يتكلم الإنسان الطبيعي 16 ألف كلمة يومياً، الحال مختلفة بالنسبة للاعب السعودي المحترف في كوريا الجنوبية ناجي مجرشي، الذي لا تزيد كلماته في اليوم على 30 كلمة، فمجرشي الذي يعتبر مستواه في اللغة الإنكليزية متوسطاً يؤكد أنه من النادر أن يصادف من يجيدون الحديث باللغة الأكثر انتشاراً في العالم، الحل بالنسبة للاعب السعودي هو الاستعانة بلغة الإشارة، التي يصفها ب«الفعالة»، إذ تكفي لإيصال المعلومة التي يريد إلى زملائه. وعلى رغم الفوارق الثقافية والاجتماعية الكبيرة بين السعودية وكوريا الجنوبية، إلا أن مهاجم نادي الشباب المعار إلى نادي أولسان هونداي الكوري الجنوبي ناجي مجرشي، يرفض وصف تجربته الاحترافية الحالية ب«الصعبة». جاء ذلك وأكثر في حواره الآتي ل«الحياة»... فإلى نصه: كيف تصف قبول تأقلمك خلال إقامتك الحالية في كوريا الجنوبية؟ - متى ما وجدت القبول في الوسط الجديد الذي تعيشه تصبح الأمور أكثر سهولة، والكوريون طيبون جداً ويحترمون ضيوفهم، وفي لقائي بالكثير من جماهير فريق أولسان هونداي في الشوارع أشعر بالخجل من كرمهم وحسن تعاملهم معي، وعلى رغم صعوبة التواصل في غياب اللغة المشتركة، إلا أنهم متعاونون، حتى عندما يقتصر الحديث على لغة الإشارة، فالحياة هنا سهلة ومليئة بمظاهر التفاؤل. حدثنا عن النادي الكوري؟ - هو أولسان هونداي الذي يستقر في مدينة قريبة من العاصمة سيئول، وهو أحد الأندية المميزة في كوريا الجنوبية، ويضم في صفوفه عدداً من النجوم الكبار في مقدمهم اللاعب سيول، الذي سبق أن خاض تجربة احترافية في السعودية مع نادي الهلال، واللاعب سونغ الذي احترف هو الآخر مع نادي الشباب، وبحكم تجربتهما في السعودية كان اللاعبان الأكثر ترحيباً بي عند وصولي إلى كوريا، وقاما بتعريفي على الكثير من الأمور داخل النادي، وهذا الأمر لعب دوراً مهماً في تأقلمي السريع مع بقية اللاعبين. وماذا عن الجانب الاحترافي في الملاعب الكورية؟ - الاحترافية العالية التي تتميز بها أندية كرة القدم في كوريا الجنوية تسهل على أي لاعب أجنبي التأقلم مع أي فريق، ومن الطبيعي أن يحتاج أي لاعب جديد إلى فترة قبل أن يتأقلم مع فريق جديد وبلد جديد، وهذه المرحلة تحتاج لاحترافية عالية وجدتها في تعامل إدارة النادي معي، إذ وفروا لي سبل الراحة كافة وهم يتواصلون معي بشكل يومي للاستفسار عن أحوالي. هل هناك لاعبون أجانب غيرك في الفريق؟ - هناك محترفان أجنبيان فقط في صفوف فريق أولسان، ويتولى مسؤوليتهما خارج النادي سائق ومدير أعمال، فلا أحتاج أبداً للخروج من المنزل إذا لم أرغب في ذلك، إذ يقوم مدير الأعمال بتزويدي بكل ما أحتاجه بمجرد الطلب حتى انه يقوم بالتسوق نيابة عني، كما أتلقى اتصالاً ليلياً بشكل يومي لإخطاري بجدول الفريق ليوم غدٍ، فمنذ اللحظة الأولى لوصولي مطار سيئول وجدت مدير الفريق والمنسق الإعلامي في استقبالي، واللذين أوصلاني على الفور إلى مقر إقامتي الفاخر الذي يتميز بقربه من النادي، إضافة إلى قيام مدير الفريق بشرح الأساسيات كافة التي قد يحتاجها اللاعب في مقر سكنه، كما أنهم حرصوا على توفير سيارة خاصة لي. ماذا عن النادي كيف تقضي وقتك وتدريباتك فيه؟ - أمكث لساعات طويلة داخل مقر النادي، على رغم أن مقر إقامته قريب من مقر سكني، ومع ذلك لا أجد البقاء في النادي مملاً، وذلك بسبب توافر وسائل الترفيه كافة، إضافة إلى الخدمات التي يقدمها النادي، حتى في الوجبات الغذائية يهتم إداريو الفريق بالبحث عما يريح اللاعب، إذ يوفرون له الوجبة الصحية المناسبة بناء على رغبته، وبعد التدريبات اليومية يجتمع بنا المدرب ونتحدث كثيراً عن ظروف مبارياتنا المقبلة. وضع فريقك في الدوري الكوري، كيف تجده؟ - على رغم الأجواء الصحية التي يوفرها لنا النادي كلاعبين، إلا أن نتائج أولسان هذا الموسم لا تزال بعيدة عن طموحات القائمين عليه كافة، فلم يحقق الفريق سوى ثلاثة انتصارات من مبارياته ال 9 الأخيرة، لكن الفريق قادر على العودة للمنافسة، ولا يزال الدوري في بدايته والقائمون على الفريق يدركون جيداً أننا قادرون على تقديم مباريات أفضل، ونحن لم تخدمنا الظروف على أرض الملعب في المباريات الماضية. ماذا عن المباريات التى شاركت فيها؟ - الحمد لله أسهمت في تحقيق انتصار مهم للفريق، بعد ما صنعت هدف الفوز في احد اللقاءات الماضية في الدقيقة الأخيرة من المباراة، لكنني ما زلت في انتظار الانسجام الفني الكامل، لأتمكن من تحقيق الأهداف والوصول لمستواي الذي اطمح لتقديمه، فطبيعي أن تكون البداية صعبة، فأنا ألعب في دوري مختلف جداً عن الدوري السعودي على الأصعدة كافة وانسجامي كان صعباً في البداية. ما الفريق بين الدوريين السعودي والكوري الجنوبي في رأيك؟ - قد لا تبدو الفوارق واضحة، لكن الدوري الكوري الجنوبي يعتمد في الأساس على المجهود البدني الكبير للاعبين، كون الفرق هنا تعتمد على اللعب الطولي والسرعة وقليلاً ما تحضر قيمة المهارات الفنية التي تختفي وراء القوة البدنية التي يعتمد عليها اللاعبون، بينما الدوري السعودي يعتمد طريقة اللعب البرازيلية، ويمتاز بعلو مستوى المهارات الفردية وتفوقها على طريقة اللعب الجماعي أو حتى السرعة. السؤال الأهم الذي يدور في ذهن الكثير من محبي الشباب، ما هو مصير ناجي بعد نهاية عقده الممتد لستة أشهر مع أولسان؟ - بصراحة انا مرتاح جداً هنا في كوريا، وأتمنى أن تتاح لي الفرصة للاستمرار مع الفريق وتقديم المزيد، والاحتراف في كوريا الجنوبية كان أسهل بكثير مما توقعت، وكما قلت سابقاً الشعب الكوري ودود جداً ويحترم الضيوف ويبحث دائماً عن مساندتهم، وعلى رغم سعادتي مع النادي الجديد لم أنس نادي الشباب، اذ اتابع أخباره عبر مواقع الإنترنت واتواصل مع زملائي اللاعبين بشكل أسبوعي، وزيارة الرئيس الفخري الأمير خالد بن سلطان أخيراً للنادي وتكريمه للاعبي الفريق الأولمبي بعد تحقيقهم كأس بطولة الأمير فيصل بن فهد كانت الحدث الأهم خلال فترة غيابي، وكانت اللحظة التي تمنيت أن أكون موجوداً خلالها مع الشباب، فالنادي يسير بشكل جيد، وزيارة الأمير خالد بن سلطان الذي دعمني كثيراً هي اللحظة التي تمنيت حقاً أن أكون موجوداً حينها. ما أهم ما يشغل بالك خلال هذه التجربة الاحترافية الخارجية؟ - أدرك جيداً أن تجربتي مع أولسان هي الأولى من نوعها بالنسبة للاعب سعودي، ومقتنع تماماً بأنني أحمل عبئاً عكس الصورة الحقيقية للاعبينا في كوريا الجنوبية، وأتمنى أن أكون قادراً على تحقيق ذلك، فهذه هي النقطة الأهم بالنسبة لي.