نائب أمير الرياض يقدم تعازيه في وفاة ابن جريس    محافظ حفر الباطن يتفقد المستشفى المركزي والتأهيل الشامل    السديري يفتتح الجناح السعودي في معرض جنيف الدولي للاختراعات    "الرياض الخضراء" يصل إلى عرقة    الذهب يرتفع فوق 2400 دولار مع مخاوف صراع أوسع بالشرق الأوسط    شركات الطيران تغير مساررحلاتها بعد هجوم إسرائيل على إيران    حارس الفيحاء: قدمنا مباراة جيدة أمام أفضل فريق في الدوري السعودي    67 ألف جلسة قضائية رقمية خلال الربع الأول    مدير الجوازات يتفقد جوازات مطار البحر الأحمر    اكتشاف خندق وسور بجدة يعود تاريخهما إلى القرن 12 و13 الهجري    أمير الرياض يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الأمير فيصل بن بندر للتميز والإبداع    إخلاص العبادة لله تشرح الصدور    أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله    مساعد وزير الدفاع يزور باكستان ويلتقي عددًا من المسؤولين    البنك الدولي يختار المملكة مركزاً للمعرفة لنشر ثقافة الإصلاحات الاقتصادية عالمياً    "الأرصاد" ينبه من هطول أمطار غزيرة على منطقة مكة    كلوب: ليفربول يحتاج لإظهار أنه يريد الفوز أكثر من فولهام    اخضر 23 يكتسح تايلاند بخماسية دون رد    ميتروفيتش يكشف موعد عودته    النصر يخسر ساديو ماني أمام الخليج    أمير منطقة عسير يتفقد اليوم، عددًا من المراكز والقرى الواقعة شمال مدينة أبها.    احتفاءً بقرار الأمم المتحدة بتخصيص عام 2024 «السنة الدولية للإبليات».. السعودية تشارك في مسيرة الإبل بباريس    متحدث الأرصاد: رصد بعض الحالات الخاصة في الربيع مثل تساقط البرد بكميات كبيرة.    جازان تُنتج أكثر من 118 ألف طن من الفواكه الاستوائية.. وتستعد لمهرجانها السنوي    نجران: إحباط تهريب 58 كيلوغراما من مادة الحشيش المخدر    استثناء الجهات التعليمية الأهلية من اشتراط الحد الأدنى للحافلات في النقل التعليمي    بينالي البندقية يعزز التبادل الثقافي بين المملكة وإيطاليا    "أبل" تسحب واتساب وثريدز من الصين    محترف العين: طعم الانتصار على الهلال لا يُوصف    الزبادي ينظم ضغط الدم ويحمي من السكري    ثلث أطفال بريطانيا بين سن الخامسة والسابعة يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسبب المرض    «CIA» تحذّر: أوكرانيا مهددة بخسارة الحرب    بعد الفيتو الأمريكي.. استياء عربي لرفض عضوية فلسطين في الأمم المتحدة    السينما في السعودية.. الإيرادات تتجاوز 3.7 مليار ريال.. وبيع 61 مليون تذكرة    الشاب محمد حرب يرزق بمولوده الأول    مسح أثري شامل ل"محمية المؤسس"    "الجدعان": النفط والغاز أساس الطاقة العالمية    "العقعق".. جهود ترفض انقراض طائر عسير الشارد    يوتيوب تختبر التفاعل مع المحتوى ب"الذكاء"    فوائد بذور البطيخ الصحية    «الشورى» يناقش تقارير الأداء السنوية لعدد من الأجهزة الحكومية    «استمطار السحب»: 415 رحلة استهدفت 6 مناطق العام الماضي    الطائي يصارع الهبوط    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    الفقر يؤثر على الصحة العقلية    مصر تأسف لعدم منح عضوية كاملة للفلسطينيين في الأمم المتحدة    سلطان البازعي:"الأوبرا" تمثل مرحلة جديدة للثقافة السعودية    مجلس جامعة جازان يعيد نظام الفصلين الدراسيين من العام القادم    فيصل بن تركي وأيام النصر    الدمّاع والصحون الوساع    المفتي العام ونائبه يتسلّمان تقرير فرع عسير    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    شقة الزوجية !    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جعفر الشايب: من الخطأ ربط التشيّع بالقومية الفارسية مع أنه دخل إيران متأخراً!
