جامعة نورة تدفع بخريجات الدفعة الأولى للغة الصينية    500 من ذوي الشهداء والمصابين يتأهبون للحج    محافظ هيئة الاتصالات يتفقد خدمات الاتصالات والتقنية في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 11853 نقطة    "هيئة النقل" لحملات الحج: بطاقة السائق ضرورية    منع العمل تحت أشعة الشمس السبت المقبل    السفارة بمصر للمواطنين: سجلوا بياناتكم لاستخراج إقامة    تراجع أسواق الأسهم الأوروبية واليورو بعد نتائج انتخابات الاتحاد الأوروبي    مانشيني: سنخوض "كأس الخليج" بالتشكيلة الأساسية    المنتخب السعودي يحصد 5 جوائز بأولمبياد الفيزياء    حاجة نيجيرية تضع أول مولود بالحج    واشنطن تدرس التفاوض مع حماس لإطلاق أسراها    أمير تبوك يوجّه باستمرار العمل خلال إجازة عيد الأضحى    وصول 1075 من ضيوف خادم الحرمين من 75 دولة    سمو أمير الباحة يستقبل مساعد وزير الرياضة ويبحث احتياجات المنطقة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية البرتغال بذكرى اليوم الوطني لبلاده    حساب المواطن يودع 3.4 مليار ريال مخصص دعم شهر يونيو    الذهب يستقر عند 2296.17 دولار للأوقية    وزير التجارة يصدر قرارًا وزاريًا بإيقاع عقوبة مباشرة على كل من أخلّ بأداء واجبه في إيداع القوائم المالية    الطقس : حاراً إلى شديد الحرارة على الرياض والشرقية والقصيم    خادم الحرمين يأمر باستضافة 1000 حاجّ من غزة استثنائياً    انحفاض الإنتاج الصناعي 6.1% في أبريل    تطوير مضاد حيوي يحتفظ بالبكتيريا النافعة    بدء أعمال المنتدى الدولي "الإعلام والحق الفلسطيني"    "الرياض للبولو" يتوّج بطلاً لبطولة تشيسترز ان ذا بارك    عبدالعزيز عبدالعال ل«عكاظ»: أنا مع رئيس الأهلي القادم    400 مخالفة على الجهات المخالفة للوائح التعليم الإلكتروني    شرائح «إنترنت واتصال» مجانية لضيوف خادم الحرمين    بعد ياسمين عبدالعزيز.. ليلى عبداللطيف: طلاق هنادي قريباً !    شريفة القطامي.. أول كويتية تخرج من بيتها للعمل بشركة النفط    المجلس الصحي يشدد على مبادرة «الملف الموحد»    قيادات تعليمية تشارك القحطاني حفل زواج إبنه    الحج عبادة وسلوك أخلاقي وحضاري    «التعاون الإسلامي»: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء    العطلة الصيفية واستغلالها مع العائلة    الأمريكي" غورست" يتوج ببطولة العالم للبلياردو    وزارة الحج تعقد دورات لتطوير مهارات العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    إعادة تدوير الفشل    خلود السقوفي تدشن كتابها "بائعة الأحلام "    "السمكة المتوحشة" تغزو مواقع التواصل    11 مبادرة تنفيذية لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    الداخلية تستعرض خططها لموسم الحج.. مدير الأمن العام: أمن الوطن والحجاج خط أحمر    رسالة جوال ترسم خارطة الحج لشيخ الدين    أمير القصيم يشيد بجهود "طعامي"    محافظ الأحساء يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    «فتيان الكشافة» يعبرون عن فخرهم واعتزازهم بخدمة ضيوف الرحمن    استشاري:المصابون بحساسية الأنف مطالبون باستخدام الكمامة    الدكتورة عظمى ضمن أفضل 10 قيادات صحية    رئيس جمهورية قيرغيزستان يمنح رئيس البنك الإسلامي للتنمية وسام الصداقة المرموق    وفد الشورى يطّلع على برامج وخطط هيئة تطوير المنطقة الشرقية    التخبيب يهدد الأمن المجتمعي    تغييرات الحياة تتطلب قوانين جديدة !    رئيس الأهلي!    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    فشل التجربة الهلالية    انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    أمير تبوك يواسي عامر الغرير في وفاة زوجته    نفائس «عروق بني معارض» في لوحات التراث الطبيعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمير جيش الانقاذ في الغرب الجزائري يروي ل"الحياة" تفاصيل ميلاد الحركة الاسلامية المسلحة . أحمد بن عائشة: حق العمل السياسي مضمون في اتفاق الهدنة
نشر في الحياة يوم 03 - 02 - 2000

اكد امير جيش الانقاذ احمد بن عائشة ل"الحياة" ان حق العمل السياسي مضمون في الاتفاق، وان العفو الشامل يعطي الحقوق السياسية لعناصر جيش الانقاذ لكي يعودوا الى ممارسة السياسة، وأبدى تخوفه من "المشبوهين" داخل النظام وخارجه من ان يعتدوا على العناصر البارزة في التنظيم.
