نجم يكشف أسرار منكب الجوزاء    سوري يشتري عملات ويسلمها للمتحف    مجسات ذكية لراحة مرضى السكري دون ألم    أسباب وعواقب إدمان الحلويات    لماذا غسل الدجاج غير مستحب    فريق التنسيق الآسيوي يبدأ زيارته الرسمية إلى الرياض لمتابعة التحضيرات القارية    أوبك تحذر من خطورة تداعيات فقر الطاقة وتضع الحلول    النفط ينخفض مع تزايد مخاوف الطلب على الوقود    تنفيذاً لتوجيهات سمو ولي العهد.. منتدى استثمار (سعودي – سوري) في دمشق    بريطانيا تدرس فرض عقوبات على إسرائيل.. السعودية ترفض منع المساعدات واستهداف المدنيين الفلسطينيين    ترحيب سعودي ببيان الشركاء الدوليين المطالب بإنهاء الحرب على غزة    " السيبراني" يحذر: ثغرات أمنية في منتجات Synology    أكد وجود انتهاكات جسيمة.. لجنة تقصي الحقائق تسلم تقريرها للرئيس السوري    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة عبدالرحمن بن فرحان    عزز صفوفه بالخيبري.. الأهلي يشارك في السوبر بديلاً للهلال    النصر يتراجع عن صفقة هانكو.. ويخسر الجابر    المملكة وبريطانيا تبحثان تعزيز التعاون الأمني    جذور العدالة    أكد دعم سوريا لضمان أمنها واستقرارها.. مجلس الوزراء: السعودية تدعو لاتخاذ قرارات عملية أمام التعنت الإسرائيلي    استطلاع عدلي.. "تطوير خدمة المستفيدين" أولوية    "صواب" تحتفي بمتعافي الإدمان    إطلاق جمعية سقيا الماء بجازان    "البيئة": تمديد مهلة رخص مياه الآبار لمدة عام    مجلس الوزراء يدعو المجتمع الدولي لسرعة اتخاذ قرارات عملية أمام التعنت الإسرائيلي    أمير حائل يكرم «طبيباً استشارياً»    المنتخب السعودي يشارك في أولمبياد الأحياء الدولي    وزير الداخلية يلتقي منسوبي الوزارة المبتعثين في بريطانيا    اختتام تدريب الخطباء بتبوك    منسوبات واعي يطلعن على مركز التراث وبيت الحرفيين بجازان    منع الفنان راغب علامة من الغناء في مصر    سبعة آلاف طفلٍ في مركز ضيافة المسجد النبوي    حكمي.. قصة تحدٍ ملهمة في عالم التوحد وحفظ القرآن    دينية الحرمين توقع اتفاقية تعاون لبرامج نوعية    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    11 معياراً أساسياً لقياس الأداء.. الطيران المدني: مطار الملك خالد الدولي الأول في نسبة الالتزام ب 82 %    إطلاق كود"البنية التحتية" بمنطقة الرياض بعد 15 يوماً    «بدر الجنوب».. وجهة تنتظر الاستثمار    "هلال مكة" يفعل مساراته الطبية الإسعافية القلبية والدماغية    155 ألف مستفيد من خدمات مستشفى ينبع    تداول يفقد 137 نقطة    السعودي محمد آل نصفان يحقّق إنجازاً تاريخياً في الاسكواش العالمي    الإسناد نموذج تشاركي يعزز جودة الخدمات    جولة أمير جازان ترسم ملامح المستقبل والتنمية في فيفاء والعيدابي    المَملكة ترفُض المَساس بأمن ووحدة سُورية    ميلان يتعاقد مع المدافع الإكوادوري إستوبينان    نبض العُلا    جمعية اللاعبين القدامى بالشرقية تكرّم المدرب الوطني حمد الخاتم    قوميز يستأنف تدريبات الفتح ويُطلق أولى ودياته المحلية لرفع الجاهزية    عراقجي: لن نتخلى عن تخصيب اليورانيوم    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة فيفاء    الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي لكسر حصار غزة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل رئيس ووكلاء جامعة جازان    فيصل بن مشعل يرعى توقيع اتفاقية دعم "أهالي البكيرية الوقفية" لبرنامج المدينة الصحية    البيئة تعلن تمديد مهلة الحصول على رخص استخدام مياه الآبار لمدة عام    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    تقنية تحسن عمى الألوان    المفتي يطلع على أعمال جمعية البر    رئيس باكستان يمنح رئيس أركان القوات البحرية وسام "نيشان الامتياز" العسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفى في حديث الى "الحياة" استلام حركته أموالاً اميركية واعتبر المهدي سفيراً متجولاً للحكومة . قرنق : سنسيطر على كل حقول النفط وحكومة البشير تتحمل مسؤولية الخسائر
نشر في الحياة يوم 17 - 06 - 2001

} قال زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" الدكتور جون قرنق انه يُحمّل الحكومة السودانية مسؤولية أي خسائر قد تنجم عن العمليات العسكرية التي تشنها قواته على حقول النفط في جنوب السودان، بما في ذلك الشركات الاجنبية وعمالها.