نشر في الحياة يوم 15 - 02 - 2011

المجتمع السعودي يشهد تحولات عدة، ومنذ إنشاء الدولة السعودية كان للتعددية والتسامح حضور قوي في المشهد السعودي، وبسبب توترات وظروف معينة استطاعت تيارات أن تنفرد بالملعب وحدها، وتمارس دورها الاقصائي للتيارات الأخرى...ولكن القيادة السعودية دأبت على ردم أي تصدع في الكيان الاجتماعي وسمحت وأطلقت مبادرات كثيرة في ذلك لتفتيت المذهبية والإيمان بالآخر...
جعفر الشايب من الناشطين في الميدان، ويمثل الطائفة الشيعية خير تمثيل، يتذكّر أنه سعودي قبل أنه مذهبي ويمد يده للكل... يمتدح التغيرات ويدفع بوتيرة التطور في المنظومة السياسية المحلية، له منتدى يحمل في طياته كل طيف ولا تحتكره طائفة عن طائفة،... فإلى تفاصيل الحوار:
فترة ولادتك ونشأتك كانت فترة المخاضات القومية والفكرية... كيف كان إبحارك في خضمها؟
- ولدت في بيئة دينية تقليدية في جزيرة تاروت التاريخية والتابعة لمحافظة القطيف، وعشت أجواء البرامج والفعاليات الدينية المختلفة التي تزخر بها منطقتنا طوال أيام السنة، وصرت أتمثل الخطباء وأردد بعض ما أسمعه وأحفظ الكثير من الشعر والقصص التاريخية والأدبية. كما درست في تلك المرحلة على أيدي معلمين من فلسطين والأردن وسورية زرعوا فينا مفاهيم وطنية وقومية، وربطونا بقضايا الصراع العربي- الإسرائيلي منذ الصغر، وتفاعلت مع هذه القضايا حماسة وكتابة ودعماً ومساندة.
كنت أقضي أيضاً جل إجازتي الصيفية في البحرين حيث كان الوالد - رحمه الله - يعمل في التجارة بين المملكة والبحرين، وهناك كانت الأجواء أكثر انفتاحاً من الناحية السياسية في الستينات، والحراك القومي كان قوياً ونشطاً... لقاءات الناس لم تكن تخلو من أحاديث السياسة ومتابعتها، وخطابات عبدالناصر كانت سيدة الموقف، فحينها كنت تمشي في شوارع المنامة وكل أصحاب المحال التجارية يتسمّرون حول المذياع لمتابعتها. في هذه الأجواء تحديداً بدأت تنغرس في ذهني مفاهيم الصراع والمطالبة بالحرية والعدالة وبذور العمل السياسي والرغبة الشديدة لمقاومة القمع والتنكيل.
درست الهندسة وسرقك الاقتصاد وانشغلت بالتنمية والمجتمع المدني والحقوق، ألا تجد في ذلك قفزاً للحواجز وتعدداً للوجهات؟
- دراستي الجامعية بدأت بالهندسة لشغفي وولعي بها منذ المرحلة المتوسطة، وتوافقت مع متطلبات البعثة الدراسية التي حصلت عليها، كما درست تخصصاً ثانياً في الرياضيات في المرحلة الجامعية. وفي مرحلة الدراسات العليا حيث عشت وقتها نشاطاً حقوقياً وسياسياً رأيت نفسي منشداً للدراسات الإنسانية والاجتماعية التي شعرت فيها ملامسة لاهتماماتي وتوجهاتي أكثر من المجالات العلمية.
ولأنه لم يشدني العمل الوظيفي كثيراً فقد عشت حراً في اختيار المجالات التي أراها تتلاءم مع دوري وتطلعاتي، ولذا فقد درست مواد كثيرة في مجالات التنمية السياسية والاقتصادية والتحولات الاجتماعية والمجتمع المدني، وحقوق الإنسان والقانون.
