بعد عام من ادانته بقتل 15 مسنة من مرضاه، عاد "طبيب الموت" البريطاني هارولد شيبمان الى دائرة الضوء بعدما أظهر تقرير مستقل أشرف عليه البروفسور ريتشارد بيكر من جامعة ليستر، ان شيبمان 55 عاماً ربما قتل ما يصل الى 265 من مرضاه، مما يجعله واحداً من أخطر السفاحين في التاريخ الحديث، ويضعه في المرتبة الثانية بعد سفاح كولومبيا بيدرو ارماندو لوبيز الذي يعتقد بأنه قتل 300 فتاة في كولومبيا وبيرو واكوادور، وان كان دين بقتل 57 فتاة فقط عام 1980. وكان حكم على شيبمان في كانون الثاني يناير الماضي بالسجن المؤبد بعدما جمعت الشرطة أدلة كافية لادانته بقتل 15 من مرضاه تراوح أعمارهم بين 49 و81 عاماً بين عامي 1995 و1998، باعطائهم جرعات قاتلة من المورفين أو الديامورفين وهي التسمية الطبية للهيرويين. وبسبب شكوك الشرطة في أن الطبيب ربما قتل أكثر من 200 شخص أثناء مزاولته مهنته طوال 24 عاماً، طلب وزير الصحة ألن ملبورن اجراء تحقيق في ممارساته بين عامي 1974 و1998. وقال بارن الدريدج، من المكتب الصحافي التابع لوزارة الصحة البريطانية ل"الحياة" ان التقرير استند الى مراجعة السجلات الطبية في منطقة مانشستر الكبرى حيث كان يعمل. وأظهرت المقارنة ان الطبيب أصدر خلال فترة عمله 521 شهادة وفاة بفارق 297 عن المعدل المسجل لدى اطباء آخرين في المنطقة. وأجرى التقرير مقارنة بين عدد المرضى الذي سجله شيبمان والعدد الذي سجله اطباء آخرون في مانشستر الكبرى خلال 24 عاماً، وحدد ساعة وفاة المرضى وهل كان الطبيب أو أفراد عائلات الضحايا حاضرين في ذلك الوقت. ومعلوم ان السفاح قتل معظم ضحاياه أثناء عيادته اياهم، وغالباً في وقت يكونون فيه بمفردهم. وأورد التقرير انه كان يختار أولاً ضحاياه من بين المرضى الإناث ممن تزيد أعمارهن عن 75 عاماً ثم ممن هن فوق ال65. ونقلت وكالة "رويترز" عن برنارد بوستلس، ضابط المباحث الذي قاد التحقيقات في جرائم شيبمان "ان كثيراً من النقاط التي خلص اليها التقرير يتفق مع النتائج التي توصلنا اليها، اذ ان عدد القتلى الذي يشير اليه التقرير يتفق مع عدد حوادث القتل التي حققت فيها الشرطة". وكانت المؤسسة الصحية الرسمية في بريطانيا تعرضت لهجوم قاس بعد ادانة شيبمان لفشلها في حماية المرضى، خصوصاً بعدما تبين ان الطبيب كان يعاني من مشكلة ادمان خطيرة وانه دين عام 1976 بتزوير وصفات طبية لاستخدامه الخاص. وأقر الدريدج بتقصير المؤسسة الصحية، مؤكداً ان تغييرات ادخلت على القوانين الصحية لضمان شفافية أكبر وعدم تكرار الأمر. ولم يشأ التعليق على سؤال هل يؤدي التقرير الى اعادة محاكمة شيبمان، مشيراً الى عدم توافر أدلة جنائية ملموسة ضده حتى الآن. وكانت الشرطة اعلنت العام الماضي إثر ادانته ان لديها عناصر كافية لملاحقته ب23 جريمة أخرى. لكن النيابة العامة قررت عدم إعادة فتح الملف، مشيرة الى أن الدعاية التي رافقت القضية قد تضر بسير المحاكمة، اضافة الى أن شيبمان محكوم بالسجن المؤبد، وهذا أقصى ما ينص عليه القانون الجنائي البريطاني.