بولندا: سقوط طائرة مسيرة روسية في شرق البلاد    تقويم التعليم تنتهي من قياس الأداء التعليمي لجميع المدارس    إتاحة التقديم على تأشيرة العمرة دون وسيط    "الرياضة": بدء مرحلة إبداء الرغبة وطلب التأهيل للاستحواذ على ناديي النجمة والأخدود    ملك الأردن يتمسك بحل الدولتين    إحصائيات رائعة.. رياض محرز ملك صناعة الأهداف مع الأهلي    المملكة تشارك في صياغة مستقبل أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بالعالم    نائب أمير حائل: جائزة الأميرة صيتة ترسخ ثقافة العمل الخيري والإنساني والتطوعي وتعزز قيمه النبيلة المجتمعية    شيرر: صراع إيساك ونيوكاسل لن يفيد أحداً    آل الشيخ يوقّع البرنامج التنفيذي مع رئيس الاتحاد الإسلامي ومفتي الديار في جمهورية مقدونيا الشمالية    السجان: مذكرة تفاهم مع جامعة كاليفورنيا – بيركلي تعزز الشراكات الدولية لمعهد الإدارة العامة    تعليم الشرقية يستقبل أكثر من 700 ألف طالب وطالبة للعام الدراسي الجديد    تنفيد الاشتراطات البلدية بتبوك يساهم في خفض مخالفات التشوه البصري    نائب أمير الشرقية يطّلع على إنجازات تجمع الأحساء الصحي وخططه المستقبلية    أبطال التجديف السعودي يحصدون 4 ميداليات آسيوية    تقييم الحوادث باليمن يصدر بيانين حول ادعائين باستهداف محطة وقود ومعبد المقة    تجمع الرياض الصحي الأول يعلن بدء التسجيل في مؤتمر القلب العالمي 2025 بالرياض    الأخصائي الاجتماعي وبدل الندرة    150 ألف ريال غرامات ضد ناشري بيانات أرصادية مخالفة    خلال 6 أشهر.. توظيف 267 ألف مواطن ومواطنة بالقطاع الخاص    حجب متجر إلكتروني من خارج المملكة لبيعه ذهب مغشوش    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة الحفاير    مفردات من قلب الجنوب 15    ضبط جموعة من الوافدين لسرقتهم كيابل كهربائية من مدارس ومرافق عامة وخاصة بالرياض    زين السعودية شريكا رقميا للمعرض السعودي للدرون    ترامب: أريد «دخول الجنة» من بوابة تحقيق السلام في أوكرانيا    استشهاد 30 فلسطينيًا في قصف على قطاع غزة    تخريج الدفعة الأولى من برنامج الأوركسترا والكورال الوطني السعودي بالرياض    هبوط اسعار الذهب    صدارة مجددة وأبطال يكتبون التاريخ في الأسبوع السادس    ضبط 249 كجم مخدرات وتوقيف متورطين في أربع مناطق    «الفلكية»: مثلث سماوي يتكون فجر اليوم الأربعاء    الاتحاد يرغب بضم "سيبايوس" لاعب الميرينغي    تكريم حمد الخاتم.. لمسة وفاء    تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب وأنشطة تهريب البشر والأسلحة.. القوات البحرية السعودية تتسلم قيادة «قوة الواجب المختلطة»    تعزيز تنافسية المنتجات السعودية عالمياً.. 234 ألف شهادة منشأ للصادرات الصناعية    ريهام عبد الغفور.. كوميدية في «خمس نجوم»    التأكد من استكمال تطعيمات السن المدرسي.. إتاحة فحص اللياقة للطلاب المستجدين عبر «صحتي»    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    مؤشرات    طلاق من طرف واحد    أكّد خلال استقباله رئيس جامعة المؤسس أهمية التوسع في التخصصات.. نائب أمير مكة يطلع على خطط سلامة ضيوف الرحمن    فتاة تجني 3 ألاف دولار من لوحات رسمتها «الفئران»    ولي العهد في اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي: دعم السعودية مستمر لحل الخلافات عبر الحوار الدبلوماسي    صحتك والقراءة    المشاركون بمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يزورون المشاعر وحي حراء    أمير نجران يلتقي عضو هيئة كبار العلماء.. ويتسلم تقرير «المجاهدين»    قلعة مروان.. معلم شامخ يطل على مزارع النخيل في الطائف    نائب أمير الرياض يستقبل سفير الصومال    أكثر من 234 ألف مشارك في الرياضة المجتمعية بالنصف الأول من عام 2025م    طبية جامعة الملك سعود تجري أول زراعة قوقعة باستخدام اليد الروبوتية    الزمن الجميل    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير مطار الأمير سلطان بن عبدالعزيز الدولي    أشاد بدعم القيادة.. أمير الشرقية يطلع على مشاريع الطاقة الصينية    دراسة: المروحة تضاعف مخاطر القلب في الصيف    أمير تبوك يطلع على سير العمل بالمنشآت الصحية بالمنطقة    أوامر ملكية بإعفاء الماضي والعتيبي والشبل من مناصبهم    القيادة تعزي رئيس باكستان في ضحايا الفيضانات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«النموذج التركي» للشرق الأوسط؟
نشر في الحياة يوم 07 - 04 - 2011

في الجدل الواسع الدائر حول «النموذج التركي» المفترض لمنطقة الشرق الأوسط، غالباً ما تخفق وسائل الإعلام الغربية والكتاب العرب على حد سواء في رؤية ماهية هذا النموذج. وهو أحد الأسباب التي تفسر خطابات تركيا المختلطة حول دعمها للحقوق العالمية مع اتباع سياسة براغماتية فردية لكل بلد خلال موجة الثورات الشعبية الحالية.