الشأن السياسي والثمانينات
الشأن السياسي لماذا تملكك واستولى على مناشطك في فترة الثمانينات؟
- هنالك أسباب ذاتية أشرت إليها سابقاً، وهنالك ظروف محلية وإقليمية ساهمت في انشغالي بالعمل السياسي، إضافة إلى الأجواء التي عشتها وقت الدراسة في الخارج، حيث إنها أتاحت لي بكل تأكيد فرصة للتحرر من كل القيود والانخراط في مختلف المناشط والفعاليات الطلابية، فترأست عدداً من المنظمات والاتحادات الطلابية وتفاعلت معها بقوة طوال فترة الدراسة الجامعية، وأجواء الحرية التي عشتها في أميركا دفعتني للمزيد من النشاط والتواصل مع مختلف الأطراف الفاعلة حول قضايا عدة تفاعلت معها كثيراً، كما أتاحت لي هذه الفرصة العمل مع مؤسسات ومنظمات طلابية وحقوقية ومدنية متنوعة لم تكن مقتصرة على قضايانا العربية بل مختلف الهموم والقضايا.
أنت عضو مشارك في الحوار الوطني... ولعل الحوار عبارة عن تكتيكات ومشروع فيه استعداد ثم انسحاب... فعلى أيهما تعتمد في إيقاع ضربتك الأشد؟
- مبدأ الحوار بحد ذاته أمر مطلوب في كل الأحوال وعلى مختلف المستويات، والحوار الوطني واجب حتمي والعودة لإحيائه ومؤسساته كانت مبادرة في غاية الأهمية بالنسبة لنا في المملكة خصوصاً في الوقت الذي ضاقت سبل التواصل بين أبناء الوطن الواحد، وساد تيار أحادي وإقصائي ليبرز وكأنه الممثل الشرعي والوحيد لهذا المجتمع المتنوع والمتعدد بأطيافه الفكرية والمذهبية والسياسية، فكان لا بد من الحوار الوطني لخلق أرضية مناسبة للقبول بالرأي الآخر والإقرار بحقه في الوجود والتعبير عن رأيه.
لابد وأن تواجه جولات الحوار الوطني المختلفة في مثل أوضاعنا إرهاصات كبيرة وشديدة بسبب حال التشدد والتزمت السائدين، ولغياب هذه المفاهيم في الثقافة السائدة، شاركت في لقاءات عدة للحوار الوطني سادتها أجواء من التشنج والصراحة والشفافية، وطرحت فيها قضايا ومواضيع في غاية الأهمية على المستوى الوطني. والخطوات الاستراتيجية التي تتخذ في هذا المجال تسهم بكل تأكيد في إيجاد بيئة أكثر اعتدالاً وتفهماً وقبولاً للآخر المختلف.
في الحوار المتعلق بالوطن، هل يعد قبول فكر الآخر استسلاماً؟
- في قضايا الوطن الواحد والجامع لا توجد هناك أي شروط مسبقة للحوار بين مواطنيه، والحوار لا يعني مطلقاً التنازل عن فكر أو موقف معين، بل يقتضي في حدوده الدنيا القبول بحق الآخر في إبداء رأيه وفكره والتعبير عنه، وإتاحة الوسائل المناسبة لذلك. يتصور الكثيرون أن قبولهم بالحوار ينقص من حقوقهم، ولا يرون أن في ذلك مكاسب حقيقية كبيرة لهم أيضاً وإضافة حقيقية لما لديهم، فالحوار يفتح آفاق التعارف والتواصل الفعلي ويحقق فرص اكتشاف الآخر ومعرفة ما لديه، ويمكنه أن يسهم في حال كونه موضوعياً في تنمية المشتركات وتعزيزها.
