أمير تبوك يستقبل مدير التعليم ويطلع على سير الاختبارات بالمنطقة        إطلاق المنصة الخليجية الإلكترونية الموحدة للجامعات    أمير الشرقية: يدشن مشروعي منطقة الإجراءات وصالة المسافرين الجديدة بجسر الملك فهد    محافظ الخرج يستقبل رئيس الجمعية التاريخية السعودية    دراسة جيولوجية: الحياة على الأرض قد تكون نشأت في السعودية قبل 3.48 مليار سنة    موعد مباراة مبابي الأولى مع ريال مدريد    نيمار يرد على تقارير رحيله عن الهلال    أمير الحدود الشمالية يتسلّم تقريرًا عن مهام وجهود حرس الحدود بالمنطقة    مقترح «هدنة» غزة رهن الضوء الأخضر    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو (9 كرات) بجدة    القيادة تهنئ ملك مملكة تونغا بذكرى استقلال بلاده    محافظ الأحساء يكرّم الفائزين بجائزة الاختراع والابتكار والتقنية الدولية    الشورى يطالب الجامعات إعادة النظر في نسب القبول التي تفرضها لاختبار القدرات والتحصيلي    قوافل الحجاج تغادر المدينة إلى المشاعر المقدسة    82 مليون ريال أرباح نقدية لمساهمي "الغاز الأهلية"    طلاء لتبريد المنطقة المحيطة بمسجد نمرة لخفض درجات الحرارة    شراكة استراتيجية بين طيران الرياض والخطوط السنغافورية    أمير تبوك يستعرض الجهود والإمكانيات التي سخرتها القيادة الرشيدة لخدمة ضيوف الرحمن    رئيس هيئة الأركان العامة : جامعة الدفاع الوطني تؤسس لمرحلة جديدة وانطلاقة مشرقة لمستقبل تعليمي عسكري احترافي    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    ChatGPT يصل للنظارات    «التنسيق السعودي الكويتي»: رؤية مشتركة في الثقافة والإعلام والسياحة والتنمية الاجتماعية    «العقار»: تراخيص جديدة للبيع على الخارطة ب 6 مليارات ريال    "اليحيى" يقف على سير العمل بمنفذ حالة عمّار    الصمعاني يدعو خريجي المركز العدلي إلى الممارسة المهنية الشغوفة    «الشورى» وشفافية التناول    تعاوُن سعودي – برازيلي في الدفاع    الخريف يبحث دعم ترويج الصادرات السعودية بالمغرب    «الصندوق الزراعي»: 479 ألف مشروع بقيمة 65 مليار ريال في 60 عاماً    «قرار طبي» يبعد أيمن من معسكر «الأخضر»    محفظة Nusuk Wallet لخدمة الحجاج والمعتمرين    كلما زاد زملاء الدراسة المضطربين عقلياً.. زادت فرص إصابتك !    محافظ الزلفي يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية السابع    الاقتصاد لا الثقافة ما يُمكّن اللغة العربية خليجياً    «مسام» ينزع 5,726 لغماً وقذيفة غير منفجرة وعبوة ناسفة في شهر    محاصرة سيارة إسعاف !    المثقف والمفكر والفيلسوف    سفير خادم الحرمين لدى كوت ديفوار: خدمة ضيوف الرحمن مبدأ ثابت في سياسة المملكة    الاغتيال المعنوي للمثقف    رونالدو يتطلع لتعزيز أرقامه القياسية في يورو 2024    أولويات الهلال في الميركاتو.. ظهير أيسر وجناح ومهاجم    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    «سناب شات» تضيف عدسات الواقع المعزز    محافظ بيش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية بالشخوص ميدانياً    الحركة و التقدم    نهاية حزينة لحب بين جنية وإنسان    « شاهد على وطني » .. الفال يرسم شمس المستقبل    محمد بن سلمان.. الجانب الآخر    منفذ حالة عمار يواصل خدماته لضيوف الرحمن    نمو قياسي لتقنية المعلومات.. 