المعارضة العراقية بطبيعة عملها السياسي المبرمج ليست جديدة على الساحة، بل هي معارضة وطنية لها تاريخ مشهود يعود إلى سنوات مبكرة من عمر الدولة، وكان لها دورها الفاعل في تسييس الشارع بمختلف قومياته .... المعارضة العراقية اليوم تمتلك كل المقومات التي تجعل منها قوة قادرة على القيام بعملية التغيير الذي لا يكتب له النجاح إلا إذا تسنى لها ترتيب نهج أقرب للواقعية ...، لكنها، وللأسف الشديد، لاهية جارية في وادٍ لا علاقة له بوادي الشعب، حيث نراها تبكي على ليلاها مسرعة لحضور مؤتمر هنا وآخر هناك .... ويمكن لمتتبع مجريات الأحداث على ساحة العراقيين لأدرك ذلك منذ مؤتمر بيروت 1991 لغاية مؤتمر نيويورك نهاية 1999. وسبب ذلك هو فقدان النفس الجدي الصادق في العمل وابتعادها عن الروح الاستقلالية في القرارات لغالبية الفصائل التي أصبحت ذيلية لقوى خارجية .... إن حال عدم التوافق والانسجام بين أطراف المعارضة العراقية وخصوصاً بعد انتفاضة عام 1991، هو الذي فسح المجال لغير العراقيين من بسط نفوذه على كافة الفصائل باستثناء القلة القليلة التي تمتلك القرار الحر المستقل .... وهناك من الأحزاب لم تنظر للعراق كدولة قائمة بذاتها تحوي في ثناياها أعراقاً وقوميات متآخية ذات تاريخ وحضارة يجب ان تشترك جميعها في عملية البنيان، بل العكس تنوي احتواءها ومصادرة حقها القومي المشروع متهمة أياها بالتقسيم والانفصال، ما أضعف الثقة في التعامل النزيه ان لم يكن افقدها الثقة بسبب هذه التصرفات أو تلك. أما بخصوص المؤتمر الأخير لقسم من فصائل المعارضة العراقية الذي تم في نيويورك في تشرين الأول اكتوبر 1999 وأظهرت فيه أحزاب كثيرة تحفظاتها عليه، منطلقة من مكان عقده وآليات التحضير له، إلى نفوذ الولاياتالمتحدة على مقدرات الاجتماع مثل التيار الإسلامي والحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث المناوئ للنظام العراقي، إلى جانب بعض الفصائل الصغيرة التي لا حول لها ولا قوة. وإذا سأل سائل إذا كان الاجتماع تم عقده في طهران ماذا سيكون موقف التيار الإسلامي؟ ألم يكن أول المشاركين. وللحزب الشيوعي نقول إذا كان الاتحاد السوفياتي لا زال قائماً واستضافت موسكو اجتماعاً موسعاً للمعارضة، هل كان سيبرز عداوته ومواقفه المتصلبة له؟ أما عن حزب البعث، أو ما يسمى بالتيار القومي العروبي، فإنه وبكل واقعية لا يستطيع الاجتماع في أي بلد كان إلا باستشارة وتخويل من دولة المعقل .... وهنا أنوي التعرج على حقيقة، والمعارضة العراقية على يقين بها، مفادها ان لا واشنطن أو نيويورك ولا طهرانوموسكو يذرف الدموع على الشعب العراقي ويقدم العون الجاد للمعارضة، ما لم ينطلق من حالة لا ثانية لها وهي مصلحته أولاً وأخيراً. علماً أن المعارضة العراقية دائماً تنادي وتصرخ ان عملية اسقاط الديكتاتور العراقي يجب أن يكون من انتاج داخلي وبسواعد ذاتية لا أجنبية .... ديترويت - رامن اوراها مواطن عراقي