كنت ناشطاً في الثمانينات خارج البلاد، ثم حدث أن انتقل العمل للداخل... هل عودتك فيها استجابة لدعوة الملك فهد للحوار؟
- كتب حول هذا الموضوع كثيراً في مختلف وسائل الإعلام ومن الباحثين المتابعين للشأن السعودي، ففي فترة الثمانينات لم تكن الفرص متاحة للنشاط الحقوقي والمطلبي في داخل المملكة بالصورة التي هي عليه الآن، لذا فإن العمل الحقوقي والإعلامي في الخارج كان هو المجال المتاح حينها خصوصاً مع وجود جماعة سياسية نشطة وفاعلة.
وجاءت فرصة التواصل المباشر مع المسؤولين في المملكة والتي أفضت إلى لقاء مع الملك فهد - رحمه الله - عام 1993 للتوصل لمعالجة لبعض المطالب الحقوقية في ظل أجواء تحولات سياسية كبيرة كانت تمر بها المنطقة حينها، وعندما بدأت ملامح فرص العمل في الداخل تتبلور بصورة أوضح، كان خيار العودة هو الأنسب لمعظم من كانوا في الخارج، والمشاركة الفعالة في الحياة الاجتماعية والثقافية ضمن المجالات المتاحة لغرض تنمية المجتمع وتعزيز اتجاه الاعتدال على الصعيد الوطني وتجاوز حال القطيعة والتهميش والانزواء.
ما ردك على من وصمك بالمداهنة آنذاك؟
- قرار العودة لأرض الوطن كان خياراً جماعياً واستراتيجياً ضمن معطيات وظروف تلك المرحلة، وعاد بمكاسب اجتماعية ووطنية كبيرة على الجميع، وكل يوم تزداد قناعتي بصحة هذا القرار، وللعلم فإنه استغرق وقتاً ليس بالقصير للوصول إليه وبلورة قناعة اجتماعية به.
وما دام أنه من الطبيعي أن يكون لكل خيار ثمن، فكان ثمن اتخاذ قرار بهذا الحجم سيلاً من الاتهامات وتشكيك في النوايا والأهداف، مع أن الأيام أثبتت كما قلت صحة هذا المسار.
كيف تقوّم حركات المعارضة الآن من منظور رجل ال50؟
- ينبغي أن نقر بداية بأن المعارضة والاختلاف في الرأي حق مشروع للجميع وألا يسبب ذلك لأي منا قلقاً، بل يتوجب أن تتاح الفرص المناسبة لضمان الحق للتعبير عن الرأي مهما كان مخالفاً سواء كان على الصعيد الفكري أو السياسي.
لقد انقضت تلك المراحل التي كان يشكك في نوايا كل من يختلف مع نظام سياسي معين ووصمه بالعمالة والتآمر، وتبدلت الأوضاع في ظل الانفتاح الإعلامي، وأصبح من الصعب بل من الاستحالة بمكان تقييد الحريات العامة للناس وقمعها. لذا فأنا أرى أنه من الضروري أن تكون هنالك استراتيجية واضحة لإطلاق الحريات العامة وأبرزها حرية التعبير عن الرأي واستيعاب هذه الحال ضمن أطر مدنية وأهلية، فالجماعات السياسية النشطة حالياً والتي تعتمد الوسائل السلمية منهجاً لها، لا يبتعد خطابها الحالي عما يكتب في صحافتنا المحلية والتي تطور هامش الحرية فيها بشكل كبير.
الحوار بين المذاهب
تقول في لقاء لك: «لم يكن هناك وجود لحوار بين المذاهب الإسلامية؛ لهيمنة فكر أحادي لم يكن ليتعاطى مع أتباع بقية المذاهب بإيجابية واعتدال»... هل مازال التيار السلفي عندنا قامعاً لما سواه؟
- خلال السنوات الماضية حدث تطور كبير وملحوظ لدى التيار السلفي في المملكة، ولعل الظروف الخارجية ساهمت بصورة أو بأخرى في أحداث مثل هذا التحول. والنتائج الكارثية التي أوصلتنا إليها حال التشدد والتطرف من أضرار بالمصالح الوطنية، وتهديد السلم الأهلي، وتهميش القوى والتيارات الأخرى كلها كانت عوامل مؤثرة لمراجعات فكرية وسياسية لمواقف هذا التيار.