وكشف ل"الحياة" انه لم يلتق مدني مزراق حتى الآن، وان عدد المسلحين الذين شملهم العفو بلغ 3500 مسلح، اما عدد المسلحين الرافضين للوئام في غرب الجزائر لا يتجاوز ال600 مسلح. واوضح ان ممثل جيش الانقاذ في الخارج هو رابح كبير فقط. وطعن في شرعية الانتخابات بما فيها الانتخابات الرئاسية في 15 نيسان ابريل الماضي بحجة عدم اشراك مرشحين من الانقاذ. وان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يحظى بدعمهم، لانه يسعى الى اعادة الشرعية للبلاد.
والشيخ احمد بن عائشة من مواليد الشلف غرب الجزائر عاش في الموافقية وحصل على البكالوريا العلمية، ليلتحق بجامعة وهران وينال ليسانس في البيولوجيا، ثم يتابع دراسته العليا في جامعة قسنطينة ليحصل على دبلوم الدراسات المعمقة في علم النبات.
انتخب عضواً في مجلس الشعب عام 1991، وبعد الغاء المسار الانتخابي، حاولت جهات اغتياله فالتحق بالجبال لينشئ مع رفاقه الحركة المسلحة الممثلة في "جيش الانقاذ".
انتقلت "الحياة" الى مقر قيادته في الشلف والتقت به لساعات عدة، وتجولت في المنطقة.
وهنا نص الحديث:
المعروف عن احمد بن عائشة انه شارك في المسيرات الاحتجاجية لاضرابات حزيران يونيو 1991، وفاز بعضوية مجلس الشعب في 26 كانون الاول ديسمبر من السنة نفسها، فكيف التحق بالجبل وحمل السلاح؟
- عندما وقع الانقلاب عام 1991 على "الجبهة الاسلامية للانقاذ" وتم توقيف المسار الانتخابي في 11 كانون الثاني يناير 1992 وجدتني مطارداً، ومتابعاً من قبل عناصر النظام، وحاولت الفرار، متنقلاً بين الاقارب والاصدقاء، الا ان مرضاً اصابني فنقلت الى مستشفى العطاف في ولاية الشلف، فتم القاء القبض عليّ وقدمت الى العدالة وبقيت في وضعية الافراج الموقت، وعدت الى العمل الدعوي في مسجد في حي الموافقية الى ان اطلق مجهولون النار عليّ بعد صلاة العشاء، فالتحقت بالاخوة في الجبال، وذلك عام 1993، ولا اعرف الجهة التي اطلقت عليّ النار.
وكنت انشط ضمن مجموعة مسلحة تحت اشراف الاخ شنوف رئيس احدى بلديات الشلف، وكنت اعمل مع مجموعة مستغانم وغليزان في جبال الظهرة.
وكيف تحولت من العمل تحت امارة الشيخ عبدالقادر شبوطي على المستوى الوطني الى قيادة المنطقة الغربية؟
- كانت الحركة الاسلامية المسلحة عام 1993 تعمل بالتنسيق مع الاخوة في الوسط والشرق، بقيادة عبدالقادر شبوطي، سعياً الى الهيكلة على مستوى الولايات، وكان الاخ شنوف المسؤول على مستوى ولاية الشلف.
