«الملاس» في المحكية النجدية هو الملعقة الكبيرة أو المغرفة، قال «حسينوه» في «درب الزلق» مثله الشهير «الذي في القدر يطلعه الملاس» وجاءت سماعاً بلفظ «الملاسي» تأكيد على فصاحة لسانه وهو يدافع في قاعة المحكمة عن موكلته، وتقولها الزوجات بصوت مرعب مع شدة على اللام وتمهل على السين لأنها من أدوات ضرب الأزواج، فيما يعتبرها بعض أعضاء نادي البطالة علامة فارقة للشاب «الشقردي» الذي يظل ممسكاً بها طيلة الرحلة البرية حتى بعد انتهاء الطبخ وأكل الوجبة. خطر ببالي هذا العضو المهم في عائلة «المواعين» أو لعلها «المعاميل»، واستحضرت معه المثل الذي نقله الممثل أعلاه وأنا أستعرض عدداً من المواقع الإلكترونية لجهات وشركات خدمية، وأنا أحاول مثلاً إنشاء حجز لوسيلة سفر، أو تعبئة نموذج اشتراك. القاسم المشترك في كثير من هذه المواقع هو البطء الشديد، وكثرة الخطوات، وضعف واضح في بناء وإنشاء الموقع الذي يفترض أنه أنشئ حتى يختصر وقت وجهد طالبي الخدمة، ولكن ما يحدث عند البعض أنه أصبح بمثابة انتقام من العملاء أو المراجعين لأنهم فكروا في الاستغناء عن الحضور إلى هؤلاء الموظفين، أو الاتصال بهم، وبالتالي تقليل نفوذهم وعلاقاتهم التي بدورها تساعدهم على النفاذ في مواقع أخرى، فالأمر عند البعض «استفزاع». تخيلت لوهلة، أن الشركات التي تم التعاقد معها لإنشاء المواقع جلس مهندسوها إلى الموظفين البيروقراطيين نفسهم، وأملوا عليهم خطواتهم، فباتت بعض العمليات على الشبكة العنكبوتية أصعب منها على أرض الواقع، وفي هذا ذكاء خبيث من أعداء التغيير والتقنية. أيضاً تخيلت، وهذا حق من حقوقي أن أتخيل كيفما أريد خصوصاً مع إعفاء الخيال العربي من الجمارك كمنجز وحيد يتيم للوحدة الاقتصادية العربية، تخيلت أن رئيس الشركة أو الجهاز عندما عرض عليه الأمر بدا في غاية الروعة، لأنه كان في غاية الغلاء لجهة قيمة العقد، ثم عند التنفيذ بدا حذف بعض البنود التقنية شيئاً فشيئاً، ومنها قوة وسعة الموقع، لكن الغريب أنه لم يتم حذف أرقام مالية من قيمة العقد، على رغم أنها حذفت من القمة التي سلمت لشركة الانترنت التي نفذت، هنا تبرز تقنية المعلومات. إذا دخلت أحد هذه المواقع وفشلت المحاولة مرتين أو ثلاث لا تصدق أن «السيستم داون» وتنتظر، فنصيحة المجرب تقول لك انهض و «اقمز» لهذه الجهة ونفذ ما تريد «طابورياً»، لأن الملاس الإلكتروني الذي كان أمامك لن يخرج من قدر التكلس والترهل الوظيفي إلا إضاعة وقتك. تزداد القناعة أن المشكلة فكرية وثقافية وسلوكية، وليست في الأدوات، وليست في الإمكانات التي أثق أنها تتوافر غالباً، لكن الذي نفقده دائماً الرغبة والطموح في التميز والتفوق وتحقيق الخدمة المثالية من دون أن تنسب إلى موظف أو إدارة بعينها ويقال عنه أو عنها «والنعم». [email protected]