المسح الصناعي شرط لتسجيل المصانع والمنتجات الوطنية    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (11682) نقطة    أمير حائل يهنئ أمانة المنطقة بحصولها على شهادة أفضل بيئة عمل صحية أوروبياً    من مدارسنا تبدأ الحكاية.. ومن التميز تُكتب الريادة    نائب أمير جازان يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب إلى كأس العالم 2026م    تركي بن محمد بن فهد يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    نائب أمير القصيم يطلع على منجزات جمعية العناية بالمساجد برياض الخبراء    مخبأة في شحنة مكسّرات.. "مكافحة المخدرات" تضبط أكثر من مليوني قرص من مادة الإمفيتامين المخدر بمنطقة الرياض    (إثراء) يتجاوز المليون ساعة تطوع بمشاركة 24 ألف متطوع و30 ألف طامح لصنع الأثر    2.2% نسبة التضخم بالسعودية في سبتمبر 2025    صندوق النقد يرفع توقعاته للنمو العالمي في 2025.. وترامب يلوّح بإجراءات تجارية ضد الصين    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بجازان ينفذ ورشة عمل "السرد القصصي في العمل الإعلامي"    نائب أمير جازان يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب إلى كأس العالم 2026م    القصيبي في كتارا.. رمز وجمع في سيرة فرد وشعروائية    مجلس الصحة الخليجي يطلق حملة (أوزنها)    ترامب يدافع عن قيود جديدة على الصحفيين    نائب أمير حائل يزور مشروع "إرث" التراثي العائلي بعقدة    السديس يتفقد استعدادات الرئاسة لانطلاق ملتقى مآثر الشيخ عبدالعزيز بن صالح    حقائق رقمية تُزين مشوار تأهل المنتخب السعودي لكأس العالم 2026    للمرة السابعة في تاريخه.. الأخضر السعودي يتأهل إلى مونديال 2026    على مرحلتين في الرياض وجدة والخبر.. تعزيز قدرات الخريجين في مجال الأمن السيبراني    نائب أمير مكة المكرمة وأمراء يواسون آل نصيف    وزير الأمن الإسرائيلي يقتحم الأقصى    توقّع بتوهّجات شمسية الأيام المقبلة    إحباط تهريب 74 كجم حشيش و45 ألف قرص إمفيتامين    إعادة فتح برنامج فرص لشاغلي الوظائف التعليمية    إسناد تشغيل وصيانة محطات تنقية «السدود» و«الجوفية» لهيئة المياه.. مجلس الوزراء: تعديل نظام مهنة المحاسبة وتنظيم صندوق التنمية الوطني    70 مليار دولار لانتشال غزة من تحت الركام    الأمم المتحدة تطالب بفتح جميع المعابر الى غزة    كود الطرق السعودي نقلة لتفعيل مواصفات السلامة    "الصحراء والبحر" يلتقيان في معرض "آل خليفة"    برشلونة يخوض الكلاسيكو بقميص المغني شيران    كيف ينظر العماني للقراءة؟    محلك «صفر»!    السعودية مركز عالمي للخدمات اللوجستية    ترأس اجتماع لجنة الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: مضاعفة الجهود لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن    تحت رعاية أمير الرياض.. نادي الطيران يكشف تجارب مبهرة لمعرض 2025    إنقاذ عشريني من «فطريات أنفية» خطيرة    عبر نموذج ذكي يعزز دقة التشخيص وجودة الحياة.. «التخصصي» يرسخ ريادته في طب الأعصاب    وجبة «برغر» إسبانية بسعر سيارة    اللعب على المصطلحات: صراع اللغة في زمن الإبادة    حينَ تَتكلَّمُ الرِّياضُ... يَصمُتُ الإملاء    حاضرون وداعمون    المنتخبات العربية المتأهلة إلى كأس العالم 2026    سالم الدوسري: تأهل يدل على قوة منتخب السعودية    بوصلة السلام    المملكة أوقفت الحرب في غزة وتسعى لدولة فلسطينية    عون يأمل وقف العمليات الإسرائيلية لبدء التفاوض    رونالدو يصبح أفضل هداف