نائب أمير الشرقية يستقبل وزير البيئة والمياه والزراعة ورئيس اللجنة الوطنية للجان العمالية    أمير الرياض يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    هيونداي موتور تكشف عن حملتها الجديدة أنت أساس التقدم بعد انتشار المرايا الغامضة في مختلف مدن المملكة    تقنية البنات بالأحساء تطلق المسابقة الوطنية للأمن السيبراني    أمير الشرقية يُدشّن ويضع حجر أساس 122 مشروعًا بيئيًا ومائيًا    الرافع يكرم الفائزين والفائزات بجائزة الاميرة صيته بنت عبدالعزيز    95 لوحةً فنية ترسم مشاعر طلبة تعليم مكة المكرمة باليوم الوطني    الشورى.. توصيات بدعم التمويل الجماعي وتوظيف الحلول الرقمية لتلبية الاحتياجات التمويلية    الأحوال المدنية تتيح إصدار بطاقة هوية وطنية بدل مفقود عبر "أبشر"    بن شفلوت يرعى إحتفال اليوم الوطني في أحد رفيدة    مدرب نيوم : فوز مهم وسعداء بالنقاط الثلاث    تشكيلة الجولة الرابعة من دوري روشن    جامعة الإمام عبدالرحمن أول سعودية تحصد الاعتماد الدولي من الكلية الملكية بكندا    إرادة بالرياض: الصيدلة شريك محوري في تعزيز الصحة النفسية رغم التحديات    الاتحاد ينهي التعاقد مع المدرب لوران بلان    مستشفيات د. سليمان فقيه ضمن قائمة نيوزويك لأفضل المستشفيات الذكية لعام 2026    قرارات والهدف عقار الرياض    وزير الخارجية المصري يدعو إلى تعزيز آليات إنفاذ القانون الدولي لصون السِلم والاستقرار    المملكة ترأس جلسة أعمال المناقشة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة    المعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر استعداداً للكذب والخداع    المثالية: لعنة النجاح المؤجل!    تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بالمملكة ترتفع إلى 22.8 مليار ريال    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    وزيرا الإسكان والإعلام ورئيس «هيئة العقار» في المؤتمر الصحفي الحكومي غداً    الشرع: سورية عادت لمكانتها التاريخية الفاعلة بين الأمم    الفتح يعترض على الأخطاء التحكيمية    روشن تعرض مشاريعها السكنية    تعزيز الابتكار والاستدامة.. السعودية تستضيف (يونيدو) للتنمية الصناعية    «زاتكا»: 1511 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية    ضبط 12 متورطاً واحباط تهريب 234 كجم مخدرات    الصليح يحتفل بزواج عمار    وسط مساعٍ أمريكية لوقف الحرب.. 120 غارة إسرائيلية على غزة و52 قتيلاً    أوباما: لا مبرر لقصف غزة وإقامة دولة فلسطينية ضرورة    القادسية يعبر الفتح ويقفز ل «وصافة روشن»    الفيحاء يتنفس الصعداء بنقاط النجمة    جماهير الاتحاد للإدارة والمدرب: ضيعتوا اللبن في الصيف    ملتقى سعودي عن الذكاء الاصطناعي في سيئول    16 باحثاً سعودياً ضمن قائمة الأفضل عالمياً    فسح وتصنيف 40 محتوى سينمائياً في أسبوع    53.6 مليون قاصد للحرمين الشريفين في ربيع الأول    الاهتمام بتطوير التجربة الإيمانية لضيوف الرحمن.. «الحج» : التنسيق مع ممثلي 60 دولة للموسم القادم    الناقور يحتفل باليوم الوطني    «قط وكلب» يتسببان في طلاق زوجين    الملك عبدالعزيز الوحدة والمنهج    كيف قرأ العالم اتفاقية السعودية وباكستان    أزمة قلبية تنهي حياة عريس    إشكالية