اتفقت دوائر اقتصادية خليجية وعالمية في "المنتدى الإعلامي 99" لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد في دبي أمس على أن منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك ستستمر في لعب دور مهم في السياسات الاقتصادية العالمية في إطار العولمة، فيما اختلفت الآراء في شأن اتفاق "أوبك" الأخير. وقال توماس ستاوفر الخبير العالمي في شؤون الطاقة في واشنطن في محاضرة له أمام المنتدى الذي نظمته شركة "فيليب موريس" إن "أوبك" ستستمر في إطار العولمة. ولفت ان صناعة النفط هي صناعة عالمية، وان "أوبك" شهدت تطوراً في الأعوام الماضية ومرت بتجارب تمكنها من البقاء في المستقبل. واتفق الدكتور أنور قرقاش، رئيس التحرير في إحدى الدوريات التي يصدرها مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبو ظبي، مع ستاوفر في شأن بقاء "أوبك" ودورها المهم في أسواق النفط العالمية، ولكنه خالفه في شأن صمود اتفاق "أوبك" الأخير نظراً لوجود سياسات مختلفة في الدول الأعضاء. وأعرب عن اعتقاده بأن الاتفاق لن يكون "طويل المدى". غير ان الخبير الأميركي أكد أن اتفاق "أوبك" في 23 آذار مارس الماضي بتخفيض الانتاج مع دول أخرى غير أعضاء في "أوبك" بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، سيصمد نتيجة تعهدات الحكومة الفنزويلية باحترام الاتفاق "ورفضها ضغوطات أميركية باتجاه عدم تخفيض الانتاج". واتفق ستاوفر وقرقاش على أهمية فتح قطاع النفط والغاز في الخليج أمام الاستثمارات الأجنبية، ولفتا في هذا الصدد إلى فتح قطر صناعة الغاز أمام الاستثمارات الخارجية، وتفكير دول أخرى في المنطقة بعمل مماثل وإن كان في قطاع صناعة الغاز والنفط وليس في قطاع الاستكشاف والانتاج. وافتتح "المنتدى الاعلامي 99" الشيخ حشر بن مكتوم آل مكتوم مدير دائرة الاعلام في دبي، وأكد أن الإمارات لم تتأثر بأزمة انهيار أسعار النفط بشكل كبير قياساً مع الدول الأخرى، ولفت إلى أن الإمارات حققت العام الماضي معدل نمو بلغ ستة في المئة، وهو من أعلى معدلات النمو في العالم. ويركز المنتدى على درس تأثيرات أزمة أسعار النفط في اقتصادات الدول الخليجية وصورة العالم العربي في الاعلام الغربي، التي لعب النفط دوراً أساسياً في رسمها من خلال استغلال الدوائر الاعلامية للسياسات العربية الخاصة بقطاع النفط ومنظمة "أوبك". وأضاف ان النجاح في هذا الاتجاه شجع على المضي في بناء أرضية أساسية اقتصادية قوية والابتكار وتنويع مصادر الدخل العام وباتجاه استدراج رؤوس الأموال الخاصة للاستثمار في اقتصاد اثبت استعداده وقدرته على النمو واللحاق بركب الاقتصادات العالمية. ولفت في هذا المجال أيضاً إلى ضرورة تطوير الكفاءات الوطنية لتوسيع مساهمتها في الاقتصاد الوطني، خصوصاً في جانب القطاع الخاص وتجسيد الشراكة بين الحكومة وقطاع رجال الأعمال. وتناول ستاوفر في محاضرته أمام المنتدى تطورات صناعة النفط والأسعار منذ بداية السبعينات والأزمات التي مرت بها "أوبك" في 1986 و1997-1998، والتي أدت إلى انهيار الأسعار إلى أقل من ثمانية دولارات للبرميل. وتوقع الخبير النفطي العالمي أن يؤدي اتفاق "أوبك" الأخير إلى ارتفاع الأسعار إلى المستوى الذي حددته "أوبك" عند 18 دولاراً للبرميل. وشدد على أن تغير السياسة الفنزويلية ورفع الضغوطات الأميركية عنها كان سبباً مهماً في توصل "أوبك" إلى اتفاقها الأخير. ولفت إلى أن أسعار النفط ستتأثر مستقبلاً بمعدلات النمو في الاقتصاد العالمي والتكاثر السكاني واللذين يؤديان إلى ارتفاع الطلب العالمي على النفط، والتطور التكنولوجي في صناعة النفط، خصوصاً في مجال الاستكشاف والحفر الافقي، وزيادة حرارة الأرض والسياسات البيئية التي سينتج عنها فرض ضرائب باهظة على النفط. وقال إن دول الخليج ستحتفظ بمكان الصدارة في توفير إمدادات النفط على المستوى العالمي نظراً لوجود احتياط ضخم وقلة كلفة الانتاج، مشيراً إلى أن العراق سيلعب دوراً كبيراً في صناعة النفط العالمية، وتوقع أن يصل انتاجها بعد رفع الحصار إلى ستة ملايين برميل يومياً. وتناول الدكتور قرقاش موضوع "العولمة والاصلاح الاقتصادي لمواجهة أزمة أسعار النفط"، وقال إن دول الخليج قادرة على الانخراط في إطار العولمة بسبب نظامها الاقتصادي الذي يقوم على اقتصاد السوق، وامتلاكها احتياطات نفطية كبيرة تضعها بشكل قوي على خارطة "العولمة".