وجدد تمسكه، في حديث اجرته معه "الحياة" في اسمرا بضرورة وقف كل العمليات التي تقوم بها الحكومة للتنقيب عن النفط واستخراجه قبل التزامه وقف النار.
وانتقد قرنق في حديثه عشية انعقاد اجتماع هيئة قيادة "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض في اسمرا، زعيم حزب الأمة السيد الصادق المهدي. وقال: "انه يفتقد وسائل الكفاح" لاسقاط الحكومة، وان عليه ان يكون في صف المعارضة لمواجهة الحكومة أو ان يأتي ضمن وفد الحكومة "ونواجهه كجزء من الحكومة".
واكد قرنق ان قواته ستواصل هجماتها المضادة في كل جنوب السودان وجبال النوبة وعلى الجبهة الشرقية، وانه واثق من ان قواته ستسيطر على حقول النفط.
وفي ما يأتي نص الحديث:
نفذتم خلال الشهر الجاري هجمات عدة في مناطق بانتيو وبحر الغزال، الى أين يتجه الوضع العسكري الآن على الجبهات، وهل هو فقط في اطار الهجمات التي تشنونها مع بداية موسم الأمطار؟
- ما نفعله الآن هو هجمات مضادة، فالحكومة بدأت هجمات موسم الجفاف في 25 تشرين الأول اكتوبر الماضي عندما نفذت عمليات عسكرية ضد قواتنا في راساي الواقعة في منطقة همنشكوريب في شرق البلاد، واستمرت هذه الهجمات حتى نهاية الشهر الماضي.
وإذا راجعت التقارير الاعلامية الغربية والعربية التي نقلت أجواء المعارك عن الجبهة الاسلامية مع بداية هجمات موسم الجفاف، فإنك سترى أنباء من نوع ان القوات الحكومية ستزيل مواقع الحركة، وان الحكومة ستحسم المعركة. لكن ما فعلناه كان مقاومة هذه الهجمات في شرق السودان حيث تسيطر قوات "التجمع الوطني"، فانسحبنا من همشكوريب وسيطرنا على كسلا. ثم نقلت الحكومة عملياتها الى بحر الغزال في الجنوب وحاولت في شباط فبراير الماضي الاستيلاء على غوغريال وصدت كما فعلنا لاحقاً في ولاية النيل الأزرق. وكذلك لم تنجح هجماتهم في جبال النوبة والتي بدأت في تشرين الثاني الماضي، وتكثفت في عملية كبيرة بدأت في 22 ايار مايو الماضي وانتهت في الثاني من الشهر الجاري. وفي هذه العملية الأخيرة شنوا هجمات من خمسة محاور بهدف طردنا نهائياً من جبال النوبة من خلال سيطرتهم على مدينة كاودا الاستراتيجية التي زرتها بنفسك بعد فشل الهجمات التي اطلق عليها أبناء جبال النوبة اسم "حرب الأيام ال12" واثبتوا فيها مقاومتهم وربحوا المعركة.
وفي منتصف ايار مايو مع انتهاء موسم الجفاف بدأت هجماتنا المضادة فرفعت الحكومة العلم الأبيض وطالبت بوقف نهائي وشامل لاطلاق النار بعدما هزمناها في الهجمات الصيفية. وكان ذلك حقنا الطبيعي في ان ندافع بهجمات مضادة وسنواصل عملياتنا في بحر الغزال ومناطق النفط وفي كل مكان.
الحكومة تحدثت عن وجود مرتزقة أجانب قاتلوا الى جانبكم في بحر الغزال.
