أكد الباحث الاجتماعي الدكتور عبدالسلام الوايل أن حوالى 1000 تلميذ لابن سليم، الذي كان يعد الأكثر تشدداً بين شيوخ مدينة بريدة، انتشروا في كل المناطق، «ونقلوا ما تعلموه إليها، وكان لهم تأثير واضح بلا شك». وركز الوايل، في محاضرته بالملتقى الثقافي في نادي الرياض الأدبي وتتناول أثر المشايخ في شخصية المدينة النجدية، متخذة من مدينة بريدة نموذجاً، على الصراع بين تيارين من المشايخ، عندما كانت مدينة بريدة تعد من أكبر المدن النجدية سكاناً. وأوضح أنه في الفترة بين 1303ه و1335ه وقع نزاع عقائدي بين الشيخ محمد بن عبدالله بن سليم، ثم ابنه لاحقاً الشيخ عمر، وبين تيار سمي ب«الضد» وتزعمه الشيخ إبراهيم الجاسر، حول تكفير مرتكب التوسل وحكم شد الرحال لزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقول في ابن عربي أهو مسلم أم كافر ومدى صوابية إسلام أهل البلدان غير النجدية وحكم السفر إلى بلادهم والاتجار معهم؟ ولفت الوايل في محاضرته، التي أقيمت مساء الثلثاء الماضي، إلى أن جولات هذا الصراع انتهت لمصلحة المشايخ من آل سليم، «الأكثر تشدداً من ابن جاسر وفريقه»، موضحاً حالة المنطقة في ذلك الوقت، حين بدأت المنطقة تكبر وتزدهر وهجرة الأهالي إلى مدينة الزبير ومدن الشام وانتشار العقيلات، واجتياح وباء الطاعون للبصرة، وكلها عوامل أدت إلى توسع المدينة، وتضاعف عدد سكانها وأصبحت مركزاً للهجرات الداخلية للقادمين من الرياض وسدير وانخراطها في التجارة الدولية. وتساءل الدكتور عبدالسلام الوايل في بداية محاضرته، حول مدى صواب الحكم على مدينة بريده وتشكيلها مدينة محافظة، وإلى أي حد يمكن البناء على هذه الصورة، وتناول ذلك من جانبي المرويات الشفهية، وما كتبه الرحالة الغرب الذين زاروا المنطقة (داوتي، 1878. فيبلي، 1918. الريحاني، 1922). وإضافة إلى صورة المحافظة، توقف الباحث عند صورة أخرى، هي صورة الازدهار التجاري والعلمي، متطرقاً إلى المعارضة الاجتماعية التي صاحبت فتح مدارس البنات في الستينات الميلادية، موضحاً أن ما يناقشه في المحاضرة كان قبل ذلك ب40 عاماً تقريباً. وتفاعل الحضور مع محاضرة الوايل. وسئل محمد الحمزة عن مدى تأثير شيوخ الدين ببريدة في بقية مدن المملكة، مشيراً أنه كان أمراً ملحوظاً أن طلبة العلم والمشايخ الذين زاروا منطقة الباحة، من منطقة القصيم، كان لديهم نظرة دونية لعلماء المنطقة الذين درسوا في اليمن والحجاز، أمثال الشيخ عبدالله بن سعدي العبدلي. وتساءلت سارة الرشيدان: «ما الذي جعلنا نشتغل منذ ذلك الوقت بفكرة التكفير للآخر، أيمكن اعتبار ما حدث بين الشيخين صراعاً دينياً أم سياسياً؟ وتساءل أحد الحضور: ما الأساس المعرفي الذي بنيت عليه المحاضرة؟ كما تساءل علي الهبدان عن معرفة الجدل الحاصل بين عمر بن سليم والجاسر ونقاط الاختلاف، وهل هناك نوبة للجاسر وعن أسباب التمايز بين مدينتي بريدة وعنيزة؟ ولفت المحاضر إلى أن نوعية الحياة والتجارة التي كانت تمارس في كل مدينة «أثرت في طقوس الحياة الثقافية لها، كما أن موقعيهما أسهما في هذا التمايز».