أمير حائل يشهد حفل أمانة المنطقة لوضع حجر الأساس وتدشين عدد من المشاريع التنموية .    وزارة الرياضة تصدر بيانًا حول أحداث مباراة العروبة والقادسية في كأس الملك    انخفاض أسعار النفط    يوم لنا مشهود بعال المراقيب    وطن شامخ ولا يهتز في ظل الملك سلمان    مخالفو الصيد البحري في قبضة الأمن    22.8 مليار ريال استثمارات أجنبية جديدة    أكد التزامها بالتنمية المستدامة.. وزير الخارجية: السعودية تترجم مبادئ ميثاق الأمم المتحدة لواقع ملموس    «مغامر» يزور7 أماكن «مرعبة» في العالم    أرجنتيني يركض خلف جنازته    الديوان الملكي: وفاة عبطا بنت عبدالعزيز    أول محمية ملكية سعودية ضمن برنامج اليونسكو    "مع الأخضر قدام".. حملة جماهيرية لدعم المنتخب السعودي في الملحق الآسيوي    حائل تستضيف كأس الاتحاد السعودي للهجن للمرة الأولى    المملكة تواصل قيادة مستقبل رياضة المحركات بإطلاق النسخة الثانية من بطولة السعودية للفورمولا 4    «هيئة الشورى» تحيل 20 موضوعاً للجان المتخصصة    خلال مشاركته في المؤتمر السعودي للقانون.. وزير العدل: التشريع في المملكة يرتكز على الوضوح والمشاركة المجتمعية    الخريف يبدأ زيارة إلى هانوي.. تعزيز التعاون الصناعي والتعديني بين المملكة وفيتنام    عسير: فرع هيئة الصحفيين ينظّم ندوة "الخطاب الإعلامي للوطن؛ بين ترسيخ الهوية وتعزيز القيم"    أحمد السقا ينجو من الموت بمعجزة    معرض الكتاب.. نافذة على عوالم لا تنتهي    مجمع الملك سلمان يعلن بدء التسجيل لحضور مؤتمره السنوي الدولي الرابع    صالات النوادي والروائح المزعجة    ورقة إخلاء الطرف.. هل حياة المريض بلا قيمة؟    السودان: 14 مليار دولار خسائر القطاع الصحي بسبب الحرب    المتطوعون يشاركون في احتفالات أمانة الشرقية باليوم الوطني    السلامة الغذائية    الهوية الوطنية «بدل مفقود» عبر أبشر    تداول يخالف التوقعات ويغلق على تراجع 78 نقطة    نائب أمير الشرقية: مشروعات البيئة والمياه تحقق التنمية الشاملة والمستدامة    حسام بن سعود يشارك منتسبي إمارة الباحة احتفالهم باليوم الوطني    «المناسبات الوطنية» محطات اقتصادية حيوية    121 سجلا تجاريا تصدر يوميا    تقنية البنات بالأحساء تطلق المسابقة الوطنية للأمن السيبراني    مزاد نادي الصقور السعودي 2025.. خدمات متكاملة تعزز الموروث وتدعم الطواريح    أكثر من 53 مليون قاصد للحرمين خلال ربيع الأول    نائب أمير الرياض يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    "الشؤون الإسلامية" تواصل جهودها التوعوية في الجعرانة    «إسرائيل».. تناقش قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين    التحالف الإسلامي يطلق دورة تدريبية لتعزيز قدرات الكوادر اليمنية في مجال محاربة تمويل الإرهاب    «سعود الطبية» تطلق ملتقى إدارة المشاريع والتحول الصحي    استشاري أورام: مستقبل القضاء على السرطان مشرق    الاتحاد يسرح بلان ويستنجد بخليفة    خالد ينقذ حياة شقيقه بكلية    إيران بين المواجهة والدبلوماسية بعد إعادة فرض العقوبات الأممية    غداً .. الأهلي يواجه الدحيل القطري في دوري أبطال آسيا للنخبة    تمادي إسرائيل في حرب غزة ومقترح عماني يدعو لفرض العقوبات    مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير تحتفل باليوم الوطني ال95    الجوال أبرز مسببات الحوادث بالمدينة    دوري المقاتلين المحترفين يختتم جولة نصف النهائي ونزالات