- هذا ليس صحيحاً، والصحيح هو اننا هزمناهم القوات الحكومية ويحاولون ايجاد سبب لهزيمتهم التي حصلت ببساطة لأنهم يقاتلون شعبهم، ولا أحد بات يصدق كل الشعارات التي رفعوها مثل المشروع والجهاد وغير ذلك ونحن مستعدون لاستقبال أي جهة تريد التحقق في الادعاءات الحكومية في أي وقت وفي أي مكان.
المساعدات الاميركية
اكدت تقارير عدة حصولكم على 10 ملايين دولار وحصول "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض على ثلاثة ملايين دولار من الحكومة الاميركية. هل تدخل هذه المساعدات في اطار المجهود الحربي لهجماتكم الأخيرة ضد القوات الحكومية؟
- سمعنا كغيرنا عن هذه المبالغ، وليس صحيحاً انها ستمنح ل"الحركة الشعبية لتحرير السودان" أو الى جناحها العسكري "الجيش الشعبي". ولكن علمنا انها ستمنح ل"التجمع الوطني الديموقراطي"، وطبعاً فإن "الحركة" و"الجيش" جزء من "التجمع". وحتى هذه اللحظة لم يصل أي شيء من هذا المبلغ.
لكنكم تبلغتم عن تخصيص هذه المبالغ لكم.
- لم نتبلغ رسمياً، بمعنى ان حكومة الولايات المتحدة لم تكتب الى "التجمع الوطني" في هذا الشأن، كما لم يجتمع الطرفان للبحث في مسألة هذه الأموال، لكن المعلومات عن هذا الموضوع موجودة ولا علاقة لها بالهجمات المضادة التي ننفذها في الجنوب، وانما تأتي في اطار ما يسمى ب"مبادرة صنع السلام في السودان" وهي مساهمة من الولايات المتحدة الى "التجمع الوطني" لدعم امكانات السلام عموماً في البلاد بما في ذلك المواصلات ومكاتب الخدمات والمؤتمرات التي تبحث في السلام وغير ذلك، وهي قضايا لم يتم البحث فيها حتى الآن.
والانباء التي ترددت عن حصول "الحركة الشعبية" على أموال من الولايات المتحدة هي دعاية. فهذه الاموال ستمنح الى "التجمع" عندما تصل، لكنها لم تصل حتى هذه اللحظة.
الدين والدولة
يبدو انك نسفت أي احتمال للسلام في قمة "السلطة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف" ايغاد الاستثنائية عن السودان التي عقدت مطلع الشهر في نيروبي، اذ ربطت وقف النار بوقف الحكومة انتاج النفط، كما عرضت مشروع الكونفيديرالية مجدداً وأنت تعرف ان الحكومة ترفضه كما ترفض وقف انتاج النفط.
- عرضنا اقتراحين في القمة، الأول يتعلق برؤيتنا لتقدم عملية السلام في اطار "ايغاد"، والثاني عن الدعوة لوقف شامل ونهائي لإطلاق النار. وموضوع الكونفيديرالية تم تفسيره خطأ عندما عرضنا اقتراحنا الأول، لذلك سأذكر خلفية هذا الموضوع.
يوجد في "ايغاد" المكلفة الملف السوداني لجنة لتنظيم الفترة الانتقالية، واخرى سياسية مكلفة البحث في ثلاثة بنود استناداً الى "اعلان المبادئ" المنبثق عن "ايغاد". وينص البند الأول على ان مشكلة الحرب في جنوب السودان يجب ان تحل سلمياً. وثمة اتفاق بين طرفي النزاع في شأن هذا البند. في حين ينص البند الثاني على تقرير المصير لجنوب السودان، والثالث على العلاقة بين الدين والدولة، ويتفرع من هذا البند سبع فقرات تركز على اعطاء الأولوية لوحدة السودان استناداً الى فصل الدين عن الدولة.
وترى "ايغاد" انه حتى يكون السودان موحداً يجب الفصل بين الدين والدولة، واذا لم يتفق الطرفان على هذا البند، عندئذ يحق لشعب جنوب السودان، استناداً الى "اعلان المبادئ" تقرير مصيره.
