حصد الانسان من التدجين سنابل كثيرة. وكان اوسع فخ نصبه للحيوانات الاخرى. لقد كان ظاهره الرحمة، وداخله من قبله العذاب. ظن الحيوان المسكين ان استئناسه يعني اقامة وشائج صداقة متكافئة بينه وبين الانسان، او هي أنسنته ولم يكتشف الفخ الواسع الا بعد ان اصبح حيواناً حقاً. وبما ان الاستعباد والاستغلال لا يعرفان حداً. ها هو التدجين الذي مكن الانسان من قهر الحيوان وإذلاله، وتقطيعه إرباً.. تجاوز الحيوان الى الانسان نفسه. أخذ الانسان يدجن بعضه بعضاً: يدجنه بتزييف الوعي. يدجنه بالرضا بحالته. يدجنه بأن هذه طبيعة الاشياء. يدجنه بغرس خياله بالوعود. يدجنه بالاستغلال الاقتصادي. ويدجنه بالقهر. بودي ان أعرف كيف دجّن الحمار اول مرة! او هل احتاج الى تدجين أصلاً؟ أظن ان الوداعة التي تملأ الحمار من الرأس الى القدم هي المدجنة الاولى. تماماً مثل بعض مثقفينا الذين دجنتهم الثقافة نفسها ان كانت هناك ثقافة مدجنة ومدجنة. محمد العلي