على الرغم من أن تراجع أسواق الأسهم الأميركية بدأ في آذار مارس إلا أن ما حدث لأسهم شركات التكنولوجيا في الاسبوعين الماضيين كان مريعاً إذ ألحق برموز الاقتصاد الجديد وفي مقدمها شركات التجارة الالكترونية خسائر خيالية قدرت بآلاف البلايين من الدولارات. ويرى المحللون أن أسباب الانهيار تكمن في مخاوف السوق الأميركية من ضغوطات التضخم وما تعنيه من حتمية تحمس مجلس الاحتياط الفيديرالي لاقرار زيادات جديدة على أسعار الفائدة.. ولا تبدو المخاوف سطحية إذ اعتمد آلان غرينسبان منذ حزيران يونيو خمس زيادات دفعت سعر الفائدة الأساس إلى 6 في المئة. وتقوم المخاوف على أن استمرار الزيادات، حسبما هو متوقع، في الشهرين المقبلين ينذر بحرمان الأسهم أحد أهم المغريات التي تستخدمها لاجتذاب المستثمرين. ومن وجهة نظر المستثمرين فالواضح أنهم لم يفقدوا ثلث مدخراتهم وحسب بل تزعزعت ثقة الكثيرين منهم في شركات تنبهوا فجأة إلى أنها تتجاهل أبسط المبادئ الاستثمارية، سيما وجود توازن معقول بين ما تجنيه شركة ما من أرباح وسعر أسهمها في السوق وفق مبدأ مكرر الربح التي يتم بموجبه تقويم الفرص الاستثمارية في اسهم الاقتصاد القديم. وتساءل بعض المستثمرين المثخنين بالخسائر إذا كان الفرد منهم أخطأ عندما دفع 100 دولار أو أكثر لاقتناء سهم واحد في ش ركة لاتجني أرباحا تذكر ولا تملك فرصا مضمونة لجنيها في المستقبل. وتعتبر خسائر المستثمرين الأفراد مؤلمة حقاً. وتبدو خسائر رموز الاقتصاد الجديد أشد وقعا بسبب شهرة متكبديها أولا ثم ضخامتها إذ خسرت مايكروسوفت ومعها مؤسسها بيل غيتس زهاء 40 في المئة من قيمتها السوقية التي استقرت في منتصف نيسان عند 386 بليون دولار، وتقلصت ثروة "بوب يونغ" أحد مؤسسي شركة "ريد هات" من 2.7 بليون دولار إلى أقل من 500 مليون دولار، وحتى لاعبين أقل شهرة مثل "غلين بولمان" رئيس شركة "اونيفا كوم" الذي انضم إلى أصحاب البلايين في شهر آذار مارس فقط انكمشت ثروته إلى 115 مليون دولار. شركات اسرائيلية واستثنى الانهيار بضع شركات أثبتت قدرتها على جني الأرباح في اللحظات الأخيرة، بينما طاولت آثاره المدمرة الباقين من شركات التكنولوجيا سواء الشركات الأميركية أو غيرها من الشركات الأجنبية المدرجة في البورصة الالكترونية التي تضم حسب بعض المصادر نحو 100 شركة اسرائيلية قدر إجمالي قيمتها السوقية حتى منتصف آذار بزهاء 560 بليون دولار، علاوة على العشرات من الشركات الكندية التي لم تسلم بورصاتها المحلية من تداعيات الانهيار. ويتضح من المؤشرات الافرادية أن لائحة كبار المتضررين شملت شركات التجارة الالكترونية بفرعها المعني بتجارة التجزئة، التسوق الالكتروني، وفرعها الاضخم الخاص بالتبادل التجاري بين الشركات، تجارة الأعمال الالكترونية. وأدمت الخسائر شركات ضخمة ناشطة في التسوق الالكتروني مثل آمازون -كوم وإي بيه -كوم وياهو فيما تعرضت أسهم بعض الشركات مثل آريبا وكوميرس إلى "مجزرة حقيقية". مجزرة حقيقية ووجد محللون ومراقبون حضروا معرض "لينكس" في مونتريال منتصف الاسبوع الماضي صعوبة في التنبؤ بمدى عمق القاع الذي ينتظر أسهم شركات التكنولوجيا، وأعربوا عن مخاوف من احتمال انعكاس متاعب شركات تجارة الأعمال الالكترونية على مشاريع اقامة أسواق تبادلية في انترنت التي برزت واحدا من أهم محركات التجارة الالكترونية في المستقبل المنظور سيما بعدما أعلن منتجو السيارات الأميركيون مشروعهم الضخم أخيرا. لكن بعض المراقبين لفت إلى أن مؤشر ناسداك ربح في العام الماضي وحده 86 نقطة مئوية وأن احتمال خسارة 40 نقطة مئوية في العام الجاري ستعني احتفاظ المستثمرين بنسبة أرباح مغرية تناهز 20 في المئة سنوياً. وأشار أيضا إلى أن حجم سوق تجارة الأعمال الالكترونية الذي تقدر مؤسسات الأبحاث أن يراوح بين 2.7 بليون دولار في حد أدنى و7.3 بليون في حد أعلى 2004 لا يبدو موضع شك على