الملك عبدالله الطبية لعملية قسطرة قلبية معقدة    الخريف يبحث تعزيز التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)    الخليج يجدد عقد "بيدرو" حتى عام 2027    'التعليم' تعتمد الزي المدرسي والرياضي الجديد لطلاب المدارس    بعد تعيينها نائبًا لوزير التعليم بالمرتبة الممتازة .. من هي "إيناس بنت سليمان العيسى"    الهلال يعلن انتهاء موسم لاعبه"الشهراني" للإصابة    نادي القادسية يحصد ذهب ترانسفورم الشرق الأوسط وأفريقيا 2025    إمام المسجد الحرام: الأمن ركيزة الإيمان ودرع الأوطان في زمن الفتن    سقوط مسبار فضائي على الأرض غدا السبت 10 مايو    النادي الأدبي بجازان يقيم برنامج ما بين العيدين الثقافي    جازان تودّع ربع قرن من البناء.. وتستقبل أفقًا جديدًا من الطموح    مستشفى الطوال العام ينفذ فعالية اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية    هلال جازان يحتفي باليوم العالمي للهلال الأحمر في "الراشد مول"    الحج لله.. والسلامة للجميع    اضطرابات نفسية.. خطر صادم    الأمير محمد بن عبدالعزيز يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه أميرًا لمنطقة جازان    رئاسة الشؤون الدينية تدشن أكثر من 20 مبادرة إثرائية    نُذر حرب شاملة.. ودعوات دولية للتهدئة.. تصعيد خطير بين الهند وباكستان يهدد ب«كارثة نووية»    إحالة مواطن إلى النيابة العامة لترويجه "الحشيش"    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأرملة الصربية لعضو "القيادة العامة" طلبت اللجوء في أوسلو ومعها نسخة من مذكرات ... ناقصة ثلاث صفحات . النروج هي البلد "الأجنبي" الذي سلم "وثيقة غبن" الى البريطانيين الحلقة 7
نشر في الحياة يوم 20 - 06 - 2001

} تُتابع حلقة اليوم من كتاب "لوكربي الفضيحة الخفية" عرض إدلة الإدعاء ضد الليبيين عبدالباسط المقرحي والأمين خليفة فحيمة في قضية لوكربي. وتكشف تفاصيل ما يُعرف ب "وثيقة غُبن" التي كتبها عضو "القيادة العامة" مبدي غُبن عن حادثة "بان آم".
أدلة الإدعاء
استدعى الادعاء الى كامب زايست عدداً من الشهود الذين يتمتعون بحصانة قانونية من الولايات المتحدة. وأعطى وصولهم الى المحكمة في سيارات ذات نوافذ معتّمة انطباعاً بأن الافادة المقبلة ستكون مثيرة. لكن، كما سيتضح، لم يكن الشيء الحاسم في شأن هذه الافادة ما كُشف عنه في المحكمة بل ما اُبقي مخفياً.
كان أول من ادلى بشهادته حول جهاز التوقيت ريتشارد لويس شيرو، وهو عسكري أميركي مخضرم امضى أكثر من 20 سنة في الجيش وانضم بعد تقاعده في 1984 الى مكتب "الكحول والتبغ والاسلحة" أي إف تي الاميركي. وقال في شهادته انه سافر في ايلول سبتمبر او تشرين الاول اكتوبر 1986، بناء على طلب وزارة الخارجية الاميركية، الى لومي في توغو برفقة ادوارد أوين من المكتب وجيمس كيسي من الوزارة. وفحص شيرو خلال الرحلة ذخيرة متنوعة وضعت على منضدة في أحد المعسكرات، وضمّت التشكيلة متفجرات ومواداً ذات صلة بالمتفجرات.
