مجلس شؤون الأسرة يشارك في اجتماعات عمل تمكين المرأة G20    الكرملين: روسيا ستدرس مقترحاً بوقف إطلاق النار 30 يوماً في أوكرانيا    المواطنة الرقمية المسؤولة    اختتام أعمال البعثة التجارية إلى الولايات المتحدة    رصد النسر الأسود الأوراسي في محمية الإمام تركي بن عبدالله    تقارير عن انتهاكات بعد اتفاق الهند وباكستان على وقف إطلاق النار    1001 حالة حصبة مؤكدة في أمريكا    مصير محزن لصورة خلفية Windows    أمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة التاسعة عشرة لطلاب وطالبات جامعة تبوك الأربعاء القادم    احتفال الجمعية السعودية للروماتيزم باليوم العالمي للذئبة الحمراء    علاج جديد لالتهابات الأذن    الأطعمة المعالجة بشكل مفرط تزيد من خطر الوفاة المبكرة    الحرفيين الاماراتيين يجسدون الإرث الإماراتي الأصيل خلال مشاركتهم في مهرجان الحرف الدولي بمحافظة الزلفي    ولي العهد يجري اتصالين هاتفيين مع ملك البحرين وأمير الكويت    ضبط شخصين بالشرقية لترويجهما (10) كجم "حشيش"    20 ألف غرامة لكل من يدخل مكة من حاملي تأشيرات الزيارة    باكستان: السعودية شاركت في محادثات وقف النار مع الهند    فليك: برشلونة مستعد لاختبار ريال مدريد    أرتيتا : ألم صنع ممر شرفي لليفربول سيكون دافعا لأرسنال    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيراني التطورات الإقليمية    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس الملك    المملكة ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان والهند    الدكتورة إيناس العيسى ترفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينها نائبًا لوزير التعليم        الأمير فهد بن سعد يرفع شكره للقيادة على الثقة الملكية بتعيينه نائبًا لأمير منطقة القصيم    "تايكوندو الشباب يتألق ويعتلي صدارة الأوزان الأولمبية"    الاتحاد للاقتراب خطوة أكثر من لقب دوري روشن    الفرق بين «ولد» و«ابن» في الشريعة    ورش عمل تثري زوار مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية بصبيا في يومه الثالث    "ياقوت" من "زين السعودية" أول مشغل يتيح لزوار المملكة توثيق شرائح الجوال من خلال منصة "أبشر"    الهلال الاحمر بمنطقة نجران ينظم فعالية اليوم العالمي للهلال الاحمر    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يتنافس مع 1700 طالب من 70 دولة    الأرصاد: رياح نشطة على الرياض والقصيم    غرفة حائل تناقش تحسين بيئة الأعمال في المرافق التعليمية    الأفواج الأمنية تشارك في مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية بمنطقة جازان    الرياض تُصدّر العمارة النجدية للعالم عبر "مدرسة أم سليم" في بينالي البندقية 2025    النفط يسجل مكاسب أسبوعية وسط تفاؤل بمحادثات أمريكا والصين    بث مباشر من مدينة الملك عبدالله الطبية لعملية قسطرة قلبية معقدة    الخريف يبحث تعزيز التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)    الخليج يجدد عقد "بيدرو" حتى عام 2027    الهلال يعلن انتهاء موسم لاعبه"الشهراني" للإصابة    نادي القادسية يحصد ذهب ترانسفورم الشرق الأوسط وأفريقيا 2025    بعد تعيينها نائبًا لوزير التعليم بالمرتبة الممتازة .. من هي "إيناس بنت سليمان العيسى"    'التعليم' تعتمد الزي المدرسي والرياضي الجديد لطلاب المدارس    سقوط مسبار فضائي على الأرض غدا السبت 10 مايو    النادي الأدبي بجازان يقيم برنامج ما بين العيدين الثقافي    جازان تودّع ربع قرن من البناء.. وتستقبل أفقًا جديدًا من الطموح    إمام المسجد الحرام: الأمن ركيزة الإيمان ودرع الأوطان في زمن الفتن    هلال جازان يحتفي باليوم العالمي للهلال الأحمر في "الراشد مول"    الحج لله.. والسلامة للجميع    اضطرابات نفسية.. خطر صادم    الأمير محمد بن عبدالعزيز يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه أميرًا لمنطقة جازان    رئاسة الشؤون الدينية تدشن أكثر من 20 مبادرة إثرائية    جائزة البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية لمجمع الملك سلمان العالمي    إحالة مواطن إلى النيابة العامة لترويجه "الحشيش"    نُذر حرب شاملة.. ودعوات دولية للتهدئة.. تصعيد خطير بين الهند وباكستان يهدد ب«كارثة نووية»    الرُّؤى والمتشهُّون    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اسرائيل النووية وصدقية معاهدة منع الانتشار
نشر في الحياة يوم 11 - 08 - 1998

بحصول اسرائيل على احدث الغواصات الالمانية تكون استكملت بناء ترسانة نووية ضخمة، تشمل العديد من المفاعلات النووية واكثر من 200 قنبلة ذرية وصواريخ تحمل رؤوساً نووية وغيرها من اسلحة الدمار الشامل، تأمنت لها جميعاً بفضل المساعدات الاميركية التي لم تتوقف منذ الاعلان عن قيام الكيان الاسرائيلي واغتصاب فلسطين العام 1948.