قلنا في القمة، ان اللجنة السياسية التي كانت تناقش هذا البند منذ العام 1999 انهت عملها ولم يستطع الطرفان الاتفاق على مسألة العلاقة بين الدين والدولة ما أعاق التقدم نحو تنفيذ بقية بنود "اعلان المبادئ"، فحكومة الجبهة السودان الاسلامية متمسكة بدولة دينية وتطبيق الشريعة وعدم فصل الدين عن الدولة، ونحن لا نقبل بتطبيق الشريعة. وحاولنا في القمة طرح مسألة كيف يمكن ان نتقدم نحو السلام في ضوء تمسك الجبهة الاسلامية بمواقفها، وخلصنا الى ان اصرار الجبهة على عدم فصل الدين عن الدولة يعني انها تسعى الى دستور خاص بها يعتمد الشريعة، الأمر الذي يفرض علينا اعتماد دستور خاص بنا نفصل فيه بين الدين والدولة. والسبب وراء ذلك هو خلافنا على مسألة العلاقة بين الدين والدولة. وبالتالي فإن "الحركة الشعبية" لم تطرح الكونفيديرالية ووضع دستورين منفصلين وتقسيم البلاد، بل الجبهة الاسلامية هي التي فرضت هذا المشروع التقسيمي عبر إصرارها على عدم فصل الدين عن الدولة. والخيار البديل أمامنا في هذه الحال هو استسلامنا للجبهة الاسلامية، وهو الأمر الذي لن يحصل.
لذلك لا أرى أي امكان لحسم هذا الخلاف الذي نبحث فيه منذ سبع سنوات عندما تسلمت "ايغاد" ملف السودان، كما ان اللجنة السياسية ركزت عملها على مناقشة الخلاف ذاته منذ 1999. واذا استمرت على هذا المنوال سنوات اخرى، فإننا لن نصل الى نتائج مختلفة. وفي ضوء ذلك، فإن أي مراقب يمكن ان يستنتج بأن التقدم في المفاوضات نحو حل شامل يعني ايجاد دستورين منفصلين.
البشير رفض لقائي
ماذا كان رد الرئيس السوداني عمر البشير على ذلك، ولماذا لم تبحث هذه المسألة معه مباشرة؟
- أولاً، لا أعرف موقفه، ويمكنك ان تسأله. ثانياً، طلب مني الرئيس الكيني دانييل اراب موي وقتذاك لقاء البشير فوافقت فوراً. وبعدما رُفعت الجلسة عدت الى غرفتي وانتظرت دعوتي الى اللقاء، لكن بدلاً من ذلك تبلغت رسمياً ان البشير رفض الاجتماع معي. وكنت اشترطت للاجتماع معه وجود طرف ثالث، لأن هؤلاء الناس في الجبهة كذابون. وربما في حال التقيته البشير منفرداً فإني لا استبعد ان ينقل عني كلاماً لم أقله ولا استطيع نفيه الا في حال كان هناك طرف ثالث في اللقاء.
يبدو أن عرضكم مشروع الكونفيديرالية احدث ارباكاً داخل "التجمع الوطني" واعتراض من احد أطرافه، ما يعني غياب التنسيق في هذا الأمر، اضافة الى ان المشروع مثير للجدل.
- لا توجد اي مشكلة مع حلفائنا، واذا كان ثمة مشكلة فسنحلها داخل "التجمع". والكونفيديرالية ليست فكرة جديدة، عرضناها للمرة الأولى في أبوجا ثم طرحناها داخل "ايغاد" وبعد ذلك في القاهرة العام 1997 بصراحة تامة، واشرنا الى الخطوط المقترحة على خريطة في محاضرة وكتاب عن الموضوع.
الحقيقة ان "الحركة الشعبية" لم تفرض طرح مشروع الكونفيديرالية وانما حكومة الجبهة الاسلامية كما ذكرت سابقاً، وذلك من خلال اصرارها على دولة دينية حيث يستند الدستور الى الشريعة. لذلك فإن الكونفيديرالية جاءت لحل مشكلة أوجدتها الحكومة.
نحن ندعو الى سودان جديد، وما زال هدفنا سودان موحد يكون فيه جميع المواطنين متساوين في ظل قانون يفصل الدين عن الدولة، هذا تعريفنا للسودان الجديد الذي نلتزم وحدة شعبه وترابه. لكن المفاوضات مع الحكومة اظهرت تمسكها بالدولة الدينية، وكان الطريق الوحيد للخروج من هذا المأزق كحل تفاوضي سلمي هو ايجاد ترتيب كونفيديرالي يشمل دستورين منفصلين احدهما لحكومة الجبهة وهذه وسيلة تفاوضية.