وفي عام 1994، أُعيد تنظيم هذه الحركة الاسلامية المسلحة، لتحمل اسم "الجيش الاسلامي للانقاذ" بقيادة ابو الهيثم مدني مزراق وتم تقسيم الجزائر الى ثلاث مناطق وهي الشرق بقيادة مدني مزراق والوسط بقيادة كرطالي والغرب تحت قيادتي العسكرية. ووقع اجتماع في الشرق وآخر في الغرب وتم الاتفاق على ان يكون الاخ مدني مزراق اميراً وطنياً للتنظيم، والاجتماع الذي وقع في الشرق حضره ممثلنا الاخ ابو اسامة، بينما الاجتماع الذي وقع في الغرب حضره اخونا مصطفى كبير.
يقال انكم لم تلتقوا مدني مزراق حتى الآن، فكيف تمت عملية التزكية؟
- صحيح اننا لم نلتق حتى الآن لكن كانت لنا اتصالات متواصلة عبر مبعوثين لنا، وانه اخذ رأينا في رئاسة مدني مزراق للتنظيم.
وماذا عن "الجماعة الاسلامية المسلحة" التي وقفت ضد التنظيم؟
- لم تكن لي شخصياً علاقات بقيادتها، ولكن مجاهدي تنظيمنا يلتقون مع مجاهدي التنظيمات الاخرى.
وكيف كانت علاقتك بكل من كرطالي وعلي بن حجر؟
- بالنسبة لتنظيم علي بن حجر فهو خاص به، ويحمل اسم رابطة الدعوة والجهاد، لكن بالنسبة لكرطالي فهو المسؤول عن التنظيم على مستوى الوسط. وكان لنا مجاهدون مكلفون بالاتصالات بين الجهات الثلاث لتنظيمنا، ولم يكونوا من الاسماء البارزة.
وما هي القناعات التي انطلقت منها الى حمل السلاح؟
- انطلقنا من القناعة الشرعية التي تقول "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، وان الله على نصرهم لقدير". ولما كنا مهددين بالقتل لم يكن لنا خيار آخر غير حمل السلاح.
لكنكم تزعمون ان الشعب معكم، وبالتالي، لا ارى ضرورة للجوء الى العنف؟
- لو اتجه الشعب الى طرق اخرى لكنا معه.
لكنكم تشكلون قيادته التي انتخبها في 26 كانون الاول 1991؟
- لم اكن واحداً من مجموعة القيادات الوطنية للحزب، ولو اتجه الشعب الى اي عمل لردّ العدوان لوجدنا معه.
هل استشرتم الجناح السياسي للانقاذ حين فكّرتم في انشاء جناحه المسلح؟
- كانوا يومها في السجن، ولما التحق بنا الشيخان عبدالقادر بوخمخم وعلي جدي اثناء خروجهما من السجن عام 1994 ابلغناهم بدعمنا لمجهود القيادة السياسية في حل الازمة.
لكنكم لم تصدروا اي بيان يدين العنف او تتبنوا الاتصالات الجارية مع السلطة رسمياً؟
- نحن حملنا السلاح لردّ العدوان ومن اجل عودة السلم.
حملتم شعار الدفاع عن "المشروع الإسلامي"، فهل يعقل أن تحملوا السلاح من أجل تكريسه في بلد مسلم؟
- نحن دافعنا عن انفسنا.
إذاً لم تدافعوا عن المشروع الإسلامي؟
- دافعنا عن انفسنا من خلال المشروع.
هل يمكن التوضيح أكثر؟
- انهم اعتدوا عليّ من أجل المشروع الإسلامي الذي أحمله ولم يعتدوا عليّ كشخص اسمه أحمد بن عائشة. اعتدي عليّ كإنسان موجود في تنظيم يسمى "الجبهة الإسلامية للإنقاذ".
لكن هذا التنظيم السياسي فاز بغالبية المقاعد في انتخابات 1991 وخلفه شعب ولا يحتاج إلى حركة مسلحة لحمايته؟
- لكن هل يحق لي ان اترك ابناء المشروع الإسلامي يقتلون أمامي!
أولم يدافعوا عن مشروع؟
- من أراد السلم فليستعد للحرب، فالسلم يدافع عنه بالحرب.
غاندي حرر الهند من الانكليز من دون اللجوء إلى العنف؟
- الوضعيتان مختلفتان. فالوضع في الهند كان لا يقتضي حمل السلاح، ولكن لو تعرض غاندي إلى القتل لدافع عن نفسه، اللهم إلا إذا لم يكن بشراً. وهذا منطق بشري قبل أن يكون منطقاً إسلامياً، فالإنسان منحته الشرائع الأرضية حق الدفاع عن نفسه.
