أسعار النفط تنخفض بأكثر من دولارين للبرميل    محافظ الدرعية يرعى حفل تخريج طلاب جامعة المعرفة        إغلاق تطبيق Skype للأبد    عادة يومية ترفع معدل الوفاة بسرطان القولون    قبل أن أعرفك أفروديت    سعد البريك    سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم    أطلق 6 مبادرات نوعية.. وزير الموارد البشرية: 72 % معدل الامتثال لمعايير السلامة في بيئات العمل بالسعودية    صناديق الاقتراع ورسائل الأمن.. مساران لترسيخ الشرعية والسيادة.. لبنان يطلق الانتخابات البلدية ويحكم قبضته على «صواريخ الجنوب»    العراق.. 10 أيام إضافية لتسجيل الكيانات الانتخابية    خطة لتوزيع المساعدات تُشرعن التجويع والحصار .. إسرائيل تدير الموت في غزة بغطاء إنساني زائف    اللقب الأغلى في تاريخ قلعة الكؤوس.. عاد الأهلي.. فأرعب القارة الآسيوية    أمير الشرقية يعزي المهندس أمين الناصر في وفاة والدته    برعاية خوجة وحضور كبير.. تدشين كتاب «صفحات من حياة كامل بن أحمد أزهر»    الرفيحي يحتفي بزواج عبدالعزيز    أسرة عصر وأرحامهم يستقبلون المعزين في مصطفى    الداخلية: 100 ألف ريال غرامة لمن يؤوي حاملي تأشيرات الزيارة    122 سفيرا ودبلوماسيا يشهدون لحظة الغروب على كثبان "شيبة" الرملية    "مسيرة الأمير بدر بن عبدالمحسن".. في أمسية ثقافية    بحضور شخصيات من سلطنة عمان.. عبدالحميد خوجه يحتفي بضيوف ديوانيته    القيادة الملهمة.. سرّ التميّز وصناعة الأثر    الأمير سعود بن جلوي يتفقد مركز ذهبان ويلتقي الأهالي    التقى أمير المدينة والأهالي وأشاد بالتطور المتسارع للمنطقة.. وزير الداخلية يوجه بمضاعفة الجهود لراحة قاصدي المسجد النبوي    انطلاق المعرض العائم اليوم في جدة.. 60 مليار ريال سوق «الفرنشايز» في السعودية    شيجياكي هينوهارا.. كنز اليابان الحي ورائد الطب الإنساني    "الغذاء" تسجل دراسة لعلاج حموضة البروبيونيك الوراثي    ضمن فعاليات "موسم الرياض" لاس فيغاس تحتضن نزال القرن بين كانيلو وكراوفورد سبتمبر المقبل    أمير تبوك يهنئ نادي الاهلي بمناسبة تحقيق دوري أبطال اسيا للنخبة    «البرلماني العربي» يدعم القضية الفلسطينية ويرفض التهجير    المملكة تختتم مشاركتها في معرض مسقط الدولي للكتاب 2025    المملكة تدين استهداف المرافق الحيوية في «بورتسودان وكسلا»    الملك يتلقى دعوة من رئيس العراق لحضور القمة العربية    رئيس إندونيسيا يشيد بجهود المملكة في تيسير رحلة الحجاج    الشاب خالد بن عايض بن عبدالله ال غرامه يحتفل بزواجه    بلدية محافظة عنيزة تعزز الرقابة الميدانية بأكثر من 26 ألف جولة    منجزات رياضية    اختتام بطولة المنطقة الوسطى المفتوحة للملاكمة    المملكة تتقدم 28 مرتبة بتقرير مخزون البيانات المفتوحة    8683 قضية تعديات واستحكام الأراضي    الفيدرالي يقود المشهد الاقتصادي العالمي في أسبوع مفصلي    إقبال كبير على معرض المملكة «جسور» في كوسوفو    فيصل بن نواف يتفقد مشروع داون تاون ببحيرة دومة الجندل    أمير جازان يلتقي مدير فرع "العدل"    أمير الرياض يطّلع على جهود وأعمال الدفاع المدني    «حقوق الإنسان» تثمّن منجزات رؤية 2030    "الشؤون الإسلامية" تنفذ برامج التوعية لضيوف الرحمن    إطلاق مبادرة المترجم الصغير بجمعية الصم بالشرقية    "المنافذ الجمركية" تسجل 3212 حالة ضبط    تنفيذ 15 مشروعاً بيئياً في جدة بأكثر من 2.3 مليار ريال    رئيس إندونيسيا يشيد بجهود المملكة في "مبادرة طريق مكة"    بيئة المملكة خضراء متطورة    إطلاق عمارة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ضمن