بطل من وطن الأبطال    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول المعينين بالمملكة    مجلس الشؤون الاقتصادية ناقش أداء الربع الثاني.. 56 % حصة الأنشطة غير النفطية من الناتج المحلي    السعودية تترأس «أعمال الدورة العادية».. المزيد: الأمن السيبراني في مقدمة الأولويات الإستراتيجية    الثقة بين المواطن وبيته.. لمسة عدل وطمأنينة    «مشرد» يحمل 3 شهادات ماجستير    حد أقصى للتخزين المجاني ب «سناب شات»    قرية على سطح القمر بحلول 2035    الأهلي يغري فينيسيوس بعقد أغلى من رونالدو    في الجولة الثانية من دوري أبطال آسيا 2.. النصر في ضيافة الزوراء من دون رونالدو    في الجولة الثانية من دوري أبطال أوروبا.. قمة برشلونة وباريس تخطف الأنظار.. وسيتي يواجه موناكو    «الجوازات»: إصدار 25,492 قراراً بحق مخالفين    «الأحوال» تطلق خدمة «شهادات الوفاة للأسر الحاضنة»    ضبط 10 مهربين ومروجين ب360 كجم مخدرات    عرض فيلم «فيها إيه يعني».. اليوم الأربعاء    إطلاق برنامج الإنتربول لتعزيز الأمن البيولوجي    أهمية المكتبات المنزلية    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم عبدالعزيز آل الشيخ على أحد شوارع الرياض    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم عبدالعزيز آل الشيخ على أحد شوارع العاصمة الرياض    دراسة: قلة شرب الماء تزيد هرمون التوتر    أخضر الناشئين يتأهّل لنهائي كأس الخليج    22.8 ارتفاعا في تدفقات الاستثمار الأجنبي بالسعودية    مقاربة السلام    الذهب قرب ذروة قياسية وسط مخاوف من إغلاق الحكومة الأميركية    مجلس الوزراء يقدر لقادة العالم مشاعرهم بمناسبة اليوم الوطني    ميزانية 2026: 37 % نمو في الإيرادات غير النفطية    7.8 مليارات ريال تداولات الأسهم    شباب الأهلي يكسب الاتحاد بهدف في النخبة الآسيوية    أوسيمن يقود غلطة سراي للفوز على ليفربول    غوارديولا غير متأكد من موعد عودة رودري إلى قمة مستواه بعد الإصابة    ثنائية هاري كين تقود بايرن ميونيخ للفوز بخماسية على بافوس في "أبطال أوروبا"    جازان.. أرض التنوع والتعايش المجتمعي    مبادرة تمويل الأفلام تكشف عن دعم 32 مشروعًا بقطاع الأفلام وتلتزم بضخ 279 مليون ريال    القبض على يمنيين لتهريبهما (260) كجم "قات" في جازان    نائب أمير مكة يقدم التعازي لأبناء الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    نتنياهو: خطة ترمب تحقق أهدافنا في الحرب    تعاون أوكراني أوروبي في مجال الطائرات المسيرة    6 أشهر سجن و100 ألف غرامة لممارس صحي مزور    ملتقى مآثر ابن صالح.. خطوة نحو الإعلام الحديث    مجلس الشورى يعقد جلسته العادية الرابعة من أعمال السنة الثانية للدورة التاسعة    الرِّفقُ في القيادة.. صناعةُ الولاء وبعثُ الإبداع    من أصالة التراث إلى أفق المستقبل... المملكة تقود حراك الثقافة الاستثمارية    أمير الشرقية يشيد بتنظيم احتفالات اليوم الوطني ويطلع على تقرير هيئة الأمر بالمعروف    أمير جازان يستقبل مدير مركز جمعية الأطفال ذوي الإعاقة بالمنطقة    مستشفى الملك فهد الجامعي يفعّل اليوم العالمي للتوعية بأمراض القلب    "هدية" تطلق معرض "تاريخ مجيد في خدمة ضيوف الرحمن"    ابن معمر: المملكة تضع الترجمة والابتكار في صميم رؤيتها الثقافية والتنموية    يحيى بن جنيد شخصية العام التراثية في احتفالية يوم المخطوط العربي 2025    "طبية" جامعة الملك سعود تسجّل براءة اختراع لأداة فموية متعددة الوظائف    الأمين العام لمجلس التعاون يُرحِّب بخطة الرئيس الأمريكي لإنهاء الأزمة في قطاع غزة    افتتاح معرض "صوت التناغم" الصيني بالمتحف الوطني السعودي في الرياض    «أحذية» تقود هنديين للفوز بجائزة عالمية    ‏قائد قوة جازان يزور المنطقة الخامسة ويشيد بالجاهزية القتالية للوحدات العسكرية    أمير الرياض يلتقي نائب وزير الحرس الوطني    «العظام والمفاصل» بمستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة.. رعاية صحية وفق أعلى المعايير.. أميز الكفاءات.. وأحدث التجهيزات    بحضور الأمراء.. نائب أمير مكة يشارك في صلاة الميت على الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    نائب أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رداً على أمين المهدي: التطبيع صناعة صهيونية ...