وإذا لم يحصل ذلك من خلال التفاوض فإن الحرب ستستمر الى ان تهزمنا الجبهة الاسلامية وتفرض دولتها الدينية أو ان نهزمها ونفرض السودان الموحد. وهذا التوجه ليس ضد الاسلام كما يفترض البعض خطأً، اذ لدينا في "الحركة الشعبية" عدد كبير من المسلمين قادة واعضاء، كما انه ليس ضد اثنية معينة.
وقف النار... وقف النفط
وماذا عن اشتراطكم ان توقف الحكومة انتاج النفط في مقابل التزامكم وقف النار؟
- الحكومة تدعو الى وقف دائم وشامل لإطلاق النار لأسباب سياسية ودعائية، ونحن نرغب في وقف النار، لكن الدعاية الحكومية تعمل على اظهارنا الجهة التي ترفض، في حين ان شعبنا في جنوب السودان وشرقه وفي جبال النوبة يعاني من القصف الحكومي، ما يجعلنا لا نتردد في الدعوة الى وقف النار لأنها في مصلحتنا كحركة وفي مصلحة الشعب السوداني الذي يريد انهاء الحرب. ولأن الحكومة تستخدم دعوتها وقف النار للدعاية، وضعناها أمام اختبار في قمة "ايغاد" عبر تأكيد مواقفنا في هذا الشأن، وهي ان وقف النار يجب ان يكون جزءاً من الحل السياسي الشامل، وهو أمر منطقي. بعد التوصل الى اتفاق سياسي يتوقف اطلاق النار. وهذا وارد في البند السادس من "اعلان مبادئ ايغاد". لكن اذا كانت الحكومة راغبة الآن وجادة في وقف دائم وشامل لاطلاق النار فإننا نوافق فوراً. لكن ذلك يعني استناداً الى "اعلان المبادئ" انه لن يكون هناك ترتيبات انتقالية أو فترة انتقالية. لذلك نطلق على هذا الوضع "فترة انتقالية صفر" لأنه اذا كانت الحكومة تريد وقفاً نهائياً وشاملاً لاطلاق النار من دون اتفاق، فلماذا وعلى ماذا تفاوض اذاً؟
وهذه الدعوة الحكومية اذاً تعني استناداً الى "اعلان مبادئ ايغاد" القفز فوق البنود الاخرى ل"الإعلان" للوصول الى بند وقف اطلاق النار. وفي هذه الحال، يجب عقب ذلك مباشرة اجراء الاستفتاء على حق تقرير المصير. لذلك اطلق عليها "فترة انتقالية صفر". لكن ذلك يستوجب ايضاً ايجاد آلية دولية لإجراء عملية الاستفتاء، ونحن بدورنا ندعو الى هذه الآلية وفقاً لرغبة الحكومة. وهذا لا يعني اننا نرفض وقف النار، لكننا نشرح ماذا تعني دعوة الحكومة الى وقف النار ونوافق على ذلك في اطار "اعلان المبادئ".
مراقبون دوليون
وإذا كان هذا هو السيناريو الذي تريده الحكومة، فيعني انه يجب ان يكون هناك فصل بين قوات الطرفين وانسحابهما خلف خطوط متفق عليها وتكون بينها منطقة عازلة يقيم فيها مراقبون دوليون ونحن مستعدون للجلوس الى طاولة مع الحكومة للاتفاق على هذه الخطوط واعادة نشر قواتنا.
ولكي تظهر الحكومة حسن نياتها وانها لا تلعب بعواطف المجتمع الدولي، فعليها ان ترفق اعلانها وقف النار بقبولها وجود مراقبين دوليين، ثم البدء في اجتماعات للفصل بين القوات واعادة نشرها خلف المنطقة العازلة التي يتم الاتفاق عليها، ونحن نقترح في هذا الشأن الخط ال12 المتوازي، وان تكون قواتنا جنوب هذا الخط في حين تنتشر القوات الحكومية شمال الخط 13 المتوازي، وتنتشر القوات الدولية بين الخطّين 12 و13.