وأشد هنا على أيدي بعض الرموز السلفية الذين استطاعوا أن يكونوا رواداً في التصحيح والمراجعة والعمل على شق طرق الانفتاح والتواصل والإقرار بالآخر، على رغم المصاعب والتحديات الكبيرة. ومع كل هذه التحولات، إلا أنني أرى بأن حال التشدد والقمع لا تزال قوية وشديدة لدى التيار السلفي وهي بحاجة إلى معالجة فكرية وسياسية.
ترى أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وهيئة حقوق الإنسان في حضور غير كاف ووجود أعرج... أين طوق النجاة في نظر رجل مثلك مهتم بقضايا المجتمع؟
- شكَّل قرار إنشاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وبعدها هيئة حقوق الإنسان تحولاً حقيقياً في العمل الحقوقي في المملكة، وحصلت الجمعيتان على دعم ومساندة رسمية كبيرة، وكان يتوقع أن تسهم هاتان المؤسستان في إطلاق فعاليات وبرامج حقوقية عدة وتبني قضايا الانتهاكات التي تجري من بعض الأجهزة الرسمية والعمل على معالجتها.
ومع أن الجمعية عملت على إصدار تقارير وبيانات مهمة، فإنه لا يزال أمام هاتين المؤسستين مسؤوليات وطنية كبيرة ينبغي عليهما العمل بجدية لتحقيقها، خصوصاً في ما يتعلق بالدفاع عن الموقوفين دون محاكمة ومعتقلي الرأي.
وأنا أرى ضرورة إفساح المجال لإعطاء تراخيص لجمعيات ومؤسسات حقوقية أخرى والإسراع في إصدار نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية لكون قضايا حقوق الإنسان متشعبة ومتعددة وتحتاج لجهات حقوقية متخصصة.
كيف تقوّم وضع الشيعة اليوم، أهم أقرب إلى المذهبية الإسلامية أم المظلة الفارسية؟
- من الأخطاء الشائعة لدى الكثيرين منا نحن العرب، ربط التشيع كمذهب بالقومية الفارسية، مع أن التشيع دخل إيران متأخراً. هنالك حال نهوض واضحة في المجتمعات الشيعية في المنطقة العربية وترافقها مراجعات فكرية وثقافية جادة ومهمة، وكنتيجة للتصعيد والشحن المذهبي في منطقتنا العربية، فإن هنالك حالاً من التشنج القائم بين اتباع المذاهب الإسلامية ينبغي العمل على معالجتها. لا شك أن القيادات السياسية والدينية - بما في ذلك الأنظمة الحاكمة - تتحمل مسؤولية كبيرة لتجاوز هذه التشنجات التي أصبحت من أكثر التحديات التي تهدد أمن المجتمعات.
الرقابة والحريات
هل الرقابة هي مزيج من إخفاء المعلومات لتسيير الأذهان تحقيقاً لغايات مختلفة؟
- كل أشكال الرقابة الرسمية فقدت مبرراتها، بمعنى أن الحاجة تكمن فقط في تقنين آليات واضحة للحد من أي اعتداء أو تجاوز على حقوق الآخرين وليس تشديد إجراءات الرقابة التي تهدف إلى الحد من الحريات، والحق في الحصول على المعلومات أصبح مقراً به دولياً، ولا ينبغي التحفظ عليها أو إخفائها، ولم تعد الحكومات قادرة على التحكم في المعلومات كما كانت في السابق، ولعل نشر وثائق «ويكيليكس» أحد مصاديق هذا العجز.
أيهما أشد، انتماؤك المذهبي لمسقط رأسك أم انتماؤك الوطني لأرضك الأم؟
- عادة ما يتم التفريق بين الانتماء الذي لا خيار للفرد فيه، وبين الولاء الذي هو ناتج من تطور وعي الفرد وتفاعله مع محيطه إيجاباً أو سلباً، فكل إنسان ينتمي لمعتقد أو عائلة أو منطقة بصورة طبيعية وهي مؤثرات يرثها بصورة طبيعية من بيئته التي عاش فيها، بينما تتطور ولاءاته بناء على معايشته وتفاعله مع مستجدات ظروفه، وبين هذين المسارين يكون هنالك في الغالب انسجام وتوافق بحيث أنه لا ينبغي حدوث التعارض بينهما في العادة.
