إنريكي يسخر من وصف "دوري الفلاحين" بعد بلوغ النهائي    بعد إلغاء جولة "باها تبوك" تويوتا 2025 بطولة السعودية تويوتا للراليات تواصل مسيرتها بثلاث جولات هذا العام    ترامب: نعلم أن الرسوم الجمركية المفروضة على الصين ستنخفض عن 145%    انفجارات تهز مطار مدينة جامو في كشمير الهندية    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على جواهر بنت بندر بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود    مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يتسلم جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية    اللغة تسهل اجراءات مبادرة طريق مكة في إسلام آباد    ابناء علي بن محمد الجميعه رحمه الله يدعمون مبادرات حائل    جناح "مكة عبر التاريخ" يأسر اهتمام الزوّار في معرض "جسور"بكوسوفو    المملكة تنضم إلى اتفاقية منظمة "الفاو" لمكافحة الصيد البحري الجائر    "جامعة نايف" تحصل على اعتماد دولي لكافة برامجها التدريبية    جامعي الخبر يحصل على الاعتماد الكامل من الهيئة المشتركة لاعتماد المنشآت الصحية الأمريكية    تعليم جازان ينظم لقاءً تربويًا بعنوان رحلة التحول في منظومة حوكمة إدارات ومكاتب التعليم لمديري ومديرات المدارس    منظومة رقمية لإدارة دوري روشن بالذكاء الاصطناعي    6 عمليات فصل ناجحة لتوائم ملتصقة "مصريين" بالمملكة    قمة بغداد: نحو نهج عربي جديد    وزارة الثقافة الفلسطينية تطلق جائزة القدس للمرأة العربية للإبداع الأدبي في الرواية العربية المنشورة    ريم العبلي وزيرة في المانيا حظيت باهتمام الناشطين العرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟    إنجازان جديدان لجامعة إماراتية التنبؤ بالجلطات الدموية والعزل بمخلفات النخيل    إستمرار تأثير الرياح النشطة على مختلف مناطق المملكة    أوكرانيا: قصف روسي لعدة مناطق رغم إعلان بوتين عن وقف إطلاق النار    أمير منطقة المدينة المنورة يلتقي وزير التعليم    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الملكي الأميرة/ جواهر بنت بندر بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود    15 مليون دولار مكافأة لتفكيك شبكات المليشيا.. ضربات إسرائيل الجوية تعمق أزمة الحوثيين    تصاعد وتيرة التصعيد العسكري.. الجيش السوداني يحبط هجوماً على أكبر قاعدة بحرية    الزهراني يحتفل بزواج ابنه أنس    "النقل" تمهل ملاك القوارب المهملة شهرًا لمراجعتها    إطلاق أول دليل سعودي ل"الذكاء الاصطناعي" لذوي الإعاقة    صياحه يزعج الجيران.. غرامة بحق بريطاني بسبب ديك    90 مليار دولار إسهام "الطيران" في الاقتصاد السعودي    الخريف التقى قادة "إيرباص" في تولوز .. تعاون «سعودي-فرنسي» في صناعات الفضاء    11 فيلمًا وثائقيًا تثري برنامج "أيام البحر الأحمر"    إبداعات السينما السعودية ترسو في المكسيك    أخبار وأسواق    في ختام الجولة 30 من روشن.. الاتحاد يقترب من حسم اللقب.. والأهلي يتقدم للثالث    في إياب نصف نهائي يوروبا ليغ.. بيلباو ينتظر معجزة أمام يونايتد.. وتوتنهام يخشى مفاجآت جليمت    الأهلي بطلًا لدوري المحترفين الإلكتروني (eSPL)    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم الملتصق الصومالي "رحمة ورملا" إلى الرياض    بين السلاح والضمير السعودي    الرُّؤى والمتشهُّون    ألم الفقد    وأخرى توثّق تاريخ الطب الشعبي في القصيم    استخدام الأطفال المصاعد بمفردهم.. خطر    الرياض تتنفس صحة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى الأحد المقبل    أحمد الديين الشيوعي الأخير    همسة إلى لجنة الاستقطاب    الخط السعودي في مدرجات الذهب.. حين يتجلّى الحرف هويةً ويهتف دعمًا    الأميرة دعاء نموذج لتفعيل اليوم العالمي للأسرة    تطوير قطاع الرعاية الجلدية وتوفير أنظمة دعم للمرضى    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    الموافقة على استحداث عدد من البرامج الاكاديمية الجديدة بالجامعة    الشيخ بندر المطيري يشكر القيادة بمناسبة ترقيته للمرتبة الخامسة عشرة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام للولايات المتحدة الأمريكية    مؤتمر للأبحاث الصيدلانية والابتكار    المرأة السعودية تشارك في خدمة المستفيدين من مبادرة طريق مكة    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حيرة الدليل أمام التلفزيون
نشر في الحياة يوم 24 - 08 - 1999

تنهدت زوجتي بعمق وهي تقول لنفسها: "دليلي احتار وحيرني". ولما كانت هذه الكلمات هي مطلع أغنية للسيدة أم كلثوم، فقد صحتُ مهللاً: الله يا ست... أعد... أعد، ولكني اكتشفت من نظرتها المؤنبة أنها لم تكن تستعد للغناء، وإنما كانت تقصد الشكوى لله - باعتبار أن الشكوى لغير الله مذلة - من أجهزة أعلامنا التي كانت زوجتي تعتبرها دليلها، فاحتارت أجهزة الإعلام وحيّرتها معها.