وقال شيرو انه كان مهتماً في شكل خاص بجهازي توقيت من نوع لم يره ابداً من قبل. وذكر ان أحد هذين الجهازين نُقل الى الولايات التحدة في حقيبة ديبلوماسية. وإثر عودته الى الولايات المتحدة، نقل الجهاز الى مكتب "أي إف تي" لفحصه، ثم طُلب اليه ان يحوّله الى مقر "سي آي أي" في لانغلي في ولاية فيرجينيا. وفي اعقاب لقاء مع الوكالة، تُرك جهاز التوقيت في عهدتها. وحُدّد نوع الجهاز، بالاستناد الى صور فوتوغرافية عرضت على شيرو في المحكمة، بانه من طراز "ميبو إم إس تي -13". وهكذا، تأكد انه كان في حوزة "سي آي أي" قبل سنتين من حادثة لوكربي جهاز توقيت من نوع "إم إس تي -13". وكان الفرق الوحيد هو ان الدائرة الكهربائية المستخدمة في الجهاز الموجود لدى "سي آي اي" ذات وجهين صالحين للاستعمال بينما كانت الكسرة التي عثر عليها في حطام لوكربي من دائرة كهربائية ذات وجه واحد.
لكن القضاة ومحامي الدفاع لم يطلعوا على جانب آخر مهم من المعلومات بحيازة شيرو. فقد التقى في ايار مايو 1993 الصحافي دون ديفرو المعروف بتحقيقاته، وكشف له معلومات كانت ستلقي مزيداً من الشكوك على حجج الادعاء لو انها قدّمت الى المحكمة. وحسب ديفرو، سلّمه شيرو خلال لقاء في مطعم دنيس في سكوتسديل بولاية اريزونا مظروفاً يحتوي بعض الصور الفوتوغرافية الملونة التي كانت مثبّتة على ورقة. واظهر بعضها قطعة من جهاز توقيت، والبعض الآخر أسلحة، فيما عرضت الصور المتبقية المواد التي كان شاهدها في لومي. وما لا شك فيه ان تلك الصور هي نفسها التي عرضت على شيرو خلال افادته في محكمة لوكربي.
ويقول ديفرو ان شيرو ابلغه انه عندما طُلب منه، اثناء عمله مع مكتب "أي إف تي"، تحديد نوع جهاز التوقيت في الصورة الفوتوغرافية، كان متأكداً انه يعرف مصدره. وبدلاً من توريط شركة "ميبو"، قال شيرو ان احدى الشركات في فلوريدا انتجت الجهاز، وانتجته على وجه الحصر ل "سي آي أي". كما ابلغ شيرو ديفرو بانه عندما لفت انتباه موظفين كبار في "أي إف تي" الى هذه المعلومات، تعرض الى التأنيب وعُزل فوراً من الخدمة الفعلية ونقل من التحقيق في قضية لوكربي.
اتصل شيرو اثر ذلك بالسناتور جون ماكاين من اريزونا طلباً للمشورة، بعدما اغضبه موقف مدراء "أي إف تي" وشعر بالقلق على معاشه التقاعدي. والتقى توماس ماكانا، مساعد ماكاين، واطلعه على تفاصيل تحقيقاته في حادث ال "بان آم". وعرّفه ماكانا على تشاك بايرز، وهو منتج "ذخيرة خاصة"، الذي كان يواجه ايضاً مشاكل مع الحكومة الفيديرالية وال "سي آي أي".
واوضح ديفرو لمؤلفي الكتاب ان بايرز وصف كيف انه أخذ في 1994 الصور الفوتوغرافية التي كان شيرو سلّمها له الى معرض تجاري "لا يُسمح بدخوله الاّ بدعوة" ويدور حول "العمليات الخاصة"، عقد في فورت براغ في نورث كارولاينا. وعرض بايرز الصور خلال المعرض على احد المشاركين فيه، دان بيرو، الذي يملك شركة "ماثيوز آند آسوشييتس" للصناعة الالكترونية في فلوريدا. ويدعي بايرز انه سأل بيرو ما اذا كان يستطيع ان ينتج مثل هذه المادة، ورد بيرو قائلاً بان شركته كانت تنتج الجهاز فعلاً. وسأله بايرز عن الجهة التي تنتج شركته لها الجهاز، فقال بيرو "انهم الاشخاص ذاتهم الذين تنتج بضاعتك لهم: وكالة الاستخبارات المركزية".