نشر في الحياة يوم 30 - 03 - 2000

ما أن اجتاحت القوات الإسرائيلية الضفة الغربية، في حرب 1967 حتى طلب المحتل الى بعض اعيانها التعامل معه. لكنهم طلبوا تلطيف كلمة "التعامل"، لأنها ترادف التجسس، فبادر المحتل وسكّ كلمة "التطبيع" بدلاً منها. أي أن "التطبيع" لم يكن "كلمة زائفة اخرى في قاموس الهزائم العربية" على ما يزعم أمين المهدي، في مقال له بالعنوان نفسه "الحياة" 14/3.
من جهة أخرى، يشي مصطلح "التطبيع" باصطناع حالة، حتى تبدو طبيعية، وهذا صحيح، لان العلاقة بين معتدٍ مغتصب ومجني عليه هي علاقة المواجهة المستمرة، في اشكال شتى، الى ان تعود كل الحقوق المغتصبة، فيتأسس السلام العادل. بمعنى أن ما يتم التوصل اليه من اتفاقات لا تعيد كل الحقوق الى اصحابها، ليس إلا هدنة، أو تسوية موقتة، لا تنهي الصراع.
مع ذلك، فان أمين المهدي يرى القائلين بهذا المنطق، متمترسين "داخل قواقع اليقين البالية، في مواجهة المتغيرات، والوقائع الجديدة". والمهدي هنا يستخدم كلاماً لجورج طرابيشي في غير موضعه، ويردف بأن هذه هي حال "العقل العربي الرسمي، والسائد". الى ذلك يسخر المهدي من مقولات: "ما أخذ بالقوة لن يسترد بغير القوة" و"تحرير كامل التراب الفلسطيني من البحر الى النهر" و"لاءات الخرطوم الثلاث لا تفاوض ، لا صلح، لا اعتراف" و"مرحلة الردع" و"جبهة الصمود والتصدي" و"السلام خيار استراتيجي" و"التضامن العربي".
إننا أمام حالة سكنتها الهزيمة، فانبهرت بالعدو، وأحست بالدونية أمامه، حتى أخذت ب"القراءة العبرية للصراع"! ولا أدري من أين قطع المهدي بأن المواجهة العربية مع إسرائيل انكشفت عن "هزيمة حضارية شاملة للعرب". ثم نرى الكاتب نفسه يبرئ العدو الإسرائيلي من اية تهمة في مجال تلويث وإفساد مجالاتنا المختلفة، الزراعية والصناعية والدينية.
ينتقل المهدي الى رصد كَمِّ "التطبيع" بين الحكومتين الإسرائيلية والمصرية، ومجالاته. وحتى إذا كان هذا الرصد دقيقاً فما علاقة الجبهة الثقافية به؟ أم ترى المهدي يطلب اليها الانجرار وراء الحكام؟ كما سبق لأحدهم أن انجرَّ، فدأب على استيراد الورق بكميات هائلة من إسرائيل، بواقع مئتي جنيه مصري للطن الواحد، ليبيعه في السوق المصرية بقرابة خمسة آلاف جنيه مصري حوالى الف وخمسمئة دولار. واللافت أن المهدي لم يشر الى المستورد المعني على رغم انه يعرفه، تمام المعرفة، وهو ناشر، استحوذ على دار نشر سبق للقائد الفلسطيني صلاح خلف ابو إياد أن دفع كلفتها ثم ضاعت... ربما كانت حجة المهدي هنا أنه اكتفى برصد "التطبيع" الرسمي.