الجولة النهائية في الشرقية    منتدى فكر بجامعة جازان يناقش الوسطية والانتماء    وزير العدل: التشريع في المملكة يرتكز على الوضوح والمشاركة المجتمعية    نائب أمير تبوك يكرّم مدير الشرطة السابق ويستقبل خلفه المعين حديثًا    بن شفلوت يرعى إحتفال اليوم الوطني في أحد رفيدة    جامعة الإمام عبدالرحمن أول سعودية تحصد الاعتماد الدولي من الكلية الملكية بكندا    الاهتمام بتطوير التجربة الإيمانية لضيوف الرحمن.. «الحج» : التنسيق مع ممثلي 60 دولة للموسم القادم    الملك عبدالعزيز الوحدة والمنهج    دراسة: كبسولات صغيرة تسعى للحد من التهاب الدماغ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين كتابين أو ثلاثة - تركيا في العقل السياسي العربي
نشر في الحياة يوم 24 - 10 - 1999

يمكن القول بدقة إن عقد التسعينات من قرننا هذا شهد اهتماماً متنامياً من قبل العقل السياسي العربي المعاصر بالجمهورية التركية. ودفعت الأحداث المتلاحقة التي شهدها هذا العقد حرب الخليج الثانية، التحالف الإسرائيلي - التركي، تنامي تيار الإسلام السياسي في تركيا إلى درجة وصوله الى الحكم، الحشود التركية على الحدود السورية، قضية عبدالله أوجلان الزعيم الكردي المسجون في جزيرة ايمرلي في بحر مرمرة... الخ، إلى الاهتمام بالدور التركي وأبعاده في منطقة الشرق الأوسط.
والذي تتبع تظاهرات العقل السياسي العربي في تناوله لما يجري في تركيا وما حولها، يلحظ نشاطاً ملحوظاً. فأغلب الصحف والدوريات والمجلات لا تكاد تخلو من الحديث عن تركيا حتى قبل قضية أوجلان. وقد أفرد العديد من الدوريات المتخصصة ملفات متخصصة عن تركيا ودورها في المنطقة، وعما تنشره الصحف التركية... الخ. وقد لفت نظري ثلاثة كتب متخصصة صدرت في نهاية 1998 يبحث كل منها وعلى طريقته في الشأن التركي. الأول وقد كتبه الدكتور سيّار الجميل، من العراق، وهو بعنوان "العرب والأتراك: الانبعاث والتحديث من العثمنة إلى العلمنة"، وهو صادر في بيروت عن "مركز دراسات الوحدة العربية". أما الثاني فهو صادر أيضاً عن المركز نفسه، وهو من تأليف الدكتور جلال عبدالله معوض، بعنوان "صناعة القرار في تركيا والعلاقات العربية - التركية". أما الكتاب الثالث، فهو من تأليف الباحث اللبناني المختص في التاريخ واللغة التركيين، محمد نورالدين وعنوانه "تركيا، الجمهورية الحائرة: مقاربات في الدين والسياسة والعلاقات الخارجية"، عن "مركز الدراسات الاستراتيجية".
أعود للقول إنه إذا كان كتاب سيار الجميل عن "العرب والأتراك" محكوماً بالمقارنة في البحث عن مسار التحول من العثمنة إلى العلمنة، وما ينطوي على ذلك من مفارقة في المسارات، فإنه، في خاتمة الكتاب، يسوقنا إلى تساولين مهمين ومركزيين: الأول، هل ستغدو تركيا فعلاً زعيمة للشرق الأوسط؟ أما الثاني، فما هو مستقبل العرب والأتراك في ظل الخيارات المتاحة؟
وفي جوابه عن التساؤل الأول المضمر بالمقارنة بين العرب والأتراك، يرجح الباحث بروز تركيا كزعامة جديدة في الشرق الأوسط. ومع إقراره بحجم المشكلات التي تعاني منها المشاكل العرقية والدينية والطائفية والأقلياتية وتفاقم النزعات الانفصالية، إلا أنها، من وجهة نظره، لا تقارن أبداً بحجم المشاكل الداخلية والاقليمية والدولية التي يعانيها العرب، وفي مقدمها القضية الفلسطينية والتحديات الصهيونية، وأزمة العلاقات العربية وما يتبعها من مشاكل. وهذا يعني، من وجهة نظر الجميل، ان تركيا على مشارف زعامة الشرق الأوسط.