لكن غاندي حاول أن يقتله مسلم وعفا عنه قبل موته؟
- هذا قد يكون حقاً له يتجاوزه، لكن من حقه أن يرد، وعدم الرد مسألة أخرى.
ولما تكون المسائل مرتبطة بأشخاص يمكن تجاوزها، كما فعلنا في اضرابات حزيران يونيو 1991، لأنها كانت مسألة مرتبطة باعتداء على أفراد، لكن حين كبرت القضية وصارت أخطر، وهي الاعتداء على المشروع، وصار كل مناضل مهدد بالقتل تغير الموقف، على رغم اننا لا نعرف من أين جاء التهديد.
هل استطيع القول إن أساس حملكم السلاح هو ان هناك من يريد قتلكم؟
- إنها شرعية الدفاع عن النفس، لقد تأكدت هذه الشرعية من خلال مشروع "الجبهة الإسلامية للإنقاذ".
بررت السلطة فشل الاتصالات مع قيادة الإنقاذ بعدم تحكمها في المسلحين في الجبال، فهل اعطيتم لها تفويضاً للحديث باسمكم؟
- نعم. اعطينا للشيوخ كل الصلاحيات للتفاوض مع السلطة باسمنا.
ولماذا تفاوضتم في غيابهم، بعد فشل اتصالاتهم مع السلطة؟
- لأن الأمر تأزم أكثر فأكثر، وكاد أن يؤدي إلى المجهول أو ما لا تحمد عقباه.
هذا يعني انكم تخليتم عن الجناح السياسي للإنقاذ؟
- بل دعمناه في المواقف التي انطلق منها.
لكن الرسالة الأخيرة للشيخ عباسي مدني إلى الشيخ علي بن حجر تقول غير ذلك؟
- تلك الرسالة لا تزال حولها علامات استفهام كبيرة، وهناك رسائل أخرى قبلها دعمت مسعى السلم والوئام، فلماذا تتجنب ذكرها؟
كان للشيخ عباسي موقف واضح من الوئام، لأنه، في نطره، حل لا يجب ان نتجاوزه. ورسائل عباسي وتصريحات بوتفليقة واضحة، وهي أنه لا بد أن نساهم في ايجاد حل. أما ان تأتي رسالة مجهولة لتبنى عليها كل القضايا في الوقت الذي توجد لدينا رسائل معلومة وموقعة تعبر عن إرادة الشيخ عباسي مدني بوضوح، فهذا أمر غريب حقاً. كيف نترك الواضح والممضي ونأخذ برسالة مجهولة اعتقد ان بعض الاخوة في قيادة الإنقاذ يشاطروني الرأي، ثمة ان هذه الرابطة علي بن حجر التي تبنت موقفاً مع الرسالة، سرعان ما مشت في الحل، وكأن هناك مؤامرة ضد الشيخ عباسي.
ما زلتم متمسكين بالقيادة السياسية للإنقاذ؟
- نعم. ما زلنا متمسكين بالقيادة السياسية وعلى رأسها الشيخان عباسي مدني وعلي بن حاج.
وما هي الضمانات التي قدمت لكم لوضع السلاح والدخول في هدنة ثم حل التنظيم؟
- أول ضامن في هذه القضية هو الشعب الجزائري الذي يسمع ويتابع هذه المواقف المتخذة من قبل النظام في حق الجيش الإسلامي للإنقاذ، وأول ما اتخذ هو البيان الرسمي والعفو الرئاسي الشامل الصادر في الجريدة الرسمية يوم 10 كانون الثاني الماضي، فهو عقل يسترجع من خلاله أبناء جيش الإنقاذ كل حقوقهم المدنية، فالشعب شاهد والعالم شاهد والبيان الرئاسي موثق.
وهو خطوة سياسية في طريق الحل وليس كل الحل، وهو أول موقف سياسي في قضية أمنية، لأنه يعطي الحقوق لعناصر الانقاذ ومن اوقفوا اطلاق النار باختيارهم. وهي - إن شاء الله - البداية. علاوة على ذلك، هناك أمور بيننا وبين النظام وهي موثقة ومكتوبة وموقعة.