مع هذا كله، فإنني مع سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين في قوله: "إذا كان التطبيع ضرورة أنظمة، فإن المقاومة خيار الشعب، مما جعل سماحته يطالبنا، في وضوح، بأن: "دعوا الحكومات توقّع، ودعوا الشعوب تقاوم"!
كأني بالكاتب يحاول إقناعنا بالأخوّة مع إسرائيل، على حساب الاخوة العربية، عندما يؤكد أن "الحدود الحالية بين مصر وإسرائيل هي الحدود المستقرة والنهائية، والمعترف بها بين الطرفين". في حين ان "الحدود بين مصر والسودان غير مستقرة وليست نهائية". ولا ينسى المهدي أن يكرر ما سبق لغيره من "المطبّعين" أن ساقوه في الحديث عن "معسكر السلام في إسرائيل، وينزلق الى ليّ عنق الحقائق التاريخية التي لا تزال طرية في ذاكرتنا، حين يعيد محاكمة كل من وزير الدفاع الإسرائيلي السابق آرييل شارون، ورئيس الأركان الإسرائيلي السابق رفائيل إيتان 1983 الى "تظاهرات الاحتجاج الوحيدة في الشرق الاوسط، التي اندلعت في تل أبيب والقدس، وسار فيها مئات الألوف، احتجاجاً على غزو لبنان، ومجازر صبرا وشاتيلا، وانتهت الى اسقاط حكومة بيغن اليمينية".
إن الصهيونية وكيانها عدونا المباشر، وهما ليسا نتاج "فنون صناعة الاعداء، التي مارستها القوى الفاشية العربية"، كما يزعم المهدي. إنهما عدونا المباشر، ليس فحسب لأن الصهيونية حركة استعمارية، عنصرية، او لأن الكيان الصهيوني قاعدة للاستعمار، تحرس له مصالحه في وطننا العربي، لقاء ربع مجموع ما يجنيه الاستعمار من هذه المصالح، سنوياً، فضلاً عن دور ذلك الكيان في منع الوحدة العربية، وإجهاض محاولات التنمية والتقدم العربية، بل - اساساً - لأن هذا الكيان يقوم على ترابنا الوطني، ويغتصب أملاكنا وحقوقنا ويهدد المجال العربي بالتوسع قديماً ب"إسرائيل الكبرى" والآن ب"إسرائيل العظمى". اما تدريس الحكومة الإسرائيلية مادة "مذبحة كفر قاسم" فليس إلا من باب الإقرار بالوقائع الدامغة، فيما أشعار محمود درويش تعرّف الإسرائيليين بعدوهم، الامر الذي تتطلبه المواجهة.
بعد هذا كله، يتورط المهدي في أمر مستهجن، إذ يرى أن ثمة تحالفاً بين اليمين العنصري الإسرائيلي وأعداء الديموقراطية والفاشيين العرب، الذين يطوّقون كل إمكانية للحوار... والتطبيع هو الشفرة الجديدة بين اطراف ذلك الحلف القديم بين الفاشية على الجانبين.
ذلك الحلف المقدس "الذي قاد الصراع، خلال نصف قرن حتى الآن..."!، بما يعيد الى الأذهان ما ساقه "مطبّعون" قبل ست سنوات، حين حثوا معارضي اتفاق الاذعان أوسلو على التحالف مع اقصى اليمين الإسرائيلي، المعارض لذلك الاتفاق.
وتجاهل المهدي والمطبّعون الذين سبقوه البون الشاسع بين معارضة الظالم اقصى اليمين الإسرائيلي وبين معارضة المظلوم الوطنيين العرب، إذ يعارض الظالم مطالباً بتعظيم المكاسب الإسرائيلية، فيما يعارض المظلوم العربي، محاولاً تقليل تلك المكاسب. وهذه فكرة مقتبسة عن الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، الذي لا يمكن اعتباره - بأي حال من الاحوال - من "القوى الظلامية" او "متشدداً" أو "متطرفاً".
* كاتب فلسطيني مقيم في مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.