فاذا علمنا ان هذه الغواصات الالمانية دولفين 209 والفرقاطات ساعد - 5 من شأنها، بما تتميز به من امكانات، ان توسع مسرح العمليات البحرية لاسرائيل ليشمل حوض البحر المتوسط والبحر الاحمر والبحر العربي، بل يتعدى ذلك ليشمل اجزاء من المحيط الاطلسي والهندي فضلاً عن امكانات قواتها الجوية بعد حصولها على طائرات اف - 15 المتطورة ذات المدى البعيد الذي يصل الى مختلف حدود منطقة الشرق الاوسط من دون حاجة الى تزود الوقود. ما يعني ان استراتيجية اسرائيل العسكرية ستصبح اقرب الى استراتيجية ذراع الاخطبوط ذات الممصات القوية التي تلتصق بالفريسة.
وبظهور حقائق جديدة عن تحديد اسرائيل لأهداف اقتصادية وعسكرية في مختلف الدول العربية والاسلامية، توجه اليها رؤوس صواريخها النووية، كشف النقاب عنها الاخصائي الاسرائيلي شاحاك، المقيم حالياً في الولايات المتحدة الاميركية، في كتاب اصدره باسم "الاسرار العلنية" يتبين مدى الخطر النووي الاسرائيلي الداهم الذي يتجاوز الحدود الاقليمية لمنطقة الشرق الاوسط، الى الساحة الدولية على اتساعها.
واذا كان من السهل على الولايات المتحدة، وزميلاتها في النادي النووي، التنديد بالتفجيرات النووية الهندية والباكستانية التي هزت العالم في شهر ايار مايو 1998 فإنه يظل من الصعب التسليم بانتقاد ما قامت به الدولتان من دون تحميل الولايات المتحدة مسؤولية فشل سياستها في حظر انتشار السلاح النووي بشكل فاعل. والواقع ان صدقية الولايات المتحدة على صعيد الترسانة النووية في العالم، سقطت قبل التفجيرات النووية الهندية والباكستانية بسنوات عدة، تحديداً منذ مارست سياسة "غض النظر" عن تطوير اسرائيل لسلاحها النووي وتجاهلت كل النداءات العربية الداعية الى حمل اسرائيل على توقيع اتفاقية حظر انتشار الاسلحة النووية واعلان الشرق الاوسط منطقة خالية من السلاح النووي. فعلى رغم افتراض ان معاهدة منع الانتشار النووي تسعى الى منع وقوع سباق نووي في اقليم ومناطق الجنوب، فإن هذه معاهدة لم تفلح في تحقيق هذا الهدف او غيره من الاهداف، لأن الدول النووية الكبرى في العالم لم تتحرك بجدية لتقديم تأكيدات كافية لصيانة امن الدول غير الحائزة على السلاح النووي ضد الاعتداء النووي، او ضد الابتزاز النووي، فضلاً عن ان المعاهدة لم تستكمل عالميتها، لأن هناك دولاً عدة من بينها اسرائيل لم توقع على المعاهدة، الى جانب ان الدول غير النووية لا تزال من الناحية العملية عرضة للابتزاز النووي من جانب القوى النووية في العالم، وليس لديها اي ضمانات في هذا الشأن، في وقت لم تلتزم الدول النووية الكبرى في العالم الوفاء بتعهداتها بتقديم التكنولوجيا النووية للدول غير النووية للاغراض السلمية.
كشفت التفجيرات النووية الأخيرة رياء نظام الحظر، فهذا النظام استهدف قبل اي شيء آخر، الحفاظ على "الامر الواقع النووي" وتكريس احتكار دول النادي النووي الخمس، للرادع النووي، كما بات واضحاً ان اتفاق الحد من الانتشار النووي سقط في الواقع العملي وغدا بلا مستقبل، لأنه باختصار اتفاق غير عادل يتيح لبعض الدول التي تملك اسلحة نووية ان تحتكرها وتمنع الدول الأخرى من امتلاكها، وكأنه يكافئ الدول التي دفعت البشرية الى المستنقع النووي، ويعاقب الدول التي لم تفعل ذلك.
