يكتسب «مسجد الجمعة» مكانة خاصة في التراث الإسلامي، إذ ارتبطت نشأته بهجرة الرسول المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم من مكةالمكرمة إلى المدينةالمنورة، التي وصل إليها الاثنين 12 من ربيع الأول من العام الهجري الأول، إذ أقام عليه الصلاة والسلام في قباء أربعة أيام حتى صباح الجمعة 16 من شهر ربيع الأول من العام نفسه، ثم خرج صلَّى الله عليه وسلَّم متوجهاً إلى المدينةالمنورة، وعلى مقربة من محل إقامته بقباء أدركته صلاة الجمعة فصلاها في بطن وادي «الرانوناء»، وقد حدّد المكان الذي صلَّى فيه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صلاة الجمعة، وسمي بعد ذلك بمسجد الجمعة. ولمسجد الجمعة العديد من المسميات، إذ يطلق عليه أيضاً اسم مسجد «الوادي»، كما يطلق عليه اسم مسجد «عاتكة»، ومسجد «القبيب» نسبة إلى المحل الذي بُني فيه، فيما يحرص العديد من الزائرين على زيارة المسجد والصلاة فيه بوصفه أحد الأماكن الدينية التاريخية التي تحمل مكانة بارزة في التاريخ الإسلامي، وشهد وقائع من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى المدينةالمنورة وجوانب من سيرته العطرة. ويقع مسجد الجمعة جنوب غربي المدينةالمنورة في بطن وادي «رانوناء» شمال مسجد قباء، ويبعد عنه مسافة 900 متر تقريباً، كما يبعد عن المسجد النبوي نحو ستة كيلومترات، وتأسس بناؤه من الحجر، ثم أعيد بناؤه وتجديده في كل مرة يتهدم فيها، وكان المسجد قبل التوسعة الأخيرة مبنياً فوق رابية صغيرة وله قبة واحدة مبنية بالطوب الأحمر، فقامت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بإعادة بنائه وتوسعته وفق تصميم هندسي جميل وضاعفت مساحته أضعافاً عدة، وفي 1409ه أمر الملك فهد بن عبدالعزيز بهدم المسجد القديم وإعادة بنائه وتوسعته وتزويده بالمرافق والخدمات اللازمة، إذ يضم سكناً للإمام والمؤذن ومكتبة ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم ومصلى للنساء ودورات المياه، وافتتح المسجد في 1412ه وأصبح يستوعب 650 مصلياً بعد أن كان لا يستوعب أكثر من 70 مصلياً، كما يحوي المسجد منارة رفيعة بديعة وقبة رئيسة تتوسط ساحة الصلاة، إضافة إلى أربع قباب صغيرة تتوزّع في جنباته.