خريطة العمارة السعودية    مختص: متلازمة التأجيل تهدد الصحة النفسية والإنتاجية وتنتشر بين طلاب الجامعات    محاضرات ومشاريع تطويرية تعزز ثقافة الرعاية في مستشفى الملك سلمان    تخريج 331 طالبًا وطالبة من جامعة الأمير مقرن    شاهد.. وزير الدفاع يشهد تمرين القوات الخاصة "النخبة"    جامعة جازان تحتفي بخريجاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البير كامو نشر ديوانه الأول ورنيه شار قدمه . جان سيناك الفرنسي أو "يحيى الوهراني" الجزائري مناضلاً وحالماً
نشر في الحياة يوم 28 - 06 - 1999

عاد الشاعر الفرنسي - الجزائري جان سيناك الذي قتل في العام 1973 الى الواجهة الأدبية في باريس بعدما صدرت أعماله الشعرية الكاملة عن دار "أكت سود" ورافقها كتابان، الأول للناقد والشاعر الجزائري جمال الدين بن شيخ وعنوانه "جان سيناك شاعر الضفتين الخفي" دار سيفييه والثاني "من أجل أرض ممكنة" دار مارسا. وتعريفاً بالشاعر الذي ظل موته غامضاً هذا المقال وهذه المختارات.
"الشعر كمين" هكذا كتب بل هكذا كان قدره المحتوم. جان سيناك، شاعر وكاتب من أصل فرنسي، ولد بالجزائر وبقي وفياً لها. ناضل من أجل استقلالها، وفي وقت كان الأوروبيون الأقدام السوداء يغادرونها بعد الاستقلال، عاد هو اليها ليستقر فيها ويساهم في حياتها الثقافية مؤسساً فاعلاً ثقافياً متفرداً حتى اغتياله بها منذ 26 سنة.
ولد جان سيناك عام 1926 في مدينة بني صاف في أقصى الغرب الجزائري على الحدود الجزائرية - المغربية أمه جانّ كوما هي ابنة عامل منجم نزح من اسبانيا. لم يعترف به أبوه إدموند سيناك، وقد انتقل للعيش مع أمه في مدينة وهران. في نهاية الثلاثينيات وبداية الأربعينات ووسط أجواء الحرب العالمية الثانية بدأ الكتابة والنشر.
في 1943، حصل على الشهادة الإعدادية. وعمل مدرساً في مدينة معسكر في الغرب الجزائري. في 1944 تجند جان سنياك في القوات الجوية في مدينة البليدة وسط الجزائر. وبعد اعفائه من التجنيد في 1936 استقر في الجزائر العاصمة. وهناك تعرف على مجموعة كبيرة من الكتّاب وخصوصاً من خلال جمعية الكتّاب الجزائريين وقد انخرط بسرعة في النشاط الثقافي. في 1949، التحق سيناك بإذاعة الجزائر. وبعد سنة أسس مع مجموعة من زملائه في الإذاعة مجلة "شمس" التي ظلت تصدر حتى 1952. وفي آب أغسطس من العام 1950 حصل على منحة وسافر الى فرنسا، حيث أقام مدة أسبوع عند الشاعر الكبير رنيه شار في منطقة ليل سورسورغ، ثم التقى في باريس الكاتب البير كامو، وقد شكلا شار وكامو مرجعاً فكرياً وأدبياً كبيراً له منذ بداياته وساعداه كثيراً في مسيرته الأدبية. فقد نشر له كامو ديوانه الأول "أشعار" في 1954 ضمن سلسلة "أمال"، دار غاليمار التي كان يشرف عليها، وكتب شار مقدمة الديوان، ومما قال عنه: "أرى جيداً أنك مجهز بكل أحقية بكل ما هو شمسي في ظلك الأثمن" ظل الشعر". أما كامو، الذي كان يدعوه ابني فكتب عنه "هناك بساطة فيك لا يمكن تعويضها. اتقان كيفية الحفاظ على ذلك الماء النقي في كل مطابخ التقنيات، انه امتياز الفنان الحقيقي". ظل جون سيناك مقيماً في فرنسا حتى نهاية 1952، إذ عاد الى الجزائر والتحق مجدداً بعمله في اذاعة الجزائر. في 1953 أسس مجلة Terrasses، ولم يصدر منها إلاّ عدد واحد. في 1957 عاد الى باريس، واستقر طوال الفترة التي اندلعت فيها حرب التحرير الجزائرية. وقد ناضل سينياك في فرنسا كثيراً من أجل استقلال الجزائر، عبر كتاباته وندواته وحتى عبر عمله السري في جمع المال لمساعدة الثوار الجزائريين. وقد كلفته مواقفه متابعات وملاحقات وتضييقاً من السلطات الفرنسية.
