} بعد إقدام التحالف الأميركي - البريطاني على تنفيذ ضربات جوية وصاروخية ضد العراق وإعلان واشنطن استعدادها لدعم المعارضة العراقيةمالياً وتسليحياً لإسقاط نظام الحكم في بغداد، وجهت "الحياة" اسئلة لقادة المعارضة من أحزاب وهيئات وشخصيات وكتّاب تناولت مواقفهم من ضربات تالية محتملة وتصورهم لمستقبل العراق واتصالاتهم مع المسؤولين الأميركيين وعلاقة التغيير المتوقع بالاستراتيجية الأميركية. وجاءت الأجوبة مختلفة ومتناقضة على مستوى العلاقة مع واشنطن والنظرة إلى الاستراتيجية الأميركية، بينما توافق الآراء على إدانة الهجمات ضد العراق وشعبه. وهنا نص الأسئلة والأجوبة التي تنشرها "الحياة" على حلقات. * تهدد الولاياتالمتحدة بتوجيه ضربات متتالية ضد النظام العراقي تمهيداً لإسقاطه في العام الجاري. - ما هو موقفكم من الضربات المحتملة؟ - كيف تنظرون إلى مستقبل العراق؟ * قررت واشنطن دعم المعارضة العراقيةمالياً واعطى الكونغرس الإدارة مهلة ثلاثة أشهر لتجهيز البديل. - أين وصلت الاتصالات مع المسؤولين الأميركيين؟ - برأيكم، هل باتت المعارضة جاهزة لاستقبال أي تغيير مقبل، وهل سيعقد مؤتمر المعارضة قريباً؟ - كيف تقيّم صلات المعارضة بواشنطن وعلاقاتها بالاستراتيجية الأميركية في المنطقة؟ اجوبة المتحدث باسم المكتب السياسي لحزب الدعوة الاسلامية ابراهيم الجعفري: - تأتي عمليات القصف الاميركي المتكرر على العراق في سياق السياسة الاميركية القاضية في تدمير الاسلحة والمعدات العراقية، والاجهاز على المقومات الاقتصادية والمدنية المتنوعة. ذلك بعد ان دخل هدف تغيير "صدام حسين" ضمن الاستراتيجيات الاميركية التي تعلو على سياسة الحزب الديموقراطي الحاكم او الجمهوري المعارض فضلاً عن سياسة الرئيس الاميركي المنتخب لهذه الدورة او تلك الذي ادخل "تغيير الحاكم صدام" ضمن دائرة الاستراتيجيات هو انه - ومن وجهة نظر اميركية - استنفد مبررات وجوده لأسباب محلية واقليمية ودولية. غير ان اميركا تشعر وبوحي من المخاوف الصهيونية ان الترسانة العسكرية الضخمة التي يملكها العراق لا يمكن ان تترك من دون تدمير وإذا كانت المماطلة في ارجاء وتسويق عملية التغيير تخفي وراءها عوامل معينة، فان عامل التدمير هذا من ابرزها، لأن سقوط صدام يعني انتفاء مبرر استمرار القصف الذي يعني - ضمناً - تفويت فرصة الدمار الكامل فيما لو تصدى اي نظام جديد للعراق بعد مرحلة صدام. ومهما يكن من امر فاننا لم ولن نتقبل مثل هذا القصف الصاروخي لأنه عمل ارهابي جرّ على شعبنا الصابر اشد الويلات وأنواع العذاب وأشاع الرعب والخوف والذعر وعرّض المنطقة الى الانتهاك والتجاوز كما انه مسّ وبشكل مباشر وسافر حقوق شعبنا العراقي على اكثر من صعيد، اضافة الى انه اظهر صدام ونظامه وكأنه المظلوم المعتدى عليه، ما جعل بعض الاسواق الاعلامية تروّج ما يحلو لها من بضاعة اعلامية كاذبة باظهاره مظهر النظام الوطني الذي يدافع عن الشعب وخيرات البلد. - ان نظرتنا الى مستقبل العراق تتحدد من خلال مبادئنا الاسلامية وقيمنا، التي تُملي علينا العمل والتفاني من اجل انقاذ شعبنا من المحنة التي ألمت به وعرّضته الى حالة استثنائية مأسوية وكذلك من خلال وعينا الى طبيعة الواقع العراقي وما يتحلّى به من خصوصيات تستدعي العمل على مراعاتها بدأب ومثابرة. كما