اعلن صندوق النقد الدولي أنه اتفق مع الحكومة اليمنية على برنامج للإصلاحات الاقتصادية مدته ثلاث سنوات، يهدف إلى التصدي لاحتمال تدني الإيرادات النفطية وإعطاء دفعة للاستثمارات العامة والإنفاق الاجتماعي. ويأتي برنامج «الجمهورية اليمنية - مذكّرة برنامجية» في إطار خطة أشمل وضعتها السلطات للتنمية المتوسطة الأجل، التي تركز على تسريع وتيرة النمو خارج القطاع النفطي، مع الحفاظ على معدل التضخم ضمن مستويات معتدلة ووضع الموارد العامة على مسار أكثر صلابة في المدى المتوسط. وكشف صندوق النقد عن موافقة المجلس التنفيذي في 30 تموز (يوليو) الماضي على تمويل البرنامج بمبلغ 370 مليون دولار، مدعوماً بالتسهيل الائتماني الممدّد. وتركّز الإصلاحات التي يستهدفها البرنامج على ثلاث أولويات رئيسة، الأولى خفض دعم الوقود الذي يتراوح بين ثمانية و10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إذ بدأت الحكومة اليمنية تطبيق زيادة تدريجية في أسعار الوقود بهدف إلغاء الدعم في نهاية المطاف. ولمواجهة ما يترتّب على ذلك من ارتفاع في أسعار الوقود، تعمل الحكومة على زيادة التحويلات الاجتماعية لحماية فئات السكان الأكثر تعرّضاً للضرر. وتتضمّن الأولوية الثانية تعزيز إصلاحات سياسة الضرائب والإدارة الضريبية، بغية الحد من اعتماد البلاد على قطاع النفط. وكان مجلس النوّاب وافق على مجموعة من إصلاحات السياسة الضريبية، لإلغاء معظم الإعفاءات على ضرائب الدخل والرسوم الجمركية. ومن إصلاحات المالية العامة الأخرى التطبيق الكامل للضريبة العامة على المبيعات. والأولوية الثالثة هي «احتواء النفقات الجارية غير الضرورية، لتحويل وجهة الإنفاق من النفقات الجارية إلى النفقات الرأسمالية والتحويلات الاجتماعية، لتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي والوصول بالاستثمارات العامة إلى المستويات المستمرة اللازمة لتحقيق أهداف النمو في البلاد. ولفت صندوق النقد إلى أن برنامج الإصلاحات اليمني يقف على أعتاب انطلاقة جديدة، حيث نفّذ عدد من التدابير المهمة لمعالجة اختلالات المالية العامة، كما انحسرت الضغوط على سعر الصرف. واعتبر أن اليمن يواجه تحديات جسيمة متعددة الأبعاد تزداد تشابكاً بسبب صعوبة الوضع الأمني. وكانت «مجموعة أصدقاء اليمن» أقرت في اجتماع رفيع المستوى عُقد مطلع السنة بضخامة هذه التحديات وضرورة التحرك السريع لمواجهتها عبر الإصلاحات الاقتصادية. وأفاد الصندوق أنه «ما لم يقدم المانحون معونة كبيرة فسيتعذّر على اليمن تحقيق تقدّم ملموس نحو أهداف التنمية في الألفية الجديدة». يذكر ان أهم القضايا الاقتصادية والأمنية التي تواجه اليمن، الذي يُعتبر من أفقر بلدان الشرق الأوسط، سوء التغذية الذي تُعد معدلاته من أعلى المعدلات عالمياً، ووجود 43 في المئة من السكان (البالغ عددهم 23 مليون نسمة) تحت خط الفقر، فضلاً عن صعوبات الوضع الأمني وسرعة النمو السكاني وضعف البنية التحتية ومحدودية القدرات المؤسساتية.