لكن توقيت هذه الاحداث يعني انه اذا كانت شركة "ماثيوز آند اسوشييتس" انتجت فعلاً جهاز توقيت مماثلاً للجهاز من طراز "ميبو" وزوّدت "سي. آي. أي." به، واذا كان أحد هذه الاجهزة اُستخدم لأي غرض على طائرة ال "بان آم"، فإن من المفترض ان يكون ذلك جرى قبل كانون الاول ديسمبر 1988. وكانت ملكية "ماثيوز آند اسوشييتس" تعود آنذاك الى مؤسسها هيرمان ماثيوز، وانتقلت الى بيرو في 1993. ولا يتذكر بيرو حديثه مع بايرز في المعرض التجاري، لكنه لا ينفي ان اللقاء جرى، خصوصاً ان بايرز احتفظ ببطاقة التعريف بشركته. ورداً على سؤال هل يتذكر ان احداً اطلعه على صورة فوتوغرافية لجهاز توقيت، قال ان اشخاصاً كثيرين يعرضون عليه صوراً لنماذج وان ذلك لن يكون شيئاً غير مألوف ... وارسل مؤلفا الكتاب الى بيرو الصور الفوتوغرافية التي ادعى بايرز انه كان اطلعه عليها. فقال بيرو انه لم ينتج أي شيء مماثل.
وعندما جرى الاتصال بهيرمان ماثيوز، ادعى أنه لم ينتج اطلاقاً أي دوائر كهربائية، او أي شيء آخر، لأي فرع في المؤسسة العسكرية الاميركية. وعلى رغم ان بيرو لم يكن راغباً في التعليق على تصريح ماثيوز، فإنه قال ان "ماثيوز آند اسوشييتس"، تحت ادارة هيرمان ماثيوز، تعاملت بالفعل مع الدوائر الكهربائية وان غالبية هذا العمل اُنجز لوزارة الدفاع الاميركية. وتابع بيرو موضحاً بانه كان يمكن تسلّم طلب لتزويد دوائر كهربائية من دون ان يعرف هو، او ماثيوز، أي شيء عن المستخدم النهائي.
وعندما اتصل بايرز بمكتب المدعي العام الاسكتلندي في شأن هذه المعلومات، اُجريت له مقابلة، بالاضافة الى دون ديفرو، من قبل موظفين في مكتب المدعي العام هما ميريام واتسن ودوغلاس هاردي. وفي بداية هذا اللقاء في اريزونا، طلب بايرز ان يجري تقاسم أي معلومات يقدمها هو أو ديفرو الى الادعاء مع محامي الدفاع. لكن محامي الدفاع يؤكدون ان الإدعاء لم يبلغهم ذلك اطلاقاً. واخذاً بالاعتبار خطورة هذه المعلومات، كان المرء يتوقع ان يُجري الادعاء تحقيقاً دقيقاً في هذه الادعاءات، الاّ انه لم يفعل ذلك.
ووجّه مؤلفا الكتاب الى المدعي العام في اسكتلندا بعض الاسئلة حول الطريقة التي تعامل بها الادعاء مع الادلة التي قدمها تشاك بايرز ودون ديفرو ودان بيرو. ورداً على ذلك، كتب جون لوغ نائب المدعي العام قائلاً: "في دعوى جنائية، تكون الاتصالات بين المدعي العام ومحامي الدفاع سرية. لذا فإنني لست مستعداً لكشف تفاصيل هذه الاتصالات. ومع ذلك، يمكن أن ابلغك بأن كلا فريقي الدفاع في محاكمة لوكربي اُحيط علماً بهوية السيد بايرز وملخص للادلة التي قدمها. وكان احد المحامين الاسكتلنديين الذين يمثلون المتهم الثاني فحيمة قابل حينها بالفعل السيد بايرز. لذا اُتيحت الفرصة للسيد بايرز ان يزود محامي الدفاع أي معلومات كان يشعر بأنها ذات صلة". وإثر تسلمهما رسالة لوغ، عاود المؤلفان الاتصال ببايرز وديفرو وبيرو. واكد بايرز وديفرو ان المحامين الاسكتلنديين لفحيمة لم يتحدثوا الى أي منهما، سواء شخصياً او عبر الهاتف او بأي شكل يمكن ان يعتبر مقابلة.