تحملنا على بذل اقصى الجهود من اجل القضاء على الحالة الديكتاتورية التي فرضها نظام صدام واستبدالها بحال دستورية تعددية ينعم فيها شعبنا بحرية الرأي وبممارسة حقه الطبيعي باختيار النظام الذي يريد. من خلال هذه الثوابت نعمل ما بوسعنا عمله لمستقبل البلد ونحدد موقفنا من اي تغيير محتمل. ونحن نعتقد ان المعارضة العراقية قطعت اشواطاً بعيدة على طريق التعايش بينها والعمل على المشتركات الوطنية لخدمة البلد، رغم تعدد مفرداتها واختلافها. ان مثل هذه الممارسات والانشطة رغم غياب المشروع السياسي تعبّر عن حال ايجابية تساهم في حفظ وحدة حركة المعارضة العراقية وتصب في صالح الشعب على المديين القريب والبعيد. ويبقى امام الفرقاء السياسيين العراقيين جهد كبير وطريق طويل لاكمال المسيرة التي تتكفل تحقيق الطموحات وتعبئة الطاقات وتجنيد كل القوى صوب البناء والاعمار، لتعيد للعراق حريته وأمنه وعيشه الكريم ودوره في ارساء عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة. - بالنسبة لحزب الدعوة الاسلامية ليس له اي اتصال بأية جهة اميركية، لما لديه من تحفظات على سياسة اميركا حيال العراق، وما اقدمت عليه من خطوات تنفيذية على المستوى العسكري والاقتصادي والسياسي احدثت معه أبلغ الآثار السلبية على شعبنا وبلدنا. اما عن الاتصالات بين اميركا وبعض القوى والشخصيات العراقية، فهي كما ظهرت للعلن اخذت ثلاثة مسارات: مسار السعي لتشكيل جديد لجمع بعض القوى السياسية ومسار المؤتمر الوطني ومسار اللقاءات الفردية. وطرحت اميركا من طرفها ثوابتها الاخيرة حيال الوضع المتأزم مع النظام العراقي. وقد تضمّن دعوى جدية الادارة الاميركية في التغيير، اعتماد فصائل المعارضة كبديل عن النظام الحالي، مستحثة هذه الاطراف لبذل المزيد من الجهد الاعلامي والسياسي كي يتشكل من خلال ذلك غطاء اعلامي معارض يبرر عمليات القصف الاميركي ويوجد لها ذرائع وطنية يمكن ان تقلّل من ردود الفعل الاقليمية والدولية المتصاعدة ضد العدوان الاميركي على العراق. وطرحت تصورات مختلفة حول الخطوات اللاحقة دون ان تأخذ صفة الحسم، كإنشاء منطقة آمنة في الجنوب، وإحالة صدام كمجرم الى محكمة دولية. - اننا نعتقد ان المعارضة العراقية تزخر بامكانات سياسية واختصاصية مختلفة قادرة على استقبال التغيير المرتقب. اذا ما سدّت صفوفها وحشدت امكاناتها باتجاه التغيير، وهذا يتطلب في جملة ما يتطلب من امور الى عقد مؤتمر للمعارضة ينفتح على كل القوى والشخصيات السياسية من الاتجاهات المختلفة ليمثل الواقع العراقي المتنوع وليحظى بثقة الشعب العراقي ويستقطب اهتمام العالم. وإذا كان من المهم ان يعقد المؤتمر فان الاهم من ذلك هو ان يكون مؤتمر الكفاءة في التصدي والاستمرار والتمثيل لشرائح المجتمع العراقي ليؤمن لنفسه القوة الذاتية. هذا ما دأبت عليه القوى المخلصة وحرصت على تحقيقه طيلة الفترة الماضية. وأشارت الدعوة الاسلامية في اكثر من مناسبة الى الأسس العامة والمبررات الموضوعية لمثل هذا المؤتمر وحددتها اجمالاً بالآتي: 1 - عراقية المشروع. وتحريره من أية قوى خارجية مهما كان مبرر تدخلها. 2 - تعبئة كل الطاقات السياسية وعدم الاستغناء عن أي منها. 3 - تحديد الاهداف المركزية لكل الفصائل التي تشكل نقطة ارتكاز للمشروع. وهي العمل على اسقاط نظام صدام وتحرير ارادة الشعب العراقي. 