أخذت المرأة تدور حول نفسها كأنها ملسوعة بشيء. بنت صغيرة تشد تنورتها في محاولة لوقفها. المرأة تصيح أن اللصوص سرقوا محفظتها، مستنجدة بالمارة. لا أحد يعير اهتماماً شديداً في منطقة "وست إند" وسط لندن وكأنهم سمعوا الصياح ورأوا المشهد مرات عدة ذلك النهار. مجموعة من النشالين المحترفين تنطلق من شارع معتم وضيق قليلاً وسط "سوهو"، يعيشون مثل نحل خيالي بين جوانب السياح و الحشود في البيكاديللي و شارع المسرح المجاور. المنطقة خلية جريمة وعنف. وجهها في النهار عادي ومحتد، لندني ومتحفظ. لكنها في الليل تنتحل مظهراً أوروبياً مختلطاً. هذا التباين يفسر الإحصائيون نتائجه بأرقام الجريمة: 32 ألف منها كل سنة، في الوقت الذي تنخفض الاصابات في مناطق مزدحمة أخرى في لندن. لكن ماذا ينفع الإحصاء إمرأة لا تزال مرعوبة بما حدث لها. بدأ الناس يهتمون قليلاً، وقد أخذوا يهدئون ابنتها. على الأقل يمكن وضع الأمر هكذا: 24 سرقة مثل هذه تحدث يومياً في المنطقة، الى جانب انها تجذب مدمني المخدرات، ومحترفي الدعارة والمتسكعين. احتمال حدوث سرقة هنا، في "سوهو"، أقوى من أي منطقة أخرى في العاصمة، لأنها منطقة الملاهي، وتتركز فيها مسرحية بشرية باستمرار هي البحث عن المتعة. ما يجذب النشالين إليها من جميع الأنحاء، وقد حصلت أخيراً على اهتمام المحترفين من أميركا اللاتينية الذين يعملون في "زيارات خاطفة" لشارع أوكسفورد ستريت . وتقدر إحصائيات من الشرطة أن حوالى مليون جنيه من السلع والممتلكات الشخصية تُسرق من الشارع كل أسبوع. ارتفعت حوادث نشل الحقائب اليدوية وسط لندن. وعلى رغم انتشار كاميرات الفيديو المراقبة في الشوارع المزدحمة فإن خطف حقائب النساء وصلت إلى 20 ألف حادثة. والمشكلة في مواجهة اللصوص هي إقبال السياح على زيارة لندن هذا الشهر، وإهمال العناية بممتلكاتهم في خضم الانشغال. وقد يتذكرونها في حركة لاشعورية إذا رأوا وجهاً أجنبياً ينظر ناحيتهم، ولو بطريقة عفوية. يصل شرطيون للتحقيق في الحادث، ثم يساعدون المرأة على الاتصال بزوجها. فقد استولى اللصوص على محفظة النقود مع البطاقات البنكية، لكنها لا تزال في حالة صدمة وهي تعيد رواية كيف حصلت السرقة في لحظة سريعة جداً. لقد تحولت المرأة الى رقم في الإحصاء، إلا أنه عنصر مؤلم يشير الى أن وسط لندن يتحول خلال موسم العطل عاصمة للنشالين. أحد الذين ساعدوا السيدة قال أنه كلما تحسن الاقتصاد ارتفعت أرقام الجريمة. ويرد عليه الثاني أن كثرة المواد الاستهلاكية الفاخرة المحمولة تجذب اهتمام اللصوص. في حين يقول آخر أن المسؤول هو ارتفاع الادمان على المخدرات، وخاصة بين الشباب.