لأنها ممثلة في شخص واحد لكم؟
- لأن التنظيم يمثله شخص واحد.
العفو الشامل لا يكون إلا عن المجرمين، وهو ادانة لكم وليس إعادة الاعتبار؟
- العفو القانوني هو الذي يحمل هذه الادانة، أما العفو السياسي فهو إعادة اعتبار. والعفو الذي صدر في حقنا سياسي يقصد منه التسامح والمصالحة الوطنية، أو لم يعد المسلحون إلى بيوتهم وبحوزتهم ما يدل على ذلك.
لكن العفو الشامل كان مجرد وثيقة لاجراءات إدارية بحتة؟
- نعتقد ان ما صدر من أجلنا هو عفو سياسي يعطي الحقوق لكل العناصر، ويعطى مسؤوليات لمعالجة الملفات العالقة.
المعروف، في الاعراف الدولية، ان العفو الشامل يصدر بعد حل التنظيم العسكري وليس قبله، فلماذا لم تحترموا الدولة؟
- ما تقوله لا ينطبق على الجزائر، فنحن في وضع استثنائي، وكل القضايا كانت تعالج بطريقة استثنائية.
المفاوضات الاخيرة، حسب تصريحات الشيخ بو خمخم، تحمل بعض التنازلات مثل عدم الادماج في المؤسسة لعناصر الانقاذ؟
- نحن لم نتنازل عن اي شيء، نحن خرجنا الى الجبال من اجل رفع الظلم، ولما رفع الظلم انتهت قضيتنا.
وما الذي تمسكتم به في مفاوضاتكم مع المؤسسة العسكرية؟
- تمسكنا بحقنا في حرية التعبير، وحقنا في اختيار المشروع الذي يناسبنا، واختيار من يقودنا، وهي مسائل محسوم فيها.
لكن الشيخ بن عائشة متمسك كذلك بحماية عناصر مجموعته ويطالب النظام بذلك؟
- الهدف من ذلك، هو حماية عناصرنا من المشبوهين في هذا البلد، سواء داخل النظام او خارجه.
من هؤلاء "المشبوهون"؟
- ان ما افرزه الصراع هو ظهور جماعات مشبوهة، الى درجة انه طرحت مرة من المرات تساؤلات: "من يقتل من"؟
وهذا ما يجعلنا نحرص على ان يبقى الاخوة البارزين في حماية انفسهم سواء من طرف النظام او بأسلحتهم. وهؤلاء الاخوة موجودون في مناطق بها عناصر من الجماعة المسلحة.
لنتحدث بالارقام. ما هو عدد الذين تحصلوا على العفو الشامل في تنظيمكم؟
- اكثر من 3500 مقاتل في اطار تنظيمنا.
وبالنسبة للذين رفضوا الوئام المدني واختاروا البقاء في الجبال؟
- اعتقد انه لا يتجاوز ال600 عنصر، وهذا بالنسبة لجهتنا فقط، فهناك 100 فرد من الجماعة المسلحة، وحوالى 250 فرداً من كتيبة الاهوال، اما الخارجون عن الجماعة في المنطقة الرابعة من تلمسان حتى سعيدة فلا يتجاوزون ال250 عنصراً.
وأين مسعاكم في اقناعهم بالعدول عن حمل السلاح؟
- سعينا مع هذه الجماعات لا يزال مستمراً، ولم يتوقف حتى اليوم والدليل هو ان هناك عدداً كبيراً تجاوب معنا والتحق بالوئام المدني.
ولماذا تفسرون ظاهرة المجازر التي تتكاثر في منطقة الشيخ احمد بن عائشة؟
- تفسيرنا واضح وهو غياب الشرعية، فاللاشرعية المتمثلة في الفوضى العارمة هو سبب انتشار هذه الظاهرة. وما ترتكبه الجماعة الاسلامية المسلحة من مجازر معروف وظاهر وهو ليس من الاسلام في شيء، وانما هو انحراف، واسبابه طبعاً انحراف في فهم الشرع.
لكن هناك ايضاً مجازر اخرى، لحد الآن، لم يعرف مرتكبوها، لأنها وقعت في اماكن لا توجد فيها الجماعات الاسلامية المسلحة. وتبين ان الكثير ممن ارتكبوا هذه المجازر من جماعات اخرى.