إلا أن الحركات السياسية الناشئة والنخب القديمة على حد سواء في العديد من دول المنطقة تجد كثيراً من الأمور التي يمكن الاستفادة منها في الجوانب ذات الصلة في التجربة التركية. وبالفعل فإن الجمهورية التركية قد قطعت شوطاً كبيراً منذ بدأت في شق طريق التحديث بقوة عام 1923، والانتقال من كونها جاراً فقيراً مهملاً منطوياً على ذاته لتصبح الدينامو التجاري المحرك في المنطقة.
بيد أن «النموذج التركي» يتحدى، كتركيا نفسها، أي محاولات لحصره في قالب أو إطار واحد. وبالفعل كان إنجازها الأكبر هو تحقيق توازن فظ ولكنه فعال بين الإيديولوجيات، وهو الأمر الغائب في معظم بلدان المنطقة. فالتسلط والنزعة العسكرية، والأصولية الدينية والقومية، وكل الديناميات التي عانت منها تركيا لعقود، والتي لا تزال تبتلي الشرق الأوسط - تكبحها الآن المؤسسات الديموقراطية التركية، وتقاليد الدولة واقتصاد السوق الحرة، والانفتاح المتزايد على العالم.
يتم خلق هذا التوازن لأغراض بعينها، فعندما يصبح توجه ما قوياً جداً، تظهر في معظم الأحيان قوى مضادة له، سواء كان ذلك من خلال أحزاب سياسية، أو مجموعات تجارية، أو وسائل الإعلام أوحتى المجتمع المدني. فمع اعتقال صحافيين وغيرهم، الذي ما زال شائعاً في تركيا، تتجه العيون إلى القضاء التركي لمعرفة ما إذا كان في إمكانه أن يكون ضامناً حقيقياً لسيادة القانون بدلاً من كونه أداة سياسية كما كان غالباً في ما مضى.
تمثل الشرعية الديموقراطية الراسخة واحدة من ضمانات الضوابط والتوازنات الرقابية في تركيا. فقد انتقلت تركيا من تسلط الحزب الواحد إلى نظام التعددية الحزبية في رحلة وعرة ومتواصلة على مدى السنوات الستين الماضية. لكن هناك الكثير مما يتوجب القيام به، في ما يتعلق على سبيل المثال بتعميق الديموقراطية داخل الأحزاب السياسية، وتخفيض حاجز نسبة العشرة في المئة الضرورية كحد أدنى لدخول البرلمان، وجعل عملية سن القوانين في البرلمان أكثر فاعلية. ولكن يُشهد للانتخابات التركية على أنها حرة ونزيهة وشرعية على أكمل وجه.
كذلك نجحت تركيا في الحد من دور الجيش وبخاصة في ظل حزب «العدالة والتنمية» منذ عام 2002. ففي عام 2007 عندما حاول الجيش منع الحزب من اختيار الرئيس، دعا حزب «العدالة والتنمية» ببساطة إلى إجراء انتخابات مبكرة على هذه المسألة، وصوت 47 في المئة من الأتراك لمصلحته. وعليه فإن الإجماع القديم في الشرق الأوسط على أن تركيا تدار من قبل عسكر ملحد علماني مدعوم من قبل الولايات المتحدة هو مبالغة، وكذلك الرأي أن حزب «العدالة والتنمية» هو حزب إسلامي، فلم تتمكن الحكومة الممثلة للأغلبية المتدينة من التمتع بالسلطة السياسية على أكمل وجه إلا بعد قطيعة مع الحزب الإسلامي القديم.