وعندما سألتها عن سبب هذه الحيرة، قالت إنها كانت تستعمل نوعا من صابون الغسيل، وكان هذا النوع عادة يلحس لون الملابس، أي يجعله باهتاًَ، حتى طلعت عليها أجهزة الإعلام الرشيدة بإعلان في الصحف عن نوع جديد من الصابون، يجعل لون الملابس أكثرة قوة في البريق واللمعان، فبادرت بشرائه، ولكن عندما تعاملت معه وجدت أنه يحافظ فعلاً على بريق ولمعان الملابس، ولكنه أيضاً يحافظ على البقع في الثياب، بل ويجعلها أكثر عمقاً وقتامة!
وأخيراً شاهدت في التلفزيون نجمتها المفضلة التي تختار ادواراً في الأفلام والمسلسلات الجادة الهادفة، وتلعبها بصدقية واقتدار، شاهدت هذه النجمة وهي - وللمرة الأولى - تشترك في إعلان عن منتج جديد من صابون الغسيل، يزيل كل أنواع البقع ويظل لون الملابس على البريق واللمعان نفسيهما، بل شاركت النجمة في الغسيل مع مجموعة من السيدات، وظهرت الملابس في النهاية على شاشة التلفزيون تؤكد صدق ما قالته النجمة.
ساعتها أحست زوجتي أنها أخيراً وجدت ما تنشده، وألقت بكل أنواع علب الصابون السابقة بعيداً، ونزلت مسرعة لشراء المسحوق الساحر الجديد كما وصفته نجمتها صاحبة الصدقية عندها.
لكنها... عندما استخدمته، وجدت أن غسيلها لا يشبه الغسيل الذي شاهدته بعيني رأسها على شاشة التلفزيون، فاحتارت واحتار دليلها معها.
قلتُ لزوجتي إن الحل الوحيد هو أن تأخذ الملابس وتذهب بها إلى مبنى التلفزيون، حيث تشارك السيدات اللاتي يظهرن في الإعلان بصحبة نجمتها المفضلة، وساعتها سيصبح غسيلها ببريق ونصاعة غسيل الإعلان نفسيهما، ويمكنها أن تكرر الذهاب مرات أخرى، خصوصاً أن الإعلان يطل ويلح علينا مرات عدة في اليوم الواحد.
لم تضحك زوجتي العزيزة، بل ازدادت حزنا عندما بدأت أحكي لها عن عصر الاستهلاك المدمر، وأن حكاية صابون الغسيل ما هي إلا أمثلة صغير جداً لبقية الاشياء من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، لو تركت نفسها لهذا النظام الاشترائي! الذي يدعوك باستمرار ويلح في الدعوة أن تترك ما في يدك وتتطلع إلى ما هو أحسن وأكبر وأكثر وأعظم وأفخم، مما يدير رؤوس البسطاء من الناس، فيضطر البعض منهم أن يخالف ضميره وطبيعته لكي يسير في ركاب هذا البريق الزائف، أو أن يعيش في تعاسة بالغة إن لم يستطع أن يواكبهم.
حتى هذه النجمة صاحبة الصدقية في التمثيل ولا تلعب إلا الأدوار الجادة في المسلسلات الهادفة الراقية المستوى، ولأنها تختار أدوارها بدقة، فضلت - في هذا الزمان - أن تشترك في إعلان صابون قد يلحس لون الملابس على أن تمثل في مسلسلات أو في فيلم هابط يلحس دماغ المشاهد المسكين.
بعد صمت حزين تساءلت زوجتي بأسى: وما الحل؟
فأجبتها على الفور: هو ما تعلمناه منك أنا والأولاد طيلة حياتنا، أن يكون عملنا هو هوايتنا ومتعتنا وهدفنا الأول والأخير، وعندها يمكننا أن نستغني به عما عداه.
انفرجت أسارير زوجتي وقالت ضاحكة: ومنكم نستفيد.
فنان تشكيلي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.