ولكن الظروف السياسية أو الاجتماعية في مكان ما قد تسبب في شد الفرد إلى انتماءاته التقليدية لاعتقاده بأنها تشكل له حماية أفضل في ظل قناعته بضعف ارتباطه العام، أو أن النظام الاجتماعي لم يعد يشكل له حماية قانونية كافية. وبالنسبة لي فقد عشت مهموماً بالشأن الوطني طوال مراحل حياتي، وأشعر بفخر كبير أنني سخرت كل جهودي وما أزال للتفاعل مع مجمل القضايا الوطنية المختلفة.
هل القبول بالأفكار الجديدة من الآخر هو تفريط في المقابل بأفكارك؟
- الأفكار الأخرى ينبغي الاستماع إليها واستخلاص المناسب والجيد منها، «الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه»، ولا مانع من أن يرى الإنسان فكرة جديدة وحسنة ويتبناها ويتلقفها، فلا يوجد من يمتلك كل الحقيقة، بل إن الإنسان بطبعه شغوف لمعرفة ما لدى غيره والتعلم منه، ولذا فإن الإصرار على مواقف فكرية محددة والبقاء عليها لا تقدم الشخص أو تجعله مجدداً، وهذه مشكلة وقع فيها المؤدلجون الذين وقفوا على قناعات فكرية محددة ولم يتمكنوا من مراجعتها أو تطويرها.
(أبو هادي) هل تتم إدارة ناديك الثقافي بهدوء؟ وهل هناك كرسي فارغ تضعه جانباً لاحترازات الحكومة في جلسات الصالون الأدبي؟
- منتدى الثلثاء الثقافي هو أول منتدى من نوعه في المنطقة تأسس قبل 11 سنة تقريباً، وواصل دوره التنويري من خلال محاضرات وندوات حوارية أسبوعية، وشارك فيه المئات من المثقفين من داخل المملكة وخارجها تناولوا العديد من القضايا والمواضيع المهمة والمثيرة للجدل حول الفكر الإسلامي، السلم الاجتماعي، حقوق الإنسان، المجتمع المدني، مناهج التعليم، الخطاب الديني، الإصلاح السياسي، مشكلات الشباب، الحوار الوطني، وغيرها من المواضيع.
ويحضر فيه أسبوعياً عشرات المثقفين من مختلف مدن المنطقة الشرقية، وتدور فيه حوارات ونقاشات غاية في الجدية والصراحة، ولعب المنتدى دوراً كبيراً في تعزيز التواصل بين المثقفين على مستوى المملكة، خصوصاً أنه يصدر تقريراً أسبوعياً عن كل ندوة يتم نشرها في الموقع الإلكتروني للمنتدى، كما تم تكريم المنتدى العام الماضي من وزير الثقافة والإعلام خلال افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب، وألقيت محاضرة حول المنتدى فيه.
هذا الإنجاز لم يمر بالطبع بهدوء، فقد جرت هنالك إثارات من البعض لغرض الوشاية ونقل معلومات غير دقيقة للجهات الرقابية عن حوارات المنتدى، ولكن وعي المسؤولين وتفهمهم، خصوصاً نائب أمير المنطقة الشرقية الأمير جلوي بن عبدالعزيز ساعد في تجاوز هذه المصاعب التي مر بها المنتدى، وقد أدى ذلك بالطبع إلى تزايد عدد المنتديات الثقافية في منطقتنا بالصورة التي أصبحت تشكل رافداً مهماً في مجمل العمل الثقافي في المملكة.
