إن كان مطر جدة قد كشف عن اعتلالات جسد المدينة، فإن أرواح كثير من أبنائها تعبت وأرهقت نتيجة تجارب مريرة مع كوارث الأمطار والسيول التي دهمت العروس وباتت تزورها في كل عام مرة أو مرتين. وضمن حالات الاستنفار والتجييش لمعالجة آثار الكارثة الأخيرة، كشف مدير جمعية الشقائق النسائية في جدة عبد المجيد أحمد رضوان استقبال العيادات النفسية التابعة للجمعية هذا الأسبوع لأكثر من 50 حالة عانت من تبعات الأمطار والسيول. وأوضح رضوان أن أبرز الحالات التي استقبلوها في الجمعية هي لفتاة عشرينية حاولت الانتحار مرتين، الأولى بتناول أدوية بكميات كبيرة، والثانية بشرب مادة سامة، تعافت منها بعد نقلها إلى المستشفى، لكنها لا تزال معتلة نفسياً بسبب المعاناة من الفقر، ومشكلات أسرية منعت على إثرها من الزواج ممن تحب، وتفاقمت بعد كارثة الأمطار والسيول التي دمرت أجزاءً كبيرة من المنزل. وأضاف: «عقدت لها جلسات علاجية من طريق استشارية واختصاصية نفسيتين تعملان في العيادة، وهي بحال مطمئنة الآن، وما زال أمامها عدد من الجلسات النفسية للتأكد من استقرار حالها». وكشف أن الجمعية استقبلت عدداً من المعتلين نفسياً بسبب الأمطار، تركزت مشكلاتهم في «فوبيا» المطر عند الكبار وصلت إلى درجة الاستيقاظ أثناء النوم خوفاً من تكرار ما عايشوه يوم الأربعاء الماضي، إضافة إلى التبول اللاإرادي عند الأطفال، والبكاء المستمر، والقلق، والاكتئاب، والوسواس القهري، وبعض المشكلات الأسرية بين الأبناء والآباء التي تعمقت نتيجة الأمطار أخيراً. وأشار رضوان إلى أن كثيراً من الأطفال باتوا يشاهدون التلفزيون بكثرة هذه الأيام للتأكد من عدم هطول أمطار، «والبعض منهم بحسب شهادات أسرهم، يبكون لمجرد مشاهدة الأب يغادر المنزل متوجهاً إلى العمل، ويحاولون إبقاءه معهم نتيجة الخوف وما ترسب لديهم من مشاهدات يوم الأربعاء»، لافتاً إلى أن الجمعية خصصت فريقاً تطوعياً من الاستشاريات والاختصاصيات النفسيات، يباشرون الحالات في عيادتين تتبعان للجمعية، افتتحت أولاهما في حي غليل (جنوبجدة)، والثانية في مقر الجمعية شمال جدة، ويضطلع الفريق بمهمات العلاج والتأهيل، والمتابعة اللاحقة للحالات.