على أن «كورونا» حتى الآن لم يفصح عن هويته، وما إذا كان يصطفي ضحاياه من طبقات بعينها، إلا أن «الطبقية» في وقايته بدت واضحة للعيان، خصوصاً إذا ما كان الحديث عن حقل التعليم. ذلك الميدان الذي يتوزع بين مدارس أهلية متفاوتة، وحكومية يفترض منها المساواة بين أحياء راقية وأخرى أنهكتها «الشيخوخة». وبرهنت مشاهدات جولة قامت بها «الحياة» لمدارس شرق الرياض وشماله وجنوبه، على مفارقات الوعي بين المدارس والطلاب، فمدرسة مثل «رياض نجد» استحضرت أوجهاً عدة من الثقافة «الكورونية»، إذ بدأت المدرسة التجهيزات بوضع المعقمات اليدوية ونشر ثقافة الكمامات بين الطلبة، إضافة إلى دعوة متخصصين يقومون بشرح الفايروس للطلبة وطرق الوقاية منه، فحرص الطلبة على ارتداء كمامات طبية في أوقات الفسح. وفي مدرسة «الشورى» الحكومية، كانت هناك اجتهادات من الطلبة تعكس معرفتهم بالفايروس وظواهره، فبدا في قاعات الدراسة من هو مستخدم للكمامات ومن لا يكترث بحسب ثقافتهم الشخصية، بعيداً عن قانون مدرسي حاكم. على النقيض، تأتي مدرسة (تحتفظ «الحياة» باسمها) في حي الفيصلية الشعبي، إذا استمر الطلاب في نشاطهم الاعتيادي، كأن لم يكن الفايروس على الأراضي السعودية، أو أنهم لا يكترثون، حتى إنه عند سؤال طالب عما إذا كان مهتماً بالوقاية من «الكورونا»، نظر إلى «المحرر» مستغرباً: عن أي شيء تتحدث؟ لكن جانب التوعية الدينية يمثل أملاً تعلق به الجميع، «فما كتب الله دائماًهو الذي يكون» مثلما يردد المشاركون. في جانب أولياء أمور الطلبة، يشير أحمد الموسى إلى أن أبناءه لكثرة ما تطرقت أسرتهم للفايروس، أصبحوا غير راغبين في الحضور إلى المدرسة، وغدا سبباً للقلق. وعزا ذلك بحسب قوله إلى «بنية المجتمع الهشة، إذ يركض خلف الإشاعات، رغبة في ال«إجازة»، أما الطلبة فهم إلى الآن لا يدركون حجم المسؤولية التي تترتب عليهم للحفاظ على سلامتهم من الإصابة بهذا الفايروس» كما يرى. مديرو المدارس من جانبهم يحتفظون باختلاف مماثل، إذ لوحظ تفاوت في تحركات مديري المدارس، فبعضهم هو من بدأ بترتيب جولة لمندوبين من وزارة الصحة، شرحوا فيها للطلبة عن الفايروس وطرق الوقاية منه، وآخر اكتفى باجتهادات أولياء الأمور ووسائل التواصل الاجتماعي لشرح الفايروس للطلبة. وبالسؤال عن المدارس في المدن الأخرى اتضح بعض الاختلاف في مدينة حائل، إذ أكد مدير مدرسة الغافقي الابتدائية سعود الشمري، أنه «لا يوجد أي تغير عن الروتين السابق، فالمدرسة لم تقم بإعطاء دروس أو نشر للتوعية بين الطلبة، حتى لا يتعرض الطلبة لأي تغير في نمط حياتهم السابقة»! وفي شمال مدينة جدة برزت مدرسة حكومية في تكثيف الوعي بين الطلبة عبر الاستعانة بالمراكز الصحية في الحي وتوزيع الكمامات التنفسية وأيضاً المعقمات اليدوية، إذ وصفت إحدى الإداريات في مدرسة بنات هناك نوف السعيد حجم انتشار الكمامات، قائلة: «عدد الطالبات في المدرسة نحو 650 طالبة، بينهن حوالى 400 طالبة يستخدمن الكمامات، إضافة إلى قيام المدرسة بفصل أوقات الفسح رغبة في تجنب التكدس».