الى ذلك، واستناداً الى ما قاله الرئيس موي في كلمة افتتاح قمة "ايغاد" عن ان وقف النار يعني وقف قتل الناس، فإننا نقول ان الناس في الجنوب وجبال النوبة لا تقتل فقط باسلحة مثل الكلاشنيكوف وقذائف الهاون والمورتر، لكن النفط ايضاً سلاح قاتل. وانت زرت منطقة بانتيو حيث احرق عدد كبير من المنازل وتهجر اكثر من مئة الف مواطن من بلداتهم في تلك المنطقة على ايدي قوات الحكومة من اجل التنقيب عن النفط.
من هنا اذا أرادت الحكومة وقف النار فعليها ان توقف اي وسيلة تقتل الناس بما في ذلك النفط. وعندما ندعو الى وقف نهائي وشامل للنار، فإن ذلك يجب ان يترافق مع وقف نهائي وشامل للنفط. ويعني ذلك وقف التنقيب عن النفط واستخراجه كجزء من عملية وقف النار. النقطة الاخيرة في هذا الموضوع هي انه لا معنى لأي حديث عن وقف نهائي وشامل لاطلاق النار من دون مشاركة "التجمع الوطني الديموقراطي" فالحرب ليست فقط بين حكومة السودان و"الحركة الشعبية" فهنالك ايضاً قوات "التجمع" التي تقاتل على الجبهة الشرقية بين كسلا وبورتسودان.
احدى شركات النفط العاملة في جنوب السودان اكدت اخيراً انها ستواصل العمل في انتاج النفط، هل ما زال تهديدكم سارياً لهذه الشركات التي تعتبرونها اهدافاً عسكرية مشروعة؟
- اولاً لسنا نحن الذين نهددهم، فهم الشركات النفطية الذين يهددوننا من خلال مواصلتهم التنقيب عن النفط وتهجير اكثر من مئة الف من سكان المناطق التي ينقبون فيها. وطالما هم يهددوننا بالنفط فسنواصل المقاومة، وما زلنا نعتبرهم اهدافاً شرعية، بل نعتبرهم مرتزقة يعملون لمصلحة نظام الجبهة الاسلامية.
حقول النفط
كنت ذكرت ل"الحياة" قبل فتح اول بئر نفطية انك ستمنع ذلك، ومرت سنوات عدة على بدء انتاج النفط وباتت هناك عشرات الآبار ولم تقفلها، لماذا؟
- السبب بسيط. توجد في المنطقة النفطية ميليشيات حكومية، وهي في الحقيقة كانت جزءاً من "الحركة الشعبية" وانشقت عنها لتتحالف مع الحكومة التي استخدمتها لتوفير غطاء لحقول النفط منذ بداية عملية التنقيب. وواصلت الحكومة عمليات التنقيب في ظل حماية تلك الميليشيات التي لم تعد هناك اليوم، باستثناء قلة مثل قوات باولينو ماتيب. لكن العدد الاكبر من هذه الميليشيات انضم مجدداً الى الحركة مثل قوات بيتر غاديت في منطقة بانتيو وحديثاً مايكل توت في فانجانك اللذين زرت مناطقهما. وهؤلاء في الحقيقة كانوا يوفرون الحماية لحقول النفط التي تحتاج الى جيوش ضخمة لضمان امنها. وهذه الجيوش تقاتل اليوم الى جانبنا، وانا واثق من اننا سنطرد القوات الحكومية التي طردت السكان من مناطق الحقول النفطية.
هل يعني ذلك انك ستسيطر قريباً على حقول النفط؟
- نعم، يمكن ان تتوقع ذلك، لكن لا استطيع ان اقول لك متى، لكن سنطردهم القوات الحكومية حتماً، وليس لديّ ادنى شك في ذلك، ونحمّل الحكومة مسؤولية اي خسائر يمكن ان تحصل للحقول او لعمال النفط والشركات التي تعمل هناك.
المهدي والسلام الشامل
زعيم حزب الأمة السيد الصادق المهدي قال في حديث الى "الحياة" بعد اجتماعه معكم في ابوجا الشهر الماضي انه عرض امامكم ثلاث نقاط للسلام، وان "الحركة الشعبية" لم تقرر بعد التجاوب مع السلام والحل السياسي الشامل، وتفكر في مواصلة الضغط الحربي لفرض برنامجها على البلاد.
