ساعدت مديرة مكتب قناة «العربية» في القاهرة الإعلامية رندا أبو العزم، في القفز بالقناة نحو المقدمة، وسط قنوات عربية وأجنبية شهدت صراعاً فضائياً شرساً، أثناء تغطيتها أحداث الثورة في مصر. ونجحت كذلك في تحقيق أكثر من سبق أثناء التغطية، أبرزها إجراؤها حواراً مع رجل الأعمال والسياسي السابق أحمد عز. عن قراءتها للمشهد الإعلامي المصري تقول أبو العزم ل «الحياة»: «المشهد مرتبك جداً. ونحن نأسف لقيام صحف قومية عريقة بنشر أخبار لا ترتقي للدقة والصدقية المطلوبة والمتوقعة منها، ونأسف أكثر لأن كثيراً من المذيعين، يقحمون آراءهم الشخصية في كثير من الموضوعات التي يتناولونها، وهو أمر معيب مهنياً، خصوصاً إذا كان هؤلاء يعملون ويظهرون على شاشات التلفزيون الرسمي للدولة. باختصار يمكنني القول إن المعايير المهنية ضاعت الآن وليست واضحة، والصحف القومية المصرية تلونت وتغيرت بين يوم وليلة، وجميعنا يعاني الآن، خصوصاً مع غياب المصدر الحقيقي للخبر، وبطريقة أو بأخرى لا يمكننا إغفال أننا مثلاً نقرأ 10 أخبار في الصحيفة ذاتها من مصادر مختلفة وجميعها متناقضة». وتؤكد أن «العربية» تنقل كل أصوات الشارع المصري، نافية أي تغييب لأي طرف في الحياة السياسية: «الجميع ممثل على الشاشة، ونحن استضفنا أكثر من مرة أحد رموز الإخوان المسلمين عصام العريان، ولم يحدث أن منعناهم من الظهور لا قبل الثورة ولا بعدها. كما أن الشيخ محمد حسان كان موجوداً أيضاً في القناة في أول أيام الثورة، فالجميع ممثَّل، وهذه سياسة «العربية» وهي سياسة أكسبتها الصدقية عند المشاهد المصري الذي لو شعر بانحياز القناة للحظات فسيبتعد عنها سريعاً، لذلك ما زال الخبر المصري على رأس أولويات المشاهد، حتى بعد حدوث ثورات أو أحداث مهمة في أماكن عربية أخرى مثل ليبيا واليمن والبحرين وسورية، وغيرها، لكن الخبر المصري ما زال حتى اللحظة مميزاً ويحتل الصدارة في القناة، لصدقيتنا في نقله». وعن التغيير الذي لمسته في التحول بالحراك الإعلامي المصري بعد الثورة تقول: «بعض الصحف المصرية المستقلة مثل «الشروق» و «المصري اليوم»، ما زالت محتفظة بخطها التحريري الثابت، وهو خط واضح. أما الصحف القومية مثل «الأهرام» و «الأخبار» و «الجمهورية» وغيرها فارتبكت، وبعضها غير قادر على تناول الشأن المحلي بالصورة المطلوبة، والبعض الآخر تحسن أداؤه، ولكن إجمالاً ما زال هناك نوع من عدم الاستقرار في مؤسسات كبيرة في الدولة، أثر في كثير من الأمور ومن بينها الصحافة». وأشارت إلى أن حركة التغيير التي طاولت رؤساء تحرير كثير من الصحف المصرية القومية أخيراً، لها أوجه كثيرة، أهمها «أن القارئ لم يكن يتقبل انتقاداً للنظام السابق، من رئيس تحرير كان يمتدح هذا النظام، وبالتالي فإن عملية التغيير حتمية، حفاظاً على صدقية هذه الصحف. ثانياً كانت هناك مطالب بالتغيير من داخل المؤسسة ذاتها، وللأمانة فإن كثيراً ممن هم الآن في رئاسة تحرير هذه الصحف يتمتعون بمهنية عالية. أما مسألة تغيير أدوات الصحيفة، وآلية نقلها للخبر فهذا الأمر لم يحدث بعد، لأن خط الصحيفة لا يتغير مباشرة بتغير رئيس التحرير. فالعملية تحتاج إلى بناء كوادر جديدة، وهي مسألة تأخذ وقتاً أطول، لكن المعيار الأهم هو المهنية والكفاءة وهو الأصل في انتقاء هذه الأسماء». ورداً على سؤال حول سبب اهتمام الإعلام المصري الخاص ببرامج الحوار بعد 25 كانون الثاني (يناير) تقول أبو العزم: «هذه النوعية من البرامج كانت موجودة وبكثرة حتى قبل قيام الثورة، والمشاهد المصري متعطش لها، لارتفاع نسبة الأمية، بمعنى أن الناس تشاهد أكثر ممّا تقرأ، لذلك أصبحت المصدر الخبري الأول لهم. إضافة إلى أن النظام السابق تلمس تأثيرها في المواطنين فمنحها بعض الحرية. ولكن، يمكن القول اليوم إن برامج الحوار والخبر تأخذ منحى آخر، بعضها يتوخى المهنية، وأخرى تسير مع الموجة فقط، وفي النهاية إذا كانت هناك 10 برامج على الساحة الآن، فلن يبقى منها سوى عدد قليل فقط». وفي تعليقها على ما يشاع بأنها وظفت نفوذها لإجراء لقاء مطول مع رجل الأعمال والسياسي أحمد عز، تقول: «أولاً ترويج أن لي نفوذاً في القاهرة أمر غير صحيح، لكن يمكن القول إن هناك مثابرة، وهو ما يفرق بين شخص وآخر، وللعلم فقط فإن لقاء أحمد عز كان ضمن 15 شخصية أخرى كنت حريصة على الالتقاء بها، من بينها نائب الرئيس السابق عمر سليمان. وفي كواليس اللقاء اكتشفت من اللحظة الأولى كم هو مذعور ومصدوم، وطلب مني وهذه المعلومة أذكرها للمرة الأولى، ألا أشير إلى مكان اللقاء، قائلاً: «الناس تريد محاكمة أحمد عز وليس قتله»، وقد تجاوبت إنسانياً مع مطلبه، عدا ذلك كان اللقاء صراعاً ذهنياً مجهداً، وكنت في وضع صعب، خوفاً من أن يقود هو الحوار نحو ما يريد. علماً إنني تشاجرت مع مستشارته الإعلامية أثناء التسجيل، وانسحبت، وبعد تشاور طلبت عدم التدخل، ولأن الحوار كان قبل تنحي الرئيس السابق، اتصل بي عز بعد خطاب التنحي طالباً بإلحاح عدم عرض اللقاء، فأخبرته أن الحوار ملك للقناة، والمسؤولون فيها هم الذين يقررون، وقد منحته القناة الوقت الكافي للتعليق والرد، قبل أن يحال على المحاكمة، بعد عرض اللقاء بيومين». وتوضح أن كلمة الرئيس السابق مبارك عبر «العربية» لم تمر من خلال مكتب القناة في القاهرة، وتضيف: «لا أعرف عنها شيئاً، ومثلها مثل كلمة أيمن الظواهري التي عرضت قبل أيام. قد يكون إيصالهما للقناة تم عن طريق وسائل تكنولوجية مختلفة، وللأمانة لم أحاول أن أعرف كيف وصلتا إلى القناة».