أما التساؤل الثاني عن مستقبل العرب والأتراك في ظل الخيارات المتاحة، فهو يرى، وفي ظل ما يشهده العالم المعاصر من تحولات، أن اخفاقات واسعة ستصيب العرب والأتراك معاً في المستقبل المنظور، ولكن ليس بالدرجة نفسها نظراً إلى ما تنفرد به تركيا من الخصوصيات والروابط والعلاقات، وهذا يعني أنه في ظل الخيارات المتاحة، فإن مستقبل الأتراك أفضل، شرط ألا يتناسوا الخيار الوحيد الذي يجد تعبيره في الحفاظ على مصالح الشرق الأوسط بدلاً من الابتعاد عنها والسعي الى الحقاق بالقطار الأوروبي، وهذا ما يفرض عليهم التعاون مع العرب بدلاً من حالة الجفاء والعداوة.
أما كتاب الدكتور جلال معوض، فهو يبحث، كما أسلفنا، عن مستقبل العلاقات العربية - التركية بعد ان يدرس بدقة صناعة القرار في تركيا، وهذا هو دأب الدكتور معوض منذ أواسط عقد الثمانينات وحتى اللحظة المعاصرة. وفي بحثه عن السياسة التركية تجاه المنطقة العربية، يرى الباحث أنها تتمتع بقدر كبير من الفطنة والذكاء ووضوح الرؤية بشأن مصالح تركيا وآليات تنفيذها بالاستفادة من الأوضاع القائمة حالياً، مع الأخذ في الاعتبار التطورات المحتملة لهذه الأوضاع. كما يرى ان السياسة التركية تقوم على تعدد الخيارات واستنادها إلى رؤية ثابتة وواضحة للمصالح القومية التركية وضرورة تأمينها وتحقيقها بصرف النظر عن أي تغيير يطول القادة أو صانعي القرار. وهذا هو القاسم المشترك لدى القادة الأتراك على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية ممن يحرصون وباستمرار على تحقيق المصلحة القومية لبلادهم.
ومن هنا يرجح الباحث استمرار التوتر في العلاقات التركية - العربية، وربما تفاقم حدتها، نتيجة استمرار تركيا في سياستها وتحركاتها، لا سيما على صعيد علاقاتها مع إسرائيل وأميركا ودورها في شمال العراق وأساليب إدارتها لعلاقاتها مع سورية وثبات موقفها ازاء مشكلة المياه. وهنا لا يجد الباحث من وسيلة إلا التوجه إلى صنّاع القرار في الوطن العربي من أجل مزيد من التضامن والتنسيق العربي في ما بينهم لمواجهة التحديات وتخفيف التوترات التي تنهض على قاعدة كسب ود تركيا بدلاً من خسارتها سياسياً.
أما كتاب محمد نورالدين فيندرج، وكما أسلفنا، في الصلب من اهتمام الباحث، ويأتي تتويجاً لكتابين سابقين له عن الموضوع نفسه. الأول بعنوان "تركيا في الزمن المتحول: قلق الهوية وصراع الخيارات"، دار رياض الريس، 1997، والثاني بعنوان "قبعة وعمامة: مدخل إلى الحركات الإسلامية في تركيا"، دار النهار، 1997.
قوبل أن يبحث نورالدين في حيرة الجمهورية الاتاتوركية الكمالية حيال دول الجوار الجغرافي وصولا إلى قضية كوسوفو في البلقان، يتساءل في المقدمة: كيف السبيل إلى الوصول إلى تركيا؟
ومن وجهة نظره فان هذا التساؤل الذي يلقي بثقله علينا كعرب يقول ضمناً اننا عجزنا عن الوصول إلى تركيا، واننا مدعوون لأن نسلك أكثر من طريق وأولها طريق المعرفة، لأننا لما نزل نجهل تركيا، من وجهة نظره، ونجهل آليات الوصول إلى المعرفة وكيفية اتخاذ القرارات وارتباط ذلك بمسألة الديموقراطية والحريات وحقوق الإنسان. ولذلك فإن المطلوب، كما يرى نورالدين، تحديد آليات التواصل مع تركيا، ومن ثم تحديد المصالح وعوامل الجذب، وأخيراً تعزيز التضامن العربي حيث لا زالت الخلافات السياسية العربية تؤثر على صناعة الموقف العربي حيال تركيا، الأمر الذي يشجع الأخيرة على التمادي في علاقاتها مع إسرائيل وفي استباحة شمال العراق وفي تهديد سورية.
ويستنتج مما سبق أن العقل السياسي العربي لم يزل أسير تشتته وجهله بالآخر، اضف إلى ذلك كونه عرضة للتشرذم لتراجع النظام الاقليمي العربي وانحساره. وهذا يعني ان التوترات ستكون هي القاعدة في علاقات الجوار الجغرافي كما يذهب إلى ذلك جلال معوض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.