سياسة واشنطن بشأن الطائرات المسيرة    ChatGPT يتيح أهم مميزاته مجانا    قطرات تقلل ألم مرضى الشبكية    خطر خفي لنقص سوائل الجسم    %20 استعادوا النبض بعد توقف القلب    دراسة: كبسولات صغيرة تسعى للحد من التهاب الدماغ    سماحة المفتي.. رحل وبقي الأثر    تأهيل وادي قناة بالمدينة    حماة البيئة    المزاح والضغوط النفسية    محافظ طريب يرعى احتفال مركز الصبيخة باليوم الوطني 95    محافظ قلوة يرعى احتفال أهالي المحافظة باليوم الوطني ال 95    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنسان يقتل الحيوان : علاقة التواصل مع الطبيعة
نشر في الحياة يوم 02 - 04 - 2001

لو شاهد انسان من مجتمعات الصيد القديمة عملية حرق الآلاف من البقر والخرفان في بريطانيا وبلدان أوروبية أخرى خلال الأسابيع القليلة الماضية، لصرخ مستنكراً ومتسائلاً عن سبب القتل المجاني كما يبدو له، ولن يفهم الرد العقلاني بخطورة تلك الحيوانات على الإنسان وتسببها بعشرات الاصابات لحد الآن وامكانية انتشارها في معظم أنحاء العالم وان المرض لا يزال في طور الحضانة وسترتفع أعداد المصابين مع مرور الوقت. سيطالبنا هذا الإنسان البدائي بتبرير واضح يقودنا الى شرح مفصل عن اكتشافنا للوباء الناجم عن استخدام علف مصنع تم تصديره الى كثير من دول العالم وان الهدف الأساسي كان هو الإنتاج بكميات وافزرة وبأسعار رخيصة لكي تأكل ملايين الأفواه قبل ان نضيف غامزين من قناته:
- لو لم تكن مصابة لكانت بيعت وذبحت وأأكلت ونحن نقتل لنأكل وكما كنتم تفعلون تماماً.
- لكنكم تحرقون عشرات الآلاف منها هدراً ونحن لم نفعل ذلك أبداًَ والحيوان هو من أرشدنا الى طريقه صيده وبرضاه التام.
- كيف؟ سنسأله ضاحكيم وسيقص علينا الأسطورة التالية:
كان الأجداد في الماضي لا يملكون سلاحاً فعالاً للصيد فلجئوا للحيلة عبر دفع قطيع الثيران نحو هاوية فيسقط بعضها ويموت أو يتعرض لكسر أطرافه فيسهل اللاجهاز عليه ومن ثم أكله. وتنفذ العملية بأن يركض أحد أفراد القبيلة أمام القطيع، مرتدياً قناعاً على شكل رأس الثور، ويسير نحو الهدف فتلحق به مسرعة، وفي أحد الأيام لم تنجح الحيلة المعهودة وتوقفت الحيوانات عن السير نحو موتها ولفترة من الزمان حتى جاعت القبيلة.
في صباح يوم ما خرجت فتاة لتجلب الماء من النبع ورأت القطيع فقالت مازحة: لو يسقط بعضكم في الهاوية سأتزوج من أحدكم، ولدهشتها تحقق الأمر سريعاً وجاءها ثور وقال: تعالي فقاومت ورفضت لكنه ذكرها بما قالته سابقاً فاستسلمت ومضت معه. وباختصار بدأ والدها بالبحث عنها وعرف مكانها عن طريق طائر ذهب وأخبرها، فذهبت للقائه واتفقت معه على الهرب وطلبت منه الانتظار في مكانه لحين عودتها لكي لا يعرف زوجها الثور فيقتلهما، لكن اكتشف امر الوالد فهاجمته الثيران ومزقته إرباً فبكت الفتاة فقال زوجها الثور: تبكين على والدك فماذا عن آبائنا وأمهاتنا وأطفالنا الذين قتلوا بسببكم؟ مع ذلك سأعطيك فرصة للنجاة لو أعدت والدك الى الحياة مجدداً. وعن طريق السحر نجحت في مهمتها فقرر الثور اطلاق سراحهما وقبل مغادرتهما علمها رقصة إذا أديت بشكل صحيح مع أغنية مرافقة سيسير القطيع بعدها الى الهاوية برغبته. فالقتل يتم برضا الضحية ومعرفتها ان ما يموت هو الجسد أما الروح فتبقى حية وتتجدد ومعها الحياة.