في تاريخ تصفيات كأس العالم    مشاركة الجموع عطّلت العقول بالركض خلف الترندات    متعة الترفيه    ختام الآيات ومناسباتها وعلاقتها بما قبلها    أمير الشرقية يصدر قراراً بتعيين البقعاوي محافظاً للنعيرية    مجلس الوزراء: تعديل نظام مهنة المحاسبة والمراجعة    أمين العاصمة المقدسة يرأس الاجتماع الثالث للجنة الأعمال البلدية والبيئية لتعزيز التكامل التنموي بمكة    الكلمة الطيبة.. محفّزة    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    المدينة تحتضن ملتقى علمياً لمآثر شيخ الحرم ابن صالح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارلوس شاهين يمسرح «الطلاق» الأميركي في قالبه الجاهز
نشر في الحياة يوم 02 - 04 - 2017

لماذا يختار مخرج مسرحي طليعي لبناني نصاً درامياً أميركياً شبه مشاع عالمياً لا سيما بعد نقله إلى السينما ليقدمه على الخشبة ملبنناً في صيغة «تقليدية» لا جديد فيها ولا ابتكار؟ هذا السؤال تطرحه مسرحية «كيف كان العشاء؟» (مسرح مونو- بيروت) التي يقدمها المخرج اللبناني كارلوس شاهين المقيم في فرنسا وهي من تأليف الكاتب الأميركي الشهير دونالد مارغوليس، وقد حاز عنها جائزة بوليتزر للأعمال الدرامية عام 2000. هذه المسرحية وعنوانها الأصلي «عشاء مع أصدقاء» راجت عالمياً وترجمت وقدمتها مسارح عدة وأخرج منها السينمائي الأميركي نورمان جويزون فيلماً لقي نجاحاً شعبياً وعرض في لبنان وبعض المدن العربية. والمفارقة ان المسرحية هذه منتشرة في صيغ اخراجية شتى على اليوتيوب بالإنكليزية وفي امكان اي مواطن «انترنتي» ان يشاهدها كاملة او يشاهد مقاطع طويلة منها. وما يؤخذ على المخرج المعروف بجديته وتمرسه في فن المسرح هو اتكاؤه على معطيات جاهزة درامياً يتيحها النص اصلاً والتي اعتمدت في معظم الصيغ التي اكتسبها النص اخراجياً.
كارلوس شاهين الذي يعمل في المسرح الفرنسي، شاهد له الجمهور اللبناني عرضين بديعين سابقاً هما «مجزرة» المقتبس عن نص «كارناج» للكاتبة الفرنسية ياسمينا ريزا و «بستان الكرز» رائعة الروسي الكبير تشيخوف، وكان العرضان بمثابة حدثين مسرحيين. لم يبدُ العرض الجديد غريباً كثيراً عن مسرحية «مجزرة» بصفته اولاً مسرح «غرفة» وثانياً مسرح ثنائيين (كوبل مزدوج) هما وفق المعادلة المعروفة زوجان وزوجتان يعيشان مأزقاً مشتركًا، كل ثنائي من موقعه، حتى ان المخرج استعاد الكنبة نفسها التي اعتمدها في مسرحية «مجزرة» وهي عنصر سينوغرافي رئيسي في العرض. وهذا قد يعني ان شاهين وقع في فخ الجاهز فلم يمنح مخيلته ولا قدراته الإخراجية عنانها لكنه عرف كيف يتكئ على لعبة التمثيل مع ممثلتين وممثلين من الشباب الذي يفيضون نضارة وحيوية.
إذاً زوجان وزوجتان هم: كارن (سحر عساف) وغابي (جوزف زيتوني)، لينا (الرائعة سيرينا الشامي) وتوم (آلان سعادة)، يتشابهان ويختلفان، وكانوا جميعاً عاشوا حياة شبه مشتركة يسافران معًا ويقضيان الإجازات معًا... في مستهل العرض يتسقبل الثنائي الأول كارن وغابي صديقتهما لينا من دون زوجها بعد العدوة التي وجهاها اليهما. هنا تبدأ المشكلة الرئسة في البروز وهي الحدث الذي يكون منطلقاً الى رسم تفكك العائلة التي تمثلها لينا وتوم: الطلاق او الانفصال. وعوض ان تفرح لينا بالهدية التي تجلبها لها كارن من رحلتهما الأخيرة الى ايطاليا وهي فوطة مطرزة تنقلب الى منديل تمسح به لينا دموعها. انها الحال الدرامية الكوميدية التي تفرض نفسها على النص والعرض في آن واحد، فالمسرحية تقوم بين هذين المنحيين من دون ان يغلب منحى على آخر.