لم افهم ما تريد الاشارة اليه؟
- مثلاً، الرجل الذي قتل مع زوجته وابنائها الستة اخيراً في تلمسان اكتشف انه ابن الزوجة الثانية لهذا الرجل.
وعليه اقول: ان هناك مجازر ارتكبت لاسباب مادية او عروشية أو لاسباب اخرى.
هل هناك مجازر ارتكبت من اطراف داخل النظام؟
- اسأل النظام يجيبك عن ذلك.
لكنكم تحملون السلاح ولكم رأي فيها، وتمثلون معارضة النظام. فماذا تتهمونه اذا لم يكون متورطاً في الجرائم؟
- نحن نحمّل النظام مسؤولية باب غلق الشرعية وفتح باب اللاشرعية، فهو الذي سمح بذلك.
دائماً تتحججون بغياب اللاشرعية وكأنه لم تحدث انتخابات في الجزائر منذ توقيف المسار الانتخابي في 1992؟
- النظام غير شرعي لأن الغالبية كانت ممنوعة من المشاركة في العملية الانتخابية فكيف تكون هناك شرعية في غيابها، وهي ممثلة في الجبهة الاسلامية للانقاذ.
هناك احزاب اسلامية اخرى تحمل المشروع نفسه الذي حملتموه وشاركت في الانتخابات الرئاسية والمحلية والتشريعية؟
- اعتقد ان الغالبية التي تمثلها جبهة الانقاذ كانت موجودة يوم ظهور هذه الاحزاب التي تتحدث عنها.
لكن الشعب لم يمنع من التصويت في يوم من الايام؟
- الشعب عنده اختيار، وما دامت الشريحة التي تمثله لم تشارك في الترشح، لأنه لم يسمح لها بذلك، فاذن هناك غياب للاغلبية، لانه لم يشارك ولم يخير من يثق فيهم.
هذا يعني انكم تشككون في كل الانتخابات التي جرت في البلاد منذ انتخاب الرئيس اليمين زروال عام 1995 لغاية انتخاب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في 15 نيسان ابريل الماضي؟
- طبعاً. نشكك في كل الانتخابات ما دامت ارادة الامة او الغالبية ممنوعة، فهذه كلها عبارة عن انتخابات لأقلية، ولا يمكن للأقلية ان تمثل الشرعية.
كيف يمكن ان نطعن في انتخابات رئيس جمهورية منحكم العفو الشامل؟
- لانه هو ايضاً يسعى لاسترجاع هذه الشرعية، ولا بد ان نساعده في استرجاع هذه الشرعية، ويوم تعود الشرعية ويفتح المجال لكل ابناء الشعب الجزائري يومها نتكلم عن الشرعية. لكن بوتفليقة جاء للمساهمة في عودة الشرعية.
لكنكم كذلك قمتم بعمل مخالف عندما تفاوضتم مع المؤسسة العسكرية في غياب قياداتكم السياسية؟
- الجناح السياسي ليس غائباً في الحل الذي توصلنا اليه مع السلطة.
والدليل هو ان الحل بدأ بالافراج عن الشيخ عباسي مدني، وعبدالقادر حشاني وبقية الشيوخ، الى جانب اكثر من 5 آلاف سجين من الجبهة الاسلامية للانقاذ.
وعملية الافراج كانت ضمن حلقة الهدنة.
لكن الهدنة بدأت في الفاتح من اكتوبر 1997 في حين ان عمليات الافراج عن الشيوخ سبقت ذلك؟ فكيف تتفاوضون بعد فشل الجناح السياسي في ذلك؟
- نحن نتكامل في الجبهة الاسلامية للانقاذ ولا نتقاطع، كل من جاءته الفرصة لأن يقدم شيئاً للأمة فليقدمه، فالأمر ليس محصوراً في شخص معين. انما الأمر المتفق عليه هو الوصول الى حلّ سياسي، سواء جاء ذلك عن طريق من في السجن او المفرج عنهم او من هم في الجبال، ولا إشكال في ذلك.
وعندما تحل القضية الأمنية سياسياً، فبقية القضايا سهل حلّها، لأن الاشكالية هي في حملة السلاح.
