شكك الفلسطينيون بجدية نيات رئيس الحكومة الاسرائيلية إيهود بارك في شأن تنفيذ وعوده بالخروج من ثلاث قرى فلسطينية محيطة بمدينة القدسالمحتلة، وذلك في الوقت الذي شرعت فيه منظمات استيطانية بالتمهيد لاقامة مستوطنة جديدة على الجزء الذي ضمته اسرائيل اليها من احدى هذه القرى وهي بلدة ابو ديس. ورجح رئيس الوفد الفلسطيني لمفاوضات الوضع النهائي ياسر عبدربه أن يعرض باراك على الرئيس ياسر عرفات خلال لقاء يسعى المبعوث الاميركي دنيس روس الى عقده بين الطرفين خلال الساعات القليلة المقبلة "تأجيل" تنفيذ الانسحاب الاسرائيلي من هذه القرى، وهي ابو ديس والعيزرية والسواحرة الشرقية. وقال المسؤول الفسطيني أن باراك يريد تأجيل وعوده الخاصة بالخروج من القرى الثلاث للمرة الثالثة "ولهذا السبب يحتاج من أجل القيام بخطوة التأجيل الى هذا اللقاء من اجل تبرير الاسباب". ولم يؤكد عبدربه احتمال عقد لقاء عرفات - باراك بحضور روس، الا انه أشار الى ان المحادثات بين الفلسطينيين والاسرائيليين مستمرة وليس بالضرورة "على شاكلة مفاوضات ايلات" التي اسفرت عن فشل جديد بسبب عمق الخلافات في مواقف الجانبين والتي لم يفلح روس في تقريب وجهات النظر في شأنها. واشار في مقابلتين مع الاذاعتين الفلسطينية والاسرائيلية الى ان "المشكلة الرئيسة الان ومستقبلا هي موضوع الارض والقضايا المحيطة بها وهي الانسحاب الاسرائيلي والعودة الى حدود الرابع من حزيران من العام 1967" وكل المسائل المتعلقة بالارض من مستوطنات وحدود والقدس وكذلك اللاجئين الفلسطينيين. وأكد رفض الفلسطينيين البحث في مواضيع أخرى قبل البحث في هذه القضايا "لان المفتاح لحل القضايا العالقة بيننا ليس الاقتصاد او المواضيع الادارية بل الارض". وأوضح ان الطرف الفلسطيني أبدى "مرونة تاريخية لم يبدها اي شعب آخر تجاه من احتل ارضه، وذلك عندما قبل القرار الدولي 242"، مشيرا الى أن "من يبدي تصلبا هم الاسرائيليون الذين يرفضون تطبيق هذا القرار". وفي لقاء ثنائي مع المبعوث الاميركي، اكد عبدربه لروس رفض الفلسطينيين مبدئيا البحث في "خارطة الوضع النهائي" التي عرضتها اسرائيل خلال جولة المفاوضات. وقال عبدربه أنه اوضح لروس أن هذه الخريطة ليست مقبولة و"لا تصلح حتى كنقطة بداية للمفاوضات"، مضيفا انها "تهدف الى تمزيق المناطق الفلسطينية وتكريس الاحتلال فيها وتحويلها الى محمية اسرائيلية". ومن المقرر ان يعقد لقاء ثلاثي فلسطيني - اسرائيلي - اميركي في اقل من اربع وعشرين ساعة للبحث في القضايا التي لا زالت عالقة في شأن المرحلة الانتقالية، ومن بينها المرحلة الثالثة من اعادة الانتشار واطلاق الاسرى الفلسطينيين. اسرائيليا، أكدت الاذاعة الرسمية نقلا عن مصادر سياسية أن عرفات وباراك سيجتمعان بحضور روس "مساء الاحد امس للبحث في تحديد موعد جديد للتوصل الى اتفاق اطار"، وذلك بعد ان تبين للاطراف استحالة الاتفاق بحلول 13 ايارمايوالجاري وهو الموعد الذي حدد اصلا في اتفاق شرم الشيخ. ويعول باراك على اقناع عرفات خلال اللقاء المرتقب "بحسن نياته" و"توضيح" الضغوط الحزبية التي يتعرض اليها داخل ائتلافه الحكومي. وفي هذا الوقت بالذات، شرعت شركات استياطانية بدعم من رئيس بلدية القدس الاسرائيلي ايهود اولمرت بتنفيذ "الاجراءات الادارية" الخاصة باقامة مستوطنة جديدة على اراضي ابو ديس المحاذية لحدود المدينة المقدسة التي رسمتها اسرائيل. وقالت مصادر اسرائيلية ان المستوطنة ستقام على نحو 50 دونما من الارض حيث سيتم بناء 250 وحدة استياطانية جديدة من شأنه ان تشكل حاجزا "طبيعيا"بين القدس وابو ديس وتمنع التواصل الجغرافي بين هذه البلدة والمدينة المقدسة. واشارت المصادر الى ان ما يسمى باللجنة المحلية للتخطيط والبناء في بلدية اولمرت ستبحث الاسبوع المقبل مخطط بناء المستوطنة في اراض تقع "في مجال نفوذ القدس"، موضحة ان مكتب هندسة في تل ابيب وضع المخطط بتعليمات من اولمرت. واعلنت حركة "هذه ارضنا" اليهودية المتتطرفة انها ستنظم مسيرة في منطقة ابو ديس بعد غد الذي يصادف حسب التقويم العبري ذكرى اقامة الدولة العبرية عام 1948 والذي يسميه الفلسطينية "النكبة". ودانت حركة "السلام الآن" الاسرائيلية خطط بلدية القدس في ابو ديس. وطلبت من رئيس الوزراء وقف تنفيذ المشروع فوراً، مشيرة الى ان اولمرت يقف وراءه. وقال الناطق باسم الحركة ديدي ريميز لوكالة "فرانس برس" ان "بناء حي اسرائيلي جديد وسط سكان فلسطينيين يشكل استفزازاً من رئيس البلدية يهدف الى نسف اي نقل للسلطات في ابو ديس الى السلطة الفلسطينية".