ترامب: أميركا تخوض «نزاعاً مسلحاً» مع كارتلات المخدرات    انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    أسعار النفط تتراجع بنحو 2%    معهد العاصمة النموذجي.. شواهد على التعليم    التطور التكنولوجي في بيئة الحروب    العلا.. مرحلة جديدة    قراءة في مجد الطبيعة وصغارة الإنسان    الإعلاميان الكبيران : محمد عابس وعبدالعزيز خزام في مهرجان القصيدة الوطنية    نحترق لتنضج الطبخة    الشيخ والغوغاء 2/2    جامعة الرياض للفنون.. فضاء إبداعي للثقافة السعودية    نادي الاتحاد يتوصل لاتفاق مع المدرب البرتغالي كونسيساو    انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    الأهلي يعلنها: روي بيدرو المدير الرياضي الجديد    ضبط مواطن في جازان لتهريبه ونقله مواد مخدرة وإيواء مخالفين    في اليوم الأول ل"كتاب الرياض".. مهرجان ثقافي حي للمعرفة    عدد من الدول تعلن احتجاز إسرائيل عددًا من مواطنيها    خالد الغامدي رئيساً تنفيذياً للشركة السعودية للكهرباء    تركيب لوحات شارع الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في العاصمة الرياض    برشلونة يعلن تأجيل موعد عودته إلى ملعب «كامب نو»    رفقًا بالمعلمين والمعلمات أيها المتنمرون    التعليم معركة الوعي وبناء المستقبل    وزير الصحة يبحث مع وزير الثقافة السوري تعزيز التكامل بين القطاعين الصحي والثقافي    دوري يلو 4.. العلا ل "تعزيز الصدارة".. وقمة بين الدرعية والجندل    "وقاء نجران" يُنظّم ورشة حول أهم الآفات التي تصيب البُنّ    أمير منطقة جازان يطلق جائزة "الأمير محمد بن عبدالعزيز لمزرعة البن النموذجية" بنسختها المطورة    "هيئة العناية بالحرمين": 115 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر ربيع الأول    التكيُّف مع الواقع ليس ضعفًا بل وعي وذكاء وقوة    "التخصصي" في المدينة ينجح في إجراء زراعة رائدة للخلايا الجذعية    هجوم حوثي صاروخي يستهدف سفينة هولندية في خليج عدن    زلزال الفلبين: بحث يائس ومخاطر متصاعدة    اغتيال مرشح برلماني يهز طرطوس.. أردوغان يحذر من المساس بسلامة الأراضي السورية    «التأمينات» اكتمال صرف معاشات أكتوبر للمتقاعدين    تابع سير العمل ب«الجزائية».. الصمعاني: الالتزام بمعايير جودة الأحكام يرسخ العدالة    حققت مع 387 موظفاً في 8 وزارات.. «نزاهة» توقف 134 متهماً بقضايا فساد    الصورة الذهنية الوطنية    «المرور»: استخدام «الفلشر» يحمي من المخاطر    قمة أوروبية لمواجهة تهديدات موسكو.. مفاوضات روسية – أمريكية مرتقبة    البنتاغون يواصل تقليص مهمته العسكرية بالعراق    تسعى إلى إشراكهم في التنمية..«الموارد» : ترسيخ التحول الرقمي لخدمة كبار السن    5.9 مليار ريال تمويلات عقارية    أمراء ومسؤولون يقدمون التعازي والمواساة في وفاة الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    إرث متوارث.. من قائد (موحد) إلى قائد (ملهم)    شذرات.. لعيون الوطن في يوم عرسه    رحب باستضافة السعودية مؤتمر«موندياكولت».. بدر بن فرحان: شراكة المملكة و«اليونسكو» تسهم في التنمية الثقافية    في كأس آسيا 2.. النصر يعبر الزوراء ويتصدر.. وتعادل الشباب والنهضة العماني    ائتلاف القلوب    شذرات لعيون الوطن في يوم عرسه    الهلال يطالب بإعفاء نونييز من وديتي منتخب الأوروغواي    بعثت برقية تهنئة لرئيس الصين بمناسبة «اليوم الوطني».. القيادة تهنئ رؤساء نيجيريا وقبرص وبالاو ب«ذكرى الاستقلال»    باحثون يطورون علاجاً يدعم فعالية «المضادات»    شيءٌ من الوعي خيرٌ من قنطار علاج    تقليص ساعات العزاء والضيافة عن نساء صامطة    ملتقى لإمام وقاضي المدينة المنورة بن صالح    معتمرة تعود من بلدها لاستلام طفلها الخديج    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام الأحوال المدنية بالمنطقة    أمير جازان يستقبل وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأفواج الأمنية    بطل من وطن الأبطال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سورية... والتهمة «المعلبة»!
نشر في الحياة يوم 18 - 04 - 2011

يبدو أن معين الأنظمة العربية التي تشهد دولها احتجاجات وتظاهرات واعتصامات تطالب بالحرية والكرامة والمساواة والعدالة والديموقراطية وفتح أبواب الإصلاح السياسي، وتحسين الأوضاع المعيشية، قد نضب عن أي حل إصلاحي، سوى كيل «التهم الجاهزة» و»المعلّبة» التي نهلت منها تلك الأنظمة طويلاً حتى رحلت إما إلى المنفى أو إلى السجون، والأخرى ربما ترحل بالطريقة نفسها، وقريباً لا بعيداً. عندما تخرج الجماهير إلى الشوارع رافعة شعارات «سلمية» ومطالبة بحقوق إنسانية «غائبة»، ثم تطلق على صدور الأبرياء الأعيرة النارية بلا رحمة، ويُدفع بالبلطجية ومصاصي الدماء لقتل الناس هو الطريق لاستنهاض الشعوب ضد تلك الأنظمة. إنه قمة الغباء لا استغباء الناس عندما تبرر أفعالهم القاتلة بأن بين المتظاهرين، مندسين ومخربين ومهلوسين، في محاولة لدحض التهم التي تلاحق «إجرامية» أجهزتهم الأمنية القمعية.
