هب السعوديون أمس للدفاع عن الحرمين الشريفين، بعد دعوات التحريض الإيرانية لإفشال موسم الحج، وردوا على ما سموه دعوة صريحة للإرهاب بعد تصريحات المرشد الإيراني خامنئي ضد المملكة الإثنين الماضي، وكذلك على دعوات عراقية متطرفة دعت فيها لتجنب الصلاة خلف إمام الحرم المكي «لأنه ليس من المسلمين» على حد وصفهم. وفي وقت أعلنت السعودية فيه على لسان ولي العهد الأمير محمد بن نايف أنها سترد بقوة و«بحسم وحزم لكل من ينوي المساس بأمن الحج سواء من إيران أم غيرها»، أعربت دول الخليج في بيان مشترك أمس عن إدانتها واستنكارها لتصريحات خامنئي «الباطلة والمشينة والمسيئة، التي لا ينبغي أن تصدر من مسلم». وكان ولي العهد السعودي قال إن البعثة الإيرانية للحج «تقدمت هذا العام بمطالب تخالف مقاصد الحج وتُعرّض أمن الحجاج للخطر»، معتبراً أن طهران منعت حجاجها هذا العام من أداء الفريضة. وأكدت الدول الخليجية أنها ترفض «الحملة الإعلامية الظالمة والتصريحات لكبار المسؤولين الإيرانيين تجاه المملكة». ومنذ أن قررت الرياض اختيار درب القطيعة مع طهران في كانون الثاني (يناير) الماضي، بعد الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها سفارة المملكة في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد، لا يفوت المسؤولون الإيرانيون أية مناسبة سياسية أو دينية إلا ويطلقوا التصريحات العدائية تجاه أمن المملكة، كنوع من الحرب الإعلامية للتغطية على المشكلات الداخلية، بحسب ما وصفها وزير الخارجية عادل الجبير. من جهته، قال عضو مجلس الشورى السعودي الدكتور فايز الشهري إن التصعيد الإيراني في موجة التصريحات الأخيرة ضد المملكة «ليس جديداً، كونه بات أسطوانة مملة تتكرر كل عام». وأضاف الشهري في حديث ل«الحياة» أمس: «مسألة شتم السعوديين والصد عن حج بيت الله تبدو وكأنها أصبحت في مفهوم الملالي السياسي من مناسك الحج، التي لم يتخلوا عنها منذ سنة الثورة الخمينية الأولى». وأكدت أن الإدارة الإيرانية تعاني من مأزق داخلي: «ما هو جديد اليوم أن القيادة الإيرانية وجدت نفسها في مأزق أخلاقي وشرعي، إذ تتوافد قوافل الحجيج إلى الأماكن المقدّسة من كل أصقاع الدنيا بأمن وسكينة، في حين حرم تعنّت الملالي الشعب الإيراني المسلم من أداء الفريضة في مزايدات سياسية رخيصة، وأمام هذا الانكشاف الرخيص لا مناص من إطلاق التصريحات والحملات الإعلامية لتضليل الشارع الإيراني عن واقع المكابرة السياسة وثمارها». ولفت الشهري إلى أنه بحسب تصريحات المسؤولين السعوديين عن الحج، «فإن مسلمي إيران مرحب بهم، ووفدت أعداد منهم من مهاجرهم ومنافيهم إلى المشاعر المقدسة، والواضح أن المملكة استعدت لهذا الموسم بشكل كبير لضمان أمن الحجاج وسلامتهم، ولاحظنا اكتمال منظومة التوظيف الشامل للتقنية والاتصالات والتجهيزات الحديثة في الخدمات والمراقبة والرصد، وهذه الاستعدادات الضخمة وما تم عرضه من فرضيات تدريبية، تكشف عن مدى جاهزية المؤسسات الأمنية والخدمية المشاركة في رعاية ضيوف الرحمن والحفاظ على أمنهم، وهي في الوقت ذاته رسالة تصميم وعزم، على أن تجاوز أمن الحجيج والحج خط أحمر لا يقبل السعوديين المناقشة حوله». ولإيران تاريخ في رعاية الاعتداءات الإرهابية على الحرم المكي، وإثارة الفوضى في الحرمين الشريفين، بدأت منذ تنظيمها أحداث الشغب 1987، وقبلها بعام أحبطت المملكة مخطط إرهابي لاستهداف المسجد الحرام، عندماً ضبطت 51 كيلوغراما من مادة C4 شديدة الانفجار حاولت المخابرات الإيرانية تهريباً مع رحلة حج إيرانية وفشلت. وفي 1989 قبضت الأجهزة الأمنية السعودية على 20 حاجاً كويتياً اعترفوا بتسلمهم المواد المتفجرة عن طريق دبلوماسيين إيرانيين في سفارة طهران في الكويت، ومن ثم حاكمتهم وأعدمتهم. وفي حج 1990 وقعت حادثة «نفق المعيصم» في يوم عيد الأضحى، نتيجة تدافع الحجاج والزحام بينهم، ووجه بعض الحجاج شهود العيان التهمة لأشخاص إيرانيين أطلقوا غازات سامة على الحجاج. ولا يعرف حجم القوات الأمنية المشاركة في موسم الحج، إلا أنه جرت العادة أن يتجاوز عدد رجال الأمن في الحج أكثر من 100 ألف يعملون على مدار الساعة، إضافة لقوات طوارئ للتدخل السريع في حال حدوث أية مشكلة أمنية.