في معرض "السلاح الروسي" في نيجني تاغيل على بعد آلاف الكيلومترات من موسكو اطلق الرئيس فلاديمير بوتين قذيفة مدفعية على هدف وهمي، فيما واصل رجاله في موسكو اطلاق "زخّات" على اقطاب المال. وطاولت الحملة امس اناتولي تشوبايس رئيس شركة الكهرباء الموحدة وأحد أبرز وجوه عهد يلتسن و"رمز الرأسمالية" في روسيا. وغادر بوتين العاصمة لزيارة مناطق الانتاج الحربي في الاورال الا انه خلف زوبعة لم تهدأ، اذ بدأت شرطة الضرائب والنيابة العامة ووزارة الامن حملة شملت اكبر المؤسسات النفطية والمالية والاعلامية والغازية والصناعية في اطار حملة لكشف انتهاكات مالية وقانونية خطيرة ارتُكبت في السنوات السابقة. ونفى بوتين في حديث مطوّل الى صحيفة "ازفيستيا" نشر امس ان تكون النية متجهة الى إقامة دولة بوليسية لكنه قال ان السلطة في العهد السابق "شلّت نفسها … وصار المجتمع حراً حتى من القانون والنظام والاخلاق". ووجه بذلك طعنة اخرى الى نظام بوريس يلتسن واقطابه مشيراً الى ان الدولة في عهدهم "أرخت الزمام حتى صارت الانتهاكات … ظاهرة شائعة وامراً متعارفاً عليه". واعترف الرئيس بأن مبادراته تواجه مقاومة هائلة" لكنه قال انه يستند الى "قاعدة اجتماعية يمثلها شعب روسيا بقومياته المتعددة". واظهر استطلاع للرأي ان بوتين يتمتع بتأييد 58 في المئة من المواطنين، فيما يعترض على سياسته 10 في المئة، لا شك ان بينهم اناتولي تشوبايس "عراب الخصخصة". فهذا الرجل الذي كان لولباً اساسياً في آلة الحكم في عهد يلتسن وصار مديراً للديوان الرئاسي ونائباً اول لرئيس الوزراء، يترأس حالياً "شبكة الكهرباء الموحدة" التي تعدّ من اكبر المؤسسات واغناها في روسيا والعالم. واتُهمت الشركة بأنها باعت الى اطراف اجنبية نسبة من الاسهم تزيد عن المسموح به قانونياً عام 1992، اي عندما كان تشوبايس الشخص الثاني في حكومة يغور غايدار، زميله في قيادة الاصلاحات الراديكالية. وفي خطوة لعقد هدنة موقتة كررت هيئة تدقيق الحسابات امس ارجاء النظر في "قضية تشوبايس" لمدة شهر الا ان الاخير ادلى بتصريحات تنبض بروح التحدي ومن دون ان يذكر بوتين بالاسم طالب السلطة بتحديد موقفها "مما يحصل" واضاف ان حملة ملاحقة كبريات الشركات "موجة سياسية شاملة" وهدد بالتصدي لها قائلاً "ان احداً لن يقف في وجهنا". وبغية "حقن الدماء" كان بوريس نيمتسون زعيم كتلة "اتحاد قوى اليمين" التي ينتمي اليها تشوبايس اجتمع الى بوتين وذكر ان رئيس الدولة وافق مبدئياً على عقد "طاولة مستديرة" مع رجال الاعمال. الا ان رئيس مؤسسة "بوليتيكا" للابحاث السياسية فياتشيسلاف نيكونوف اكد ان بوتين بدأ هجوماً واسعاً هدفه النهائي "الغاء خصخصة الدولة" والسيطرة على مرافقها من اشخاص او مجموعات ليس لديها غطاء شرعي. وكان ر ئيس الوزراء ميخائيل كاسيانوف اشار الى الفكرة ذاتها عندما اكد ان "الحصانة رُفعت" عن كبار المتمولين الذين كانوا يلعبون دوراً اساسياً في الحياة السياسية والاقتصادية في عهد يلتسن.