- هذا ليس صحيحاً، فنحن نتجاوب مع مبادرات السلام كما نطرح مشاريع للسلام. واعتقد بداية انه المهدي ليس في موقع يسمح له برعاية اي مبادرة سلمية او صنع السلام، فهو خسر هذه الفرصة منذ العام 1986 عندما كان رئيساً للوزراء وكانت لديه السلطة آنذاك. وحالياً فإن السلطة في ايدي البشير والجبهة الاسلامية ونحن نتكلم معهم ونتجاوب مع مبادرات السلام ونعرض اقتراحات ونتفاعل مع ما يُطرح. والكونفيديرالية التي تحدثنا عنها الآن هي تفاعل من اجل السلام.
وليس صحيحاً اننا نلتزم الحل العسكري، فلدينا في "التجمع" اربع وسائل لتحقيق السلام هي:
1- الانتفاضة التي استخدمت من قبل واكدت نجاحها العام 1964 في اطاحة نظام الفريق عبود الديكتاتوري، وفي العام 1985 لاطاحة نظام الرئيس جعفر نميري.
2- الكفاح المسلح الذي نمارسه حالياً في الحركة و"التجمع".
3- الضغوط الدولية ضد النظام.
4- التفاوض لايجاد حل سلمي.
ونحن نلتزم كل هذه الوسائل وناقشناها مع المهدي عندما كان عضواً في التجمع واختلفنا معه في شأن الكفاح المسلح الذي اعلن رفضه له، فسحب قواته وذهب الى الخرطوم. لذلك فلا يمكنه المشاركة في الكفاح المسلح، كما لا يمكنه تنفيذ انتفاضة لوحده، فحزب الامة لا يستطيع منفرداً تحقيق اهداف الانتفاضة من دون مشاركة اطراف "التجمع". لذلك فان المهدي يفتقد هذه الوسائل للكفاح. اما عن الضغوط الدولية فهو يتحدث الآن باسم النظام، وصار شائعاً وصفه بأنه السفير المتجول للحكومة السودانية وجاء الى لقاء ابوجا في هذا الاطار.
في حال حصول مفاوضات بين المعارضة والحكومة، فأين سيجلس الصادق المهدي، هل مع الوفد المعارض ام مع الوفد الحكومي ام في الوسط وليس هناك وسط؟
اما عن ابوجا واقتراحات الصادق المهدي، فهو اما ان يكون مع المعارضة ويواجه الحكومة بعرض سلمي، او ان يقف الى جانب الحكومة.
وفي هذه الحال عليه ان يأتي مع الوفد الحكومي ونواجهه كجزء من الحكومة ولكن عندما يحمل الآن الحلول الثلاثة التي ذكرتها، فإن لا تأثير لها على الوضع السياسي.
... وعودته الى "التجمع"
لكنكم اتفقتم مع حزب الامة بعد اجتماع "ابوجا" على تشكيل لجان متابعة!
- صحيح، ويفترض ان نجتمع مجدداً في ابوجا في 25 من الشهر الجاري. ومن وجهة نظرنا، فان اللقاء سيبحث في احتمالات عودة حزب الامة الى "التجمع" ونحن نشجع على ذلك ونعقد ان "الامة" حزب مهم ومفيد للمعارضة. وموقعه الصحيح ليس الى جانب الحكومة بل في صف المعارضة. ونحن نرحب بمناقشة موضوع سبل عودة حزب الامة الى المعارضة ومستقبل بلدنا عموماً.
عودة رياك مشار؟
هل تعتقد ان القيادي السابق في "الحركة الشعبية" المنشق عنها رياك مشار سيعود الى صفوفكم بعدما انهى اتفاقه مع الحكومة وبعدما عادت معظم قواته الى "الحركة". وهل ثمة اتصالات معه؟
- قنوات الاتصال معه مفتوحة وجارية. وانضم الينا معظم اعضاء اللجنة التي شكلها لتتفاوض معنا.
وغالبية قواته التحقت مجدداً ب"الحركة الشعبية"، خصوصاً في اولد فانجانك التي كانت احدى اكبر قواعده في المنطقة والتي زرتها بنفسك، وصارت اليوم تحت قيادة "الحركة" بعد الاتفاق الاخير مع اعضاء اللجنة وتركنا الباب مفتوحاً امامه ويمكنه المجيء في اي وقت وانا مستعد للقائه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.