المركز الثقافي خاصتك يستضيف كوكبة من ذوي الخلفيات الثقافية المتنوعة... هل التيار السلفي يحق له الوجود؟
- لم تتحفظ اللجنة المنظمة أبداً على استضافة أي شخصية ثقافية مهما كان توجهها، وكان للتيار السلفي حضور طوال مواسم المنتدى الماضية، على رغم التحفظات الاجتماعية وتردد بعض الضيوف من المشاركة.
في اعتقادي أن منظومة العمل الثقافي في المملكة خصوصاً الأهلية منها بحاجة إلى أن تسهم في كسر الحواجز القائمة بين مختلف التوجهات الفكرية والثقافية، وأن تكون منبراً حراً يستوعب كل هذه الاتجاهات ورموزها، وفي محافظة القطيف بشكل عام تجري مبادرات مهمة على هذا الصعيد ينبغي رصدها وتقديرها حيث من المؤكد أنها ساهمت في لجم حال التشنج والشحن المذهبي في المملكة، وأنتجت حوارات ولقاءات جديدة انعكس معظمها في الصحافة المحلية.
المرأة والتهميش الحضاري
المتأمل لكتاب الله عز وجل يراه سبحانه لا يفرق بين ذكر وأنثى... فكيف ترى الدونية التي ألصقها المجتمع بالمرأة؟
- موضوع المرأة من المواضيع المهمة جداً في بعض مجتمعاتنا الشرقية، ليس لكونها تشكل نصف المجتمع فقط، بل لأنها إنسان له كامل الحقوق، ولأن هنالك تمييزاً حقيقياً وكبيراً يقع عليها، كما أشرتم فإن هيمنة المجتمع الذكوري فرض مفاهيم وأعراف وتقاليد تحط من دور المرأة ومكانتها، وأعطى تبريرات لذلك دينية وثقافية غاية في التعقيد.
ومع أن المرأة في معظم دول العامل قد تجاوزت التمييز الواقع عليها بشكل أو بآخر ودفعت ثمناً كبيراً لذلك، إلا أنه في مجتمعاتنا لا تزال المرأة تعيش حالاً من التهميش والاضطهاد كبيرة جداً مع أنها خطت خطوات كبيرة في مجالات تعليمية ومهنية عدة، إننا في أمس الحاجة إلى نشر ثقافة جديدة في قضايا المرأة، وأن تتناول مناهج التعليم ووسائل الإعلام هذه القضية بكل ايجابية وحيادية لغرض معالجة الفهم القاصر لدور المرأة وموقعها.
أنت راعٍ لمنتدى الثلثاء في القطيف، ولك عدد من المشاركات الاجتماعية والثقافية والندوات والمؤتمرات... كيف ترى نفسك شخصية عامة تجيد الحضور وحيازة الظهور...؟
- أهتم كثيراً بالعمل الإيجابي الفاعل ودعم ومساندة مختلف الأنشطة والمبادرات الاجتماعية والوطنية، ولذا فأنا دائم الحضور في معظم الفعاليات الفنية والثقافية والاجتماعية مسانداً وداعماً ومشجعاً، وغرضي هو تنمية المجتمع من خلال تكثيف هذه الأنشطة والفعاليات التي يمكنها أن تستقطب مجاميع مختلفة من أبناء الوطن، خصوصاً الشباب منهم، وقبل فترة انطلقت مبادرة رائعة في المنطقة تحت اسم «لجنة التواصل الوطني» رأيت فيها نموذجاً جميلاً يتجاوز من خلاله مجتمعنا حال الانغلاق والتقوقع، حيث تتم استضافة شخصيات معروفة من مختلف مناطق المملكة لقضاء أيام عدة بين لقاءات وزيارات وتعريف بتاريخ وتراث المنطقة وثقافتها وشخصياتها. كما أن هنالك مبادرة أخرى تحت مسمى «شبكة النشطاء الحقوقيين» تهدف إلى إيجاد أرضية للتواصل والتنسيق بين المهتمين في العمل الحقوقي من مختلف مناطق المملكة لغرض تعميم الثقافة الحقوقية بينهم.
الحكومات العربية لم تتمكن من إدارة الدولة الوطنية
سيرة ذاتيه ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.