تتفق الشعوب على أنه لا يستحق البقاء على كرسي السلطة من يقتل الناس. ومن يرسل رجال الأمن والمخابرات لركل ودهس وقمع المتظاهرين وإذلالهم وإهانتهم. ولا يستحق السلطة من يهدد النساء بلغة جوفاء خالية من الإنسانية. ومن يهوش على كبار السن بعبارات عدوانية «غبية» حتى يصوم الناس عن الخروجَ إلى الشوارع للتعبير عن آرائهم بكل حرية، اعتقاداً منهم أن تلك الممارسات القمعية ستمنع الناس من المطالبة بحقوقهم التي ترفض تلك الأنظمة الاستبدادية منحها كحقوق مشروعة.
كم هي أنظمة غريبة وعجيبة وسخيفة، تلك التي تفشل في التعاطي مع مطالب مشروعة وحقوق موجبة، لتفضح مدى هشاشتها وضعف بنيتها وخواء جرابها، وتثبت بالأدلة أن تلك الأيام الخوالي التي كان يفوز فيها الزعماء بنسبة 99.99 في المئة قد ولّت، لأنها كانت تخرج عبر مسرحيات هزلية مزوّرة، ولا يمكن لمثل هذه الأنظمة أن تعمر أرضاً أو تبني بلاداً فيها الإنسان أولاً.
في سورية مثلاً، رأينا على الشاشات كيف يطلق رجال الأمن النار على المتظاهرين ويداس على رقابهم بالأحذية العسكرية، ويوصف الإنسان بأقذع الأوصاف، فيما في المقابل تخرج تظاهرات تؤيد النظام وهي ترفع صور الرئيس، وتهتف باسمه وترقص على الموسيقى ثم تعود إلى منازلها من دون أن تمس لها شعرة واحدة بل تقدم لها الحماية والمكافآت، وهو إعادة لسيناريو ما حدث في تونس ومصر وما زال يحدث في ليبيا.
يتساءل المراقبون للأوضاع في سورية: لو كان النظام يثق بنفسه وبشعبيته، لماذا يرفض التغطية الإعلامية المستقلة ويصرّ على التعتيم الإعلامي؟! لكن، جزى الله وسائل الإعلام الجديد من «يوتيوب» و»فيسبوك» و»تويتر» خيراً، لأنها فضحت تلك الروايات الرسمية الزائفة التي لا تزال تعشعش في أدمغة قمعية. لا أعرف لماذا لا تخجل تلك الأنظمة وهي تقدم نظريات المؤامرة والخيانة وصفات الكلاب الضالة والجرذان على الحقوق المشروعة لشعوبها، لمجرد خروج أحرار يطالبون بإصلاحات ضرورية؟
من يعد بالإصلاحات لا بد أن ينفّذها احتراماً لشعب أبي يطالب بالحرية والكرامة والعدالة. لا يجب إهانة وإذلال وقتل هكذا شعب كما حدث في حوران ودرعا والرقة والحسكة ودير الزور وطرطوس ودمشق والقامشلي وحلب وحمص واللاذقية والبيضا، وجبلة وبانياس، كما شاهدنا على الشاشات التلفزيونية في ما سمّاه السوريون ب «جمعة الإصرار».
لماذا تطرد رئيسة تحرير صحيفة «تشرين» سميرة المسالمة لمجرد مطالبتها بعدم التسامح مع من يطلق النار على المتظاهرين سواء كان من رجال الأمن أو من العصابات وتقديمه للمحاسبة بعد أن رأت أهلها في درعا يتلظون بسوء العذاب ويواجهون التنكيل والقتل بلا سبب أو مبرر؟ أين أولئك الإعلاميون السوريون الذين أزعجوا طبلات آذاننا بالدعوة للحريات والحقوق، متشدقين بالإنسانية والقومية وهم من تربة سورية ثم لا يدافعون عن هؤلاء المظلومين وهم يمتطون صهوة برامج حوارية على قنوات إخبارية خليجية؟ أين هؤلاء «المتشدقون» الذين يوزعون المواعظ والمواقف البطولية «المجانية» ثم يتبلّدون عندما يحتاج أبناء جلدتهم إلى مواقفهم في الشدائد؟ إذ يختبئ هؤلاء ويهربون ولا يستحون، ومن بينهم «متمشيخون» يتسلّقون المنابر في دول عربية متجاهلين ما يجري في بلادهم ولا ينبسون ببنت شفة ولو بالإدانة وكأن الواحد منهم «أعمى وأصم وأبكم»!
الأكيد أن التناقض وتسويق نظرية المؤامرة والمراهقة السياسية ستنتهي يوماً ما بانتفاضات شعبية جماعية، حتى وإن مارست الأجهزة الأمنية والاستخباراتية العدوانية والإجرامية. وحتماً سيأتي يوم تفضح فيه النيات الخرقاء وتكشف السياسات الحمقاء والممارسات الوحشية، لأن إهانة الشعب وقذف شبابه وراء القضبان والقتل بعقلية أمنية استبدادية، ما هو إلا نطح الواقع باللا واقع في مرحلة اللا توازن لإظهار قوة «كرتونية» تخشى من استمرار ثورة الشعب وصحوته وصولته لانتزاع حقوقه واستعادة كرامته وحريته.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.