المياه الوطنية تُوقّع 3 عقود لإعادة تأهيل وتشغيل وصيانة 9 محطات معالجة بيئية بالشرقية    جمعية البر بالشرقية توقع اتفاقية لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر    القيادة تهنئ رئيس جمهورية طاجيكستان بذكرى يوم النصر لبلاده    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية القرغيزية بذكرى يوم النصر لبلاده    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من باكستان    وزير النقل يستقبل أولى قوافل الحجاج بمطار المدينة    توقع بهطول أمطار رعدية    السعودية تدين الاعتداء السافر من قِبل مستوطنين اسرائيليين على مقر الأونروا بالقدس    إطلاق مبادرة SPT الاستثنائية لتكريم رواد صناعة الأفلام تحت خط الإنتاج    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ويتأهل إلى نهائي "الأبطال"    طرح تذاكر مباراة النصر والهلال في "الديريي"    إخلاء مبنى في مطار ميونخ بألمانيا بسبب حادث أمني    هبوط المخزونات الأمريكية يصعد بالنفط    "واتساب" يجرب ميزة جديدة للتحكم بالصور والفيديو    زيت الزيتون يقي أمراض الشيخوخة    بايدن يهدد بوقف بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل إذا اجتاحت رفح    الديوان الملكي: وفاة والدة الأمير سلطان بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود    محادثات "روسية-أرميني" عقب توتر العلاقات بينهما    دجاجة مدللة تعيش في منزل فخم وتملك حساباً في «فيسبوك» !    «سلمان للإغاثة» يختتم البرنامج التطوعي ال25 في «الزعتري»    أشباح الروح    بحّارٌ مستكشف    جدة التاريخية.. «الأنسنة» بجودة حياة وعُمران اقتصاد    السعودية تحقق أعلى مستوى تقييم في قوانين المنافسة لعام 2023    الاتحاد يتحدى الهلال في نهائي كأس النخبة لكرة الطائرة    منها الطبيب والإعلامي والمعلم .. وظائف تحميك من الخرف !    النوم.. علاج مناسب للاضطراب العاطفي    احذر.. الغضب يضيق الأوعية ويدمر القلب    المملكة ونمذجة العدل    القيادة تعزي رئيس البرازيل    أسرة آل طالع تحتفل بزواج أنس    " الحمض" يكشف جريمة قتل بعد 6 عقود    نائب أمير الشرقية يلتقي أهالي الأحساء ويؤكد اهتمام القيادة بتطور الإنسان السعودي    البلوي يخطف ذهبية العالم البارالمبية    سعود بن جلوي يرعى حفل تخريج 470 من طلبة البكالوريوس والماجستير من كلية جدة العالمية الأهلية    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    روح المدينة    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    14.5 مليار ريال مبيعات أسبوع    الوعي وتقدير الجار كفيلان بتجنب المشاكل.. مواقف السيارات.. أزمات متجددة داخل الأحياء    فهيم يحتفل بزواج عبدالله    نائب أمير منطقة مكة يكرم الفائزين في مبادرة " منافس    ختام منافسة فورمولا وان بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي    كشافة شباب مكة يطمئنون على المهندس أبا    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    سمير عثمان لا عليك منهم    الذهب من منظور المدارس الاقتصادية !    تغيير الإجازة الأسبوعية للصالح العام !    الاتصال بالوزير أسهل من المدير !    حماس.. إلا الحماقة أعيت من يداويها    أعطيك السي في ؟!    35 موهبة سعودية تتأهب للمنافسة على "آيسف 2024"    "الداخلية" تنفذ مبادرة طريق مكة ب 7 دول    وزير الشؤون الإسلامية يدشّن مشاريع ب 212 مليون ريال في جازان    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس مجلس إدارة شركة العثيم    أمير تبوك يشيد بالخدمات الصحية والمستشفيات العسكرية    المدح المذموم    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إصلاح استباقي في المغرب
نشر في الحياة يوم 13 - 03 - 2011

كي لا تضيع فرصة تاريخية، التقط العاهل المغربي الملك محمد السادس نبضات الشارع وأقر إصلاحات دستورية تعتبر الأكثر تطوراً منذ دستور 1962. ولعلها المرة الأولى التي سمع فيها المغاربة بتنصيب لجنة فقهاء القانون الدستوري لدرس التعديلات المقترحة. فقد كان الملك الراحل الحسن الثاني يلوذ إلى كبار رجال القانون الفرنسيين لأخذ استشارتهم.