ان التفجيرات النووية الاخيرة لم تنه فقط "التمييز النووي" بين دول العالم الخمس النووية - المعترف بها رسمياً - وبين دول ما يسمى بالعالم الثالث او دول الجنوب، بل انها طرحت شكوكاً مشروعة حيال فعالية آلية حظر انتشار السلاح النووي وصدقيتها في الوقت نفسه.
ولعل من المسؤولية المضاعفة التي تقع على عاتق الدول النووية، انها هي ذاتها التي اسهمت بشكل او بآخر في الإخلال بالاهداف الاساسية لمبدأ منع الانتشار النووي، إذ ساعدت في الانتشار الافقى والرأسي للسلاح النووي، خصوصاً من حيث قيامها بالمساعدة على امتلاك بعض الدول للسلاح النووي من دون الاعلان عن ذلك صراحة، كما انه غير خافٍ ان تلك الدول النووية لم تقم حتى الآن بالتوقيع على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية والتفجيرات النووية، فضلاً عن ان ثمة غموضاً شديداً يحيط بعملية النزع الشامل للسلاح النووي من العالم، اذ من المعروف ان عملية النزع الشامل للسلاح النووي من العالم تبقى بمثابة الهدف الاسمى لعملية منع الانتشار النووي، وإذا كانت عملية النزع الشامل للسلاح النووي لن تتم في خطوة واحدة، وانما بصورة تدريجية، الا ان القوى الدولية الكبرى لم تتحرك بالقدر الكافي حتى الآن في هذا المسار، على رغم ما يتيحه انتهاء الحرب الباردة من فرصة مثالية للسير بقوة في هذا الطريق.
ومن هنا يمكن القول إن ثمة حاجة حيوية تبرز الآن لإعادة النظر في المقاربة الاميركية لسياسة حظر انتشار الاسلحة النووية القائمة على التمييز والرياء وعدم الجدية والصمت المريب على بناء وتطوير اسرائيل لترسانتها النووية، اذ يجب على الدول النووية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ان تدرك انه حتى يكون هناك التزام عالمي بعدم الانتشار النووي، فإن ذلك يتطلب ان تخضع كل دول العالم للتفتيش النووي، وان يتم وضع جدول زمني لنزع الاسلحة النووية من العالم بأسره، بحيث تصبح كل دول العالم خالية من هذه الاسلحة، اما استمرار معاهدة منع الانتشار النووي الراهنة كما هي، فإنها بسبب انعدام العدالة فيها، تحمل بذور التمرد عليها.
فما دام ان ليس هناك اتفاق عالمي لنزع الاسلحة النووية من العالم بأسره، وما دامت اتفاقية الحد من انتشار الاسلحة النووية تحافظ على الوضع القائم غير العادل، فإن ذلك سيثير دائماً الرفض من الدول غير النووية لأنه ليس من المعقول ان تحتكر حفنة من الدول الاسلحة النووية، وتمنع باقي دول العالم من امتلاكها بشكل يصل الى حد استعمال العنف كما في حالة العراق، مع القيام في الوقت نفسه بمساعدة دولة صغيرة مثل اسرائيل على الانضمام الى النادي النووي. ان كل ذلك ببساطة غير اخلاقي، ويبرر التمرد عليه، انه لمن الاهمية الجوهرية ان يتم نزع السلاح النووي الاسرائيلي، استناداً الى ان التسلح النووي الاسرائيلي من شأنه ان يخلق حالة من عدم الاستقرار الامني في الشرق الاوسط، تؤدي بدورها الى إحداث حالة من الاختلال الهيكلي، قد تنفجر في صورة سباقات تسلح بالغة العنف في المنطقة في مختلف مجالات التسلح.ومن الضروري ان تنطلق الآن من العالم العربي مناشدة جادة للمجتمع الدولي للإسراع عبر منظماته الشرعية، ليمارس مسؤولياته القانونية على صعيد وقاية الشرق الاوسط من أخطار اسرائيل النووية. ان الوجه النووي لاسرائيل يتجاوز حدوده الاجرامية، في ظل حالة الفوضى الدولية في التعامل مع الوجه القبيح لاسرائيل، لقد غدا من الواضح ان الزعامة الاحادية لعالم يختلط فيه حابل المشاكل السياسية بنابل التهديد النووي، لم تعد ترفاً تستطيع الولايات المتحدة ان تمارسه منفردة.
ان الحل الوحيد يكمن الآن في أهمية الاسراع في العمل باتجاه صياغة اتفاقية جديدة لنزع الاسلحة النووية من العالم بأسره بلا استثناء وعلى قدم المساواة، بما يضمن تحقيق الاهداف الكبرى من منع الانتشار النووي ومن خلال انضمام جميع دول العالم اليها، بما في ذلك اسرائيل لان انطلاق المارد النووي من قمقمه الضيق، بات يستدعي تعاوناً دولياً جماعياً، ويتطلب انتهاج سياسة لا تنفرد واشنطن في تطبيقها وفق اهوائها ومصالحها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.