182 مليار ريال صادرات قطاع الخدمات    أمير عسير يفتتح مقر" رعاية أسر الشهداء"    القرار    كأس أمم أوروبا 2024.. صراع كبار القارة يتجدد على ملاعب ألمانيا    السكر الحملى: العلاج    أكدت ضرورة أخذ التطعيمات.. إخصائية تغذية: هذه أبرز الأطعمة المفيدة للحوامل في الحج    اكتشاف أدمغة مقاومة ل" الزهايمر"    أمير حائل لمنظومة «الصحة»: قلّلوا نسبة الإحالات الطبية إلى خارج المنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية «أفد» 2010 المياه: إدارة مستدامة لمورد متناقص
نشر في الحياة يوم 06 - 11 - 2010

يواجه العالم العربي خطر النقص في المياه والغذاء ما لم تتخذ خطوات سريعة وفعالة لمعالجة أزمة الشح المائي. حتى لو أمكن استخدام كل مصادر المياه العذبة المتوافرة في المنطقة، فالدول العربية ستجد نفسها، كمجموعة، تحت خط ندرة المياه. ويحذّر المنتدى العربي للبيئة والتنمية في تقريره لعام 2010 من أن العرب سيواجهون، بحلول عام 2015، وضعية «ندرة المياه الحادة»، حيث تنخفض الحصة السنوية من المياه للفرد الى أقل من 500 متر مكعب. وهذا الرقم يقل أكثر من 10 مرات عن المعدل العالمي الذي يتجاوز 6000 متر مكعب للفرد. وتشكل ندرة المياه عائقاً أمام التنمية الاقتصادية وإنتاج الغذاء والصحة البشرية ورفاه الإنسان. لماذا يُعتبر كل ما هو دون 500 متر مكعب (500,000 ليتر) للفرد ندرة مائية حادة؟ بعض الأرقام تساعد في فهم هذه المسألة: فنجان واحد من القهوة يحتاج الى 150 ليتراً من المياه لإنتاج ملعقة البن التي حُضّر منها، بينما يحتاج إنتاج كيلوغرام واحد من القمح الى 1300 ليتر، وإنتاج كيلوغرام من لحم العجل الى 15000 ليتر من المياه. وكلما كبر الفارق بين موارد المياه المتجددة في منطقة ما واحتياجاتها المائية، ارتفعت مخاطر ضعف الأمن المائي والغذائي. يتم استغلال المصادر المائية في العالم العربي، التي يقع ثلثاها خارج حدود المنطقة، الى أقصى الحدود. ثلاث عشرة دولة عربية هي بين الدول التسع عشرة الأفقر بالمياه في العالم. وكمية المياه المتوافرة للفرد في ثماني دول هي اليوم أقل من 200 متر مكعب سنوياً، أي أقل من نصف الكمية المعتبرة ندرة حادة في المياه. وينخفض الرقم الى ما دون 100 متر مكعب في ست دول. عام 2015 سيبقى فوق خط ندرة المياه، أي أكثر من 1000 متر مكعب للفرد، دولتان عربيتان فقط هما العراق والسودان، هذا إذا استمرت الإمدادات من تركيا وإثيوبيا على مستواها الحالي. لذا، ففي غياب تغييرات جذرية في السياسات والممارسات المائية، سيزداد الوضع تدهوراً، مع ما يستتبعه ذلك من مضاعفات اجتماعية وسياسية واقتصادية خطيرة.
البلدان العربية تقع في المنطقة الأكثر جفافاً في العالم، حيث أكثر من 70 في المئة من الأراضي قاحلة، والمطر قليل وموزع على نحو غير متوازن. تغير المناخ سيزيد الوضع تعقيداً، إذ من المتوقع أن تواجه البلدان العربية مع نهاية القرن الحادي والعشرين انخفاضاً يصل الى 25 في المئة في المتساقطات مع ارتفاع 25 في المئة في معدلات التبخر. وكنتيجة لهذا ستقع الزراعات المروية في دائرة الخطر، مع معدل انخفاض في الإنتاجية يصل الى 20 في المئة.