ثلاثة أشهر بعد استقلال الجزائر، أي في تشرين الأول أكتوبر 1962، عاد جان سيناك الى وطن مولده، والتحق بوزارة التربية. وكان عضواً في اللجنة الدولية لإعادة بناء المكتبة الجامعية في الجزائر العاصمة، وكانت أحرقتها المنظمة الاستعمارية الخاصة الرافضة لاستقلال الجزائر. والحق الشاعر باللجنة الثقافية في حزب جبهة التحرير الوطني.
عُرف جان سيناك في هذه الفترة بنشاطه اللافت وحماسته الفياضة وكان ايمانه كبيراً بأنه يساهم في بناء وطن طالما حلم به حراً، متعدداً، مفتوحاً على كل أبنائه المخلصين، أياً كانت أسماؤهم ومشاربهم. فهو لا يعتبر نفسه فقط جان سيناك "الأوروبي الأصل" بل كان يوقع أيضاً أعماله بإسم عربي "يحيى الوهراني". وفي 1963 ساهم جان سيناك في تأسيس اتحاد الكتاب الجزائريين وقد شغل أمانته العامة حتى 1967.
كرس جان سيناك كل وقته حتى اغتياله سنة 1973، في خدمة الثقافة الجزائرية، وكان يعمل في سبيلها بحماسة بحماسة وسخاء، على رغم أنه في أيامه الأخيرة تعرض لإجحاف كبير، إذ تم ابعاده من منصبه كمخرج في الإذاعة الجزائرية، وفقد الفيلا التي كان يسكنها، الفيلا ذات الشرفات ليصبح مجبراً على الإقامة في قبو.
في ليلة 29 - 30 آب أغسطس 1973 وجد جان سيناك مقتولاً قتلاً وحشياً بطعنات سكين مجنونة. وقد ظلت حتى الآن ظروف هذا الاغتيال مجهولة، وقد أرجعتها بعض الأطراف الى أسباب شخصية تعود الى الشاعر المغتال الذي كان معروفاً بمثليّته.
"الشعر كمين" هكذا كتب سيناك، كميناً كان قدر الشاعر! عندما بعثت له أمه عام 1945 برسالة تحثه فيها على الابتعاد عن الطريق الشائك للشعر قائلة له: "أخشى أن تكون حياتك كشاعر سبب شقائك"، ردّ عليها "الله كلفنا بمهمة، الله رسم أمامنا الطريق، يجب أن نستجيب لإرادته. سيكون ذلك صعباً، لكن الحياة الأبدية هي المآل". التجربة الشعرية الفرنسية الغنية، كانت متكأ جان سيناك. غير أن شار، أرطو، ورامبو كانوا أكثر الشعراء تشكيلاً لحساسيته الشعرية، ولعل هذا الأخير هو الذي كان يحلم بأن يتماهى به أكثر، رامبو الذي يتقاطع معه في الكثير من النقاط" رامبو الشرقي، الذي يشبهه. فسيناك ابن جزائر الشرق، مسكون ليس فقط بأرض الشرق وإنما بثقافته، وثمة حضور كبير للشرق ورموزه في أعماله كما أنه متشبع بثقافته فهو مثلاً يحفظ عن ظهر قلب كل أشعار عمر الخيام.
الكاتب الجزائري الراحل رابح بلعمري الذي أعد دراسة جامعية عن الأعمال الشعرية لجان سيناك في عنوان "جان سيناك، بين الرغبة والألم" يكتب في مقدمتها "الاستعراض الكرونولوجي لدواوين الشاعر المكتوبة على امتداد ربع قرن 1940 - 1972 يظهر وحدة نصية في كل أعماله: مد وجزر واضح بين الرغبة والأمل". ويضيف "انه يكتب، ليقول لنفسه، تعطشه للمطلق كما تساؤلاته، افتتانه كما جراحه، وفاءه للجزائر كما حضوره في العالم أجمع". آمن سيناك بالشعر قدر إيمانه بالله، فجاءت كتاباته في شكل بانوراما متجددة في حركة لا متناهية مشحونة بالحذر والتمرد. وبحركة واحدة استطاع سيناك أن يجمع في شعره بين الجمال والرنة الخالدة من جهة وحماسة الثورة في كل ما تملكه من قوة على تغيير الأشياء، مما جعل شعره يبدو كالحتمية الروحية الأليمة التي تتبنى لغة الحقيقة المنفية وتنحني للأعمار المصلوبة. إن اشعار سيناك ليست ظرفية رغم ارتباطها بالحدث الآني فهي عبارة عن كتلة من الأحاسيس وشحنة من الهواجس أبعد من حدوده الضيقة لتفتش عن أسباب الألم.
