أمين منطقة حائل يفتتح معرض أسبوع البيئة 2024    17مركزا لوجستيا تخلق 80 ألف وظيفة مباشرة و غير مباشرة    وزير الخارجية يشارك في جلسة بعنوان "الضغوطات في منطقة الشرق الأوسط"    الاحتلال اعتقل 8505 فلسطينيين في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر    أمير الشرقية يقلد قائد قوة أمن المنشآت برأس تنورة رتبة لواء    عبد العزيز بن سلمان: دعمنا العالم لاقتصاد الكربون بفترة وجيزة    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    شراكة عالمية لجمع 500 مليون دولار لمبادراتٍ في مجال التعليم    أخبار سارة في تدريبات الهلال قبل الكلاسيكو    الاعلان عن الأفضل في دوري روشن في أبريل    وزير الخارجية ونظيره العماني يستعرضان العلاقات الثنائية    تطور جديد في ملف انضمام صلاح ل"روشن"    نصف نهائي "أغلى الكؤوس".. ظروف متباينة وطموح واحد    اتفاقية لإنشاء "مركز مستقبل الفضاء" بالمملكة    «سلمان العالمي» يُطلق أوَّلَ مركز ذكاء اصطناعي لمعالجة اللغة العربية    الكلية التقنية للبنات بجدة تطلق هاكاثون تكنلوجيا الأزياء.    أمير المدينة يستقبل سفير إندونيسيا لدى المملكة    النيابة العامة: التستر وغسل الأموال يطيح بوافد و3 مواطنين لإخفائهم 200 مليون ريال    أمير المدينة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب بالجامعة الإسلامية    القبض على 8 أشخاص لقيامهم بالسرقة وسلب المارة تحت تهديد السلاح    "جائزة الأميرة صيتة" تُعلن أسماء الفائزين بجائزة المواطنة المسؤولة    سياسيان ل«عكاظ»: السعودية تطوع علاقاتها السياسية لخدمة القضية الفلسطينية    افتتاح الملتقى السنوي الثاني للأطباء السعوديين في إيرلندا    أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة    «مطار الملك خالد»: انحراف طائرة قادمة من الدوحة عن المدرج الرئيسي أثناء هبوطها    بيئي الشرقية يدشن معرض ( تعرف بيئتك ) بالخُبر    عباس يدعو إلى حل يجمع غزة والضفة والقدس في دولة فلسطينية    وزيرا الإعلام والعمل الأرميني يبحثان التعاون المشترك    فيصل بن بندر يؤدي الصلاة على عبدالرحمن بن معمر ويستقبل مجلس جمعية كبار السن    منتدى الرياض يناقش الاستدامة.. السعودية تتفوق في الأمن المائي رغم الندرة    دولة ملهمة    اللواء الزهراني يحتفل بزفاف نجله صلاح الدين    استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    منصور يحتفل بزواجه في الدمام    رابطة العالم الإسلامي تُعرِب عن بالغ قلقها جرّاء تصاعد التوترات العسكرية في شمال دارفور    الفيحاء يتوّج بدوري الدرجة الأولى للشباب    الأهلي بطلاً لكأس بطولة الغطس للأندية    نائب أمير مكة يطلع على تمويلات التنمية الاجتماعية    ديوانية الراجحي الثقافيه تستعرض التراث العريق للمملكة    النقد وعصبية المسؤول    مهنة مستباحة    فئران ذكية مثل البشر    إستشاري يدعو للتفاعل مع حملة «التطعيم التنفسي»    جامعة «نورة» تفتتح منافسات الدورة الرياضية لطالبات الجامعات الخليجية    منجزات البلدية خلال الربع الأول بحاضرة الدمام    اكتمال جاهزية كانتي.. وبنزيما انتظار    المصاعد تقصر العمر والسلالم بديلا أفضل    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    صحن طائر بسماء نيويورك    أول صورة للحطام الفضائي في العالم    ذكاء اصطناعي يتنبأ بخصائص النبات    تطبيق علمي لعبارة أنا وأنت واحد    أمير تبوك يواسي أبناء أحمد الغبان في وفاة والدهم    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    المسلسل    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعوة الأمير خالد و "الأمل العربي". نظرة الى المستقبل في ضوء توقعات عام جديد
نشر في الحياة يوم 19 - 01 - 1998

مع مطلع كل عام تنهال علينا من كل حدب وصوب آلاف التحليلات والمقالات والتكهنات والتوقعات حول العام الجديد وأحداثه المرتقبة ومدى ارتباطها بالعام المنصرم والأعوام السابقة. منها ما هو مبني على دراسة وتحليل ووقائع وبعضها الآخر من نسج الخيال. وفي الوقت نفسه يعكف المنجمون والعرافون على عرض تنبؤاتهم التي سيدعون لاحقاً انها تحققت لأنهم لا يتركون فرصة للخطأ مثل توقع اضطرابات في بلد ما، وكوارث طبيعية في بلد آخر، وأحداث دامية في بلد عربي أو اسلامي، ووفاة شخصية مهمة أو شخصيتين، ومرض شخصية أخرى، ومصاعب اقتصادية في بلدان عدة. وفي الشرق الأوسط لا بد من توقع مواجهات وتصعيد ومناورات من الجانب الاسرائيلي المتعنت أصلاً وأزمة سياسية في اسرائيل قد تسقط حكومة بنيامين نتانياهو، وازدياد معاناة الشعب الفلسطيني وتجدد المتاعب التي تواجه السلطة الوطنية الفلسطينية.