ووصف المحقق الاسكتلندي وليام ويليامسن كيف انه ومحققين آخرين، بالاضافة الى ألان فيراداي مدير مختبر المفجرات في "دي إي آر أي"، قاموا بزيارة الى مكتب "إف بي آي" في واشنطن وتم اطلاعهم في البداية على صور فوتوغرافية ثم على جهاز توقيت من نوع "إم إس تي - 13" ادعى توم ثورمان، المحقق الجنائي في "إف بي آي"، انه من توغو. وروى ويليامسن بعدئذ كيف انهم ذهبوا اولاً للقاء ادوين بولييه من شركة "ميبو" في 15 تشرين الثاني نوفمبر 1990، برفقة ثورمان وموظفين آخرين في "إف بي آي"، هال هندرشوت وروبرت فانينغ. وخلال تلك الرحلات، اخذت الشرطة الاسكتلندية و"إف بي آي" بعض المواد من مكتب بولييه، بما فيها جهازا توقيت من نوع "إم إس تي -13" والعديد من الدوائر الكهربائية.
ورداً على اسئلة وجهها اليه ريتشارد كين، محامي فحيمة، حول زيارته الى سويسرا، اكد ويليامسن انه عندما وصل الى هناك كان اثنان من مخبري "إف بي آي"، مارشمان وبولكار، يستعدان للمغادرة. وقال في البداية ان ثورمان كان موجوداً، لكنه صحح هذه المعلومة لاحقاً مشيراً الى وجود مارشمان.
وتابع كين اسئلته، مشيراً الى دور ال "سي آي أي" وانها قدمت طلباً الى جهاز الامن البريطاني لتأخير سفر اعضاء لجنة التحقيق الاسكتلندية في حادثة لوكربي الى سويسرا في بداية ايلول سبتمبر 1990. وكانت اللجنة تنوي اللقاء بمسؤولين في الشرطة والاستخبارات السويسرية لمتابعة التحقيق في احتمال ان تكون شركة "ميبو" هي المصنّعة لجهاز التوقيت "إم إس تي -13" الذي اُعتبر آنذاك بأنه يشكل جزءاً من جهاز التفجير المسؤول عن تدمير طائرة ال "بان آم". لكن الطلب رُفض، وتمت الزيارة كما كان مخططاً. لكن مسؤولين من "سي آي أي" التقوا الشرطة والاستخبارات السويسرية قبل يوم من الزيارة التي قامت بها لجنة التحقيق الاسكتلندية وجهاز الامن البريطاني.
وعندما سأل كين "هل كنت مطلعاً على هذه الخطوات لإعاقة او تأخير قيام اعضاء فريق التحقيق الاسكتلندي في لوكربي بالزيارة الى سويسرا؟"، اجاب ويليامسن: "كلا، ابداً ... ليس لدي أي اطلاع اطلاقاً على هذه المعلومات".
"توشيبا": "بومبيت"
وابلغ ألان فيراداي، الذي خلف الدكتور توماس في رئاسة مختبر المفجرات في "دي إي آر أي"، المحكمة بانه تمكن من التثبّت بان قطعاً صغيرة جداً عُثر عليها في حطام ال "بان آم" كانت جزء من جهاز تسجيل راديو - كاسيت من صنع "توشيبا" يُسمى "بومبيت". واولى المدعي العام اهمية كبرى، بالطبع، للدليل "بي تي 35 بي"، وهو قطعة صغيرة جداً من بقايا دائرة كهربائية خضراء زُعم انه جزء من جهاز توقيت "إم إس تي -13" من انتاج شركة "ميبو".
وعندما بدأ محامي الدفاع ريتشارد كين استجواب فيراداي، هاجم فوراً صدقيته بالاستناد الى قضية سابقة وصف فيها القاضي شهادة قدمها فيراداي بانها "دوغمائية تماماً". وكانت شهادة فيراداي آنذاك تتعلق أيضاً بأجهزة توقيت، واثار خبراء آخرون في شهادات أدلوا بها عند استئناف الحكم في تلك القضية شكوكاً كبيرة حول ادعاءاته.
كان فيراداي "مقتنعاً تماماً"، في تقرير اعده بتاريخ 3 شباط فبراير 1989 واُرسل الى كبير المحققين آنذاك جون اور، بان القنبلة كانت داخل جهاز تسجيل راديو - كاسيت من صنع "توشيبا" لونه ابيض، وتوصل الى انه من طراز "آر تي - 8016" او "آر تي - 8026". لكن هذه المعلومات تغيرت عندما أعد لاحقاً تقريراً مع الدكتور هايز، فلم يتغير طراز الجهاز الى "توشيبا آر تي - إس إف 16" فحسب بل تغيّر لونه ايضاً من الابيض الى الاسود.