تشير الأسطورة الى ان قتل الحيوان لدى الإنسان البدائي لم يكن سهلاً ولا بد من تبرير للحاجة البشرية واعتدائها على الطبيعة التي كان يعتبرها حية بكل ظواهرها. اما الإنسان المعاصر فلقد نسي أساطيره القديمة وانفصل عن الطبيعة متعالياً عليها ومؤمناً بأسطورة "اناه" وسيطرتها وقوتها ولم يعد بحاجة لتبرير أفعاله إلا امام ذاته التي وضعها في مركز الكون وغاية وجوده. بعد عصور طويلة من الخوف والعمل على حماية نفسه من الطبيعة وظواهرها وللاستفادة منها انقلب الوضع، بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي، بحيث أصبح المطلوب هو حمايتتها من الإنسان لكي يستمر فيها ومتواصلاً معها فلقد أصبح قادراً على تدميرها ومعها البشرية.
الطبيعة نظام متكامل متفاعل والبشر جزء منها غير مفصول عنها، وبينهما علاقة تواصل مستمر ومتوازن. ويعاني الإنسان الحديث من أثار نظرته التجزيئية وتنصيب نفسه سيداً للكون وما فيه، ومن ثقته بقوته وجبروت معرفته وتدخله في دورة الحياة المتكاملة والإخلال بها، لو عرف صيادنا البدائي بما ألحناه من ضرر بالبيئة سيصرخ فرحاً: الطبيعة الحية ترد على طريقة رؤيتكم لها وتعاملكم معها. وتشهد علينا مشاكل التلوث البيئي وارتفاع درجة حرارة الأرض والنفايات السامة ومرض جنون البقر والحمى القلاعية وما ستكشفه السنوات القادمة من آثار مدمرة لأنانية الإنسان سواء على الطبيعة والبشر.
ها هو انساننا في المجتمعات الأوروبية يفيق من نومه على حرير تلبية رغباته وبأرخص الأثمان، ويصاب بهلع يدفعه الى مراجعة طرق تغذيته واعداد طعامه وأساليب تربية الحيوانات، التي حولت المزارع الى ما يشبه المصانع، كما يعيد النظر في أساليب انتاجه الزراعية واستعماله للأسمدة الكيماوية والأدوية ومضادات الحشرات والجينات والهرمونات، فكثيرون تخلوا عن أكل اللحوم وأصبحوا نباتيين وغيرهم أصبح يبحث عما يعرف بالمنتجات البيولوجية، أي الطبيعية، مع ان اسعارها أعلى، وبعض الطباخين يعلن عن عزمه على اعداد أطعمة نباتية فالمستقبل يسبر بهذا الاتجاه وعلى صعيد السياسة ارتفعت أسهم احزاب الخضر والمنادين بالحفاظ على البيئة وتشجيع المزارع البيولوجية واقتصادياً تراجع الدول الأوروبية سياسة دعم المزارعين ومربي الحيوانات لدورها في الحث على استعمال كل الوسائل الممكنة لزيادة الانتاج.
قد تكون بداية صحوة ضرورية لاعادة البشر الى حضن الطبيعة الأم كما وصفها الإنسان القديم وتوظيف العلوم والتقنيات وبالتناغم معها. لكن الطريق طويل تقف بوجهه حسابات السوق والربح وتكاليف الإنتاج وتزايد عدد السكان وما يفرضه من متطلبات على البيئة بشكل عام.
* كاتب فلسطيني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.