تتصدر الزراعة استعمالات المياه في المنطقة العربية، حيث تستخدم نحو 85 في المئة من الموارد المائية العذبة، مقابل معدل عالمي لا يتعدى 70 في المئة. كما أن كفاءة الري منخفضة جداً في معظم البلدان، حيث لا تتجاوز 30 في المئة مقابل معدل عالمي يصل الى 45 في المئة. ولا تزال الإنتاجية الزراعية تقاس بكمية الأطنان المنتجة في كل هكتار من الأرض من دون اعتبار لكمية المياه المستخدمة، بينما يجب أن تقاس بكمية الإنتاج الزراعي مقابل كل متر مكعب من المياه، ليتم حساب استخدام المياه كجزء من كلفة الإنتاج. ولما كانت إمدادات المياه السطحية عاجزة عن تلبية الحاجات المتعاظمة لزيادة السكان والتنمية الاقتصادية، تم استغلال المياه الجوفية بما يتجاوز الحدود المأمونة. وقد أدى هذا الى انخفاض كبير في مستوى طبقات المياه وتسبب بتلويث الخزانات الجوفية. ويعتبر تلوث المياه تحدياً رئيسياً في المنطقة بسبب ازدياد تصريف المياه المنزلية والصناعية المبتذلة في الأجسام المائية، إضافة الى التلويث بالمواد الكيماوية الزراعية، مما يرفع المخاطر الصحية، بخاصة بين الأطفال. ويتم تصريف أكثر من 43 في المئة من المياه المبتذلة في المنطقة بلا معالجة، بينما لا يُعاد استخدام أكثر من 20 في المئة منها. وأسفر السحب المفرط للمياه الجوفية في المناطق الساحلية عن تسرب المياه المالحة الى الخزانات الجوفية.
لقد دفع النقص في المياه عدداً من البلدان العربية الى الاعتماد القوي على تحلية مياه البحر لتلبية الجزء الكبير من حاجاتها البلدية والصناعية. والمفارقة أن العالم العربي، الذي يضم 5 في المئة فقط من سكان العالم، لا يحتوي على أكثر من واحد في المئة من مصادر المياه العذبة المتجددة، بينما ينتج في المقابل أكثر من 50 في المئة من مياه البحر المحلاة في العالم. ووفق توقعات الزيادة السنوية في قدرات مصانع التحلية، ستتضاعف القدرة الإنتاجية لمعامل التحلية العربية مع حلول عام 2016، وذلك في معامل تستخدم تكنولوجيات مستوردة كلياً وشديدة الكلفة والتلويث.
وتستخدم بعض بلدان المنطقة جزءاً من مياه البحر المحلاة ذات الكلفة العالية لري مزروعات قليلة القيمة، أو حتى لري ملاعب الغولف. ويساهم تصريف فضلات محطات التحلية في شكل كبير في زيادة ملوحة المياه الساحلية وارتفاع درجات الحرارة فيها. إن قدرة مشاريع التحلية على الاستمرار في تلبية الحاجات المائية المتزايدة تعتمد على التوصل الى اختراق كبير في التكنولوجيا وتطوير القدرات الوطنية، مما يجعل تكنولوجيا التحلية أقل كلفة وأقل ضرراً بالبيئة. ويمكن تحقيق هذا من طريق تطوير واستخدام تكنولوجيا مبتكرة للتحلية بواسطة الطاقة الشمسية. وجد تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية أن معظم المؤسسات العامة في العالم العربي، التي تخدم الري أو الاحتياجات البلدية، لا تعمل في شكل صحيح ولا تخدم زبائنها بفعالية. إن مسؤولية إدارة المياه وخدماتها موزعة على مؤسسات مختلفة، نادراً ما تنسق في ما بينها. يضاف الى هذا أن آلية اتخاذ القرار هي من القمة الى القاعدة، بلا مشاركة فاعلة للمجموعات المستفيدة.
يرى التقرير أن المياه المجانية هي مياه ضائعة. فأسعار المياه المنخفضة على نحو غير طبيعي والدعم الكبير لخدمات المياه هما في أساس مشكلة انعدام الكفاءة، والاستخدام المفرط، والتلويث المرتفع، والتدهور البيئي. وكمثل على هذا، فإن معدل ما يتم جبايته لقاء تزويد المياه في المنطقة لا يتجاوز 35 في المئة من كلفة الإنتاج والتوزيع، وفي حال مياه التحلية، فهو 10 في المئة فقط. وبينما حظيت فكرة التسعير العادل للمياه بدعم في المنطقة منذ وقت طويل، بخاصة لأغراض الري، لم يتم تطبيقها إلا في حالات قليلة، مع أنها عنصر أساسي لجذب مزيد من الاستثمارات التي يحتاجها تطوير قطاع المياه. غير أن الاستثمارات المالية وحدها لا تكفي لمعالجة تحديات المياه، لأن الحلول التكنولوجية والهندسية لا تعطي نتائج فعّالة إلا بموازاة إدخال الإصلاحات الضرورية في السياسات والمؤسسات والتشريعات.