وفي الخليج، وكالعادة يتوقع تجدد الأزمات بين مجلس الأمن والعراق، وحدوث تصعيد خطير قد يصل الى حد المجابهة العسكرية وازدياد معاناة الشعب العراقي، والكشف عن محاولات عدة لقلب نظام الحكم، وهروب عدد من الضباط والشخصيات المهمة، وتجدد الصراع الدامي بين الأكراد في شمال العراق، وتجاوز أزمات بين دول الخليج، وفي داخل بعضها.
وبالطبع فإن أصحاب التكهنات والتوقعات والتنبؤات لم يتركوا أية فرصة للخطأ، ذلك ان هذا الكلام يمكن ان نردده مطلع كل عام مع بعض التعديلات في الأسماء والأشخاص والأشهر. ولكن الذي ينقصنا هو وضع تصور مدروس لنظرة مستقبلية الى واقعنا العربي تشارك فيه نخبة من العلماء والمفكرين العرب حتى يتسنى لأصحاب القرار تحديد مواقفهم لفترة زمنية طويلة مقبلة، وتوقع معظم الأحداث والتطورات على المدى الطويل حى يشكل مفعول عنصر المفاجأة ويتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
وحسب ما نعرفه جميعاً فإن دول الغرب والولايات المتحدة بالذات تعتمد على هذه الدراسات بصورة رئيسية، اذ تكلف معاهد الدراسات الرئيسية المشهود لها بالكفاءة والصدقية بوضع دراسة تفصيلية لصورة العالم ومصالح الولايات المتحدة في كل منطقة من المناطق بالتفصيل، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً مرفقة بالتوقعات والمشاكل والحلول وكل الاحتمالات الواردة حتى يتم تضييق نسبة الخطأ بشكل كبير.
وفي ضوء هذه الدراسات الموثقة بالأرقام والاحصاءات وشهادات اهل الرأي والخبرة وتقارير اجهزة المخابرات ومؤسسات قياس الرأي العام يتم وضع سياسة الولايات المتحدة المستقبلية لعقد كامل بغض النظر عن الحزب أو الرئيس الحاكم في البيت الأبيض، ومهما كانت شخصية المسؤول الأول في وزارة الخارجية أو وزارة الدفاع أو غيرها فالسياسة هي سياسة دولة لا سياسة سلطة وحكومة وحزب، والاستراتيجية تتعلق بمصالح الدولة وأهدافها ولا يمكن أي مسؤول ان يعرضها للخطر مهما كانت مواقفه وسياساته. فالسياسة عامة والاستراتيجية محسومة، والفرق بين الادارات يتركز على التكتيك لا على الاستراتيجية، وعلى الأسلوب وليس على الأمور الأساسية، وعلى الشكل لا على الجوهر.
لهذا لاحظنا على مدى السنين ان سياسة الدول الكبرى لم تتغير مع تبادل الأدوار وتناوب الأحزاب على السلطة خصوصاً بالنسبة للاستراتيجية والقضايا الرئيسية المحسومة. ومن يتابع هذا الأمر يجد ان مواقف الولايات المتحدة من القضايا الرئيسية ثابتة لم تتغير سواء كان سيد البيض الأبيض ديموقراطياً أو جمهورياً. كما لاحظنا الأمر نفسه عند فوز حزب العمال في بريطانيا بعد أكثر من 17 سنة من حكم المحافظين، اذ لم تشهد البلاد أي تغيير جذري خصوصاً في السياسة الخارجية. وهو أمر نفسه متبع في فرنسا في عهد شيراك، أو في عهد ميتران، وفي عهد حكم الديغوليين الكامل ثم في عهد تقاسمهم الحكم مع الاشتراكيين هذه الأيام. بل ان روسيا نفسها لم تبدل في استراتيجيتها العامة وأهدافها البعيدة المدى في عهد بوريس يلتسن، وبعد أكثر من 70 سنة من الحكم الشيوعي المتشدد.
من هنا تكمن أهمية الدعوة لوضع حد للتسيب العربي والفوضى السياسية وغياب الاستراتيجيات الواضحة، والعمل على صياغة موقف عربي موحد واستراتيجية مشتركة تحدد الأولويات وترسم الخطوط العامة للمواقف والسياسات من القضايا الرئيسية التي تمثل خطوطاً حمراً ولا يجوز تجاوزها أو الخروج عنها الا في حالات الضرورة القصوى أو حدوث مفاجآت لم يكن في الامكان توقع حدوثها. فقد ان الأوان لأن نحدد نحن العرب، نظرتنا المستقبلية بالنسبة الى المصالح القومية والأهداف الرئيسية والقضايا العامة التي لا يجوز التلاعب بها. فقد أصابت الأمة حال فقدان وزن وتوازن نتيجة للمفاجآت والفواجع والصفقات والانتقال السريع من موقع الى موقع ومن موقف الى موقف من دون دراسة ولا تخطيط ولا تنسيق بين أبناء الأمة الواحدة والقضايا المشتركة. وهذا ما يظهر جلياً بالنسبة الى مسيرة السلام خصوصاً على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي حينما تمكن الاسرائيليون من الاستفراد بالفلسطينيين والتلاعب بكل بند من بنود اتفاقهم "الأوسلوي" الغامض.