وقبل ان تنتهي شهادة فيراداي، انتزع المحامي ريتشارد كين منه مؤهلاته الاكاديمية، فاتضح انها ديبلوما HNC في الفيزياء التطبيقية والالكترونيات وحصل عليها في 1962.
عندما استؤنفت المحكمة في 22 آب اغسطس بعد عطلة صيفية مدتها حوالي 3 اسابيع، انتقلت الى ما اطلق عليه الادعاء "فصل هيثرو". ولمح مراقبون كثيرون، من ضمنهم ضباط شرطة سابقون، الى ان تحقيقات الشرطة في مطار هيثرو كانت محدودة جداً. وربما كان احد الاسباب وراء ذلك السرعة التي ركز بها المحققون اهتمامهم على فرانكفورت.
وكان احد الشهود الذين استدعاهم الادعاء العام في 24 آب اغسطس جيم برويك، الذي كان عند وقوع الكارثة المسؤول الامني لاوروبا في شركة "بان آم". وتبيّن عندما استجوبه المحامي بيل تايلور ان احد الركاب على متن الرحلة "بان آم 107" في 21 كانون الاول ديسمبر، التي اقلعت من هيثرو في الساعة 30،1 بعد الظهر في طريقها الى لوس انجليس عبر واشنطن، كان رجلاً ملاحقاً من الشرطة بالارتباط مع خطف السفينة "أكيلي لاورو" في البحر الابيض المتوسط في 1985. كان اسمه ارماد يوسف سعود يوسف، لكنه كان وصل الى هيثرو قادماً من طهران على متن رحلة للخطوط الجوية الايرانية صباح اليوم نفسه تحت اسم علي ناصر ضياء.
وكان جناح شركة الخطوط الجوية الايرانية "ايران أير" محاذياً لجناح "بان آم" في 1988. واُبلغت لجنة التحقيق في حادثة لوكربي، التي واصلت عملها في الفترة 91-1990، بأنه كانت هناك فترة 40 دقيقة بقي خلالها عنبر الشحن "أي في إي 4041" من دون مراقبة. وكان غياب الترتيبات الامنية في قاعة الامتعة في مطار هيثرو موضع تساؤل خلال هذا الفصل من الادلة.
محمد أبو طالب
كان احد شهود الادعاء العام الذين طال انتظارهم هو محمد ابو طالب. فقد كان ينتظر طيلة خمسة اشهر في زنزانة سجنه في السويد ان يُستدعى الى كامب زايست، وبحلول تشرين الاول اكتوبر بدا كما لو ان وقته قد حان. وكان الغموض يكتنف السبب الذي يجعل ارهابياً مداناً يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة في السويد مستعداً للتعاون عن طيب خاطر مع الادعاء العام الاسكتلندي والمثول في محكمة لوكربي؟ هل كان الادعاء العام يرغب في انتزاع إنكار بسيط لتورطه؟ وهل كانوا يحاولون فحسب ان يفسدوا خطة يحتمل ان يلجأ اليها محامو الدفاع؟
الجواب هو نعم ولا. ويمكن لتحركات الادعاء العام والشرطة الاسكتلندية قبل المحاكمة ان تسلط بعض الضوء على السبب وراء إدراج ابو طالب ضمن شهود الادعاء. كان ابو طالب مصدر خطر اساسي بالنسبة الى الادعاء لاسباب عدة، ليس اقلها انه كان اصلاً احد المشتبه بهم الرئيسيين. وتحسباً لاحتمال ان يسعى فريق الدفاع الى توريط ابو طالب، ادرك المدعون انه سيتعيّن عليهم ان يضمنوا منع ما يمكن ان يعطي صدقية لادعاء الليبيين، المقرحي وفحيمة، براءتهما من التهم الموجهة اليهما. في ايلول سبتمبر 1999، اجرى الادعاء العام اول مفاتحة للحكومة السويدية طلباً للمساعدة في الاتصال بابو طالب. كان المطلوب اجراء مقابلة اخرى معه وتدقيق روايته، وبصورة شاملة هذه المرة. وعقدت جلسة استماع مغلقة في استوكهولم في تشرين الاول اكتوبر 1999. ونفى الادعاء العام حدوث هذا اللقاء. لكنه اُصيب بحرج عندما اكتشف ان النظام الليبرالي في السويد يجعل من الصعب ابقاء الامور طي الكتمان.
