«فقر السعوديين»، كان العنوان الأبرز في انتقادات أعضاء مجلس الشورى خلال جلسته أمس لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، والتي اتهموها بالفشل في معالجة الفقر، متسائلين عن زيادة عدد «الشحاذين» عند إشارات المرور وأماكن العزاء، وطلبات التبرع في مواقع التواصل الاجتماعي. وتساءل الأعضاء، خلال مناقشة تقرير لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب بشأن التقرير السنوي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية للسنة المالية 1436-1437ه، عن حدوث ذلك على رغم أن المملكة تمتلك آلاف الجمعيات الخيرية، مشيرين إلى أن ذلك يؤكد وجود خلل بالوزارة وقصور في تقديم خدماتها، ولماذا لم تقم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بعد الدمج بخلق وظائف للمتسولين. وقالت الدكتورة أمل الشامان: «من المضحك المبكي أن وزارة التنمية الاجتماعية تعتبر زيادة عدد المضافين في الضمان إنجازاً لها من دون البحث عن حلول لمعالجة فقرهم، إذ كان رد الوزارة على المجلس في سؤالها عن استراتيجيتها لمعالجة الفقر، أنها كوّنت فريقاً واستراتيجية قبل 14 عاماً»! متسائلة عن فشل هذا الفريق وازدياد حاجة السعوديين إلى الضمان، مطالبة لجنة الشؤون الاجتماعية في المجلس بأن تسأل الوزارة عما قام به الفريق لمعالجة الفقر. وانتقدت وجود 321 وظيفة شاغرة ونقص في وظائف مراكز التأهيل الشامل والرعاية الشاملة، على رغم وجود عدد كبير من خريجي التربية الخاصة، وأن الوزارة وظفت عاملات غير مصرح لهن بالعمل، ولا يمتلكن شهادات صحية تؤكد خلوهن من الأمراض المعدية. وطالب الدكتور عبدالعزيز الحرقان بتحويل الأسر المنتجة إلى مؤسسات ناشئة، لتتمكن القطاعات الحكومية من التعامل معها بصفتها كيانات تجارية. وقال إن غالبية الأسر المنتجة هم النساء العاملات في الطبخ الشعبي، وقد يعملن في بيئة من دون رقابة صحية، وهن عرضة للمخالفات الصحية، وهذه الأسر لا تحتاج إلى صدقة وتبرع، بل إلى تحويلها لمؤسسات، وجمع أعمالهم باعتبارها اتحادات بصفة تجارية، ليضمن لهن استمرار العمل. وتساءل الحرقان عن مشاهدة الشحاذين والمتسولين في الطرقات، والمطالبة بالتبرع في وسائل التواصل الاجتماعي، على رغم أنه يوجد لدينا آلاف الجمعيات الخيرية، داعياً إلى البحث عن القصور في الوزارة في تقديم خدماتها، مؤكداً وجود خلل بالوزارة. ولاحظ الدكتور ناصر الموسى أن تقرير وزارة العمل لا يدل على قدرة الوزارة على تقديم خدماتها لشرائح المجتمع كافة، خصوصاً لذوي الاحتياجات الخاصة. في حين استغرب الدكتور منصور الكريديس من رد الوزارة في تقارير متتالية من أنها تقوم بدراسة التأمين الصحي لمستفيدي الوزارة، وجارٍ تطبيقه منذ ست سنوات، مطالباً عبر توصية بأن يتم تطبيق التأمين الصحي بأسرع وقت ممكن خلال عام. وأشار إلى أن التوحد يمثل أحد أشكال الإعاقة، إذ يوجد في المملكة 200 ألف مصاب، ولم تذكر الوزارة شيئاً عن المشروع الوطني للتعامل مع مرضى التوحد الذي صدر عام 1423ه، ولم تنشئ مراكز متخصصة حتى اتجه أبناؤنا لمراكز التوحد في الأردن، ليصل السعوديون فيها إلى 80 في المئة من مستفيديها. من ناحيتها، تساءلت الدكتورة نورة المري عن دور وزارة العمل في إيجاد الوظائف لذوي الاحتياجات الخاصة، ودورها في تأهيل السجناء، وقالت: «يجب أن يتم تعليم السجناء حرفة حتى يستفيد منها بعد قضاء محكوميته، حتى لا يعود بعض السجناء لقضايا إجرامية جديدة بسبب بطالتهم». وأضافت: «يتم إدخال ممنوعات لبعض السجناء بداخل السجن في مقابل رشوة»! غير أن نائب رئيس المجلس محمد الجفري طالبها بعدم توجيه اتهامات غير متحقق منها. في حين قال الدكتور عبدالله المعاطي إن الجمعيات الخيرية تعاني ضعف مواردها المالية، واقترح تحويلها لجمعيات تنموية. أما الأمير الدكتور خالد آل سعود، فأوضح أن ظاهرة التسول ما زالت مستمرة صباح مساء عند إشارات المرور، وحتى في أماكن العزاء للطلب من أهل الميت، إذ بلغ عدد المتسولين غير السعوديين الذين تم القبض عليهم 11 ألفاً، إضافة إلى 1690 امرأة متسولة و1100 رجل سعودي، مطالباً بدراسة هذه الحال، خصوصاً أن جزءاً كبيراً منهم من المستحقين. وطالب الوزارة بتنمية مواردها المالية من خلال الأوقاف للتخفيف على موازنة الدولة، وإنشاء مراكز للخدمة الشاملة في مختلف المناطق، لأن الكثير من الضعفاء لا يستطيعون الوصول لخدمات الوزارة، ولذلك تم تهميشهم من الحصول على الإعانات الخيرية. إلى ذلك، طالبت اللجنة في توصياتها التي رفعتها إلى المجلس وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالعمل على التنسيق مع الجهات المعنية للعمل على فصل الجمعيات والمراكز والمؤسسات الأهلية عن الوزارة، لتكون في هيئة مستقلة مالياً وإدارياً، وترتبط مباشرة بالملك، ومراجعة خريطة فروعها وتوزيعها بشكل عادل، بحيث تخدم جميع الفئات في جميع مناطق المملكة، وبدعم المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام (إخاء)، لتعزيز دورها في خدمة الأيتام ومساعدتهم لمواجهة ظروف الحياة الصعبة التي يواجهونها. ودعت الوزارة إلى معالجة القصور في الخدمات التي تقدم في الدور والمراكز والمؤسسات الإيوائية، وتضمين خدماتها البرامج الثقافية والاجتماعية والتعليمية والتربوية والترفيهية، وحثت المركز الوطني للدراسات والبحوث الاجتماعية على التنسيق مع الجامعات ومراكز البحوث فيها، لتحديد أهم التحديات الاجتماعية التي يواجهها المجتمع، وتشكيل فرق بحثية مشتركة لدراستها ومعالجتها قبل أن تتحول لظواهر سلبية.