وقد عزز النمو الاقتصادي القوي هذا التقدم في تركيا أثناء انتقالها من الاقتصاد الذي تهيمن عليه الدولة إلى قطاع خاص نشط مع ظهور إسطنبول كمركز إقليمي ينافس مناطق الجذب في العواصم الأوروبية. ويقول المسؤولون السوريون، على سبيل المثال، إنهم يريدون تعلّم كيفية خصخصة البنوك الحكومية ببطء كما فعلت تركيا. وتستثمر التجارة التركية بقوة في المصانع المصرية، وقبل الأحداث الأخيرة، كانت لدى المقاولين الأتراك صفقات جارية في ليبيا بقيمة عشرات البلايين من الدولارات.
وبالتالي فالنموذج التركي هو مزيج من عناصرعدة. ولكن لا يمكن نسخها بسهولة لثلاثة عوامل فريدة من نوعها. أولاً، استفادت الإصلاحات بشكل كبير من طلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي لا يمكن لأي من دول الشرق الأوسط أن يأمل به. ثانياً، اضطرت تركيا لتطوير اقتصادها بشكل مستقل عن دخل النفط الذي يمثل نعمة ونقمة على حد سواء للعديد من حكومات المنطقة. وثالثاً، تستند تركيا إلى ولاء عميق للدولة المتطورة التي ورثتها عن الإمبراطورية العثمانية، وهي حالة لا تقترب منها سوى مصر وإيران.
لم يبدأ الانفتاح التركي الجديد على الشرق الأوسط بفضل «العدالة والتنمية» الحاكم الحالي فحسب، وإنما هي عملية تطورت منذ نهاية الحرب الباردة. ومما لا شك فيه أن أنقرة أظهرت استقلالاً فكرياً جديداً ندّد بالظلم الواقع على الفلسطينيين، ورفض في نهاية المطاف السماح للقوات الأميركية بعبور الأراضي التركية لغزو العراق في عام 2003، وعمل على منع ويلات العقوبات الغربية التي بدا أنها تستهدف معاقبة شعوب الشرق الأوسط أكثر من الأنظمة المتشددة. ولكن في الوقت نفسه، لا تزال تركيا قادرة على طرح هذه الآراء من موقع قريب من الاتحاد الأوروبي بوصفها عضواً في منظمات مهمة مثل منظمة حلف شمال الأطلسي.
سعى حزب «العدالة والتنمية» إلى خلق توازنات سياسية مماثلة خلال الأشهر الماضية من الاضطراب في الشرق الأوسط. ويعلو صوته مؤيداً للديموقراطية والمتظاهرين، ولكن بشكل عملي، إذ كان رد فعله مستنداً إلى خصوصية كل حالة على حدة. ففي إيران، حيث تأمل تركيا بميزات تجارية كبيرة، هرع حزب «العدالة والتنمية» إلى تهنئة محمود احمدي نجاد بعد انتخابات عام 2009 على الرغم من الاحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق. أما في مصر، حيث طالما كان حزب «العدالة والتنمية» على خلافات سياسية وشخصية مع الرئيس المصري حسني مبارك، فقد ناصر المحتجين مطالباً مبارك بالتنحي. وفي ليبيا كان مسار تصريحاته متعرجاً. ففي البداية كان حريصاً على حماية مصالحه القائمة في ليبيا، ثم انتقد السياسة الغربية كونها تخفي طمعاً في النفط الليبي، وانتقل بعد ذلك إلى التعاون مع جهود شركائه الغربيين التقليديين العسكرية، ومن ثم قام بانتقاد الدوافع الغربية من جديد.
سواء كان كل ذلك يعد نموذجاً يحتذى أم لا، هناك شيء واحد مؤكد. لقد وجدت تركيا زخماً ومساراً تقدمياً، في حين لا تزال جاراتها تسعى لإيجاده. ولكن حين يحاول الغرباء أن يحكموا في أي اتجاه ينظر النموذج التركي، فمن الأفضل أن يتذكروا أنه في حين يعتقد الشرق أوسطيون أنهم وصلوا إلى الغرب، عادة ما ينتاب الزوار الأوروبيين إلى تركيا الشعور بأنهم قد هبطوا في الشرق.
* مدير برنامج تركيا وقبرص في «مجموعة الأزمات الدولية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.