أدت جهود تبريد الأجواء بين البطريركية المارونية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، بعد رفض البطريرك بشارة الراعي فكرة سلة التفاهمات التي طرحها بري لانتخاب رئيس للجمهورية، ورد الأخير عليه، إلى خطوة مهمة من خلال زيارة قام بها المعاون السياسي لبري وزير المال علي حسن خليل للقاء البطريرك وتأكيده له أن «كل شيء يريح بكركي نحن جاهزون له». وبعد لقاء دام ساعة قال خليل: «نتشاطر والبطريرك الأهمية القصوى لانتخاب رئيس، وهذا أبرز هاجس لديه وعندنا أيضاً. بحثنا في التفاصيل المتعلقة بالاستحقاق وأهمية تسهيل إجرائه في أقرب فرصة ممكنة. نحن متفقان على معظم الأمور المرتبطة بهذا الملف وغيره من الملفات، ولم أشعر على الإطلاق أن هناك تبايناً في المواقف بيننا». وأضاف: «يحرص الرئيس بري ونحرص على إبقاء هذا التواصل قائماً مع بكركي والتوافق أيضاً معها. هذا الأمر الذي عكسه بيان المطارنة الموارنة الأخير، وموقف الرئيس بري منه إيجابي عبر عنه بتأييد له وهو يلتقي مع توجهاتنا. نحن حرصاء على تسهيل إجراء الانتخابات النيابية والإسراع بإقرار قانون جديد، وأن يكون هناك تفاهم وإجماع بين اللبنانيين على هذه المسائل». وتابع: «اليوم أشعر بالمسؤولية أكثر نتيجة النقاش الذي جرى مع غبطته والذي لامس المخاطر الاجتماعية والاقتصادية والمالية التي يعيشها البلد، نتيجة هذا الشلل المؤسساتي. ناقشنا التقرير الذي أعده المجلس الاقتصادي في البطريركية والذي سلط الضوء على هذه المشكلة وعبرت عن تأييدي الكامل لمضمونه. ونأمل بأن تحمل الأيام المقبلة إيجابيات على صعيد ما جرى من نقاشات». وعما قيل من أن الرئيس سعد الحريري أبلغ كتلته النيابية عدم موافقة شخصيات التقاها ومن بينها الرئيس بري، على اسم العماد ميشال عون، أكد خليل أن «الرئيس بري لم يعبر عن الموقف النهائي في هذه المسألة». وقال: «لا نحمل مواقف شخصية من أشخاص. الأمر يتعلق بمجموعة التفاهمات التي طرحها الرئيس بري والتي لا تعني على الإطلاق أي تقييد للرئيس وصلاحياته، وأي مس بالدستور وبالصلاحيات المنصوص عنها فيه. ليست لدينا مواقف ضد أي شخص، والرئيس بري حريص على ما يتم الاتفاق عليه بين اللبنانيين، والدليل هو أنه ونواب كتلتنا يشاركون في كل الجلسات التي يتم الدعوة إليها لانتخاب رئيس. نحن لم نعطل نصاباً، وسنبقى نحضر الجلسات. أما من ننتخب، فهذا أمر نعبر عنه في الجلسة الانتخابية». لا فيتو على أحد وعما إذا تناول مع الراعي مضمون السلة، قال: «كل ما يقيد الرئيس نحن ضده، وبالتالي نحن نلتقي مع بكركي حول هذا الموضوع. تعبير «السلة» أصبح مستخدماً إعلامياً، ولكن ما طرحه هو التفاهم حول أمور تسهل عمل الرئيس المقبل، ولا تقيده على الإطلاق». وأكد أن البطريرك مع ما يمكن أن يسهل عملية الانتخاب، ومع توافق القوى السياسية علىها. وأضاف: «لا نسمح لأنفسنا بأن نشترط أو نطلب من البطريرك اشتراط موقف ما، هو صاحب القرار، وهو حريص دائماً على الأمور التي تسهل الأعمال. نحن تشاورنا معه وتناقشنا واستمعنا إليه بإيجابية حول وجهة نظره والقضايا التي تسرع الإجراءات الانتخابية. وموقفنا نابع من تقديرنا للمصلحة الوطنية وما زلت مصراً على أن ما يتفق عليه اللبنانيون، نسير به». وإذ أكد أنه «لم يحصل أي نقاش حول تشكيل الحكومة المقبلة»، قال: «الرئيس بري كان واضحاً، أن التوافق الذي يريده هو جدول أعمال الحوار الوطني الذي توافقت عليه كل القوى السياسية مجتمعة، وتم النقاش فيه، وكانت القاعدة أن البداية بعد الاتفاق ستكون انتخاب رئيس. وهو نفسه جدول أعمال الحوار المعلن. هناك نقاط تم الاتفاق عليها، ونقاط أخرى بحاجة إلى استكمال». وشدد خليل على أن «مسألة انتخاب رئيس ليست ترفاً سياسياً، وكل الوقائع في البلد، تشدد على أن انتخاب الرئيس أصبح ضرورة. لا يمكن الاستمرار على المستوى الاقتصادي والمالي أبداً من دون إعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية الذي لا يمكن أن يحصل بغياب رئيس». وأكد أن «ليس لدينا أي فيتو على أحد، من حق كل طرف في السياسة أن يعبر عن حقه باختيار الأشخاص، لكن الأهم أن ننزل جميعنا إلى المجلس ونمارس هذا الحق، ونوصل من يريد». «جعجع لا يعرف بري» وعندما سئل هل أن «حزب الله» لا يريد ميشال عون رئيساً وأنه من يدفع بالرئيس بري لوضع سلة تعجيزية لقطع الطريق عليه؟ أجاب: «مبدأ السؤال مرفوض، لأن موقف الرئيس بري واضح منذ البداية، وهو من يأخذ القرار في هذا الموضوع، ولا أعتقد أن أحداً آخر يدفعه لاتخاذ موقف خارج قناعاته الوطنية. وهذا رأي الدكتور (سمير) جعجع الذي نختلف معه في هذا الشأن، ويدل على أنه لا يعرف تماماً الرئيس بري». وكان بري التقى وفداً من حزب «الكتائب» ضم نائب رئيس الحزب الوزير سليم الصايغ والوزير آلان حكيم. وقدم الوفد للرئيس بري سلة مليئة بالتفاح فزودهما بسلة مليئة بكعك العباس. وأشار الصايغ بعد اللقاء إلى أن «علينا في هذا الظرف العصيب تغليب لغة العقل على لغة المزايدات والخروج من لعبة المواقع المتقابلة. ونحن نثمن كثيراً التصرف العقلاني، لا سيما الاحتكام للدستور والابتعاد عن الصفقات والتفاهمات التي يحكى عنها للمجيء برئيس للجمهورية. الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس بري جدول أعماله واضح واتفق عليه الجميع، وهذا الجدول ما زال يحكم الساحة السياسية، وهذا لا يعني أبداً أن من خلال منطق الصفقة وكيف ستشكل الحكومة أو يعطى منصب لهذا أو لذاك عبر الترغيب أو الترهيب يتم انتخاب رئيس». وقال: «الرئيس بري أشار إلى أن نيته دائماً الاعتماد على مبدأين: مبدأ الدستور ومبدأ الميثاقية، وبهذا يلتقي تماماً مع نداء المطارنة الموارنة».