هل يعني ان فشل الاتصالات بين السياسيين في الجبهة والسلطة هو الذي أدى الى نجاح المفاوضات بين العسكريين؟
- المسألة مرتبطة بالفعالية، ووجود اصحاب الفعالية في الميدان وفر الحل، ولأن المسلحين دفعوا الثمن غالياً، وكذلك الطرف الآخر، ولهذا فكر الطرفان في حل جاد للأزمة. وانهاء سفك الدماء هو أولوية الجميع سواء السياسيين او العسكريين. والعملية ليست سهلة بالنسبة الينا.
هل اطلعتم قيادة الانقاذ السياسية على مضمون الاتفاق الذي ابرمتموه مع المؤسسة العسكرية؟
- نحن كنا نطلع كل الاخوة على كل خطوة نقدم عليها، بمن فيهم الشيخ عباسي مدني، باستثناء الشيخ علي بن حاج، وحتى الخطوة الأخيرة اطلعوا عليها.
هل يمكن معرفة محاور بنود الاتفاق مع السلطة؟
- المحور الأساسي هو وضع آليات لادماج كل أبناء الجزائر الذين عاشوا هذه المأساة، بصفة سهلة وسريعة، حتى يتوافر الجو لممارسة سياسية، وحتى القضايا المتعلقة بالمفقودين والمسجونين موجودة في اتفاق الهدنة.
وما دمنا ذاهبين الى المصالحة الوطنية فإن المسائل المتعلقة بذلك درست ووضعت لها الحلول.
وبالنسبة لشيوخ الانقاذ المسجونين؟
- القضية موجودة في الاتفاق والممارسة السياسية مسموح بها لكل من له الحق في ذلك وفق الدستور، والمصالحة تعني عدم الاقصاء.
وماذا عن عملية الادماج في المؤسسة العسكرية؟
- السلطة وجدت في ذلك صعوبة، ولكن ما زلنا مستعدين لكل ما تطلبه الدولة من اجل الدفاع عن الوطن وحماية الاسلام.
الاسلام ليس فيه غموض، وأنتم مسلمون ولكن تمارسون التكتم حول قضايا مصيرية مثل مضمون الاتفاق فماذا يعني ذلك؟
- السرية من اساسيات الاسلام. فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول "استعينوا على قضاء حوائجكم بالسرية والكتمان" وعندما تقتضي المصلحة ذلك، تصبح السرية من خصوصيات المسلم، وهناك في الاسلام ما يسمى بتقدير المصالح والمفاسد. وما دامت المصلحة في السرية فهي اولى من العلنية وهذا تقديرنا.
ومتى يعلن رسمياً عن الاتفاق؟
- عندما تقتضي المصلحة.
هل في الاتفاق ما يسمح صراحة بعودتكم الى العمل السياسي؟
- اعتقد ان مرسوم العفو الرئاسي واضح وهو يضمن كل الحقوق الدستورية.
مبررات حملك للسلاح شرحتها لنا فما هي مبررات القاء السلاح؟
- انتهاء مبررات حمل السلاح من اعتداءات وتجاوزات وانتهاكات للحرمات.
هل تحمل جواز سفر؟
- ما زال.
هل تفكر في دعم قيادة الانقاذ ام في تشكيل حزب جديد؟
- نحن نسعى لأن تعطى حرية التعبير لكل أبناء الشعب.
ماذا قرأت خلال وجودك في الجبل؟
- ما قرأته ليس مكتوباً على اوراق وإنما هو واقع معين، قرأت عن الشعب الجزائري في الميدان، وقرأت عن النظام في الميدان، وقرأت عن السياسيين في الميدان.
قرأت كتاباً واقعياً معاشاً وعشت مأساة الشعب الجزائري، وجرم الاعلام الاستئصالي.
من يمثل التنظيم في الخارج؟
- رابح كبير فقط.
وبالنسبة للداخل؟
- نحن موجودون ونمثل انفسنا.
هل تتوقع ان تجد حماساً شعبياً لو تعود الى ممارسة السياسة بعد سنوات الدمار؟
- نعم. أتوقع ذلك.
وما هو دليلك على ذلك؟
- ما أعيشه يومياً. وأنا لم استطع العودة الى داري، لأن الشعب ينتظرني هناك بحماس، ولا أستطيع استقباله في داري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.