سمو أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل برنامج ( تطوع الشرقية )    تعزيز الاستثمار في القطاع غير الربحي وفق رؤية السعودية 2030    أمام الملك.. الأمراء يؤدون القسم عقب تعيينهم في مناصبهم الجديدة    خادم الحرمين يشيد بنتائج مباحثات ولي العهد وترمب    أمير المدينة يتفقد جاهزية المطار وقطار الحرمين لخدمة الحجاج    نائب أمير المنطقة الشرقية يلتقي مدير عام الجوازات    مركز التواصل الحضاري ينظم ملتقى "جسور التواصل" بالقصيم    رجال أعمال في حائل: منتدى حائل للاستثمار سيضيف حراكا تنمويا لاقتصاديات المنطقة .    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق مبادرة "فحص القدم السكري" لدعم صحة الحجاج    من رواد الشعر الشعبي في جازان: شريفة بنت أحمد مطاعن    "الشكره" يترأس اجتماع المجلس المحلي بمحافظة بيش    حرس الحدود يقيم معرض ( لا حج بلا تصريح ) في تبوك    انطلاق المنتدى الإنساني الأوروبي الرابع في بروكسل    خادم الحرمين الشريفين يهنئ رئيس جمهورية الكاميرون بذكرى اليوم الوطني لبلاده    البيئة: إنشاء 7 محطات لتربية ملكات النحل وإنتاج الطرود وتشغيلها عام 2026م    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    نجاح عملية زرع مثانة بشرية في أمريكا لأول مرة في العالم    وفد من جمعية المتقاعدين بالقصيم يزور البكيرية    تفقد مدينة الحجاج بالجوف: وكيل وزارة الرياضة يشيد بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن    متى يتحرر العالم من عُقدة إسرائيل ؟    وزيرة الخزانة البريطانية تؤكد اقتراب توقيع اتفاق تجاري مع دول الخليج    أغبرة تحد من مدى الرؤية في عدة اجزاء من مناطق المملكة    الهلال يُمدد عقد سالم الدوسري    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج دورة تأهيل الضباط الجامعيين ال (36) والدفعة ال (41) من طلبة كلية الملك خالد العسكرية    اللواء المربع يقف على سير العمل بجوازات منفذ الوديعة    وزير الخارجية ونظيرته النمساوية يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    النصر يكشف عن شعاره الجديد.. ويستعيد رونالدو    سالم يواصل ارتداء شعار الزعيم حتى 2027    أكد تسريع تنفيذ المشاريع بأعلى المعايير.. أمير القصيم: دعم سخي من القيادة الرشيدة لقطاع الإسكان    2367 ريالاً إنفاق الفرد على التأمين    ترمب يتواصل مع بوتين وزيلينسكي لدفع جهود السلام    أدانت بشدة تصعيد الاحتلال وتوسعه شمال وجنوب غزة.. السعودية تحذر من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني    "الرئاسي" يتحرّك لاحتواء التصعيد.. عصيان مدني واسع في طرابلس    حرس الحدود ينقذ (10) مقيمين " من غدر البحر"    بعد 12 يوماً.. الصيف يدق على الأبواب    عقارات الدولة تنفي توزيع أراضٍ أو تحديد أسعار    يفتتح مكتباً لشركة تابعة في باريس.. «السيادي السعودي» يرسخ شراكاته الاستثمارية العالمية    أشادوا بالخدمات المقدمة عبر "الوديعة".. حجاج يمنيون: المملكة حريصة على راحة ضيوف الرحمن    أمير المدينة: مهتمون بمتابعة المشاريع ورصد التحديات لمعالجتها    ضوء صغير    الاستثمار في العقول    كورال روح الشرق يختتم بينالي الفنون الإسلامية 2025    الدكتور قزاز: توظيف الدراسات واستخدام "التفاعلية" مع تطوير المحتوى وقياس التأثير يحقق النجاح لإعلام الحج    في انطلاق الجولة ال 33 قبل الأخيرة من دوري روشن.. الاتحاد في ضيافة الشباب.. والقادسية