وهنا لا بد من تذكر مدرسة السخرية اليهودية النيويوركية التي ينتمي اليها الكاتب الأميركي دونالد مارغوليس مثله مثل السينمائي الكبير وودي الن او الروائي الكبير فيليب روث على سبيل المثل. فالسخرية التي يعتمدها مارغوليس تجاور المأساة وتخفف منها ومن وقعها جاعلة منها وجهاً من وجوه الكوميديا الإنسانية. وفي اللحظة التي تعلن لينا خيانة زوجها توم لها وحبه الجديد لامرأة تعمل مضيفة طيران تبدأ صورة العائلة أو ما يسمى الحياة الزوجية في الانفضاح وانكشاف حال التفكك التي لم تكن لتخطر في بال الثنائي الآخر السعيد مبدئياً. ومع التطور البطيء للحوادث وترسّخ واقع الانفصال او الطلاق وتبدّد الحياة الزوجية يبرز سؤال: هل سيترك الطلاق على هذا الثنائي او الكوبل الآخر اثراً سلبياً؟
تتعدد المشاهد او الفصول الصغيرة ويتبدل الديكور او السينوغرافيا الطفيفة من غرفة الضيوف او الصالون الذي يجاوره المطبخ وغرفة النوم بسريرها الزوجي «الدوبل» فإلى النايت الليلي حيث يلتقي غابي وتوم ويتحدثان عن مشكلة الانفصال... وكل حيز سينوغرافي له دوره في مسار «الأحداث» والتنامي الدرامي: العشاء، الجنس في غرفة النوم، الطبخ في المطبخ... لكنّ العرض لم ينج من البطء والتسطيح او الأفقية سواء في تعاقب الأحداث» او في البناء الدرامي. حتى الحوارات اليومية والعادية جداً التي قصدها الكاتب سقطت في الفراغ او الرتابة ولم تؤدّ الوظيفة التي اختارها لها الكاتب، وهي اصلاً محط نقاش بصفتها جزءاً من النص. وحاول الممثلون إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الحركة المشهدية فنجحوا احياناً ووقعوا في أسر الفراغ والملل أحياناً أخرى، مع انهم ممثلون موهوبون وقديرون. وبرزت هنا مشكلة مع صوتَي الممثلتين سحر عساف وسيرينا الشامي، فبدا الصوتان ضعيفين ولم يوصلا حتى الكلام كما يجب. علماً أن سيرينا أدت دورها ببراعة وليونة وأعطت شخصيتها المعقدة كثيراً من التعابير والمشاعر، وهي قد انقلبت من زوجة مخدوعة إلى عشيقة لصديق الزوج. ولا أدري لماذا لم يستغل المخرج كون لينا رسامة ليظهر وجهها الآخر ويقدم بعضاً من لوحاتها كجزء من السينوغرافيا، فهو اكتفى بتقديم اللوحات مقلوبة ومستندة إلى الجدار وهذه فكرة جميلة ايضاً ولكن رتيبة. سحر عساف ممثلة قديرة ومخرجة شاهدنا لها مسرحية «الملك لير» مع روجيه عساف في دور البطولة.
لعلّ نص «عشاء مع أصدقاء» هو من أشهر نصوص الكاتب دونالد مارغوليس (مواليد 1954) وأشدها أميركية، وعرف طريقه إلى مسارح كثيرة في أميركا والعالم انطلاقاً من برودواي. لكن هذا الكاتب المعروف والذي يدرّس الكتابة الدرامية في جامع ييل له أعمال بديعة جداً ومنها مثلاً «قصص مجموعة» التي قرأتها شخصياً في ترجمتها الفرنسية، وهي تدور حول مفهوم الكتابة والخيانة. طبعاً أتاح كارلوس شاهين أمام الجمهور اللبناني فرصة مشاهدة عمل مسرحي لهذا الكاتب ولو ان الكثير من هذا الجمهور شاهد النص فيلماً، سواء في الصالات ام عبر الإسطوانات المقرصنة، لكن النص وصل اميركياً أو ظل اميركياً ولم تنقذه اللبننة الجميلة التي أنجزها جوزف زيتوني من حال «الاغتراب» الدرامي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.