بيد أن كل التعديلات التي طاولت المشهد الدستوري منذ إقرار نظام التعددية السياسية الذي يحظر هيمنة الحزب الوحيد راعت توازنات سياسية، ليس أقلها استنفاد وسائل الصراع بين القصر والمعارضة، والتي أدت في عام 1998 إلى تعيين رئيس وزراء من حزب معارض. والفارق هذه المرة أن المنظومة الدستورية تسعى إلى بلورة مضامين متقدمة في الديموقراطية المحلية، أكان ذلك على صعيد تكريس نظام الجهة الذي يمنح المحافظات صلاحيات أكبر في إدارة الشؤون المحلية، إلى درجة أقرب إلى قيام حكومات وبرلمانات مصغرة، أو في نطاق تكريس خيار فصل السلطة والنزوع إلى آليات الحوكمة الجيدة، ومنح الجهاز التنفيذي ورئيسه المنتخب أدواراً أكبر في تفعيل أداء الإدارة.
منذ الإعلان عن بدء التخطيط لإقامة نظام جهوي على غرار التجارب الأوروبية في إسبانيا وإيطاليا وألمانيا، ضمن الحفاظ على الخصوصيات، كان واضحاً أنه لا بد من إطار قانوني مرن لبلورة هذا التصور، وجاء إدراجه في سياق تعديل دستوري شامل ليربط بين خيار الديموقراطية ورهان التنمية. من منطلق أن أي إصلاحات مؤسساتية إنما تروم الارتقاء بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، أقلها على صعيد التخفيف من حدة الفوارق بين الفئات والجهات. ما يعني النظام الجهوي سيكون قاعدة هرم ديموقراطي ضلعاه مجلس النواب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
ما يضفي على ملف الإصلاحات بعداً حيوياً أنها جاءت في توقيت ملائم تحت شعار الإصغاء إلى نبض الشارع الذي بات يطالب بجيل جديد من الإصلاحات التي تنعكس إيجاباً على مستويات العيش في ظل الحرية والكرامة. فيما أن الجدل في الأوساط الحزبية كان بلغ مداه إزاء ضرورة إقرار دستور جديد سيضع في الاعتبار تطورات المجتمع ويفيد من جوانب الخلل في أداء الحكومة والإدارة والمؤسسة الاشتراعية. لكن اللافت في النقاش الدائر انه يروم معاودة الاعتبار للعمل السياسي، بخاصة على صعيد تعيين رئيس الوزراء من الحزب الذي يحتل الصدارة في الانتخابات، وقد يكون من أبجديات هذا التطور انه سيقطع مع فكرة تعيين مايسترو الجهاز التنفيذي من نخبة التكنوقراط، ضمن ما يصطلح عليه ب "المنهجية الديموقراطية". وما يبدو جلياً أن إدراج الموضوع في سياق ديباجة دستورية يعاود الاعتبار للرأسمال البشري، ممثلاً في دور الأحزاب السياسية الذي تراجع كثيراً في ضوء هجمة المجتمع المدني وعولمة وسائط الاتصال. ويزيد من أهمية هذا الخيار التركيز على الحرية باعتبارها جوهر الديموقراطية.
في الدستور المعدل السابق جرى النص على احترام حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دولياً، وتزامن ذلك مع فترة انفتاح أغلقت المعتقلات وأعادت المنفيين والمعارضين. غير أن هذه الحقوق في المنظومة الدستورية المرتقبة يفترض أن تتجاوز الإطار السياسي نحو بلورة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والشفافية، وما من شك في أن الاعتراف بالأمازيغية كإحدى مكونات الهوية المغربية على النطاق الدستوري سيضفي على مفهوم التعددية أبعاداً أشمل.
أبعد من خصائص الانتقال الديموقراطي المتدرج في مواجهة الصعوبات والإكراهات أن التجربة المغربية لها قابلية التميز. إن لم يكن على صعيد المقارنة بالدول ذات الرصيد التاريخي الكبير، فعلى مستوى انتقال الجدل السياسي حول ملف الإصلاحات من الشارع إلى الحوار داخل المؤسسات، إذ يصبح في إمكان أي طرف أن يعرض مواقفه وانتقاداته وتطلعاته. قد يعود هذا التطور في جانب منه إلى أن الإصلاحات المرتقبة لم تنطلق من فراغ. فقد كانت هناك تجربة التناوب السياسي، وكانت مدونة الأسرة وانعطافات التنمية البشرية، إضافة إلى فتح سجل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بغاية إصلاح الضرر والقطع مع الممارسات السلبية. غير أن كل ذلك لا ينفي تأثر المغرب بظاهرة الانتفاضات العربية التي يصعب الاستئناس بالاستثناء فيها.
أقرب إلى مفهوم الإصلاح أن يكون استباقياً يحتمي بنظرة واقعية وعقلانية ومستقبلية، من أن يكون مفروضاً تحت أي تأثير داخلي أو خارجي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.