يستطيع عبدالفتاح السيسي الذي يُنظر إليه في مصر على أنه «المنقذ» لإطاحته الرئيس الإسلامي محمد مرسي، الاعتماد في الانتخابات الرئاسية المقبلة على أصوات المصريين الأقباط الذين يرون فيه «حصناً» في مواجهة الإسلاميين. ويعتبر الأقباط في مصر أكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط، وهم يعانون منذ عقود من هجمات الإسلاميين المتطرفين. إلا أن العنف ضدهم بلغ مستوى غير مسبوق الصيف الماضي عندما هوجمت عشرات الكنائس وأحرقت انتقاماً من إقالة مرسي. وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي قتل أربعة أشخاص على الأقل في هجوم استهدف كنيسة في حي الوراق العمالي بالقاهرة. وبعد عزل مرسي في تموز (يوليو) شنت السلطات حملة قمع شديدة ضد جماعة «الإخوان المسلمين». وتعتزم غالبية الأقباط التصويت للسيسي في انتخابات 26 و27 من هذا الشهر من أجل أن يواصل ما بدأه. وقال ماجد صبري الذي كان يستعد لحضور قداس الجمعة في إحدى كنائس حي شبرا الشعبي، إن السيسي «منقذ البلد. ففي ظل حكم «الإخوان المسلمين»، كان المسيحيون مضطهدين». ويقول أقباط مصر الذين يشكلون قرابة 10 في المئة من 86 مليون مصري، إنهم يعانون من التمييز منذ عقود. وقالت مايز تادروس الباحثة في «معهد دراسات التنمية» في جامعة سوسكس البريطانية إن الأقباط «يأملون في أن يؤمن السيسي نظاماً أمنياً يجعلهم أقل تعرضاً للخطر». وحمّل الإسلاميون الأقباط جزءاً من مسؤولية إطاحة مرسي بسبب ظهور بطريرك الكنيسة المصرية البابا تواضروس الثاني إلى جوار السيسي لحظة إعلانه قرار عزل الرئيس محمد مرسي. ويتوقع أن يفوز السيسي الذي استقال من منصبه كوزير للدفاع للترشح للرئاسة، على منافسه اليساري حمدين صباحي بسهولة. وأردفت تادروس أن صباحي الذي عارض مرسي ومن قبله حسني مبارك الذي أطاحته ثورة 2011، قد يلقى بعض التأييد في أوساط شباب المسيحيين والأقباط المقيمين في المناطق الحضرية، إذ يخشى معارضو السيسي من أن يعيد دولة الرجل الواحد إذا ما فاز، خصوصاً أن كثراً من النشطاء الشباب سجنوا لمخالفتهم قانون التظاهر المثير للجدل، والذي يحتجون عليه. وأشاد البابا تواضروس الثاني بالسيسي لتدخله في تموز، ووقف إلى جوار السلطات الجديدة. وفي آذار (مارس) الماضي قال بطريرك الكنيسة القبطية لقناة التحرير التلفزيونية الخاصة «عندما يتعرض البلد للإرهاب والعنف كيف يمكن أن نتحدث عن حقوق الإنسان». كما قال الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إسحق إبراهيم إن «السلطة السياسية الجديدة تريد استخدام المؤسسات الدينية التقليدية، لأنها تسعى للحصول على دعم شعبي يمكن أن توفره لها هذه المؤسسات». وبسبب الاضطرابات أثناء حكم مرسي والعنف الذي استهدفهم عقب عزله، أصبح الأقباط على استعداد للتغاضي عن ذكريات سيئة خلفها لديهم حكم المجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد مبارك. ففي تشرين الأول 2011 قتل 28 شخصاً من بينهم 26 قبطياً عندما أطلق الجيش والشرطة النار على متظاهرين أقباط تجمعوا أمام مبنى التلفزيون في منطقة ماسبيرو بوسط القاهرة للاحتجاج على حرق كنيسة في مدينة أسوان في أقصى جنوب مصر. وقال بيسوي تامري وهو ناشط من اتحاد شباب ماسبيرو (حركة قبطية) إن الأقباط أصبحوا الآن يعفون الجيش من مسؤوليته عن هذه الأحداث. وتابع تامري أن «كثراً من الأقباط يعتقدون أن الجيش لم يكن مسؤولاً عما حدث في ماسبيرو، وأن المسؤولية تقع على «الإخوان المسلمين» وأعضاء من حركة «حماس» الفلسطينية». وزاد أن «كثراً من الأقباط يريدون الاقتناع بذلك ويقولون... في حن بحاجة إلى الجيش الآن». وكان الجيش نفى مسؤوليته عن مقتل الأقباط في ماسبيرو وألقى بالمسؤولية على «طرف ثالث» لم يحدده. ولكن تامري يرى أنه «داخل المؤسسة العسكرية هناك ناس متهمون بقتل متظاهرين، ولا مطالب لنا سوى أن تتم محاكمتهم». ويعتزم الناشطون الأقباط كذلك مواصلة الضغط على السلطات لإنهاء التمييز ضد المسيحيين في ما يتعلق ببناء دور العبادة والتعيين في الوظائف العليا في الدولة. وقال الناشط الحقوقي القبطي نجيب غبريال: «إذا عادت الأمور إلى ما كانت عليه في عهدَي مبارك ومرسي، فإننا سنكون أشد في معارضتنا وأكثر تحدياً».