في غضون ذلك، كان فريق من الشرطة الاسكتلندية يستعد للسفر الى قبرص. وكان الغرض من الزيارة التدقيق في زيارة ابو طالب الى الجزيرة في 1988، وعدم اهمال اي معلومات يمكن ان تعطي ثغرة لمحامي الدفاع.
لماذا كان ابو طالب مستعداً للمجازفة بأن يدلي بشهادته بشأن جريمة كان ينفي دائماً تورطه فيها، رغم ادراكه لما سيكون في انتظاره امام محاميي الدفاع كين وتايلور؟ ربما كان السبب رغبته في الخروج من السجن واعتقاده بان هناك فرصة يمكن الافادة منها. وقد ادرك، عبر لقاءات معه، ان الادعاء يريد منه ان يدلي بشهادته فانتزع ثمناً في المقابل، وهو خفض محكوميته.
كان ابو طالب فشل للمرة الثانية، في وقت سابق عام 1999، في تحديد مدة للحكم الصادر بحقه بالسجن مدى الحياة. وها هو الآن امام فرصة ذهبية قدّمت اليه على طبق. ولم يكن الادعاء مستعداً لمواجهة وضع يتردد فيه اسم ابو طالب كارهابي مدان في المحكمة من دون نفي فعلي يصدر على لسانه. وكان مستعداً لأن يدلي بشهادته ولكن شريطة ان تلبّى طلباته. وعلى رغم ان أي وعود ملموسة لم تعط له، فالارجح انه كان متأكداً بأن تعاونه مع السلطات الاسكتلندية سيكون خطوة ايجابية تماماً تساعد على تحديد موعد لاطلاقه. ...
لا بد ان الإدعاء العام الاسكتلندي ادرك عبر الاتصالات التي اجراها المؤلفان معه بان المعلومات في شأن إغراء ابو طالب ليدلي بشهادته جاءت من مصدر رفيع المستوى لم تكشف هويته داخل النظام القضائي السويدي. وبحسب هذا المصدر، الذي كان زوّد مؤلفي الكتاب معلومات موثوقة على امتداد سنين كثيرة، فإن "مسؤولين اسكتلنديين اكدوا بوضوح، خلال لقاءات، بان شهادة ابو طالب كانت ذات اهمية حاسمة بالنسبة الى الدعوى التي اقاموها ضد الليبيين. ورغم عدم استعدادهم للدخول في أي صفقة رسمية مع ابو طالب، وافق مسؤولون سويديون متفهمون لمأزق نظرائهم الاسكتلنديين على تقديم عروض معينة لأبو طالب".
"وثيقة غُبن"
واوقف تقدم ابو طالب الى منصة الشهود في شكل مفاجيء عندما طلب المدعي العام في اسكتلندا في 9 تشرين الاول اكتوبر تأجيل جلسات المحكمة، موضحاً ان الادعاء "تسلم بعد ظهر الاربعاء 4 تشرين الاول اكتوبر معلومات معينة من بلد اجنبي، ليس الولايات المتحدة، ذات صلة بالادلة في هذه القضية". واضاف "اُطلعت على هذه المعلومات يوم الخميس واصدرت تعليماتي باجراء تحقيقات. وقد اُجريت تحقيقات على مستوى رفيع جداً ... والاشياء التي تثيرها هذه المعلومات هي على قدر من التعقيد وتمتاز بحساسية كبيرة. وهي لا تتعلق بموقف الادعاء العام بل بموقف الدفاع".
عُلّقت جلسات المحكمة اثر هذا الاعلان لمدة ثلاثة اسابيع. وشهدت هذه الفترة انتقال فريق الدفاع الى النروج والولايات المتحدة، وتركز الاهتمام على وثيقة اصبحت تُعرف ب "وثيقة غُبن". وبدا واضحاً ان مكتب المدعي العام في اسكتلندا يتعامل مع "وثيقة غُبن" أياً كان مصدرها بجدية بالغة وكان بحاجة الى وقت للتحقيق في شأنها. وادرك الادعاء ان المعلومات التي تضمنتها الوثائق قد تلحق أذى كبيراً بموقفه وفرض تعتيماً اعلامياً صارماً على التحقيقات التي يجريها. وتلقى المؤلفان تقريراً عن تحرك جديد للشرطة الاسكتلندية في الولايات المتحدة وفي ما وصف في البداية بانه بلد "اسكندينافي".