الكلمة عند سيناك تعبق بالحق وتتجاوز الانتماءات الهشة والمبادىء الدخانية... وهو كان يدعو الى ما يسميه "أدب الشمس".
لقد ترك جان سيناك مجموعة كبيرة من الدواوين الشعرية وبعض الكتابات الصحافية المتفرقة ورواية وكتاباً لم ينشر عن مدينة وهران مدينة طفولته ومراهقته. أشعار غاليمار 1954، صباحي وطني شعر 1961، الوردة والقراص شعر 1964، مواطنون من جمال شعر 1967، ما قبل الجسد، متبوعة بديوان "النون" شعر 1968 وديوانه الأخير "استهزاء ودوار".
مختارات شعرية
عبدالله رامبو
في تيبازة* يعود إليَّ فجأة من حرار
الخاتم
ميراث جامي
صرختك عندما - أو هذا الصوت الفضائي - يخترقك
يحضرني
اسمك الذي لم يعد أرتور
وأخيراً
مُسمّى! وخادم
برضاء تام. محاط بالرمل والأشواك
ثم الصمت
وهذا السكير فيك الذي لا ينتهي من الحركة
يرجع ضبابه، بيان قيثاره
طيوره في الليل،
بينما تفتحك جامي وتغرقك وتشربك
تلدك.
صحراء كاملة من أجل سرير
في تيبازة بينما
ابراهيم وسمير يصنعان بهذا الخليط من العضلات،
العظام والأعصاب، جسداً،
يحضرني اسمك الذي يرفض الدورة المنذرة
غير الخاضع
نحو موضوع آخر
شكوى سيل الحمام
يقال أنه لم يعرف إلا قبلات النحل
يقال أنه كسر سهاده بفمه العاري فقط
يقال أنه لم يمضغ إلا عنباً مراً
وأن جلده أزرق مثل عمق البحار.
يقال أن قشعريرة من الماء توقظه
يقال أن بسمة تفزعه
يقال أنه في منتصف الطريق بين الكلمات والجحيم
فرّ فوق حيوان مجنح
يقال أن الأطفال يختبرون في ظله
أول ذكرى تقتلعهم بالجملة
يقال أن في يده اشتعلت نجمة
يقال...
ما يقال هي كلمات رماد
أصعد، قلبي، أصعد، إذ يجب النزول
عفواً رينه شار
هذه المحبرة، هذا المصنف
لقول هذا الغطاء المتسخ كاملاً،
هل كان يجب أن أجعل منه شراع
قاربي - الأميرال؟
وهذا الجرح المورسيكي
هل كان يجب أن أجعل منه شعاراً
عوض الذهاب الى المستشفى
للشفاء أو ما يشبهه؟
هل كان يجب فتح قماماتي
بهذه الأجزاء من الدماغ
البيضاء تقريباً
وهذه المقاطع اللفظية الشاردة
كما الكلبات في اتجاه الأفق؟
***
الغضب والفطنة،
هذا الوميض في إناء،
هذا البركان المضبوط بإمعان،
خط الاعتدال هذا في هذا القطب
كل رامبو، كل انطونان
في الكلمة الجامعة بلا ذعر
وأنا في كل ماء مزبلتي:
"ماذا يرى رينه شار"؟
هل زيفت السر الخفي
أيها الشعر العذب المريض؟
أما يزال من الممكن في هذه الأرض
أن تنبت شجرة؟
حقاً إنها كريهة نعم يا روبير
يقول البعض عن الرائحة،
ولكن، كان يكفي
فتح الشرفة على البحر...
إنني أسكن قبواً.
***
من أنت يا أشجاراً مقلوبة،
ذات جذر لين ودم
من وميض متشجر؟
***
صمت.
* مدينة ساحلية في الجزائز
ترجمة جمال الدين طال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.