رغم ما يحدث في أسواق الأسهم بدليل استمرار المجموعات الصناعية الكبرى بالاعلان عن المشاريع الضخمة. مشروع جديد وجاء أحدث هذه المشاريع الاسبوع الماضي عندما أعلنت مجموعة من عمالقة شركات النفط والكيماويات عزمها إقامة سوق تبادلية في انترنت لبيع وشراء معدات التنقيب عن النفط وتكريره وهي عمليات ضخمة يقدر حجمها بنحو 125 بليون دولار سنوياً. ويقود المشروع بي بي أموكو ومجموعة رويال داتش شل ويضم بين أعضائه الشركة السعودية للتكرير من خلال مشروعيها المشتركين مع تكساكو وشل وهما "ايكيلون انتربرايزز" و"موتيفا انتربرايز" علاوة على فيليبس بيتروليوم وكونوكو وداوكيميكال واوكسيدنتال ومتسوبيشي وريبسول وستاتويل وتوسكو وتوتال فينا ويونوكال. وسيعتمد تشغيل السوق التبادلية لشركات النفط والكيماويات على تقنيات شركة كوميرس وان التي تشارك تقنياً منتجي السيارات الأميركيين في سوقهم التبادلية التي تقدر حجم تعاملاتها بنحو 240 بليون دولار. ووقعت الشركة مع مجموعة من المستثمرين العرب نهاية شباط فبراير الماضي اتفاقاً مهماً لاقامة أول مشروع من نوعه لتجارة الأعمال الالكترونية في الشرق الأوسط ويأخذ هذا المشروع الذي يتوقع إطلاقه "قريبا" حسبما أكده مسؤول في الشركة الأميركية ل"الحياة" شكل بوابة الكترونية تقدم خدماتها لرجال الأعمال والشركات في 13 بلداً عربياً وتركيا. ويلفت إلى أن الاتفاق المشار إليه الذي قدرت قيمته بنحو عشرة ملايين دولار يقوم على مبادرة من شركة "نوليدج فيو" مقرها لندن ويرأسها الدكتور علي الأعسم لاقامة عمليات إقليمية في دبي ضمن مشروع تشارك فيه مؤسسة المستثمر الدولي التي تعتبر أحد أهم المصارف الاستثمارية الاسلامية في العالم، وعدد من المستثمرين المحليين تحت اسم "كوميرس وان ميدل ايست". ويرمي الاتفاق إلى توفير برمجيات كوميرس وان موقعين هما buysite و marketsite للشركات العربية التي ترغب في عقد صفقاتها بواسطة انترنت. وتعتبر "بوابة الشرق الأوسط" المقترحة أقل طموحا من مشاريع الأسواق التبادلية الضخمة لمنتجي السيارات وشركات النفط والكيماويات لكنها تعد بتقديم خدمات مهمة لرجال الأعمال والشركات لاسيما على صعيد ضمان قدر أكبر من الانسيابية في عقد الصفقات وتوسيع نطاق الخيارات وتوفير النفقات. ويكمن أحد أبرز ميزات المشروع في إتاحة الفرصة أمام الشركات للاتصال بموقع التجارة الدولية الذي يعد أكبر تجمع للمنتجين والموردين في العالم. وأوضح مسؤول شركة كوميرس وان أن آلية عمل البوابة لن تتطلب من شركة ما أكثر من شراء البرنامج الذي يتلائم مع طبيعة نشاطها التجاري والحصول على "كلمة السر" التي ستتيح لها دخول موقع التجارة والتعامل مباشرة مع آلاف الموردين. وقال: "تكمن الميزة الجميلة لبوابة الشرق الأوسط في أنها ستتيح للمشتركين في هذه الخدمة التعامل مع موردين اعتادوا التعامل معهم في الماضي فضلا عن موردين جدد بما يساهم في توسيع خياراتهم". وأضاف: "لنفترض أن شركة مقرها السعودية أو الكويت تنشط في في استيراد منتج ما واعتادت التعامل مع موردين أو ثلاثة بالوسائل التقليدية. والآن وبعد إقامة بوابة الشرق الأوسط سيصبح بمقدور هذه الشركة استعراض عشرات العروض للمنتج نفسه وعقد صفقتها دون أن تضطر لمغادرة مقرها". وذكر أن كلفة التعاملات عبر البوابة ستحسب كنسبة مئوية من قيمة الصفقة واعتبارات أخرى مثل عدد الصفقات وأحجامها، "ما يعني أن الكلفة ستكون بالنسبة للشركات الصغيرة معقولة جدا". وقال إن برامج تجارة الأعمال التي تنتجها كوميرس تتيح استخدام لغات عدة بينها اللغة العربية، وإن الخدمة الجديدة ستتاح للشركات في السعودية والامارات والكويت والبحرين وعمان وقطر واليمن والاردن ولبنان ومصر والجزائر والمغرب وتونس لكنها ستتوسع في المستقبل لتشمل بلداناً أخرى في المنطقة. مواقع www.knowledgeview.com www.tii.com www.CommerceOne.com www.marketsite.net