بعد حوالي اسبوعين من تعليق جلسات المحكمة بدأت التفاصيل عن البلد الاسكندينافي تتضح. واكدت تحقيقات اجراها صحافي نرويجي، كيتيل ستورمارك، ان البلد المعني هو النروج. وتبيّن ان مجموعة من طالبي اللجوء من سورية، تربطهم جميعاً صلات سابقة ب "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" إما بشكل مباشر أو عبر علاقة زوجية، قدمت معلومات الى جهاز الامن النرويجي "بي او تي". ونقلت هذه المعلومات الى جهاز "الفرع الخاص" البريطاني استخبارات اسكتلنديارد الذي نقلها بدوره الى المدعي العام في اسكتلندا.
كانت احدى الشخصيات المثيرة للاهتمام التي وصلت الى اوسلو من دمشق مواطنة صربية تدعى ميروسلفا غلوبوفيتش، ارملة مبدي غبن الذي كان احد العناصر الارهابية في تنظيم "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" وتولى ادارة المقر الآمن في كروشيفاتش في يوغوسلافيا الذي جرت مداهمته بعد وقت قصير على عملية "اوراق الخريف". وتمكن غُبن من الافلات، لكن الشرطة عثرت بين الحاجيات التي تركها وراءه على "سيمتكس" وصواعق. كانت غلوبوفيتش متوارية في النروج باستخدام هوية جديدة زوّدها بها جهاز الامن النرويجي. ووصلت الى اوسلو وهي تحمل وثيقة مطبوعة باللغة العربية، أملاها غبن حسب ما زُعم، تتضمن معلومات عن الفترة التي امضاها في "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" وبعض الادعاءات المثيرة التي ستعرّض الى خطر بشكل جدي، اذا امكن تأكيدها، اتهامات الادعاء ضد المقرحي وفحيمة.
إدعى غبن بأن قنبلة لوكربي زرعت في حقيبة الراكب خالد جعفر، من دون علم الاخير، من قبل ارهابي يستخدم الاسم المستعار "ابو الياس". وكانت تقارير سابقة في وسائل الاعلام اوردت اسم الياس، لكن غُبن ادعى ان هذا الرجل لم يكن سوى أحد اقرباء احمد جبريل. وكشفت تحقيقاتنا ان الرجل المعني يعيش حالياً في الولايات المتحدة ولديه جنسية اميركية وانه معروف ل "إف. بي. آي." ومن المحتمل لل "سي آي أي". وهو ينفي أي تورط في التفجير.
كانت ادعاءات غبن جدية لدرجة تكفي لجعل فريق الدفاع عن المقرحي يطلب توجيه رسالة رسمية الى الحكومة السورية لطلب مساعدتها في الحصول على ثلاث صفحات مفقودة من الوثيقة. ورفض السوريون استجابة الطلب، موضحين ان "الجبهة الشعبية - القيادة العامة والحكومة السورية ليسا الشيء نفسه تماماً".
حاول مؤلفا الكتاب ان يعرفا مكان غلوبوفيتش وبقية طالبي اللجوء خلال تحقيق في النروج، لكن جهاز الامن النرويجي، الذي قام بتغيير اماكن سكنهم في اليوم الذي وصلنا فيه الى اوسلو، ابلغنا ان "لا تعليق" لديه بهذا الشأن. واكد مصدر رفيع المستوى في الشرطة السويدية انه كان ملماً بهذه العملية لان احد اعضاء "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" كان طلب اللجوء في السويد. لا يُعرف عدد اعضاء هذا التنظيم الذين فروا الى الخارج وبحيازتهم معلومات في ما يتعلق بطائرة ال "بان آم". وتتعارض أي معلومات يدلي بها هؤلاء، وتؤدي الى المزيد من التوريط العلني ل "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" في تفجير لوكربي، مع موقف الولايات المتحدة الرسمي الذي اعتبر انها "عملية نفذتها الحكومة الليبية من البداية الى النهاية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.