اعلن الإمام الاميركي الذي يقف وراء مشروع بناء مسجد قرب موقع اعتداءات 11 ايلول/ سبتمبر 2001 في نيويورك امس ان نقل موقع المسجد يمكن ان يؤجج العنف المتطرف. وصرح الامام فيصل عبدالرؤوف لشبكة "سي ان ان" ان رد فعل المسلمين في العالم يمكن ان يكون اكثر عنفا من اعمال الشغب الدامية التي تلت نشر رسوم كاريكاتور للنبي محمد في صحيفة دنماركية في العام 2005. وقال الامام في مقابلته الاولى بعد جولة استمرت اسبوعين في الشرق الاوسط بتأييد من وزارة الخارجية الاميركية "اذا رحلنا عن الموقع فان التاريخ سيسجل ان التطرف كسب الجولة امام الحوار". واضاف ان "وسائل الاعلام في العالم الاسلامي ستركز على ان الاسلام يتعرض لهجوم". الا انه افسح المجال امام ايجاد تسوية قائلا "نحن نتشاور ونتحدث الى اشخاص مختلفين لنحدد كيفية التوصل الى الحل الامثل ومن دون مخاطر". وقال عبدالرؤوف انه كان سيعيد النظر في مشروعه لو علم الى اي حد سيثير الجدل. وأضاف "لم نكن لنقوم بما يزيد من الانقسام". واعطى المجلس البلدي لنيويورك موافقته في ايار/ مايو الماضي على تشييد مركز ثقافي اسلامي بالقرب من "غراوند زيرو" المكان السابق لبرجي مركز التجارة العالمي اللذين دمرا في اعتداءات 11 ايلول، ما اثار نقاشا حادا في الولاياتالمتحدة. وفي هذا السياق، طلب الامام عبدالرؤوف من المجموعة المسيحية في فلوريدا اعادة النظر في مشروعها احراق مصاحف علنا السبت المقبل في ذكرى اعتداءات ايلول، وختم بالقول "انه ليس امرا صائبا". إلا أن راعي كنيسة أميركي مغمور هو القس تيري جونز، أثارت خططه لحرق المصحف في ذكرى 11 ايلول إدانة دولية واسعة أمس، قال إنه سيمضي قدما في ما يخطط له على رغم التحذيرات الرسمية الأميركية من أن ذلك سيعرض القوات الأميركية في أفغانستان والعراق للخطر. ويواجه جونز، وهو راعي كنيسة بروتستانتية صغيرة في جينسفيل في ولاية فلوريدا لا يتعدى عدد اتباعها 50 شخصاً تنشط علنا لمناهضة ما تسميه "الاسلام المتشدد"، سيلاً من النداءات من المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين والزعماء الدينيين في الولاياتالمتحدة وفي الخارج لإلغاء خططه لإحراق المصحف علنا. إلا أنه أكد في حديثه الى تلفزيون سي.بي.إس "نعم ما زلنا عازمين على فعل ذلك". وأضاف أنه يريد أن يبعث حرق القرآن "تحذيرا" لمن سماهم بالمسلمين المتشددين الذين قال إنهم عازمون على ممارسة نفوذ على الولاياتالمتحدة. وقال "نوجه رسالة لهم بأننا لا نريدهم أن يفعلوا مثل ما يبدو انهم يفعلونه في أوروبا. نريدهم أن يعلموا أنهم متى كانوا في أميركا عليهم أن يخضعوا لقانوننا ودستورنا ولا يفرضوا جدول أعمالهم تدريجيا علينا". وأثار الحرق المزمع للمصحف في الذكرى التاسعة لهجمات 11 ايلول إدانة عالمية وأشعل فتيل احتجاجات في أفغانستان واندونيسيا أكبر الدول الإسلامية سكانا. وقال جونز، وهو مؤلف كتاب عنوانه "الاسلام من الشيطان"، للصحافيين في تصريح مقتضب في فناء كنيسته "لسنا مقتنعين بان التراجع هو الصواب". واضاف "حرق القرآن هدفه لفت الأنظار الى ان شيئا ما خطأ". وقال في اشارة الى هجمات 11 ايلول على الولاياتالمتحدة: "يجب أن نهب ونكافح الارهاب". وفيما يتزامن الحرق المزمع للقرآن مع قرب انتهاء شهر رمضان وفي ظل احتدام التوتر في الولاياتالمتحدة في شأن المشروع المقترح لبناء مسجد نيويورك، يقول