تتطلب الإدارة السليمة لإمدادات المياه البلدية والصناعية إدخال آليات ملائمة للتسعير. عند تقييم أسعار المياه للاستعمالات البلدية والصناعية، على صانعي القرار البحث عن تركيب للأسعار يضمن قبول المستخدمين المحليين، والكفاءة الاقتصادية، واسترجاع الكلفة، والعدالة. يجب استبدال الأسعار الموحدة للمياه بتعرفة ذات شقين: سعر ثابت للاحتياجات الأساسية يساعد في تأمين سيولة مالية لمؤسسات المياه، وسعر متحرك يعتمد على مستوى الاستخدام، وذلك لتشجيع تحسين الكفاءة وتعديل أنماط الاستهلاك. المشاكل التي تواجه إدارة المياه في المنطقة العربية كبيرة جداً، وحصر المعالجة بتطوير مصادر جديدة لم يعد خياراً قابلاً للحياة. هناك حاجة ملحة لتحول استراتيجي من ثقافة تنمية مصادر المياه الى ثقافة تحسين إدارة المياه، وترشيد الاستهلاك، وتشجيع إعادة الاستعمال، وحماية المصادر المائية من الاستهلاك المفرط والتلوث. إحدى التوصيات المحورية في تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية أنه قبل الإقدام على استثمار مبالغ طائلة لزيادة إمدادات المياه، يجب تنفيذ تدابير أقل كلفة لتخفيض خسارة المياه وتحسين كفاءتها. هذا يعني إعادة النظر في دور الحكومة، فيتحول من التركيز الحصري على دور المزوِّد للمياه الى دور الهيئة الناظمة والمخططة.
إن توسيع نطاق المعرفة حول المياه الجوفية والأراضي الرطبة والمستنقعات والبحيرات وأحواض الأنهار شرط ضروري لإدارة الموارد المائية على نحو مستدام. وهناك العديد من تكنولوجيات الاستشعار عن بعد التي يمكن أن تساهم بمعلومات قيمة لإدارة أنظمة المياه الطبيعية واستكشاف مصادر المياه الجوفية.
وتعالج دراسات التقييم التغييرات الحاصلة في أنظمة المياه العذبة نتيجة للنشاط الإنساني أو تغير المناخ. وهناك حاجة الى المزيد من الأبحاث التي تركز على تطوير أنواع محلية من المحاصيل التي تحتمل الجفاف والملوحة، ومعالجة تحديات الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.
لا يحتمل العرب خسارة نقطة ماء واحدة. على الحكومات أن تطبق فوراً سياسات مستدامة لإدارة المياه، تقوم على ترشيد الطلب لتأمين استخدام أكثر كفاءة. ويمكن تحقيق هذا بفرض قيمة اقتصادية على المياه، يتم قياسها وفق القيمة الفعلية للمنتج النهائي استناداً إلى كمية المياه المستخدمة. على الحكومات تطبيق تدابير لفرض استخدام المياه بكفاءة، والتحول من الري بالغمر الى أنظمة أكثر جدارة مثل الري بالتنقيط، وإدخال محاصيل تحتمل الملوحة وتتطلب كمية أقل من المياه، وتدوير المياه وإعادة استخدامها، وتطوير تكنولوجيات رخيصة للتحلية. كما أن هناك حاجة الى مزيد من الأبحاث والتعاون العلمي على المستوى الإقليمي لمجابهة تحديات الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ. الرسالة الرئيسية من هذا التقرير تأخذ ثلاثة اتجاهات: أولاً، العالم العربي دخل فعلاً في أزمة مائية من المحتوم أن تزداد سوءاً مع استمرار التقاعس في معالجتها. ثانياً، يمكن معالجة الأزمة المائية، على ضخامتها وتعدد وجوهها، من خلال إصلاحات في السياسات والمؤسسات، وعبر التربية والأبحاث وحملات التوعية. ثالثاً، إن وضع حد للأزمة والمعاناة المائية في العالم العربي ممكن فقط إذا أخذ رؤساء الدول والحكومات قرارات استراتيجية باعتماد التوصيات الإصلاحية المطلوبة سريعاً.
إن وضع الموارد المائية في العالم العربي خطير ويزداد سوءاً. قد تكون ندرة المياه التحدي الأكثر خطورة الذي يواجه المنطقة خلال العقود المقبلة. وفي غياب جهود كبيرة لتحسين إدارة المياه ومؤسساتها، فالاتجاه الوحيد هو نحو مزيد من التدهور.
الكارثة المائية تقرع أبواب العرب، وقد دقت ساعة العمل لوقفها.
* ينشر بالتزامن مع مجلة «البيئة والتنمية» عدد تشرين الثاني (نوفمبر) 2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.