ومن هنا جاءت أهمية الطرح الذي قدمه الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز عبر سلسلة من المقالات في "الحياة" خلال العام المنصرم توجها بسؤال أثار ضجة وردود فعل: "هل من أمل؟".
ولا شك ان الأمل موجود، والايمان عامر في القلوب، فالمؤمن لا ييأس، ولكن على العرب الخروج من مرحلة رد الفعل الى مرحلة الفعل، ومن التخبط والمفاجآت الى التخطيط وحصر التوقعات والاعتماد على العلم في التحليل والاحصاء والدراسات حتى يلحقوا بالركب ويضعوا مصالحهم فوق كل اعتبار ويعتمدوا على الواقعية والموضوعية والعقلانية، فالتحليل المنطقي والواقعي يمكن ان يشكل بداية مشجعة لوضع الاستراتيجية العربية وبالتالي الاجابة عن السؤال "هل من أمل"؟ وأكبر دليل على ذلك انني عدت الى محاضرة للأمير خالد بعنوان "حرب الخليج والمستقبل"، ألقاها في 6 تشرين الأول اكتوبر 1993 في مركز القوات المسلحة للدراسات الدفاعية في لندن فوجدت فيها نظرة مستقبلية كأنها تتحدث عن الواقع في المنطقة كما هو اليوم، أو ربما كما سيكون عليه في الغد. فبعد تحليل حرب الخليج وأبعادها وذيولها وانعكاساتها حدد الأمير خالد النظرة الى المستقبل، بادئاً بالتغييرات السلبية لحرب الخليج "اذ ان انتهاك صدام حسين ما يسمى بأحد الأعراف العربية غير المكتوبة، واعتداءه الوحشي على دولة عربية، حطم الروابط العربية الأساسية، أخشى ان يستغرق اصلاحها وقتاً طويلاً". ثم يشير الى الأزمة العربية - الاسرائيلية، والتطرف الديني "اليهودي أو المسيحي أو الاسلامي"، وأزمة المياه، فضلاً عن "مشكلتي" العراق وايران.
وتطرق الى "الاحتواء المزدوج" لايران والعراق، مؤكداً عدم اتفاقه مع هذا الاتجاه "لأنني أفضل سياسة اعادة هذين البلدين الغنيين بحضارتهما ومشاركتهما القيمة الى حظيرة المجتمع الدولي". وبعدما اشار الى ان "خطر"" صدام حسين لم يعد يشكل التهديد نفسه الذي شكله عام 90 - 1991، مستبعداً نشوب حرب اخرى مثل التي حدثت، نبّه الى ان صدام لا تزال لديه القدرة على إحداث الضرر بالآخرين وشن الحرب بصورة ما ضد جيرانه.
ويطرح الامير خالد لأمن الخليج وصفة تبدأ بأن تبني كل دولة من دول الخليج قوتها الدفاعية، طبقاً لقدراتها، ثم تطور قدراتها الدفاعية المشتركة وتحسنها. ويمكن تحقيق ذلك "بالتنسيق الوثيق والتخطيط المركزي لجعل قوات "درع الجزيرة" التابعة لمجلس التعاون الخليجي قوة يحسب لها ألف حساب". ويقترح ايضاً ان تعزز دول مجلس التعاون الخليجي قدراتها الدفاعية بالدخول في ترتيبات دفاعية مع دول عربية ودول مجاورة اخرى، وتحديداً مصر وسورية وتركيا والباكستان. وبالطببع لاينسى مشاركة الدول الصديقة في الترتيبات الدفاعية، ومنها على وجه الخصوص بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة. وعلى رغم اعترافه بأن ما انجز في حرب الخليج "ما أمكن انجازه من دون الصداقة الغربية"، إلا أنه دعا الى ادراك "حدود ما يمكن الدول الصديقة ان تقوم به من اجلنا" والى ملاحظة ان الدرع الدفاعي الغربي "يخضع الآن لعملية تفكيك واضعاف". ويستخلص أن "من الخطأ الجسيم ان نترك امننا في ايدي الآخرين، مهما كانوا أصدقاء، أو موالين لنا، ويجب ان نعتمد على انفسنا ونفعل المزيد من اجل امتنا".
هذه النظرة المستقبلية يمكن ان تشكل لبنة من لبنات الاستراتيجية المستقبلية اخترتها اليوم في ضوء ما ينشر من توقعات وتكهنات لعلها تجيب على السؤال الأساسي المطروح وهو: هل من أمل؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.