أكد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) الدكتور محمد الجاسر أن موازنة المملكة العربية السعودية مصممة لمواجهة التقلبات الدورية لأسعار النفط التي تتزامن مع الدورة الاقتصادية العالميةوتحدث الجاسر في محاضرة له الليلة قبل الماضية في مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية في مدينة أكسفورد البريطانية تحت عنوان «إدارة الاقتصاد الكلي في بيئة اقتصادية نفطية.. المملكة العربية السعودية نموذجاً»، في أربعة مجالات تتناول التحديات التي تفرضها حال عدم التوقع بعوائد النفط، وتحديات العمل في ظل اقتصاد متنوع، وآثار الأزمة المالية العالمية في عامي 2008 و2009 على النظام المالي في المملكة، والدور الذي يمكن أن يقوم به التمويل الإسلامي في المستقبل، إضافة إلى التحديات الحالية التي يفرضها تضخم أسعار الغذاء. وشدد خلال المحاضرة التي حضرها حشد من المختصين والأكاديميين وطلبة جامعة أكسفورد على أن «النفط يعد السلعة الأبرز في الوقت الحاضر ويدعم معظم الأنشطة الإنسانية»، مبيناً أن «المملكة العربية السعودية لديها تقريباً ربع احتياطات العالم النفطية المؤكدة، ويقدر المراقبون الأجانب أن هذه الاحتياطات ستستمر لمدة 70 عاماً». وأشار إلى أنه «من المستحيل تقريباً التوقع بدقة حال الطلب على النفط أو أسعاره»، مشيراً إلى أن المملكة مثل بقية الدول الكبيرة المصدرة للنفط تواجه تحدياً في إدارة تأثير عوائد النفط على الاقتصاد الكلي. وأوضح محافظ «ساما» أن «تقلبات أسعار النفط تتزامن مع دورة الاقتصاد العالمية، لهذا فإن موازنة المملكة مصممة لمواجهة هذه التقلبات الدورية بالمزيد من الإنفاق خلال فترات الركود، وضبط الإنفاق خلال الفترات الجيدة»، موضحاً أن هذا هو جوهر سياسة المملكة في مواجهة هذه الدورات. وقال الجاسر: «في هذا المجال تدفع الحكومة الدين الحكومي عند حدوث فائض في الموازنة نتيجة لارتفاع عوائد النفط، وتستخدم احتياط العملة الأجنبية لدفع قيمة الواردات عندما تكون عوائد النفط منخفضة، والدليل الحقيقي على نجاح هذه السياسة هو عدم حدوث نمو سلبي في المملكة منذ عام 1987 سوى خلال عام واحد فقط». واعتبر أن «المشكلة المحددة التي تواجه صناع القرار في ما يتعلق بالاقتصاد الكلي في المملكة هي في استخدام تدفق سيولة نقدية متقلبة وغير متوقعة من النفط من أجل تطوير اقتصاد المملكة وتوفير فرص وظيفية للمواطنين». وتابع قائلاً: «التحدي هو في تحقيق الاستقرار من خلال التوازن في التعامل مع العجز والفائض من عائدات النفط لمواجهة التقلبات الدورية». وكانت المملكة أعلنت أضخم موازنة في تاريخها للعام 2011 وذلك بإنفاق بلغ 580 بليون ريال، فيما قدرت الإرادات ب540 بليون ريال، وبعجز متوقع قدره 40 بليون ريال، فيما تم تحقيق فائض في موازنة عام 2010 بلغ 108.5 بليون ريال. وركزت الموازنة للسنة المالية الحالية على المشاريع التنموية التي تعزز استمرارية النمو والتنمية طويلة الأجل وبالتالي زيادة الفرص الوظيفية للمواطنين، إذ وزعت الاعتمادات المالية بشكل ركز فيه على قطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه والصرف الصحي، والطرق، والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي. وتضمنت الموازنة برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 256 بليون ريال. ونجحت المملكة العام الماضي في تحويل العجز المتوقع في الموازنة إلى فائض، حيث بلغت الإيرادات الفعلية للسنة المالية الماضية 735 بليون ريال، بزيادة نسبتها 56 في المئة عن المقدر لها بالموازنة منها 91 في المئة تقريباً تمثل إيرادات نفطية، في حين بلغت المصروفات الفعلية 626.5 بليون ريال بزيادة مقدارها 86.5 بليون ريال، أي بنسبة زيادة تبلغ 16 في المئة عمَّا صدرت به الموازنة.