يواجه العروبة    في" البلاي أوف" بالدرجة الأولى.. صراع شرس على البطاقة الثالثة لدوري الكبار    حكاية طفل الأنابيب (5)    الاعتراف رسمياً بالسكري من النوع الخامس    سيراليون تسجل زيادة في إصابات جدري القردة بنسبة 71% خلال أسبوع    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    وزير الحرس الوطني يرعى حفل خريجي كلية الملك عبدالله للقيادة والأركان    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة «مليون حاج»    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤكِّد على تسخير كافة الوسائل التقنية ووسائل الذكاء الاصطناعي في تقديم خدمات الرئاسة العامة في حج هذا العام    السعودية تدين تصعيد الاحتلال وتستنكر إرهاب قاعدة الصومال    لمسة وفاء.. الشيخ محمد بن عبدالله آل علي    محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارضة اللبنانية تطوّق نفسها دولياً
نشر في الحياة يوم 14 - 01 - 2011

لعل المعارضة اللبنانية التي يقودها «حزب الله» ارتكبت خطأً استراتيجياً كبيراً عندما قررت التصعيد ضد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري وإسقاط حكومته عقاباً له على عدم الخضوع لمطالبتها برفض القرار الظني المتوقع صدوره قريباً جداً عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. فهي أسقطت الحكومة في سعيها لإسقاط المحكمة، لكن ما فعلته أدّى الى تطويقها دولياً بصيانة قاطعة للمحكمة. تعمدت المعارضة إسقاط حكومة الحريري لتوجيه صفعة اليه والى الرئيس الأميركي باراك أوباما معاً، إذ أتى التوقيت قبيل اجتماعهما في البيت الأبيض الأربعاء الماضي، فأدى ذلك الى استياء أوباما وإيقاظه الى ضرورة التعمق في إفرازات سياساته التهادنية مع كل من سورية وإيران وانعكاساتها على لبنان. أتى التوقيت وكأنه إضافة الإهانة الى الجرح، لأن إدارة أوباما كانت في صدد إرسال سفيرها روبرت فورد الى دمشق، عندما ردَّت دمشق بإحراج أوباما، إلا ان فورد يتوجه الآن الى دمشق مُحمّلاً بمطالب صارمة ينقلها السفير الجديد من رئيسه الى الرئيس بشار الأسد. وابرز عناوين هذه المطالب يشمل أولاً التمسك بالمحكمة الدولية وضرورة الكف عن محاولات إلغائها أو رفض قراراتها، وثانياً، ضرورة توقف سورية عن تهريب الأسلحة الى «حزب الله» بانتهاك للقرارات الدولية، وأيضاً مسألة التعاون النووي بين سورية وإيران وكوريا الشمالية. وأخيراً، ربما من بين إفرازات الأخطاء الاستراتيجية إسقاط سورية و «حزب الله» تفاهماً كان أعرب فيه سعد الحريري عن استعداده لإجراءات تبعد حكومته عن تنفيذ القرار الظني، الذي تقول أوساط «حزب الله» انه سيوجه اتهام ارتكاب جريمة اغتيال الحريري الى عناصر في الحزب.
والآن، وبعدما انتقلت الجهود الديبلوماسية من الخانة السعودية – السورية الى الخانة السعودية – الفرنسية – الأميركية، ربما بمشاركة من مصر أو دول أخرى نافذة، أصبح ضرورياً لكل المعنيين التفكير في خلفيات وأسباب القرارات الخاطئة، لأن الخطأ الاستراتيجي تم ارتكابه عمداً لأسباب أخرى فائقة الأهمية والأولوية. أصبح ضرورياً أيضاً رسم ما يُعرف ب «الخطة باء» للمعنيين في الحكومة والمعارضة بين رعاة التفاهمات. فسورية و «حزب الله» واضحان في اصرارهما على ضرب صدقية المحكمة الدولية ومنع لبنان من تنفيذ قراراتها، كما هما، ومعهما إيران، في غاية الوضوح في الإصرار على تمسك «حزب الله» بسلاحه ورفض طرحه على طاولة الحوار الوطني كما نص «اتفاق الدوحة».