4 - ايجاد حال التناسب الموضوعي بين اطار المشروع والواقع العراقي بالشكل الذي تكون فيه المفردة السياسية بالمشروع متناسبة من حيث الحجم مع فعلها وحجمها بالواقع العراقي. 5 - الحفاظ على سيادة العراق ووحدة أرضه وشعبه. 6 - اعطاء العمل الميداني الأولوية القصوى من خلال اعتماده على الآليات العسكرية والجهادية ومفاصل الفعل والتأثير الاجتماعي بالداخل. 7 - توحيد الخطاب السياسي للمعارضة ليعبر عن محنة الشعب العراقي وتطلعاته المشروعة. 8 - طمأنة دول الجوار الجغرافي وأزالت ما علق عندها من مخاوف جراء سياسة النظام العدوانية. 9 - استثمار خيرات البلد في الاعمار ورفع الحيف والخسائر التي وقعت على الشعب. 10 - استخدام كل السبل المشروعة من اجل انهاء الحالة الاستثنائية التي المت بالعراق والمنطقة. ان هذه المرتكزات التي طرحتها الدعوة الاسلامية لاقت تجاوباً ملحوظاً من لدن القوى السياسية المختلفة، مما يجعل أرضية المؤتمر صالحة فيما لو بنيت على هذه الأسس. ان محاولة عقد مؤتمر بدعم مالي معين او بفرض الارادة الدولية لا يقدم المعارضة العراقية خطوة على طريق الخلاص، لأنه لن يحظى بثقة الشعب ولا يقوى على اداء دوره في مواجهة التحديات. ان مؤتمر الأمل الذي يحدو الشعب العراقي وكل قوى الخير والدول المحبة للشعب العراقي نسيج آخر يتشكل من خيوط القوى السياسية المخلصة التي انطلقت من ارادة الشعب وواصلت مسيرتها النضالية بين صفوفه وأكدت هويتها الوطنية عبر كل حدث، وانها تواكب مسؤوليتها بالداخل والخارج على حد سواء. ان مسؤولية عقد مثل هذا المؤتمر تقع على كافة الفصائل الخيّرة. وهي وإن كانت بحاجة الى بعض الوقت والجهد لكنها اضمن لسلامة المسير وسلامة الاهداف. فمن المهم - ولا شك - عقد المؤتمر ومن الأهم ان يكون سليم التكوين والمسار والهدف. ان احساس المعارضة بضرورة عقد المؤتمر وطرح الامور الملحّة التي تلبي حاجة الظرف الراهن والتطور الوشيك يجعلها على اتم الاستعداد للاستجابة لمبادرة عقد المؤتمر. - اننا نفرّق بين نوعين من العلاقة. العلاقة التي تخضع الى الارادة الاجنبية - اميركية كانت ام غيرها - وترهن الوضع الحالي او المستقبلي لتلك الارادة وتتفاعل مع مشاريعها الاستراتيجية التي تتوخى تحقيق اهدافها على الأرض العراقية ودول المنطقة، وتصبغ تلك التحركات الاجنبية بلون عراقي يعتّم على طبيعتها الاستعمارية وبين العلاقة التي تنطلق من أرضية صلبة تمثل الشعب العراقي وفصائله المخلصة، وتحاور من موقع الثقة كل المهتمين بالشأن العراقي سواء في المجال الاقليمي او الدولي، ان الظرف الاستثنائي الذي فرضه صدام ونظامه على العراق ودول الجوار الجغرافي، وتفاعلت معه عوامل اخرى جعلت من القضية العراقية قضية دولية. وطبيعة "التدويل" هذه ترتبت عليها استحقاقات كان من جملتها مراعاة المخاوف الخارجية المشروعة بعد ان طالت يد صدام لتنال سيادة وحرمة البلدان المجاورة للعراق. وهذا هو ما اقتضى ان تُراعى كل تلك الدول وكل المنظمات ذات المساس بالوضع العراقي. غير ان ذلك كله لا يبرر لأية قوة ان تنسلخ من هويتها الوطنية وتخضع للارادة الاميركية، وان طرحت شعارات عراقية ومزاعم وطنية. ان المرحلة الحاضرة تشهد عملية فرز تاريخي مسؤول يتضح فيه المخلص والكفوء عن غيره.