يبدأ اليوم 17 من أعضاء القيادة القطرية للبعث لقاءات مع وجهاء وشخصيات أكاديمية وجامعية لتوضيح وجهة نظر الحزب الحاكم في التطورات الاقليمية والداخلية، خصوصاً البيانات التي أصدرها مثقفون ونشطاء في مجالات المجتمع المدني وحقوق الانسان في الأشهر الأخيرة "كي لا يضلل الجمهور بطروحات" المثقفين. ويعتبر نقيب المعلمين في جامعة دمشق الدكتور فيصل كلثوم أبرز الحزبيين الذين خاضوا حواراً مع المثقفين، وربما كانت وجهة نظره تلخص هدف تحرك البعثيين. بادر الدكتور كلثوم بحضور جلسات "منتدى الحوار الوطني" في منزل النائب رياض سيف قرب دمشق، لتأكيد "احترامنا لليبرالية ومبادئها، لكن لا بد من التأهيل الاجتماعي لها" وللتمييز بين "الشرعية" و"المشروعية". ويقول استاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق ل"الحياة" ان "الشرعية مجموعة المبادئ والمهام الايديولوجية التي يستند اليها النظام السياسي، وفي مقدمها الصراع العربي - الاسرائىلي والمهمات الوطنية الداخلية وبناء الدولة والوحدة الوطنية، بينما تقوم المشروعية على أسس المساواة والحرية واحترام حق الملكية". ويوضح: "يجب ان يتكيف مبدأ المشروعية مع الشرعية لكن يجب ان لا تلغي الشرعية المشروعية، وان كانت الاخيرة تتأثر ببعض القيود التي تأتي لمصلحة مبادئ الشرعية". ومن يحدد هذه القيود؟ يجيب الدكتور كلثوم 50 سنة: "النظام المنبثق عن الارادة السياسية العامة المحكومة بارادة الاغلبية، ووجود هذا الناتج وسيلته الانتخاب، حيث انه منذ وصول الرئيس الراحل حافظ الاسد الى الحكم العام 1970، اعتمد مبدأ المشاركة السياسية والانتخاب في اسناد السلطة". بعد مبادرات اتخذها الرئيس بشار الاسد اخذت المنتديات الثقافية والبيانات "تظهر كالفطر" متضمنة مطالب ونقاشات جريئة عن "الاستبداد" و"الشمولية" و"مأزق الديموقراطية". وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان حضور البعثيين هذه المنتديات جاء بموجب تعميم قيادي، واعتبر سيف وغيره من المثقفين ان ذلك اشارة في اطار الاعتراف بهذه النشاطات. لكن الدكتور كلثوم قال ان التحرك جاء ب"مبادرة شخصية مني لاننا لسنا اجهزة روبوت نُسيّر ولسنا مثل الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي حيث كان يسيّر القادة الاعضاء". ويوضح: "انطلقنا نتيجة احساس وطني كبير بتنوير الجمهور لما يشكله هذا الموضوع من خطر على الحياة السياسية وعلى التعبئة العامة للمشروع النهضوي الذي يقوده الرئيس بشار الاسد". ولعل منصبه نقيباً للمعلمين في الجامعة اقنع الآخرين بالمشاركة، لكنه لم يلتزم الخط الرسمي بحرفيته، اذ انه تبنى احيانا مطالب جريئة ربما سبقت مطالب بعض المثقفين بينها ضرورة تعديل الدستور الذي يعود الى عام 1973. لأن "الدستور ليس مقدساً، اذ ان القواعد الدستورية حالة تجسد الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وتتلاءم معه. وليس هناك مانع ان يجري تعديل وتطوير على الدستور الحالي لتلبية التطورات". والدكتور كلثوم يشارك في المنتديات التي "يعتبرها غير شرعية، وان كانت تحمل في بنيتها عدداً صغيراً من الناس" كي يفند آراء المثقفين "وبعض ادعاءاتهم التي لا تتناسب والصراع العربي - الاسرائىلي ودور سورية الاقليمي والعربي". ويحضر جلسات منتدى النائب المستقل سيف ويعتقد انه "كان يجب عليه ان يمارس دوره تحت قبة البرلمان المؤسسة التشريعية المنتخبة التي تضم 35 في المئة من المستقلين". وعن "بيان الالف" الذي اصدرته "الهيئة التأسيسية" ل"لجان المجتمع المدني"، يقول الدكتور كلثوم ان "ظاهرة سيف وغيره ليست تنظيما للمجتمع المدني بل حركة سياسية. وأنا متأكد ان ما عرف ب"بيان الالف" لم يصل الى اكثر من 250 شخصاً رغم كل جهود الطامعين بزعامات سياسية كانوا يبحثون عنها منذ 30 عاماً". لكن طالما ان لا شعبية لهؤلاء المثقفين لماذا لا يُتركون للتعبير عن آرائهم؟ يجيب الدكتور كلثوم وهو احد ابرز الاكاديميين السوريين: "لااحد تعرّض لهم بعد. هناك شرعية للنظام السياسي الذي يقوم بمهمات وطنية وقومية واجتماعية. هذه الشرعية لا يجوز ان يقبل احد دورا معطلا لاهدافها وتطلعاتها او الخروج عن توجهاتها الوطنية والقومية". وهل هناك مؤسسات مجتمع مدني في سورية؟ يقول استاذ القانون الدستوري: "المؤسسة الرسمية تمثل طيفاً سياسياً واحداً، لكن عندما لا تمثل المؤسسات الشعبية او النقابات المهنية وغير المهنية طيفاً سياسياً واحداً بمحتواها السياسي، فهذه ممارسة "لحياة" المجتمع المدني وهي ليست مؤسسات حكومية"... لكنه يترك الباب مفتوحا انطلاقا من ان "الانفتاح والرخاء في حرية التعبير دليل على قوة النظام وثقته بنفسه" ويقول: "واضح للجميع وجود مشروع تطوير وتحديث وايجاد صيغ متطورة او تطوير في بعض الصيغ الموجودة، ويمكن ان تكون هناك صيغ تستوعب التطورات السياسية والاجتماعية بما لا يتعارض مع مهمات الدولة ولا يربك ممارسة الديموقراطية".