يعتقد البعض ان استراتيجية سورية والمعارضة اللبنانية هي استراتيجية ذكية، فهي، بحسب هذا الرأي، استباقية للقرارات الاتهامية التي ستصدر عن المحكمة الدولية بتصنيفها محكمة «إسرائيلية وأميركية» بهدف نزع الصدقية عنها واقناع الرأي العام بأنها «مؤامرة ضد المقاومة».
إنما بحسب البعض الآخر، ان التصرف بمثل هذا القدر من الهلع يعرّي خوفاً له أسبابه لدى كل من «حزب الله» وسورية. فلقد لجأت سورية الى التحذير من عدم الاستقرار في لبنان إذا اخذت العدالة مجراها في المحكمة الدولية، ولجأ «حزب الله» الى التهديد بالسلاح وبالشارع إذا صدرت القرارات الظنية ضد أفراد أو عناصر منه.
خطأ سعد الحريري هو أنه وَثَق بأن كلاً من سورية و «حزب الله» كانا سيكتفيان باستعداده – وهو ابن الضحية – لتفريغ قرارات المحكمة الدولية من وسائل تنفيذها وحجب التعاون معها من طرف الحكومة اللبنانية، إنما بعد صدور القرار الظني الذي لا دور له فيه ولا سلطة عليه. فلقد اتضح له – بعدما قدّم ما طُلِب منه أو فُرِضَ عليه من تنازلات، عندما برّأ سورية سياسياً مسبقاً في حديثه الى «الشرق الأوسط» وقال ان شهود زور ضللوه – اتضح له لاحقاً ان تلك كانت خطوة أولى من سلسلة خطوات إركاع له. كان يفترض من جانبه أنه يقدّم الأقصى قبل صدور القرار الظني وبعده، وان ذلك هو المطلوب من «الطرف الآخر» للتعاون لضمان استقرار البلد والحؤول دون فتنة سنية – شيعية. لكنه اكتشف ان استراتيجية «الطرف الآخر» منذ البداية قامت على تكليفه إطلاق رصاصة قاضية ضد المحكمة الدولية قبل صدور أي قرار ظني عنها، وثم بعد استهلاكه وتحجيمه يصبح بديهياً التخلص منه واقالته من الحكومة.
ولذلك قالت مصادر مطلعة على أجوائه «انهم يريدون استكمال اغتيال رفيق الحريري» ويريدون «قتل القتيل والمسامحة معاً من دون أن يقدموا شيئاً... يريدون الغفران وإلغاء الأحكام وكل شيء آخر بلا تقديم أي مقابل من طرفهم»... ان ما يريدونه هو إخراج سعد الحريري من الحكومة بعد أن يسلمهم كل شيء، ابتداء بالتبرئة السياسية من دم أبيه، مروراً بإعلان إجراءات وقف التمويل اللبناني للمحكمة الدولية، وسحب القضاة اللبنانيين منها، أو رفض التعاون معها وتجريدها من الصدقية قبل – وليس بعد – صدور القرار الظني عنها.
باتت تلك الصورة واضحة حين قام ميشال عون بنعي «تسوية س-س» بعدما أبلغت دمشق المعارضة اللبنانية ما سمعته من السعودية، وفحواه ان سعد الحريري لن يتمكن من تلبية مطالب «قبل» وليس «بعد» القرار الظني للمحكمة. كان ذلك يوم توجّه الحريري للقاء أوباما في واشنطن بعدما كان اجتمع في نيويورك مع كل من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وقبل ذلك مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون.
المواقف الأميركية من المحكمة الدولية لم تتغيّر منذ ان استدركت الإدارة الأميركية أخيراً إفرازات عدم اهتمامها بالملف، انما تطورات هذا الأسبوع نقلت الاهتمام الأميركي الى مرتبة جديدة بدأت بهيلاري كلينتون وانتهت عند باراك أوباما. فالبيت الأبيض شدد على أهمية عمل المحكمة في إنهاء مرحلة الإفلات من العقاب وأصدر بياناً أكد على النقاط الآتية: التصميم على تحقيق الاستقرار والعدالة معاً في لبنان أثناء الفترة التي يتخللها التقلب الحكومي. التشديد على ضرورة احجام جميع الأطراف عن التهديد بالقوة أو استخدام القوة التي تطلق اللااستقرار. التمسك بسيادة لبنان واستقلاله ورفض التدخل الخارجي في شؤونه مع التشديد على الاستمرار بالشراكة البعيدة المدى بين الولايات المتحدة ولبنان. التأكيد على تنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. والإعلان عن «جهود موحدة» مع فرنسا والسعودية وأطراف دولية وإقليمية أساسية هدفها «الحفاظ على الهدوء في لبنان وضمان استمرار عمل المحكمة الدولية من دون عرقلة أو تدخل أطراف ثالثة».