منتقدو مشروع البناء انه لا يراعي الحساسيات بالنسبة لأسر ضحايا الهجمات التي نفذها متشددون إسلاميون. ومع تنامي الغضب في أفغانستان وضعت الشرطة في حال تأهب تحسبا لاحتجاجات على الحرق المزمع للمصحف. وقالت الأممالمتحدة إن مثل هذا العمل "مستهجن". وانضم الفاتيكان امس الأربعاء إلى الإدانة العالمية للإحراق المزمع للمصحف. وفي وزارة الدفاع قال الكولونيل ديف لابان المتحدث باسم الوزارة إن الوزير روبرت جيتس أبلغ الموظفين في اجتماع صباحي أنه "يؤيد بشدة" وجهة نظر قادته العسكريين أن أي خطة لحرق المصحف قد تعرض حياة أميركيين للخطر. ورأى الجنرال راي اوديرنو القائد السابق للقوات الاميركية في العراق إن إحراق المصحف ليس من شأنه سوى استفزاز المتطرفين الإسلاميين وزيادة التهديدات للقوات الأميركية. وقال لتلفزيون إن.بي.سي "ما يفعله ذلك هو أنه يخدم تماما ما يريدونه. وسيستغلون ذلك لتوليد مزيد من الكراهية. ويحتمل أن يتحول ذلك إلى مزيد من العنف ضد القوات الأميركية". وحذر من أن صدى الصور لأي حرق للمصحف سيدوي على الفور في العالم الإسلامي. واضاف "أعتقد ستكون هناك بعض الردود، وأنكم بدأتم ترون بعضها بالفعل. وأشعر بالقلق من أنها ستتحول إلى عنف ضد قواتنا في العراق وأفغانستان ومناطق أخرى ايضا". وقال اثنان من أكبر القادة العسكريين في أفغانستان إن خطة حرق المصحف تهدد بتقويض جهود الرئيس باراك أوباما للتواصل مع مسلمي العالم. وقال وزير الدفاع الكندي بيتر ماكاي الذي تنشر بلاده نحو 3000 جندي في أفغانستان في بيان "هذه المبادرة مهينة للمسلمين وللكنديين من كل الأديان الذين يفهمون أن حرية الاعتقاد وحرية الدين أمر أساسي لنمط حياتنا". وانتقد عدد من كبار المسؤولين في حكومة أوباما ومن بينهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الحرق المزمع للمصحف وعبر زعماء مسيحيون ويهود عن استيائهم أيضا. وفي باكستان قالت الممثلة أنجلينا جولي امس الاربعاء إنها "لا تجد كلمات" تعبر عن معارضتها لتلك الخطط. وكانت جولي الفائزة بجائزة أوسكار تزور باكستان لتسليط الضوء على محنة الملايين من منكوبي الفيضانات التي شهدتها البلاد. وتقول السلطات في جينسفيل إنها تعزز اجراءات الأمن الخاصة بالحدث المقرر السبت المقبل في كنيسة جونز المسماة "مركز الحمائم للتواصل العالمي". وتقول الشرطة المحلية إنه من المعتقد أن عدد أتباعها يبلغ نحو 50 فردا فقط. وقال مسؤولون في هيئات إنفاذ القانون إن جونز تلقى تهديدات عدة بالقتل أحدها قيل أنه من "منظمة إرهابية" معروفة وإن مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالات اتحادية يعملون مع السلطات في جينسفيل. ويقول المسؤولون الأميركيون إن الدستور يكفل حرية التعبير والتجمع والعقيدة وإن هذا يمنعهم من حظر هذا الحدث. لكن السلطات المحلية حذرت جونز من أنه سينتهك قوانين المدينة إذا مضى قدما دون الحصول على الاذن اللازم. ورفض مسؤولو المدينة بالفعل منحه إذنا بالإحراق. وفي إيران أثار الحرق المزمع للمصحف احتجاج رجل دين بارز. وقال آية الله العظمى لطف الله الصافي الكلبايكاني لوكالة الطلبة الإيرانية للأنباء "إنني و1.5 مليار مسلم... ندين هذه الروح الوحشية والهمجية... وأحذر من عواقبها. إذا حدث ذلك .. ينبغي أن يحاكم أوباما بسببه ويعتقل هذا القسيس فورا ويجب أن تغلق كنيسته إلى الأبد".