ما أوضحته الإدارة الأميركية أيضاً هو ان سيادة واستقرار وأمن لبنان ليست قابلة للتفاوض، وان لا مجال لأية صفقة لإيقاف المحكمة الدولية عن تنفيذ ولايتها لأن تلك الولاية منوطة بها بموجب الفصل السابع الملزم لقرارات مجلس الأمن.
أوضحت الادارة الاميركية انها ليست ضد الجهود التي يبذلها السعوديون مع السوريين من أجل بناء علاقة إيجابية بين سورية ولبنان مبنية على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للطرف الآخر. وأكدت أن أية جهود للتسوية في لبنان يجب أن يشارك فيها القادة اللبنانيون.
ما يجدر بإدارة باراك أوباما التأكد منه هو ألاّ يتقلص مستوى الاهتمام الأميركي بالملف اللبناني الخطير في هذا المنعطف. فهذه ليست مرحلة المغامرات الطائشة بل انها مرحلة مطالبة جميع المعنيين باحترام السيادة اللبنانية وعدم انتهاكها بأي شكل كان.
يجب أيضاً على إدارة اوباما ان تفكر جدياً في «خطة باء» إذا فشلت محاولاتها مع سورية للجم التصعيد والكف عن التهديد بإسقاط الاستقرار إذا لم يتم إسقاط المحكمة. فلدى إدارة أوباما أدوات عدة للنفوذ مع سورية. لقد استخدمت مسرعة ومسبقاً ورقة إعادة السفير الأميركي الى دمشق، منفذة بذلك أحد أهم مطالبها، انما يجب اليوم على إدارة أوباما ان توظّف تواجد السفير الأميركي من أجل إيصال رسالة واضحة في شأن لبنان توقف الأحلام والتكهنات بإعادة الدور السوري اليه من الباب الأمني بعدما تنجح سورية و «حزب الله» في نسف الاستقرار.
وبالتأكيد، على باراك أوباما ألاّ يترك جهود رعاية وادارة الجهود الجديدة لنظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي نصب لنفسه دور المدافع عن دمشق بعدما لعب أهم الأدوار في رفع العزلة عنها بلا مقابل ومسبقاً. فهو توجه الى لقائه مع أوباما لإقناعه بضرورة «جعل الانخراط الأميركي مع سورية أكبر كي يشجعها على القيام بالمزيد من الخطوات الإيجابية» في لبنان وليقنعه برفع الخطر عن بيع الطائرات لسورية، وفق ما قالت المصادر الفرنسية الى «الحياة».
فمصير لبنان يجب ألا يوضع في أيدي نيكولا ساركوزي ولا في يد أي رئيس دولة أخرى بمفرده. انه مسؤولية جماعية لأنه ضحية تدخلات جماعية من نوع أو آخر، أو إفراط في الثقة أو لعب الأوراق. وسواء سقطت التسوية أو سقطت الحكومة، يعرف الجميع ان إسقاط المحكمة ليس وارداً، وليت المدعي العام دانيال بلمار يكف عن التلاعب بأعصاب الناس ويقول بوضوح متى سيقدم القرار الظني. فهذه مرحلة أزمة عصيبة في لبنان ولا يجوز التلاعب لأنه حقاً قد يسقط الاستقرار.
انها مرحلة إعادة التمعّن بما هي مصلحة مَن في هذا المنعطف وما هي خطة «باء» في حال المفاجآت. الجميع يتأهب انما خطر اندلاع التفجير الأمني لا يبدو وشيكاً حتى الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.